08-ديسمبر-2019

مايزال المستشفى الميداني الأمريكي المفترض إقامته في قطاع غزة يُثير جدلاً بين الفصائل في أحاديث المسؤولين، وبين الناس على "السوشال ميديا"، وسط انتقاداتٍ لحركة حماس بسبب قبولها إقامة المستشفى بتمويل أمريكي، ونفي متلاحق من الفصائل لموافقتها على إقامته، في حين تقول حماس إن المستشفى جاء في إطار "تفاهمات التهدئة" مع الاحتلال، والفصائل على علم به. 

المستشفى الأمريكي ليس جديدًا في غزة من حيث كونه ميدانيًا، والاحتجاجات عليه تعود لمخاوف من دور محتمل للإدارة الأمريكية فيه

المستشفى من حيث كونه ميدانيًا ليس بالأمر الجديد على قطاع غزة الذي توجد فيه عدة مستشفياتٍ ميدانيةٍ سواءً في حالات الطوارئ أو دونها، بينها المستشفى الميداني الأردني الدائم، والمستشفى التركي الميداني الذي شُيّد كمبنى ضخم لكنه لم يعمل بعدْ بسبب التجاذبات السياسية، بعد تحويل كل مسؤوليته لوزارة الصحة في رام الله سابقًا.

اقرأ/ي أيضًا: فصائل ترفض المستشفى الأمريكي.. حماس:من تفاهمات التهدئة

أما المستشفى الأمريكي، فتعود الاحتجاجات الفصائلية والشعبية عليه إلى علاقته بجمعية أمريكية، ودور محتمل للإدارة الأمريكية فيه، وهو ما يعلله قسمٌ من المحتجين بمخاوف أمنية تتمثل في احتمالية استخدامه للتجسس على القطاع، ويعلله آخرون بأنه محاولةٌ أمريكيةٌ لتلميع صورتها بعد دعمها لانتهاكات الاحتلال في الضفة وقطاع غزة، ويراه آخرون -أبرزهم حركة فتح- جزءًا من محاولات فرض "صفقة القرن".

الترا فلسطين يُحقق في عمل هذا المستشفى والجهات الداعمة له من حيث التشغيل والتمويل، وأسباب اعتراض الفصائل عليه، وتضارب رواياتها مع رواية حركة حماس.

سألنا القيادي في حركة حماس محمود مرداوي، فأجاب أن المستشفى تم التوافق عليه مع المصريين في إطار المفاوضات المتواصلة، على أساس أن القطاع الصحي في غزة يتعرض لنكسات متتالية جراء الحصار الإسرائيلي المفروض منذ 11 سنة، إضافة لما أسماها "عقوبات فلسطينية لم يعد الناس يعرفون متى تنتهي".

وأضاف مرداوي، "دعونا نقول بوضوح إن جهات عربية داعمة وكثيرة قدمت دعمًا للقطاع الصحي في غزة، وأصرّت على إدخال كل ما يلزم الشق المدني الإنساني والمتعلق بالموارد والصحة والأغذية والجانب العلاجي وإدخال الأدوية، لكن الاحتلال كان يمنع ذلك بزعم أن معظم المواد كان لها استخدام مدني وعسكري".

وتابع، "بالتالي التفاهمات الجارية في ملف التهدئة مع الاحتلال بوسيط مصري شملت حل الملفات العالقة من الناحية الإنسانية وهي: أزمة الكهرباء بإنشاء خط لحلها وهو قيد العمل، وتحلية المياه، وأزمة الصرف الصحي والبني التحتية، وأخيرًا ميناء ومطار يصلان غزة بالعالم الخارجي، وهذين رفضتهما مصر وإسرائيل".

وبيّن مرداوي، أن المستشفى الأمريكي هو مقترحٌ مصريٌ قطريٌ أمميٌ، مؤكدًا أن كل الفصائل كانت حاضرة وشاهدة على اقتراحه، "ولدينا محاضر لكل الحوارات حوله وحول غيره من القضايا ولم يعترض أحد".

حماس: لدينا محاضر حوارات مع الفصائل حول المستشفى الأمريكي، ولم يعترض أحد عليه

وعند سؤاله عن الداعمين والممولين للمشروع، أجاب مرداوي، "هي جمعية خيرية أمريكية والدعم المالي سيكون من قطر والبرلمان الأوروبي وداعمين أخرين من مؤسسات وجمعيات".

العلاج مجاني والعمل 4 أيام أسبوعيًا

الجهة التي ستدير المستشفى الميداني هي جمعية "فريندشيبس المسيحية الإنجيلية الأمريكية" وقد عرّفت نفسها في حديث خاص لموقع الترا فلسطين بأنها "منظمة إغاثة دولية جميع أعضائها من المتطوعين، وتعمل منذ عام 1983".

وقالت مسؤولة التنسيق والاتصال في الجمعية ايميلي ار: "نحن نستعد حاليًا لمغادرة مركزنا الصحي في سوريا ونقله إلى قطاع  غزة قريبًا كمستشفى ميداني، وسيقدم خدمات طبية ومساعدات إنسانية للسكان المحليين في غزة".

سألناها عن موعد افتتاح المستشفى فأجابت، "حاليًا يتم وضع قواعد البنية التحتية وبالتحديد في الجزء الشمالي من قطاع غزة بالقرب من معبر إيرز ، فيما يتم التنسيق مع المؤسسات والهيئات الطبية المسؤولة في غزة، ونحن الآن ندير سفنًا لشحن ونقل المعدات الإنسانية إلى هناك، وقد وصلت للقطاع شاحناتٌ محملةٌ بمعدات المستشفى".

إدخال أدوية للمستشفى بإشراف الأمن في كرم أبو سالم

وأضافت أن الموعد النهائي لم يتم تحديده حتى الآن، "لكنه سيكون قريبًا".

وأوضحت ايميلي، أن الأطباء الأمريكان سيعملون في المستشفى أيام الإثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس فقط، مضيفة أن جميع الطاقم من المتطوعين سواءً في الأقسام الطبية أو غير الطبية، وستكون رسوم العلاج فيه أيضًا مجانية.

جمعية فريندشيبس الأمريكية: المستشفى الميداني سيُعالج 17 مرضًا مجانًا، وسيعمل 4 أيام أسبوعيًا، ولم نحدد موعد افتتاحه

وشرحت ايميلي الخدمات التي يُقدمها المستشفى قائلة إنه سيُقدم خدماتٍ لأمراض الأورام السرطانية والنساء والولادة وطب الأسرى وعلاج أمراض ما بعد الصدمة، إضافة لكافة أمراض الأسنان والعيون، وخدمات الأمومة والأطفال والعلاج الطبيعي، والعلاج عن طريق ركوب الخيل.

اقرأ/ي أيضًا: ضعف الكشف عن سرطان الثدي بغزة.. لماذا؟

وأفادت بأن الفريق الطبي سيجري عمليات دقيقة ويقدم أدوية لم يكن ممكنًا تقديمها لسكان غزة إلا في الخارج، وسيختصر عليهم السفر للعلاج بالخارج.

وأدت سنوات الحصار والقيود الأخرى المفروضة على غزة بما فيها على الموارد الطبية واستفحال الانقسام السياسي الداخلي الفلسطيني وأزمة الطاقة المزمنة إلى تدهور خطير في توفُّر وجودة الخدمات الصحية.  ويعاني القطاع الصحي في غزة من نقص مزمن في بعض المعدات والمستلزمات، بما فيها مخزون المضادات الحيوية وأدوية العلاج الكيماوي.

وازدادت الأعباء الإضافية على كاهل القطاع الصحي في غزة منذ شهر آذار/مارس 2018، نتيجةً الأعداد الهائلة من الضحايا الناجمة عن المظاهرات المستمر ضمن مسيرات العودة الكبرى، التي أصيب منذ بدايتها ما يزيد عن 29 ألف مصاب وفق منظمة الصحة العالمية، بالإضافة لـ324 شهيدًا.

لِماذا "أمريكي" تحديدًا

تسود مخاوف من أن يكون للإدارة الأمريكية دورٌ في اختيار أن يكون المستشفى الميداني أمريكيًا على وجه التحديد، وهذا أحد أبرز أسباب الاعتراضات على إنشائه، لكن مصادر من الفصائل التي حضرت الاجتماع ولديها نسخة عن المحضر أكدت لـ الترا فلسطين أن الاختيار لا علاقة له بدوافع الإدارة الأمريكية ومخططاتها في المنطقة، لكن هذه المصادر رفضت تزويدنا بنسخٍ عن هذه المحاضر.

وقال القيادي في حركة الجهاد الإسلامي خضر حبيب: "قبل ما يقارب ستة أشهر اجتمع معنا الوسيط المصري ممثلًا بنائب رئيس جهاز المخابرات المصرية اللواء أحمد عبد الخالق وبوجود كل الفصائل والهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار، وذلك في فندق المشتل، وأخبر الجميع أن هناك مستشفى ميداني سيتم إقامته في سياق التفاهمات الموجودة مع الكيان الإسرائيلي".

وأوضح حبيب، أن عبد الخالق أكد للفصائل بأن هدف المستشفى هو التخفيف من أزمة القطاع الصحي، وسيكون مستشفى تخصصيًا وستُجرى فيه عمليات لا يمكن إجراؤها في غزة.

 الجهاد الإسلامي: مصر أبلغتنا قبل 6 أشهر بإنشاء المستشفى الأمريكي لتخفيف أزمة القطاع الصحي، ولم يعترض أحد

وتابع، "لم يعترض أحد على المستشفى الذي لم نرّ حتى الآن طبيعته على أرض الواقع، ورغم ذلك يحدث حوله لغطٌ لا أعتقد أن له سبب إلا أنه في سياق المناكفة السياسية ليس أكثر".

اقرأ/ي أيضًا: أدوية "ليست للبيع" مفقودة في وزارة الصحة وللبيع في صيدليات تجارية

وأشار حبيب إلى أن الجمعية التي ستعمل في المستشفى غير حكومية ومعروفة على مستوى العالم، وليس بالضرورة كونها أمريكية أن لها علاقة بالحكومة أو الإدارة الأمريكية، خاصة وأن متطوعين كُثر في مؤسسات عدة إغاثية تعمل بغزة بينهم أمريكان".

وبيّن حبيب، أن اختيار هذه الجمعية "يعود لكونها جمعية متخصصة تشمل أطباء أوروبيين أيضًا ومتخصصين في العمليات الدقيقة، وتعمل في العديد من الدول التي تتعرض لنكسات وحروب وليس شرطًا أن يكون لها علاقة بالإدارة الأمريكية، بل إن هناك مؤسسات معادية للإدارة الأمريكية، ونحن وافقنا على العرض بقيودنا وشروطنا، وإن لم يعمل وفقها فسيكون سهلاً علينا أن نقول وبموقف وطني بأن لا حاجة لوجوده" حسب قوله.

الشعبية والديمقراطية تتمسكان بالنفي

الجبهتان الشعبية والديمقراطية كانتا من بين الحاضرين في الاجتماع مع المصريين، لكنهما سارعتا إلى إدانة إقامة المستشفى والتحذير منه. عندما سألناهما عن ما ورد على لسان حبيب ومرداوي، قدّمتا إجابة مغايرة.

عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية محمود خلف، كان أحد الشهود على اجتماع الفصائل، أجاب، "نعم حضرنا الاجتماع وكان الطرح بصيغة مستشفى دولي بتمويل قطري، وأنه سيعمل فيه أجانب من دول وتخصصات متعددة".

الجبهة الديمقراطية: في الاجتماع كان الطرح أنه مستشفى دولي بتمويل قطري

وأضاف خلف، "حيما تم طرح المستشفى لم يتم وضعنا بأي تفاصيل وبشأن كونه أمريكي، هذا أمر فوجئنا به، وطالما أن الموضوع طُرح بشكل ملتوي من بدايته إذن المسألة واضحة، ولا نرى داعي له رغم حاجة القطاع الماسة لإنقاذ القطاع الصحي".

سألناه عن سبب عدم طلب الجبهة توضيحًا من الوسيط المصري حول مشروع المستشفى، فأجاب، "لم يأت المصريون بعد ذاك الاجتماع مرة أخرى".

أما عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية كايد الغول فأكد أن الجبهة سجلت اعتراضها على المستشفى، "ولدينا محضر اعتراض عليه، وحديث البعض عن محاضر اجتماع وغيرها هو محاولة تضليل" وفق قوله.

ورفض الغول تزويدنا بنسخة عن المحضر، وطلب أن تُظهر حركة حماس المحاضر التي تتحدث عنها.

الجبهة الشعبية: اعترضنا منذ البداية ولدينا محاضر تؤكد ذلك

ولدى سؤالنا له عن سبب الاعتراض على إنشاء المستشفى، قال: "هذا المستشفى خطر علينا، وقد تجاوز إنشاؤه المنظومة الصحية الفلسطينية التي تُرسم عادةً بالمتطلبات والاحتياجات ثم الإدارة والإشراف، وهو بعيدٌ عن هذا السياق".

وأضاف الغول، "إذا أرادت الإدارة الأمريكية تقديم مساعدات سواء مستشفى أو أجهزة أو معدات فهذا يمكنها تقديمه بشكل رسمي عبر وزارة الصحة".

وأكد أن الجبهة الشعبية ترفض منذ البداية أية تهدئة مع الاحتلال تتضمن قيودًا على الفلسطينيين، بما في ذلك إنشاء المستشفى الأمريكي، معتبرًا إقامة أي مشاريع في القطاع رشوة، ستجعل كل الأوراق بيد الاحتلال وسيعود عن التسهيلات المقدمة لغزة حينما يريد.

عمل مقيّد ومحاذير أمنية

علم الترا فلسطين من مصادر رفيعة المستوى في حماس ووزارة الداخلية، أن الحركة وضعت قيودًا وشروطًا تتعلق بمراقبة عمل الفرق الطبية وتحركاتهم من غزة وإليها طوال الأسبوع، وهو إجراءٌ تشدد عليه الحركة، وقد تم إخضاع الطواقم العاملة فيه حاليًا للتفتيش بالفعل خلال الفترة الماضية.

إدخال معدات من كرم أبو سالم للمستشفى الأمريكي

وتعززت هذه المخاوف بعد الكشف عن استغلال "إسرائيل" لموظفين دوليين في مؤسسات ذات طابع إنساني للقيام بمهمات تجسس وأخرى أمنية داخل القطاع، آخرها إدخال بعض المعدات التي استخدمتها الوحدة الخاصة الإسرائيلية "سييرت متكال" المكتشفة بتاريخ 11 تشرين ثاني/نوفمبر 2018، باسم مؤسسة دولية إغاثية تعمل بالمجال الطبي، عبر حاجز "إيرز" الإسرائيلي باسم "جواو سانتوس" برتغالي الجنسية، كمدير فرع في مؤسسة "هيو ميديكا"، وهي مؤسسة دولية تعنى بتقديم المساعدات الطبية.

حماس: المستشفى الأمريكي خضع لدراسة متخصصين أمنيين وعسكريين وسيخضع لقيود ومعايير فلسطينية بحتة

وبيّن مرداوي، أن المستشفى خضع لدراسة المتخصصين الأمنيين والعسكريين وسيخضع للقيود والمعايير والشروط الفلسطينية البحتة، "ونحن سنتعامل مع الفريق الطبي الأجنبي كضيوف، وسنتابع عملهم من أول دقيقة في المستشفى حتى آخر دقيقة".

اقرأ/ي أيضًا: رهاب المستشفيات يتزايد في قطاع غزة

وأفاد بأن المستشفى لن يكون تكرارًا لغيره من المستشفيات، خاصة أنه سيعالج 17 نوعًا من الأمراض بينها السرطان، أما من ناحية المعدات والعمل فهو لن يكون بعيدًا عن الأطباء الفلسطينيين، الذين سيكونون داخله للعمل وللاستفادة من خبرات الطاقم، خاصة في الأمراض المستعصية على اختلافها التي لا يتوفر علاجها لا في المستشفى الأردني ولا التركي ولا غيرهما من تلك الموجودة في غزة.

وكانت الحكومة الفلسطينية قررت في شهر آذار/مارس 2019 وقف التحويلات الطبية للمرضى الفلسطينيين إلى المستشفيات الإسرائيلية، وهو الإجراء الذي تقول وزارة الصحة في غزة إنه زاد معاناة مرضى غزة الذين يعانون أصلًا من تأخر التحويلات الطبية من رام الله، وقد وصل عدد منتظري هذه التحويلات إلى 2500 مريض، وسط تزايدٍ في أعداد ضحايا الانتظار.

واعتبر مرداوي أن الموافقة على المستشفى ورغم أنه بكامل إرادة الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حماس، إلا أنها جاءت نتيجة لانسداد أفق حل الانقسام ووضع حد لأزمة القطاع الصحي، مضيفًا، "القول بأن المستشفى جاء ليعطي وجهًا ناعمًا لأمريكا التي تقتل ليل نهار في الشرق الأوسط، هذا أمرٌ لا يختلف عليه أحد، لكن نحن وُضعنا في موضع صعب لم نستطع الوصول لحل الانقسام أو حل مشكلة القطاع الصحي، ووافقنا عليه بكامل إرادتنا".

حماس: لا خلاف أن المستشفى الأمريكي جاء ليعطي وجهًا ناعمًا لأمريكا، لكن وُضعنا في موضع صعب ولم نستطع حل مشكلة القطاع الصحي

حالتان ستُنهيان عمل المستشفى

يؤكد مرداوي، أن عمل المستشفى سينتهي فورًا في حالتيْن: "الأولى إذا لم يلتزم بمعاييرنا وقيودنا أو تأكدنا بأنه خطرٌ علينا فلن يبق دقيقة واحدة بغزة، والثانية حينما تتراجع السلطة الفلسطينية عن العقوبات التي تفرضها على القطاع بما فيها الصحية، حينها سينتهي المستشفى ولا يلزمنا".

حماس: سنُنهي عمل المستشفى الأمريكي إذا لم يلتزم بقيودنا، أو إذا انتهت عقوبات السلطة على القطاع الصحي

ويُفترض أن يبيت الفريق ليله في الجانب الإسرائيلي من حاجز بيت حانون "إيريز"، وهو ما اعتبره مرداوي "مبعثًا للارتياح، كونهم لن يتواجدوا في قطاع غزة ليلاً".

اقرأ/ي أيضًا: الاحتلال يعاقب مريضات بالسرطان في غزة

وعلم الترا فلسطين أن 18 شاحنة وضعت أحمالها على أرض غزة عبر حاجز كرم أبو سالم التجاري الوحيد في القطاع بموافقة إسرائيلية، وكلها كانت تحمل معدات للمستشفى الذي سيُقام على مساحة 160 دونمًا.

وكان المتحدث باسم حركة حماس حازم قاسم، قد صرّح بأن عمل المستشفى سيكون بالتنسيق الكامل مع وزارة الصحة في غزة، موضحًا أن الأجهزة الأمنية في القطاع مسؤوليتها تأمين المستشفى كما تقوم بدورها مع بقية المؤسسات العاملة في القطاع.

وأكد لنا مسؤولٌ كبير في وزارة الداخلية، أن كل الشاحنات والمعدات المتعلقة بالمستشفى تم تفتيشها بدقة هي والطواقم الهندسية المرافقة أيضًا، وعددها 8 مهندسين وآخرين عمال، مبينًا أن هناك لجنة خاصة تتولى مهمة التفتيش على الحاجز.

وأشار المسؤول إلى أن المستشفى سيخضع لرقابة وزارة الداخلية وحراستها طوال وجوده في قطاع غزة.

صحة غزة خارج المشهد بعدْ

تواصلنا مع وزارة الصحة في غزة على مدار أسبوع أخير وصلتْ خلاله المزيد من معدات المستشفى الأمريكي للقطاع، وسألنا الناطق باسم الوزارة أشرف القدرة عن دورها، فأكد لنا أن أحدًا لم يتواصل معها حتى اللحظة بشأن دور لها في المستشفى، "وأي عمل وتواجد لنا فيه يجب أن يكون وفق بروتوكول معين، وهو ما لم يتم أيضًا، وحينما نُبلّغ سيكون لنا حديث".

وزارة الصحة: لم نُبلغ بأي دور لنا في المستشفى الأمريكي، وأي عمل لنا يجب أن يكون وفق بروتوكول معين

لكن القدرة أكد "ترحيب الوزارة بأي جهد على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي لحل الأزمة التي يعاني منها القطاع الصحي في غزة بشكل عام"، مشيرًا إلى أن غزة التي يوجد فيها 13 مستشفى حكوميًا و17 مستشفى بين أهلي وخاص، تفتقر لأكثر من 52% من الأدوية، والمستهلكات الطبية المعدومة فيها بشكل كامل، إضافة لحرمان 45% من المرضى من العلاج للخارج.

وبيّن القدرة، أنه منذ عام 2018 توفي 56 مريضًا بغزة أثناء انتظار التحويلات الطبية للعلاج بسبب السياسيات العنصرية التي ينتهجها الاحتلال الاسرائيلي تجاه غزة، بالإضافة لابتزاز المرضى ومرافقيهم والتحقيق المتكرر معهم.

وماتزال "إسرائيل" تحرم مرضى الأورام السرطانية في غزة من إدخال الخدمات العلاجية الخاصة بهم، خاصة ما يتعلق بالإشعاع والمسح الذري، وقد أكد القدرة أن هذه الفئة هي الأكثر تضررًا من سياسيات "إسرائيل"، فأكثر من 50% من خدمات مرضى السرطان غير متوفرة.

إضافة لذلك فإن مرضى التشوهات الخلقية في غزة يعيشون أيضًا حالة خاصة بسبب منع الاحتلال خروجهم للعلاج، كما يمنع القوافل الإغاثية التي ترسلها الدول والمؤسسات الإغاثية خلال تحكمه بحاجزي بيت حانون وكرم أبو سالم، وإعاقة دخول وفود طبي بدواعي غير مبررة، وفق ما أفادنا به القدرة.

ويوجد في مستشفيات غزة 350 جهازًا طبيًا يحتاجها مرضى غزة بشكل كبير، تحتاج لقطع غيار تمنع "إسرائيل" إدخالها رغم الوساطات الدولية.

كما أكد القدرة أن غزة تعيش في فجوة كبيرة بين عدد السكان المتزايد فيها بشكل مستمر وما هو مطلوب من تجهيزات وطواقم طبية وما هو موجود من ثورة علمية خارجها، مشددًا على حاجة غزة للمزيد من المستشفيات والخدمات النوعية الطبية.


اقرأ/ي أيضًا: 

أكثر من 8 آلاف مريض بالسرطان في غزة.. كيف حالهم؟

ضحايا حرائق.. نظرة الناس أشد عذابًا

غزة: ترميم الأثداء بين الكذب والحقيقة