22-فبراير-2021

صورة توضيحية - gettyimages

مقال رأي | 

ظهرت في الآونة الأخيرة في فلسطين دعواتٌ للطلبة الجامعيين بأن يتوقفوا عن دراسة الإعلام. فمنذ سنتين تقريبًا، أصبح فائض الخريجين من أقسام الإعلام في فلسطين أكبر من الفرص المتاحة أو التي تتوفر سنويًا، مقابل عدد الخريجين.

خلقت إجراءات وسائل الإعلام المحلية والدولية مؤخرًا أزمة تشغيل في صفوف الخريجين الجدد والصحافيين ذوي الخبرة على حد سواء

وتعالت الأصوات بشكل كبير بعد أن هبط مستوى التوظيف، نتيجة توجه وسائل الإعلام المحلية والعربية والعالمية إلى تقليص تغطية فلسطين إخباريًا خلال العامين الماضيين، بالرغم تركيز بعضها على فلسطين بأشكال مختلفة، فمنها من تحول إلى تقنيات الاتصال الحديثة، باستضافة فلسطينيين عبر "زووم" أو "سكايب" بشكل أكبر، معتمدًا على طاقمه في الخارج عوضًا عن تنسيق الأمر من خلال المراسلين، ومنها من زاد اعتماده على وكالات الإعلام العالمية لجمع الأخبار الفلسطينية، لأنه أصبح أكثر جدوى للكثير من وسائل الإعلام من توظيف المراسلين.

اقرأ/ي أيضًا: المؤسسات الإعلامية الفلسطينية.. أي طريق للنجاة؟

أما داخليًا، فقلصت أو أوقفت بعض وسائل الإعلام الفلسطينية طواقمها، ولربما نشهد خلال العام الحالي تقليصات أكبر، الأمر الذي يهدد الأمان الوظيفي لعدد أكبر من الصحافيين والصحافيات. وخلقت هذه السلسلة من الإجراءات أزمة تشغيل في صفوف الخريجين الجدد والصحافيين ذوي الخبرة على حد سواء، مما جعل النصيحة لطلبة الجامعات بالتوقف عن دراسة الإعلام مقبولة إلى حد كبير.

والواقع أن هناك عدة أسباب ومظاهر لهذه الأزمة التي اجتاحت قطاع الإعلام:

أولا، شكلت وسائل التواصل الإجتماعي منافسة خطرة للإعلام التقليدي على مستويين: المحتوى، والاستثمار المادي. فعلي صعيد المحتوى، فاق الاعتماد على الإعلام الإجتماعي خصوصًا والإلكتروني عمومًا كمصدر للمعلومات، بالمقارنة مع الإعلام التقليدي. وعلى مستوى الاستثمار، ازداد التوجه الإعلاني التجاري وغير التجاري عبر وسائل الإعلام الاجتماعي والإلكتروني، فتكلفة الإعلان هناك أقل، وإمكانية قياس أثره أسرع وأكثر دقة، إضافةً إلى قدرة الإعلام الإجتماعي على اختيار الجمهور بشكل أفضل واستهدافه بشكل أدق.

الحق يقال، لدى التجار أسبابٌ قوية للانتقال للإعلان والتسويق الإلكتروني

كما أن التوجه إلى الإعلان التجاري عبر الإعلام الإلكتروني تضاعف خلال العام الماضي تحديدًا بسبب جائحة كورونا. فمن ناحية، ضعفت المبيعات بسبب الإجراءات الصحية والإغلاقات المتكررة، ومن ناحية، كانت ومنذ بضع سنوات تتطور خدمة التوصيل إلى البيت في فلسطين، مما دفع أصحاب المحال والشركات إلى الانتقال بسرعة وسهولة إلى البيع والإعلان الإلكتروني. الحق يقال، لدى التجار أسبابٌ قوية للانتقال للإعلان والتسويق الإلكتروني.

اقرأ/ي أيضًا: قناة العربيَّة وغزة: أكثر من انعدام للمهنية

ثانيًا، توسعت بعض مؤسسات الإعلام المحلية في نشاطاتها، وتشكلت مؤسسات أخرى، دون أن تتضح لديها احتياجات أو حجم السوق الذي سيزودها بالموارد المادية التي تضمن استمراريتها. كما أن المحتوى التقليدي أصبح حديثًا من الماضي، فالمشاهد اليوم مطّلع على أداء الإعلام العالمي، ما يجعله أكثر انتقائيةً وأقل ولاءً لقناة إعلامية محددة، كما جرت العادة قديمًا. مُشاهِد اليوم لا يستطيع غالبًا أن يقول لك اسم قناته المفضلة بفعل وفرة المعروض أمامه، وقلة الوقت. وفي الجانب المقابل، لا تستطيع قنوات الإعلام الفلسطينية تقديم أرقام عن مشاهديها، وإذا استطاعت، كما في الصحف، فستكون النتائج عكسية، حيث أن أرقام القراء والأعداد المطبوعة والموزعة متدنية بالفعل. وبالإمكان تسمية العشرات من محطات الراديو والتلفزيون التي ستشاهدها وتسمع عنها لأول مرة إذا دخلت على قائمة الإعلام الفلسطيني عبر مزودي خدمة الانترنت.

مُشاهِد اليوم لا يستطيع غالبًا أن يقول لك اسم قناته المفضلة بفعل وفرة المعروض أمامه، وقلة الوقت

ثالثًا، أدى انتشار الإعلام عبر الانترنت، ومنافسة شركات دخلت السوق الفلسطيني (كصورة من صور عولمة الإعلام والمعلومات) إلى ضعف الاعتماد على وسائل الإعلام التقليدية المحلية. فيكفي ملاحظة انتشار خدمات نتفلكس، ومن قبلها خدمات شركات محلية عبر الانترنت، إضافة إلى كثير من مُستقبلات receivers  عالمية، وفرت للمشاهد والمستمع الفلسطيني محتوىً هائلاً من السينما والتلفزيون، مما أضعف الاستماع والمشاهدة لقنواتنا المحلية من تلفزيون، وراديو، وصحف، وحتى أن الأمر طال المواقع الإلكترونية. ولابد هنا من الإشارة إلى مُعضلة المحتوى المعولم، وتأثيره على ثقافة الناس وهويتهم.

اقرأ/ي أيضًا: فضائيات الجامعات: حداثة التجربة وإشكالياتها

رابعًا، التوجه العام للإعلام اليوم عالميًا هو تعزيز المحتوى البصري، المختصر، والمباشر، وذو الجودة العالية، لذلك ضعف الاعتماد على الصحف والراديو كمصادر أخبار ومعلومات وتسلية. لك أن تدخل على يوتيوب لتشاهد فيديوهات تختصر المدارس الفكرية العالمية، والتاريخ، والجغرافيا، والسياسة، والاقتصاد، وكافة العلوم، وتشرح مناهج تربوية، دون أن تنتظر جدول البرامج اليومية في الإعلام التقليدي.

خامسًا، عامل التقادم. فمن المعروف تاريخيًا أن لكل وسيلة إعلام فترة ذهبية، ثم لا تلبث أن تتراجع أمام وسائل جديدة تفوقها قدرة على التوصيل بأشكال جديدة. وعصرنا هو الإعلام الاجتماعي، خصوصًا ذات المحتوى المرئي أولاً، ثم المسموع. أما الكتابة الورقية فيبدو أنها تواجه مصيرًا صعبًا، في ظل تحول الكتاب نفسه إلى الصيغة الإلكترونية.

سادسًا، على الصعيد السياسي، قل الاهتمام بفلسطين كمصدر رئيسي للأخبار، بل وأصبحت الأخبار الفلسطينية أقل إثارة، مما حدّ من رغبة أو جدوى حضور الصحافي الفلسطيني على الشاشات العالمية. وبالتالي، فإن الكثير من الزملاء مراسلي الإعلام العربي والعالمي ربما سيواجهون مأزق الاستغناء عنهم، أو بالحد الأدنى، لن يكون  الإعلام قادرًا على استيعاب الكم الكبير من الخريجين الجدد.

الكثير من الزملاء مراسلي الإعلام العربي والعالمي ربما سيواجهون مأزق الاستغناء عنهم، أو بالحد الأدنى، لن يكون  الإعلام قادرًا على استيعاب الكم الكبير من الخريجين الجدد

سابعًا، وهو أمر متعلق بالسياسة الداخلية، فقليلٌ من وسائل الإعلام المحلية تحظى بثقة الجمهور، ليس لأسباب مهنية فقط، بل وفي عدم كون الصحافي الفلسطيني وقناته المصدر الأول للأخبار الفلسطينية، متراجعًا أمام إعلام الاحتلال كمصدر معلومات مستقاة من المستوى السياسي الفلسطيني، وللأسف. فالصحافة تنقل أخبارًا هامة من المستوى السياسي الفلسطيني عن وسائل إعلام الاحتلال.

اقرأ/ي أيضًا: زمن إعلامي رديء

وهناك أسباب للأزمة تتعلق بكل وسيلة إعلام منفردة، ولكن ما لا جدال فيه هو أن الأزمة طالت صناعة الإعلام كاملة، والصحافي هو الأكثر تضررًا. أما طلبة الإعلام في الجامعات فهم أقل تفاؤلاً اليوم بحصولهم على فرصة بعد التخرج، وهذا طبيعي في هذا السياق.

وهناك عدد من وسائل الإعلام التي لولا الدعم الحكومي أو شبه الحكومي لأغلقت أبوابها، وهذا أيضًا أمرٌ خطير، ففي تقاليد المؤسسة الفلسطينية، كانت هناك عدد من المؤسسات، وبعضها تعتبر شركات خاصة أو عائلية، تتلقى مساعدة من منظمة التحرير الفلسطينية، أو من أحزاب سياسية، من أجل أن تستمر، لكونها ذات أهمية رمزية.

والخطورة في الأمر هي أن اعتماد المؤسسة الإعلامية على ممول يعني الارتهان له، وهو ما يحد من حرية الإعلام. ويزيد الأمر خطورة أن قيام المؤسسات الرسمية بتمويل الإعلام يقلل الإبداع، ويضيق مساحة حرية واستقلال الإعلام، فالمؤسسة التي لا تناضل من أجل الاستمرار تفقد الدافعية للتكيف والتطور.

قيام المؤسسات الرسمية بتمويل الإعلام يقلل الإبداع، ويضيق مساحة حرية واستقلال الإعلام

كيف يمكن أن تحل المسألة بعيدًا عن إرسال الرسائل المحبطة إلى طلبة الجامعات؟

أولاً، من المفيد أن نتذكر أن وسائل الإعلام هي أيضًا شريك في هذه الورطة، وأنها تعيش أزمة اقتصادية، جنبًا إلى جنب مع العاملين في الإعلام، ثم الخريجين.

ومن المفيد أن نحصي عناصر المشكلة، فالأمر متعلق بالأداء، والمحتوى/الرسالة، والجمهور، والموارد المالية. وهو متعلق أيضًا بالتطور في قطاع الإعلام لاستيعاب الخريجين، وتنقّـل الصحافيين، وتطورهم المهني عبر سنوات الخدمة.

وهناك انتقاد دائم في ميدان العمل الإعلامي ومؤسساته لخريجي الصحافة والإعلام، وربما يكون هذا الانتقاد أكثر لدى من لهم علاقة مباشرة بالخريجين في التدريب أو العمل. الانتقاد الذي يتعرض له الخريجون ليس في المهارات فقط، بل في لب العمل الصحفي، في المعرفة والأدوات: الثقافة العامة، واللغة.

الانتقاد الذي يتعرض له الخريجون ليس في المهارات فقط، بل في لب العمل الصحفي، في المعرفة والأدوات: الثقافة العامة، واللغة

لكن اللغة والثقافة ليستا مهارات يمكن أن تصقلهما التدريبات والتعليم الجامعي فقط، وليست مهارات يمكن تأجيها إلى الوظيفة، بل هي الوظيفة نفسها. كم صحافي نجح بدون لغة وثقافة جاءت معه\ـها إلى الجامعة وتطورت هناك؟ لذلك، يمكن الاستنتاج أن جزءًا من مشكلة الصحافة هو امتداد للعملية التربوية في المدرسة، لم تستطع الجامعة حلها، فكبرت مع الطالب.

اقرأ/ي أيضًا:  "إذا بقول اللي ببالي بنحبس"!!

في الواقع، لا يوجد من يستطيع أن يطرح "مشروعًا لإنقاذ الصحافة كمهنة وقطاع وتعليم"، ولكن بالتأكيد هناك محاولات من طرف الجامعات للتحديث والإنقاذ، وضمن إمكانياتها المتواضعة.

بنظرة عامة، استمرت أقسام وكليات الإعلام في فلسطين بتعليم الصحافة المكتوبة والراديو والتلفزيون لفترة طويلة، وبمناهج يصل عمر بعضها إلى الكهولة الآن. لكن تغيير المناهج يتم في كثير من الجامعات بطريقة غير علمية، ولكن باحتمالات لا تتعدى نقاشًا واعتمادًا، دون طرح الأسئلة الصعبة: ما هي نقاط قوتنا ككليات أو أقسام، واين أخطأنا، واين أصبنا، وما هي إمكانات خريجينا في عالم الصحافة والإعلام؟

 لربما من أكثر ما يوجه للجامعات من نقد هو استمرارها في طرح التخصصات التي يتخرج منها طلبة إعلام غير جاهزين بما يكفي لمباشرة العمل، واستمرار هذه الأقسام في التجريب، دون نقد ذاتي حقيقي وصريح. المقترح هنا إجراء تقييمات مهنية ومنهجية، تتعدى حدود الدوائر، وتستمع لما يقوله أصحاب الشأن، بمن فيهم الخريجون والعاملون في المؤسسات الإعلامية.

لربما من أكثر ما يوجه للجامعات من نقد هو استمرارها في طرح التخصصات التي يتخرج منها طلبة إعلام غير جاهزين بما يكفي لمباشرة العمل

طُرحت في السنوات الأخيرة توجهات جديدة في تعليم الإعلام، وتطورت برامج ماجستير لتطوير القدرات المهنية والإدارية المساندة لوسائل الإعلام، فأصبحنا نرى طلبة يدرسون ضمن مخططات الصحافي الشامل، وأدوات الصحافة الحديثة، وتخصصات في الإعلام الرقمي، والإعلام الاجتماعي، والعلاقات العامة، كما رأينا برامج ماجستير في إدارة المؤسسات الإعلامية، والعلاقات العامة، وهذه طرق لتطوير المهنة وتلبية احتياجات المستوى الإداري المؤسسي للإعلام، ولكن، بقيت مستويات خريجي البكالوريوس متدنية بشكل لافت.

اقرأ/ي أيضًا: إعلام وزارة وليس إعلام وزير

ولكن ينبغي عدم تصميم برامج الماجستير لمعالجة ما لم يكتمل في درجة البكالوريوس. فالماجستير هو دخول إلى النظرية والبحث والإدارة أكثر من أن يكون استكمالات للمهارات المتعلقة بالكتابة والتحرير والتصوير والمونتاج. يجب أن يُنظر إلى الماجستير كمنتصف، إن لم تكن ثلثي الطريق نحو الدكتوراة.

كما أننا لانرى طفرة في نوعية الخريجين من البرامج الإعلامية الحديثة. فبالرغم من طفرة الأقسام والكليات الأكاديمية التي تقدم للطلبة خيارات متعددة في الإعلام، إلا أننا لا نرى مؤشرات مشجعة لبروز أسماء تدخل مفاهيم ومنهيجات جديدة للعمل الإعلامي، إلا من خلال تدريبات مكثفة في مراكز تدريب ضخمة، مما يبرز تساؤلات حول المستوى الذي يصل إليه الطالب بعد 4 سنوات من تعلم الإعلام في الجامعات الفلسطينة.  لذلك، لا يبدو الحل بنظري في تعددية التخصصات داخل كلمة "إعلام" فقط، فهاهي متعددة ولم تحل المشكلة.

الحل لأزمة الإعلام وخريجي الجامعات في هذا التخصص متعدد المستويات والمسؤوليات

باعتقادي أن الحل لأزمة الإعلام وخريجي الجامعات في هذا التخصص متعدد المستويات والمسؤوليات. وهنا اورد بعض ما يمكن أن يشّكل مادة للحوار:

- من الضروري مراجعة المناهج الجامعية في الإعلام، للتركيز أكثر على المهارات الإعلامية في مرحلة البكالوريوس، والمستوى الأكاديمي البحثي في درجة الماجستير. فالماجستير من وجهة نظري ومعرفتي ليس مكانًا لعلاج أماكن ضعف الطالب في البكالوريوس، ولا امتداد لمساقاته التدريسية، بل هو انتقال إلى مرحلة أكاديمية وبحثية ترفد علوم الاتصال بالبحوث والحالات الدراسية والتعمق في نظرياته ومفاهيمه. أما البكالوريوس، فيتكون بالدرجة الأولى من مهارات وتقنيات ومعارف تفيد الطالب كصحافي قادر على إنتاج المواد الإعلامية. من هنا، أعتقد بضرورة التركيز على المهارات لطلبة البكالوريوس.

تحتاج الجامعات إلى مهنيين ومحترفين في مجالات الاتصال بنفس القدر الذي تحتاج فيه إلى أكاديميين

- تحتاج الجامعات إلى مهنيين ومحترفين في مجالات الاتصال بنفس القدر الذي تحتاج فيه إلى أكاديميين. وأود أن أدعو الجامعات إلى تخفيف قيودها على الاستعانة بالمتخصصين في العمل الإعلامي والاتصالي، لأنهم أكثر قدرة على أخذ الطلبة إلى واقع العمل ومعاييره، خصوصًا في تدريس مهارات التصوير والمونتاج والكتابة والتحرير والإعلام الاجتماعي والعلاقات العامة.

اقرأ/ي أيضًا: إذاعة سرية في رام الله

-وبرأيي هناك مسألة هامة في العملية الأكاديمية: كيف تستخدم الجامعات التقييم السنوي للمدرسين؟ وهل هناك تطور في منهجية التدريس الجامعي وأدواته؟ وهل تخضع أقسام الإعلام لأي نوع من تقييم الاداء بشكل منهجي؟

- تتطلب وظيفة الاتصال عمومًا مهارات متعددة، أولها الكتابة كأساس لا خلاف على أهميته، ثم المهارات التقنية، تليها الثقافة العامة. إن الإعلام مهنة مرتبطة بالمحيط بشكل كبير، وليست ذات حدود واضحة، فهي متداخلة مع السياسة والاقتصاد والاجتماع وبقية العلوم الإنسانية، والمعرفة بواحدة أو أكثر من هذه المجالات توازي مهاراته الإعلامية. والدليل على ذلك أن الكثير من الإعلاميين الناجحين لم يتعلموا الإعلام في الجامعات، بل جاؤوا إليه من خلال قدراتهم ومعارفهم في مجالات أخرى.

- بالرغم من أنني أؤمن بأن التعليم هو عملية لا يجب أن تخضع تمامًا لمعايير سوق العمل، ولا احتياجاتها، ولا المستوى الاقتصادي للأفراد -باعتبار التعليم بحد ذاته أمرٌ حيويٌ للتطور الذاتي للأفراد- إلا أنني أؤيد فكرة التنافس الشريف والعادل على القبول في تخصصات الإعلام والاتصال. فالمسألة لها شقين: الرغبة في التعلم، والقدرة على تقديم استحقاقاته. 

التعليم عملية لا يجب أن تخضع تمامًا لمعايير سوق العمل، إلا أنني أؤيد فكرة التنافس الشريف والعادل على القبول في تخصصات الإعلام والاتصال

- هناك حاجة إلى توسيع أفق التعليم، ليشمل علومًا أخرى من علوم الاتصال، مثل الاتصال المؤسسي/التنظيمي، والاتصال الشخصي والاتصال في المجوعات، والاتصال عبر الثقافات، والاتصال الجماهيري، فتخصصات الإعلام كلها في فلسطين حاليًا تندرج تحت الاتصال الجماهيري، مما يحد من تعددية الخبرات، وتنافس معظم الخريجين على العمل الصحافي بالدرجة الأولى، بينما تبقى الكثير من مهام الإعلام المؤسسي دون رافد خبرات تسد احتياجات المؤسسات غير الإعلامية، كإدارة الحملات والتخطيط لها، والدليل هو لجوء الكثير من المؤسسات والشركات للتعاقدات الخارجية من أجل إتمام تلك المهمات.

- لابد من أن تتوجه المؤسسات والشركات نحو الإعلان عبر الإعلام المحلي، ولو جزئيًا، بدلاً من دفع المبالغ الهائلة لشركات الإعلام الاجتماعي، لمساعدة هذه المؤسسات على الاستمرار والتطور. فالدور المتوقع من هذه المؤسسات الإعلامية المحلية لا يجب أن يبقى في تغطية أخبار المؤسسات، في الوقت الذي تلجأ الأخيرة فيه إلى الإعلان مع شركات التواصل الاجتماعي التي تمتص الموارد المالية إلى خارج البلد.

هذه ليست حلولاً متكاملة، وإنما بمجملها من الممكن أن تحل جزءًا لا بأس به من المشكلة، وأما المنافسة والعرض والطلب والتطوير فتبقى أهم العوامل لنجاح وتطور الإعلام الفلسطيني، وبقائه قطاعًا حيويًا يستوعب نسبة مرضية من الخريجين، ويوفر للمهنية الإعلامية استقرارًا نسبيًا.


اقرأ/ي أيضًا: 

تعامل السلطة مع الإعلام.. محاولة لفهم الجنون!

التعليم الإلكتروني: ادفع وانجح في الامتحان