23-يونيو-2022
الناشط الفلسطيني محمد الكرد (تويتر)

الناشط الفلسطيني محمد الكرد (تويتر)

أثار سحب معهد غوته في ألمانيا دعوته للناشط والكاتب الفلسطيني محمد الكرد، للمشاركة في مؤتمر حول اليمين العالمي، موجةً من ردود الأفعال على مواقع التواصل الاجتماعي وفي أوساط المشاركين في المؤتمر، الذين أعلن عدد منهم انسحابه من المشاركة رفضًا لقرار المعهد الألماني.

أثار سحب معهد غوته في ألمانيا دعوته للناشط والكاتب الفلسطيني محمد الكرد، للمشاركة في مؤتمر موجةً من ردود الأفعال 

وكان معهد غوته قد قدم دعوةً للكرد للمشاركة في المؤتمر الذي يعقد ما بين 23-26 حزيران/ يونيو في مدينة هامبورغ الألمانية، وسيناقش المؤتمر تأثير الحركات اليمينية المتطرفة وتشابكاتها العالمية. وكان من المقرر أن يشارك الكرد في جلسة مع الكاتب سينثوجان فاراتاراجا والفنانة الأفغانية مشتاري هلال. وعلى أثر قرار المعهد قرر كلاهما الانسحاب من المشاركة، في خطوة رافضة لتدخله في القرارات التنظيمية وفرض مناخ من الرقابة المعادية للفلسطينيين.

وفي البيان الذي صدر عن فاراتاراجا وهلال، لفت كلاهما إلى مفارقة أن المؤتمر عن اليمين العالمي، وفي الوقت نفسه، يقوم معهد غوته بفرض رقابة استباقية خوفًا من ردود فعل عنصرية ورجعية. مع الإشارة إلى أن المعهد بهذا القرار يمارس إسكاتًا للمثقفين الفلسطينيين.

وفي محاولته تبرير قراره، قال معهد غوته في تغريدات نشرها على موقع تويتر، أن المعهد لم ير في محمد الكرد متحدثًا مناسبًا للمؤتمر، خاصةً أن "الكرد أدلى بتعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي حول إسرائيل، لا يجدها معهد غوته مقبولةً"، كما جاء في التغريدات.

هذا القرار دفع الكاتبة الأمريكية من أصل أفريقي إيجيوما أولو، إلى إلغاء مشاركتها في المؤتمر، تضامنًا مع محمد الكرد والشعب الفلسطيني. بالإضافة إلى الكاتب الباكستاني البريطاني محمد حنيف، الذي انسحب هو الآخر من المؤتمر رفضًا لقرار معهد غوته. ونشر حنيف على حسابه على تويتر عدة تغريدات تستعرض تجربة محمد الكرد وحي الشيخ جراح، قائلًا: "استولى المستوطنون على منزل الكرد عندما كان في الحادية عشرة من عمره، محمد الكرد وشقيقته منى يتظاهران منذ أن كانا طفلين"، وأضاف في تغريدته "لم أقرأ الكثير لغوته، لكني لا أعتقد أنه أراد من العالم احترام نظام فصل عنصري بلا رحمة".

وأشار محمد حنيف إلى أنه كان سوف يتحدث عن ديناميات بنى اليمين، من خلال معالجة عملها في العالم، مقترحًا على معهد غوته أن يلقي نظرةً فاحصةً عليها، في إشارةٍ منه إلى السياسات اليمينية التي يتبعها المعهد ضد الفلسطينيين. وتساءل محمد حنيف عن إمكانية إجراء المؤتمر والورقة التي سيقدمها بعد إسكات شاهد رئيسي مثل محمد الكرد.

وتفاعل الفرع الفلسطيني من معهد غوته مع قضية سحب دعوة الكرد، في بيان خجول ومقتضب لم يشر لقرار سحب الدعوة أو السياسات التمييزية ضد الفلسطينيين، لصالح الاحتلال الإسرائيلي، وجاء فيه "كان هناك العديد من ردود الفعل على سوء إدارة حلقة النقاش التي نظمها معهد غوته في ألمانيا. نحن نرفض بشدة الاتهامات التي تعرضنا لها بخصوص العنصرية ضد الفلسطينيين".

وأكمل المعهد الذي يتواجد مركزه في رام الله بيانه في لغة تطالب بالحوار المفتوح والنقاش "البناء والمحترم"، كما وصفه البيان، دون أن يشير للسياسات الألمانية السياسية أو الثقافية التي يمثلها المعهد والمتماهية في مع السياسات الإسرائيلية الاستعمارية.

وجاء سحب الدعوة من قبل معهد غوته، بعد حملة في ألمانيا على فنانين من فلسطين أو داعمين لهم خلال مشاركتهم في دوكومنتا الذي يُعد أهم معارض الفن الحديث في العالم والذي يقام في مدينة كاسل الألمانية، تحت ادعاءات معاداة السامية. وأدارت المعرض مجموعة روانغروبا الأندونيسية، التي دعت مجموعة من الفنانيين الفلسطينيين، الذين تعرضت مساحة عملهم للتخريب والهجمات، ونشرت اتهامات حولهم بمعاداة السامية وصلت إلى حد أن قام الرئيس الألماني بالإشارة إلى القضية، عندما قرر أن يتحدث في اليوم الافتتاحي للمهرجان عن "حدود حرية الفن"، على إثر دعوة مجموعة روانغروبا مجموعات فلسطينية تدعم مقاطعة إسرائيل ثقافيًا، واتهم المجموعات الفلسطينية بمعاداة السامية. وقال  الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير إن "الملفت في هذا المعرض الهام للفن الحديث، أنه ليس هناك فنانات أو فنانون من إسرائيل". مضيفًا بأنه ينزعج "عندما يرفض وبشكل متزايد ممثلو جنوب الكرة الأرضية، المشاركة في فعاليات ومؤتمرات أو مهرجانات يشارك فيها يهود إسرائيليون".

وشارك في موجة التحريض على المجموعات الفلسطينية ومجموعة روانغروبا مفوض الحكومة الألمانية لمكافحة معاداة السامية، فليكس كلاين، في تصريحه لصحيفة "بيلد أم زونتاغ"، عندما قال إن المسؤولين عن المعرض لم ينجحوا في تبديد الاتهامات المتعلقة بمعاداة السامية. وأضاف كلاين "لا يمكن أن تكون معاداة السامية جزءًا من الخطاب الفني الممول من المال العام في ألمانيا".

جاء سحب الدعوة من قبل معهد غوته، بعد حملة في ألمانيا على فنانين من فلسطين أو داعمين لهم

يُضاف ما سبق إلى ما وصفته مؤسسات حقوقية بحملة "تطهير" ضد العاملين العرب والفلسطينيين في قناة دويتش فيله الألمانية، التي فصلت عددًا من موظفيها على خلفيات منشورات ومواقف صدرت منهم على مواقع التواصل الاجتماعي، اعتبرتها القناة معاديةً للسامية، رغم أنها كانت تنتقد الممارسات الاستعمارية والحروب الإسرائيلية.