800 طفل بترت إسرائيل أطرافهم ومازالت تحرمهم من العلاج
24 فبراير 2025
بصوتٍ يقطر وجعًا، يروي مهند ياسين (11 عامًا)، اللحظة التي تغيرت فيها حياته إلى الأبد، حيث لم يكن يعلم أن رحلته لشراء الخبز في حي الزيتون ستكون الأخيرة له على قدمين. "بقول لأمي: مبتورة رجلي؟ بتقلي: آه.. بكشفها لهي مبتورة"، هكذا بدأ حديثه، متكئًا على وسادته، وعيناه تراقبان الأطفال من نافذة غرفته، يلعبون بحرية بينما هو أسير جسده الجريح.
800 طفل فقدوا أطرافهم بسبب الغارات الإسرائيلية حتى نهاية العام 2024، أي ما يعادل 18 في المئة من إجمالي حالات البتر المسجلة
نزحت عائلة مهند من شرق غزة إلى حي الزيتون بحثًا عن الأمان، لكن القذائف لم تترك لهم ملاذًا، وفي منتصف تشرين الثاني/نوفمبر 2024، خرج لشراء الخبز لأسرته، لكنه لم يعد كما كان، فطائرات الاحتلال استهدفت الشارع الذي كان يسير فيه، ليجد نفسه ملقى على الأرض، عاجزًا عن الحراك، ينزف وسط الأنقاض، صرخ طويلًا لكن سيارات الإسعاف لم تتمكن من الوصول فورًا، فكان عليه الانتظار حتى جاءت سيارة مدنية حملته إلى مستشفى المعمداني، حيث لم يكن أحد من عائلته يعلم بمصيره، وبعد ساعتين تعرّف عليه أحد أقاربه بين المصابين.
"ما عالجوني بسرعة، المستشفى كان مليان جرحى، بقيت أنتظر ساعات حتى دخلوني العمليات" قال مهند، وهو يستعيد اللحظة التي فقد فيها قدمه اليسرى، أما قدمه اليمنى، فحاول الأطباء تثبيتها ببلاتين حديدي، لكنه ما زال يعاني ألمًا لا يطاق، ويضيف: "ما في مسكنات، كل ليلة بصحى من الألم. نفسي أرجع أمشي، أركض، ألعب زي زمان"، بينما يمسك دفتره الصغير، يرسم شجرة زيتون وعلم فلسطين، ورجلًا بقدم مبتورة.
تقول والدته، وعيناها متورمتان من السهر والبكاء: "ما أصعب أن تريْ ابنك يتألم وأنتِ عاجزة. حتى حمله من سريره صار معركة يومية. الحمام صار حلمًا بعيدًا، نضطر لاستخدام طرق بديلة علشان يقدر يتحرك. كل صباح أسمع أنينه، فالألم ينهش جسده، وما عندي شيء أعمله غير أني أضمه وأبكي معاه".
لكن رغم الألم، لا يزال مهند يتمسك بحلمه: "نفسي أركب طرف صناعي، أرجع ألعب مع أصحابي، نفسي أكون زي أي طفل".
من جانبها، نايا المدهون (10 أعوام)، فقدت هي الأخرى يدها في شهر تموز/يوليو 2024، ومنذ ذلك اليوم، مازالت تُكرِّر التحديق في يدها المفقودة، غير قادرة على استيعاب ما حدث.
عاشت نايا شهورًا وهي تحلم أن تستيقظ على خبر انتهاء الحرب، لكنها استيقظت على ركام ودمار ويد مبتورة. "ما كنت أعرف إيش صار. صحيت على صوت صراخ وأجهزة بتزمّر، شفت بابا مغطى بالدماء، وملابسي كلها غبرة، كنت بدي أصرخ بس ما طلع صوتي" تقول نايا عن قصف منزلهم الذي أفقدها يدها.
قبل إصابتها، كانت نايا تحب الرسم والكتابة، تملأ سبورتها الصغيرة بكلمات مثل "غزة حرة"، و"الحرية لنا". أما اليوم "فصار صعبًا علي حتى كتابة اسمي" كما قالت، قبل أن تضيف وهي تنظر إلى يدها المفقودة: "نفسي لو أرجع بالزمن، أمسك إيدي بإيدي الثانية، أخبيها من القصف".
والدها، الذي فقد السيطرة على دموعه عندما رآها في المستشفى، يقول: "حاولت أكون قوي قدامها، بس لما شفتها بدون يد، حسّيت أن جزءًا من روحي انبتر معها. كيف طفلتي تعيش هيك؟ كيف تكتب، تلبس، تلعب؟".
أحلام مؤجلة
وبحسب وزارة الصحة، فإن 800 طفل فقدوا أطرافهم بسبب الغارات الإسرائيلية حتى نهاية العام 2024، أي ما يعادل 18 في المئة من إجمالي حالات البتر المسجلة.
ويعيش الأطفال المبتورة أطرافهم واقعًا مأساويًا لا تنتهي فصوله حتى بعد انتهاء الحرب، فالأزمة الصحية في القطاع المحاصر تجعل الحصول على العلاج شبه مستحيل، فمن جهة، نقص المستلزمات الطبية والمسكنات يزيد الألم، ومن جهة أخرى، أصبح السفر للخارج للحصول على أطراف صناعية حلمًا بعيد المنال، مع استمرار الحصار، ومواصلة الاحتلال الإسرائيلي انتهاك اتفاق وقف إطلاق النار مع المقاومة.
ويقول زاهر الوحيدي، مدير وحدة المعلومات الصحية في وزارة الصحة: "الوضع كارثي، ليس فقط بسبب عدد الإصابات، بل أيضًا بسبب غياب الرعاية اللازمة للأطفال المبتورين، فمعظمهم بحاجة إلى أطراف صناعية، وإعادة تأهيل جسدي ونفسي، لكن الحصار يجعل كل ذلك شبه مستحيل".
ورغم هذه الظروف المعقدة، إلا أن الأطفال مبتوري الأطراف مازالوا يعيشون مع الأمل بإنهاء معاناتهم، فمهند يرسم طرفًا صناعيًا على ورقه الأبيض، ويتخيل نفسه يركض في ملعب كرة القدم. أما نايا فتحاول أن تعتاد على يدها الواحدة، تمسك القلم بصعوبة، لكنها تكتب "أنا مش أقل من باقي الأطفال".
الكلمات المفتاحية

محور موراج.. العقدة التي شدّتها إسرائيل في خاصرة جنوب قطاع غزة
يرتبط اسم "موراج" بمستوطنة إسرائيلية سابقة، كانت جزءًا من تجمع مستوطنات "غوش قطيف"، التي أنشأت عام 1972 كموقع عسكري، ثم تحولت إلى مجمع زراعي واسع

خاصّ | اجتماع المجلس المركزي: فتح تسعى لاستحداث منصب نائب الرئيس.. الفصائل تطلب أولوية وقف الحرب والوحدة
علم "الترا فلسطين"، عن تشكيل الرئيس محمود عباس، لجنة حوار لـ"منظمة التحرير"، بهدف بحث اجتماع المجلس المركزي مع الفصائل

"هذا هو المتوفّر".. مرضى غزة يتلقّون أدوية منتهية الصلاحية
دواء منتهي الصلاحية ومريض يختنق: كيف تواجه غزة أزمتها الصحية؟

الشرطة الإسرائيلية تفرّق تظاهرة ضخمة في "تل أبيب" ضد حكومة نتنياهو
قمعت الشرطة الإسرائيلية، مساء اليوم الإثنين، مظاهرة ضخمة نُظّمت في "تل أبيب" ضد حكومة نتنياهو.

"ترتيبات للهجرة الجماعية من غزة".. ما حقيقة هذه المنشورات؟
حذّر المكتب الإعلامي الحكومي من صدور شائعات حول الهجرة من غزة، واصفًا إياها بأنها "جزء من حملة خبيثة يقودها الاحتلال لزعزعة صمود شعبنا".

عملية للقسام في حي التفاح وتفاصيل جديدة حول كمين "كسر السيف"
أعلنت كتائب القسام أن مقاتليها "أوقعوا قوة هندسية إسرائيلية بين قتيل وجريح، بعد استدراجها لعين نفق مفخخة مسبقًا وتفجيرها، في حي التفاح شرق مدينة غزة".

محور موراج.. العقدة التي شدّتها إسرائيل في خاصرة جنوب قطاع غزة
يرتبط اسم "موراج" بمستوطنة إسرائيلية سابقة، كانت جزءًا من تجمع مستوطنات "غوش قطيف"، التي أنشأت عام 1972 كموقع عسكري، ثم تحولت إلى مجمع زراعي واسع