30-يونيو-2022
رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير ليين، خلال لقائها محمد اشتية في مكتبه برام الله، منتصف حزيران/ يونيو

رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير ليين، خلال لقائها محمد اشتية في مكتبه برام الله، منتصف حزيران/ يونيو

منتصف حزيران/ يونيو، أعلن الاتحاد الأوروبي استئناف تقديم الدعم المالي للسلطة الفلسطينية بعد تعليقه لقرابة عام ونصف، لأسباب قال الاتحاد في حينها إنها "فنية"، غير أن تقارير عدة، قالت إنها مرتبطة بتعديل المناهج التعليمية الفلسطينية، وانتهاك السلطة الفلسطينية للحريات العامة، وإلغاء الانتخابات التشريعية

 الدعم الأوروبي تم استئنافه رغم الوضع المتردي لحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية 

وتزامن استئناف الدعم الأوروبي لفلسطين، مع إفراج السلطة الفلسطينية عن عناصر جهاز الأمن الوقائي المتهمين بقتل المعارض نزار بنات، وتصاعد الانتهاكات ضد حالة حقوق الإنسان، الأمر الذي يثير المخاوف من تصاعد هذه الحالة، ويطرح في ذات الوقت تساؤلات عن حدوث اختراقات في الملفات السابقة من عدمه. 

المحامي مهند كراجة مدير مجموعة "محامون من أجل العدالة" قال إن الدعم الأوروبي تم استئنافه رغم اطلاع الاتحاد الأوروبي على الوضع المتردي لحالة حقوق الإنسان، مبينًا أن ممثلي الاتحاد يتابعون جلسات محاكم الدفاع عن حقوق الإنسان، ومحاكمة المتهمين بقتل المعارض نزار بنات. 

وأعرب كراجة عن اعتقاده في حديثه لـ "الترا فلسطين" بأن إعادة الدعم مرتبطة بشكل كامل بسياسات دول، أكثر منها بظروف وحالة حقوق الإنسان. ورجّح أن يكون هناك "صفقة سياسية" حدثت خلف الستار، غطّت على حالة حقوق الإنسان وفتحت الباب أمام استئناف الدعم الأوروبي. 

المحامي مهند كراجة: ربما هناك "صفقة سياسية" حدثت خلف الستار، غطّت على حالة حقوق الإنسان وفتحت الباب أمام استئناف الدعم الأوروبي 

وتابع كراجة: لا نعلم ما هي الوعودات التي قدمتها السلطة لهذه الدول خلف الستار، وما هو التأثير الواقع على هذه الدول من قبل الولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي لاستئناف تقديم الدعم للسلطة والحرص على تقويتها، رغم الحالة الكبيرة من القمع للحريات.

وأعرب عن أمله في أن يكون هناك رقابة على الدعم الذي تتلقاه الأجهزة الأمنية، لضمان التزامها بحقوق الإنسان وعدم ممارسة التعذيب والتضييق على النشطاء والصحفيين والمحامين. 

  • "مال سياسي" 

بدوره وصف مدير مركز القدس للدراسات أحمد رفيق عوض، الدعم الأوروبي للسلطة الفلسطينية، بـ "المال السياسي"، والذي يُعطى من أجل أهداف سياسية لا علاقة لها بالأخلاق والقيم، وحقوق الإنسان. 

وقال إن الدعم الاوروبي للسلطة الفلسطينية، يخدم مسألتين؛ إنقاذ السلطة من الانهيار تخوفًا من حدوث حالة من عد الاستقرار السياسي في المنطقة قد تدفع أوروبا ثمنه، وثانيًا، الحفاظ عل الحدّ الأدنى من وجود تسوية سياسية ما تزال معالمها غامضة. 

أحمد رفيق عوض: استئناف الدعم الأوروبي يهدف لمنع انهيار السلطة، والحفاظ على حدٍّ أدنى من وجود "تسوية سياسية"  

وأوضح عوض في حديث لـ "الترا فلسطين"، أن الدعم الأوروبي للسلطة الفلسطينية لا يمكن أن يمر بدون موافقة أمريكية بشكل أو بآخر، وموافقة ضمنية إسرائيلية كذلك.

وعن استئناف الدعم الأوروبي في ظل تراجع حالة حقوق الإنسان في الضفة الغربية، قال عوض إنّ "الحديث الأوروبي عن حقوق الإنسان "كلام فارغ وأكذوبة كبيرة، وهي مجرد يافطة يستعملونها متى يريدون، كذريعة للتدخل والابتزاز، وتغيير السياسيات والأولويات".

من جانبه رأى المفوض العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان عصام العاروري أن الانقسام السياسي هو السبب في معظم الانتهاكات المتعلقة بحالة حقوق الإنسان، مضيفًا أن من المفترض أن يتم تصويب الأمر سياسيًا، بالعودة إلى سكّة الانتخابات للوصول إلى برلمان منتخب بإمكانه مساءلة ومحاسبة أي وزير أو حكومة في حال لم تلتزم بحقوق الإنسان.

وأشار العاروري في حديثه لـ "الترا فلسطين" إلى أنّ المؤسسات الحقوقية تطالب خلال لقائها بممثلي الاتحاد الأوروبي بمواصلة دعم وتحسين الجهاز القضائي، وسلطة القانون، والضغط على السلطة الفلسطينية والاحتلال لإجراء الانتخابات.

ولفت إلى أن المتضرر الأكبر من وقف الدعم الأوروبي، هم المواطنين الفقراء، والمنظومة الصحية والتعليمية. 

  • أهمية كبيرة 

المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي في فلسطين شادي عثمان، قال إن الاتحاد الأوروبي يولي قضايا حقوق الإنسان أهمية كبيرة، ويثيرها بشكل دائم مع السلطة الفلسطينية. وذكر عثمان في ردّه على أسئلة "الترا فلسطين" أن موضوع احترام حقوق الإنسان هو عنصر أساسي في العلاقة بين الاتحاد الأوروبي والسلطة الفلسطينية، لافتًا إلى أنه يوجد متابعات وحوارات باستمرار حول هذه القضايا.

المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي في فلسطين: قضايا حقوق الإنسان تحظى بمتابعة كبيرة 

وأشار إلى أن السلطة تؤكد بشكل دائم على الالتزام بقضايا حقوق الإنسان، واحترام حرية الرأي والتعبير، وهذا الملف يحظى بمتابعة بشكل حثيث ومستمر عبر لجنة بين الاتحاد الأوروبي ودول أخرى، وفق قوله. 

وقال إن الدعم الأوروبي يذهب بشكل أساسي إلى العائلات الفقيرة والمشاريع الأساسية، ورواتب المعلمين والأطباء، ولا يذهب إلى الأجهزة الأمنية بشكل مباشر. 

رئيسة المفوضية الأوروبية في مؤتمر صحفي مع اشتية

وتابع أن المطلوب هو استمرار الحوار مع السلطة الفلسطينية للوصول إلى مرحلة يتم فيها احترام حقوق الإنسان بشكل كامل، وليس حرمان الشعب الفلسطيني والعائلات الفقيرة من الدعم. 

وجدد عثمان التأكيد على موقف الاتحاد الأوروبي بضرورة إجراء الانتخابات الفلسطينية في كل فلسطين، بما فيها "القدس الشرقية" في أسرع وقت ممكن، مع عدم تشكيل هذه النقطة عائقًا أمام إجراء الانتخابات. 

وقال إن الاتحاد الأوروبي يتابع قضية اغتيال الناشط المعارض نزار بنات بشكل مباشر، ويحضر جلسات المحاكمة، مؤكدًا على أن القضية متابعة في القسم القانوني والسياسي، وبشكل مباشر مع السلطة الفلسطينية من خلال القنوات القائمة. 

ونفى عثمان وجود أي ضغوط على الاتحاد الأوروبي لاستئناف الدعم المالي للسلطة الفلسطينية، مشيرًا إلى أن نقاشات طويلة جرت داخل الاتحاد الأوربي حول بعض القضايا، وعندما تم تجاوزها أعلن الاتحاد عن استئناف المساعدات. 

 المفوضية الأوروبية وافقت في منتصف شهر يونيو/ حزيران، على حزمة مساعدات مالية للسلطة الفلسطينية بقيمة 224.8 مليون يورو

وخلال لقائها رئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتية في رام الله، لإعلان استئناف أوروبا تقديم استئناف مساعداتها للفلسطينيين، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير ليين إنّ الحديث يدور عن استئناف دعم قدره 600 مليون يورو سنويًا، معظمها للمشاريع في غزة الضفة.

وأضافت في حينه أنّ "صرف المساعدات مهم لأن تمويل الاتحاد الأوروبي يدعم الناس، وخاصة الأكثر حاجة، كما أنه يساعد على خلق الظروف المناسبة للفرص الاقتصادية".