23-فبراير-2018

يظهرُ أنّ الكثير من الناس يتعاملون مع أبنائهم –في موضوع التعليم- باعتبارهم تجارب، كل يوم في مدرسة وكل يوم في نظام وكل يوم في وجهة! من بين التجارب الكثيرة المتشابهة التي شاهدتها خلال عملي لعدة سنوات في التعليم الخاص طالبٌ في الصف الخامس قد تنقل بين 5 مدارس مختلفة ولما جلست مع أمِّه وجدتها امرأة ساذجة جدًا وكل ما تريده من ولدها هو تحصيل العلامات، وكلما أخبرها أحدٌ بشيء صدّقته. وضعت ابنها في مدرسة إسلامية ثم إنجيلية ثم حكومية وابنها لا يزال من تيه إلى تيه!

  الكثير من الناس يتعاملون مع أبنائهم -في موضوع التعليم- باعتبارهم تجارب، كل يوم في مدرسة وكل يوم في نظام وكل يوم في وجهة

هذا الطالب -المسكين- لن يغيِّر العالم فلماذا لا ندعه وشأنه، ولماذا نحوِّل حياة أبنائنا إلى جحيم لمجرّد أننا نرى فيهم نجاحًا لم نستطع نحن أن نحققه! أنا شخصيًا لا أزال كلما استعدت ذكريات المدرسة أحنُّ إلى شيء واحد فيها فقط (اللعب) الذي حرمنا منه. ولو عاد بي الزمن للعبت ولعبت ولعبت.

جميل أن تهتم بأبنائك وتضع فيهم أملًا ما وتغرس فيهم حب العلم والاهتمام به والسعي فيه بكل جد، ولكن هذا لا يعني أن تدوس على طفولتهم وتتعامل معهم باعتبارهم رجال صغار السن. الطفل يحتاج إلى اللعب ويتعلم منه أضعاف ما يحتاج فيه إلى دراسة الكتب وتحدث اللغات الأجنبية!

والسؤال هنا الذي لا أمل من تكراره للآباء والأمهات. قبل أن تضع ابنك في مدرسة ما هل قرأت كتابًا أو مقالًا عن اختيار المدرسة الصحيحة لطفلك؟ هل سألت أهل العلم والخبرة والاختصاص؟ هل وضعت هدفًا حقيقيًا يمكن لأبنائك تحقيقه من خلال المدرسة؟ هل تريد أن تبنيَ أبناءك لزمانهم أم تريد أن تعزز مكانتك الشخصية من خلال نجاحات أبنائك؟ هل فكرت فيما يريده أبناؤك أنفسهم لا ما تريد أنت؟

   هل قرأت كتابًا أو مقالًا عن اختيار المدرسة الصحيحة لطفلك؟  

الكثير من الأطفال الذين قابلتهم في حياتي في المدارس الخاصة هم ضحايا جهل آبائهم. خاصة أولئك الطلبة الأقل ذكاءً. هذا النوع من الطلبة الذي لا يمكن له أن يتقدم قبل أن يتم عرضه على طبيب نفسي مختص، ثم على طبيب يتأكد من سلامة حواسِّه، ثم متخصص في حالات صعوبات التعلم.

بعد هذا يمكن أن نضع له خطة طويلة الأمد للتعامل معه بشكل خاص. وحينها يمكن أن يكون الحل بمعلم/ة خاص متخصص في صعوبات التعلم أو مركز متخصص بهذه الحالات وليس نقل الطالب من مكان إلى مكان تحت حجج واهية. المدارس الحكومية -برأيي- ليست مكانًا مثاليًا لمثل هذه الحالات. ولكن معظم المدارس الخاصة أيضًا ليس لديها ما تقدّمه لهم. بل أنا شهدت بعيني علامات تتغيّر من المقبول إلى الامتياز لأن والد هذا الطالب يدفع كاش في بداية كل عام!

أبناؤنا يا كرام أطفال بحاجة إلى عيش طفولتهم وهم بحاجة إلى أن يلعبوا ويلعبوا والدراسة تأتي ضمن حدٍّ معقول ومرتبط بقدرات الطالب الحقيقية لا ما نتمناها فيهم. وأنا شخصيًا مؤمن بأن أطفالنا يتعرضون في المدارس بشَّتى أنواعها إلى عمليات (قهر) تقضي على الكثير من إبداعاتهم بادعاءات غير صحيحة. فالإنسان لا يمكن أن يتعلم إلا وهو مقتنع ذاتيًا بحاجته إلى التعلم وهذا يحتاج إلى بناء ثقافة في منازلنا أول أركانها أن المدرسة هي واحدةٌ فقط من الأماكن التي يمكن أن نتعلم فيها وليست كل شيء.

 


اقرأ/ي أيضًا:

أي نوع من التعليم نريد؟

التنمية والتعليم في فلسطين.. المنهج استعماري!

مدرسة "الخان الأحمر".. هل يقول طلبتها وداعًا؟