14-يونيو-2017

عائلة فلسطينية في صورة واحدة، التقطها Peter Turnley

لعلنا توقفنا كثيرًا عند أسماء عائلاتٍ فلسطينية مرّت عنا على عجل، فأثار بعضها استغرابنا، وأحيانًا استهجاننا، خاصة تلك البعيدة عن أسماء العائلات التقليدية، أو العائلات المنتشرة في عدة دول عربية، أو العائلات التي تتشابه أسماؤها دون أن يكون بين أفرادها أي قرابة.

"الترا فلسطين" حاول إرضاء هذا الفضول، فبحث عن أصول تسمية جزءٍ من العائلات الفلسطينية، خاصة الغريبة منها، والسند التاريخي لها، أو حتى التسلسل الزمني للوصول إلى التسمية الحالية. مع التنويه إلى أن جميع العائلات الواردة جاء ذكرها على سبيل المثال، وليس الحصر أو التجريح.

رئيس مركز التأريخ والتوثيق الفلسطيني خالد الخالدي يوضح أن البداية كانت تقتصر في الأسماء على الألقاب والأنساب العائدة لأصول الأشخاص من القبائل والفصائل العربية، كالأيوبي، والأنصاري، والهاشمي، والقُرشي.

تُنسب كثيرٌ من العائلات إلى مهن كبارها مثل النجار والصواف وغيرها، ولذلك نجد تشابهًا في أسماء عائلاتٍ دون قرابة بينها

والسبب يعود برأي الخالدي إلى طبيعة المجتمعات العربية القبلية، التي تعتبر النسب بمثابة الشرف لديها، ولا بد من الحفاظ عليه والافتخار به. فيبين أن العائلات لاحقًا أصبحت تُنسب إلى البلاد والمدن، كالحجازي والحلبي والدمشقي، وكذلك بأسماء مناطق مصرية كعائلة السويسي والغرباوي والشرقاوي والعرايشي.

ويدل ذلك على أن الشعب الفلسطيني جزء من الجزيرة العربية، وقد كان التنقل آنذاك متاحًا، ولم تكن هناك حدود بينهما، وفق قوله.

اقرأ/ي أيضًا: أعطيتك ابنتي.. هكذا كانت تزوج الفتيات

بعد ذلك تطور الأمر، لتلتصق الأسماء بمن اشتهر من رؤساء الأسر وأفذاذ العائلات، كرضوان وعرفات وخير الدين وأبو العون.

فيما نُسبت العديد من العائلات لأسماء مهنٍ وحرفٍ يقوم بها أحد أفرادها، كالنشاشيبي، والبرادعي والخرزاتي، والقباقيبي، والصيّاد، والنحّاس، والنجّار، والخباز، والسرّاج، والحدّاد، وأبو خضرة، والحايك، والبنّا، والحطّاب، والصوّاف، والحلاّق. يعود ذلك إلى أنّ الحرف والصناعات كانت تغلب على المجتمع آنذاك بشكل كبير، ما يُفسر التقاء العديد من العائلات على اسمٍ واحد دون وجود أي رابط قرابة بينها.

ويُشير إلى أن بعض الأسماء أطلقت على أصحاب الوظائف المناطة بهم، كالقاضي، والمُفتي، والخطيب، والمباشر، والكاتب، والبواب.

الصحفي يوسف المقيَّد، يقول إن سبب تسمية عائلته يعود لاشتهار رجالات العائلة في العمل بالسلك القضائي، خلال حكم الدولة العثمانية، وقد أطلق عليهم المقيِّد لأنهم يقيدون السجلات والمساجين، ثم أصبحت لقبًا يُميّز أبناء العائلة عن غيرهم، حتى تناقلتها الأجيال إلى أن سُجلت العائلة بهذا الاسم في السجلات الرسمية.

فيما التصقت بعض الصفات المعينة بالعائلات لوجودها عند أحد أفرادها، فعرفِوا بها، كالأطرش، والطويل، وأبو كرش، والأخرس، وقاعود.

يذكر مختار عائلة قاعود، علي نوح قاعود، أن اسم العائلة تم توارثه عبر الأجيال، لأّن الجد الأول كان يتسم بضخامة الجسم والبُنية العريضة، بالإضافة إلى القامة الطويلة، فكان أشبه بالجمل "قاعود"، وأصبح بعد ذلك اسمًا معتمدًا لتمييز أبناء وأحفاد هذا الجدّ عن غيره.

وتحمل عائلاتٌ عديدةٌ أسماء أصنافٍ من الحلويات والفواكه والخضراوات، كعائلة بصل، وقشطة، وفلفل، وجزر، فيما تحمل عائلاتٌ أخرى أسماء حيوانات، مثل الجمل، وسمك، والبِسْ، وصرصور، والفار.

الثمانيني إبراهيم قشطة يُرجع اسم عائلته إلى ابنة شيخ العشيرة المسماة بــ"قشطة" من مصر، والتي انتقلت فيما بعد مع ابنها الوحيد للعيش في فلسطين، ليُنجب العديد من الأبناء بعد ذلك، ويُسجلوا رسميًا بهذا الاسم.

لجأت عائلاتٌ فلسطينية لتغيير أسمائها لتجنب إحراج أفرادها نتيجة اسم العائلة

فيما شاعت ألقابٌ لأسبابٍ واهية واشتهرت لأدنى مناسبة، منها ما هو مستقبح وسيئ كعاهة معينة أو كلمة قبيحة، ما اضطر بعض العائلات لتغييرها، منعًا للحرج والأذى النفسي الذي يلحق بأفرادها.

يؤكد الأخصائي النفسي درداح الشاعر، أن اسم العائلة له بالغ الأثر والوقع النفسي سواءً بالسلب أو الإيجاب على الشخص، "فإن كان يدل على معاني توحي بالشرف والنخوة والجَمَال؛ حتمًا سيمنح الفرد اعتزازًا ورضًا كبيرًا، وهذا مصداقًا لما قاله الحكماء في سابق الأزمان أن لكل امرئ من اسمه نصيب" وفق قوله.

ويتابع، "أما إذا كان غريبًا وسيئًا يدل على النقص والدونية، فسيشعر صاحبه بالنقص والاستحقار، لا سيما وإن كان يُعرّضه للسخرية والاستهزاء ممن حوله".

ويبين الشاعر، أن النبي الكريم، لجأ في صدر الإسلام إلى تغيير بعض الأسماء السيئة كعفرة لخضرة، وحربًا إلى سلمًا، والعاصية إلى جميلة، وغيرها من الأسماء التي تعكس نظرة قاسية أو غير مألوفة.

ويجد الشاعر أنّ هذه المبررات كافية للجوء عددٍ من العائلات التي لم تستحسن أسماءها إلى تغييرها بأسماء أفضل، درءًا لأي أذى قد يتعرض له أفراد العائلة.


اقرأ/ي أيضًا: 

رمضان يعيد "الحردانات" لبيوتهن

العريس "سليم" والعروس "ذات إعاقة".. معقول؟

في غزة.. محامون يزوجون قاصرات بعيدًا عن المحاكم