25-يونيو-2022
MAHMUD HAMS/Getty

MAHMUD HAMS/Getty

مقابل الحصول على بضعة شواقل، يمارس شبان وأطفال في قطاع غزة مهنة العتالة الشاقّة، فتجدهم غالبًا أمام مراكز توزيع المساعدات الغذائية التابعة للأونروا، مثلما هو الحال في حيّ تل الهواء جنوب غرب مدينة غزة. 

 تنتشر مهنة العتالة أمام مراكز توزيع مساعدات اللاجئين في قطاع غزة، ويلجأ إليها العشرات مع انعدام فرص العمل  

علامات الإرهاق والتعب بدت على يونس القايض (20 عامًا) جرّاء عمله في رفع أكياس الطحين، وصناديق الزيت وأكياس البقوليات التي توزّعها وكالة الغوث على اللاجئين الفلسطينيين في القطاع المحاصر إسرائيليًا منذ عقد ونصف.

يقول يونس لـ "الترا فلسطين" إنه يتوجّه باكرًا إلى بوابة مركز التوزيع، ويساعد الأسر التي تأتي لاستلام "كوبونة الأونروا"، ويتقاضى مقابل رفع 8 أكياس طحين من بوابة المركز إلى السيارة أو العربة، ما لا يزيد عن 2 شيقل، وفي بعض الأحيان "يُكرمه" بعض زبائنه بزيادة المبلغ إلى 3 أو 4 شواقل، كما يقول.

يتلقى أكثر من مليون ومائة ألف لاجئ في قطاع غزة كل ثلاثة أشهر، طرودًا غذائية من الأونروا
يتلقى أكثر من مليون ومائة ألف لاجئ في قطاع غزة كل ثلاثة أشهر، طرودًا غذائية من الأونروا

هذا العمل هو مصدر الدخل الوحيد ليونس الذي يقع على عاتقه إعالة أسرته المكوّنة من 8 أفراد، فوالده يعاني من التهابات حادّة في الصدر ولا يستطيع ممارسة أي عمل.

يونس وعبد المنعم القايض (تصوير: عبد الكريم السموني - الترا فلسطين)
يونس وعبد المنعم القايض (تصوير: عبد الكريم السموني - الترا فلسطين)

وتحت أشعة الشّمس اللاهبة ينتظر عشرات الشبان والأطفال من "زملاء" يونس قدوم أفراد بعض العائلات المستفيدة من المساعدات الغذائية، وفور قدوم أحدهم يتدافعون نحوه على أمل الظّفر بنقل أكياسه، لتحصيل بعض الشواقل.

عبد المنعم القايض (40 عامًا) كان أحد المتدافعين لنقل أكياس الطحين، يقول لـ "الترا فلسطين": كنت أعمل في البناء (طوبرجي)، لكن للأسف حركة البناء ضعيفة جدًا في قطاع غزة، وأضطر للقدوم هنا للحصول على رزق أطفالي الستة. 

ويضيف القايض الذي بدا الدقيق يكسو شعر رأسه وأجزاء من وجهه، أنا مضطر لممارسة هذه المهنة الشاقّة حتى أتمكن من توفير إيجار البيت الذين أسكنه، والحدّ الأدنى من احتياجات عائلتي. 

العمل في العتالة بغزة

ويشير القايض الذي يعاني من آلام في ظهره إلى أنه يتقاضى مقابل كل عملية نقل 2 إلى 3 شواقل "بحسب الزبون وكرمه"، لافتًا إلى أنه يجمع ما لا يزيد على 20 إلى 30 شيقلًا يوميًا، وفي بعض الأيام لا يستطيع تحصيل هذا المبلغ في ظل تزايد أعداد الحمّالين الذين يتجمعون أمام مركز التوزيع ويطلق عليهم في غزة "الشيالين"، كما أنّ العمل في "العتالة" موسمي، وينتهي بعد شهر ونصف من بدء عملية التوزيع، ليبدأ بعد ذلك البحث عن أي عمل، بانتظار دورة التوزيع الجديدة. 

العمل في "العتالة" موسمي، وينتهي بعد شهر ونصف من بدء توزيع "كوبونات الأونروا"  

ويأمل القايض في أن تستأنف وزارة الشؤون الاجتماعية توزيع المساعدات النقدية للعائلات الفقيرة، والتي توقفت منذ أكثر من عام، الأمر الذي سيساعده في سداد قيمة الإيجار المتراكم عليه. 

ينقل سائقو العربات المساعدات التي حصل عليها المواطنون إلى منازلهم مقابل 7 شواقل فقط
ينقل سائقو العربات المساعدات التي حصل عليها المواطنون إلى منازلهم مقابل 7 شواقل فقط

وعلى الجانب الآخر من مركز التوزيع، تتجمّع عشرات العربات التي تجرها الحيوانات، والعربات الثلاثية العجلات "التوك توك"، والتي تعرض على المواطنين نقل أكياس الدقيق وصناديق الزيت والبقوليات إلى منازلهم لقاء 7 شواقل. 

محمد أبو سمعان (45 عامًا)، أبٌ لسبعة أطفال، يقف سارحًا ببصره، منتظرًا الحصول على توصيلة إلى منزل أحدهم. ويقول في حديثه لـ "الترا فلسطين" إنه قد يتمكن  في اليوم الواحد من نقل ثلاثة إلى أربعة مواطنين، وفي بعض الأحيان قد لا يتمكن من ذلك، فيلجأ للبحث عن عمل في مكان آخر، خاصة بعد انتهاء عملية التوزيع قرابة الساعة الواحدة ظهرًا، ويشير إلى أنه "لم يستفتح" منذ الصباح، لأن الغالبية يفضّلون الاستعانة بالسيارات على "التوك توك". 

يتلقى أكثر من مليون ومائة ألف لاجئ في قطاع غزة كل ثلاثة أشهر، طرودًا غذائية من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين 

ووفقًا لآخر إحصائية صادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في أيار/ مايو الماضي، فإن معدّل البطالة في قطاع غزة لعام 2021 بلغ 47%، فيما بلغ 16% في الضفة الغربية. 

وأشار التقرير إلى أن عدد المتعطلين عن العمل في فلسطين، ارتفع إلى 372 ألفًا في العام 2021 مقارنة بأقل من ذلك بنحو 40 ألفًا في 2020. 

يلجأ العشرات للعمل في العتالة في ظل انعدام الفرص بغزة - (MAHMUD HAMS/ Getty)
يلجأ العشرات للعمل في العتالة في ظل انعدام الفرص بغزة - (MAHMUD HAMS/ Getty)