30-يونيو-2022
شرع جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية الشهر الماضي، في العمل على بناء جدار فصل أسمنتي شمال الضفة الغربية (gettyimages)

شرع جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية الشهر الماضي، في العمل على بناء جدار فصل أسمنتي شمال الضفة الغربية (gettyimages)

شرع جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية الشهر الماضي، في العمل على بناء جدار فصل إسمنتي شمال الضفة الغربية المحتلة، بدلًا من مقاطع سبق وأقيمت ضمن مسار جدار الفصل قبل حوالي 20 عامًا، لكنها كانت عبارة عن سياج وأسلاك فاصلة. لكن مع موجة العمليات الأخيرة، التي قتل خلالها 20 إسرائيليًا، قررت حكومة الاحتلال تعزيز جدار الفصل من جديد ورصدت ميزانية من أجل إصلاح الثغرات فيه، وبناء مقاطع إسمنتية.

شرع جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية الشهر الماضي، في العمل على بناء جدار فصل أسمنتي شمال الضفة الغربية

والجدار الذي بوشر في بنائه يصل طوله إلى 45 كيلومترًا، وارتفاعه إلى 9 أمتار، فيما تبلغ الميزانية المرصودة من أجل إنجازه من قبل حكومة الاحتلال حوالي 360 مليون شيكل، وسوف يمتد من منطقة سالم شمال جنين وحتى شمال غرب طولكرم. 

وسيمر الجدار في أراضي عدة قرى وبلدات وفلسطينية، من بينها قرية رمانة شمال غرب جنين. وعن ذلك تحدث رئيس المجلس البلدي حسن صبيحات لـ"الترا فلسطين"، قائلًا: "الجدار الإسمنتي الذي يتم بناؤه هذه الأيام سوف يمر بنفس خط السياج القديم، إلّا أن فيه زيادةً في العنصرية والفصل، وسيكون له تأثير نفسي واقتصادي علينا". مشيرًا إلى أن الجدار سوف يقطع التواصل تمامًا بين أهالي الضفة الغربية وقرية رمانة والمناطق الفلسطينية الواقعة خلف الجدار.

شرع جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية الشهر الماضي، في العمل على بناء جدار فصل أسمنتي شمال الضفة الغربية (gettyimages)

أما الأثر الأبرز للجدار على قرية رمانة كما يقول صبيحات، فسوف يكون اقتصاديًا، وذلك لأن ثلثي القوى العاملة على الأقل في قرية رمانة تعتمد على العمل في الداخل الفلسطيني. خاصةً أن هناك عددًا من العمال يتجه للعمل بدون تصريح، كما أن الأهالي تعرضوا لعقوبات جماعية من خلال سحب التصريح، عقب عملية طعن نفذها شابان من القرية. وأشار صبيحات إلى أنه منذ موجة العمليات الأخيرة، أفرز الجيش وحدةً خاصةً لمراقبة السياج، وقاموا بإغلاق الفتحات في السياج، التي يمر عبرها العمال، وقاموا بوضع عدة نقاط مراقبة، مع انتشار دائم على طول السياج. 

الجيش الإسرائيلي سمح لجنوده بتطبيق ما يسميه "إجراء اعتقال مشتبه به" في حال اقتراب أي شخص من الفتحات والسياج الفاصل

وكان الجيش الإسرائيلي قد سمح لجنوده بتطبيق ما يسميه "إجراء اعتقال مشتبه به" في حال اقتراب أي شخص من الفتحات والسياج الفاصل، مما يسمح لهم بإطلاق النار بهدف الاعتقال، رغم أن ذلك تسبب في استشهاد عاملين على الأقل وإصابة أكثر من 30 منهم بالرصاص الحي. وأكد صبيحات على ذلك، قائلًا إن أيّ شخص يقترب من السياج يتم إطلاق النار عليه، وفي حال حدوث تجمعات يتم إطلاق قنابل الغاز، بالإضافة إلى استخدام القنابل المضيئة باستمرار خلال ساعات الليل. وتسبب ذلك، كما روى صبيحات لـ"الترا فلسطين" في اندلاع حرائق في الأراضي الزراعية بفعل القنابل المضيئة، كما أن الجنود منعوا المزارعين من الوصول إلى أراضيهم القريبة من السياج، إضافة إلى أنه يتم مصادرة الجرارات الزراعية والجرافات إذا حاولت العمل في المناطق القريبة من السياج.

وأضاف صبيحات حول تأثيرات الجدار المتوقعة، بناءً على الواقع المعاش، "يوجد أراضي لأهالي رمانة خلف الجدار أو السياج الذي كان قائمًا، وكان يسمح لنا بالوصول إليها من خلال بوابات في الجدار بناءً على تصاريح يمنحها الاحتلال متى يريد، لكننا الآن نتخوف بشكلٍ جدي من إزالة هذه البوابات ومنع المزارعين من الوصول إلى الأرض، وأن يكون مقدمة لمصادرة الأراضي خلف الجدار بشكلٍ نهائي".

بدوره، قال مدير مديرية الزراعة في محافظة جنين باسم حماد، إنه يمكن من خلال بناء الجدار الحالي ضم المزيد من الأراضي، مضيفًا أن السياج سابقًا كان يتم المرور عبره من خلال الفتحات والوصول إلى الأراضي والعمل فيها دون انتظار تصريح الاحتلال وبحسب ما تقتضيه الحاجة، لكن مع بناء الجدار سوف تحصر حركة المرور بالبوابات فقط.

جنين تمتلك 50 ألف دونم من الأراضي الزراعية خلف الجدار

ونوه حماد، أن محافظة جنين لوحدها تمتلك 50 ألف دونم من الأراضي الزراعية خلف الجدار، منها 25 ألف دونم مصنفة أراضي دولة وتمت مصادرتها، و25 ألف دونم أراضي زراعية مزروعة بشكل أساسي بأشجار الزيتون وأصناف أخرى، لا يسمح الاحتلال للمزارعين بالوصول إليها إلا في بعض الأيام من السنة.

من جانبه، قال سهيل السلمان من الحملة الشعبية لمقاومة الجدار، إن تحويل السياج الحدودي إلى جدار إسمنتي يعني أن الاحتلال مُصرّ على مصادرة وضم الأراضي التي تقع خلف الجدار. مضيفًا خلال حديثه لـ"الترا فلسطين" أن الجدار سوف يكون له أثار سلبية على العمال وقد يتسبب في قطع مصدر دخل آلاف العمال الذين يصلون إلى أماكن عملهم من خلال الفتحات في السياج الحدودي، خاصةً أن هناك صعوبةً في حصولهم على التصاريح.

وحول التداعيات الاقتصادية لهذا الجدار، قال المحلل زاهر براهمة، إن شمال الضفة الغربية يعتمد على العمال في الداخل المحتل، والكثير منهم يدخل إلى مكان عملهم عبر فتحات الجدار وبدون تصريح. مفصلًا ذلك، بإشارته إلى أن العمالة في الداخل والرواتب التي يحصل عليها العمال هي من تساهم في تحريك الاقتصاد بشكلٍ كبير، وهي من تجلب السيولة النقدية في الأسواق. مشيرًا إلى أن إغلاق الفتحات قد يعني بطالةً لعشرات الآلاف من العمال، وبالتأكيد سينعكس سلبًا على الوضع الاقتصادي.