29-أبريل-2020

داخل حسبة رام الله والبيرة | عدسة: عصام الريماوي/ getty

مقال رأي |

بخبرة المذيع التاريخي والديمقراطي، وبتماسك رئيس الحكومة في اللعب مع الكبار، وبكثير من هلع الشارع، وبالتعطيل والمكوث في المنازل، نجحت فترة الحجر المنزلي، لكن الآن ينفتح الباب على مرحلة جديدة لم نستعد لها.

  الحجر المنزلي والاقتصاد لا يلتقيان، متغيّران في بحث سياسي، كل واحد له طريقته في إثبات نظرية الانتصار على الوباء  

الحجر المنزلي والاقتصاد لا يلتقيان، متغيّران في بحث سياسي، كل واحد له طريقته في إثبات نظرية الانتصار على الوباء، الأول انصاع له كاتب السياسات والجمهور بكل سهولة، لكن الثاني ينفلش الآن في كل المدن.

اجتماع صاخب في غرف التجارة والصناعة، ونميمة تجار على قرار تجميد الشيكات، ورمضان يضغط، ومخزون مدّخرات الأسرة بدأ ينفذ، فما العمل؟

إذا تمّت العودة إلى الشارع دون نظام ستقع أخطاء، ليس أقلّها أعداد إصابات أكبر ومفاجئ، عروض التنزيلات لن ترحم الناس، وستحشرهم على العيد بالمئات في الشوارع، التسوّق والمشتريات وحاجة المتاجر للعودة إلى العمل ستعيد جمع الأيادي والأقدام وتدافع الأرجل في أمكنة غير معقّمة وغير معدّة للحجر أو التباعد الفيزيائي. فما السياسة العامة المطلوبة هنا؟

العيادات والمراكز الصحية والخدمات الطبية المساندة التي انقطعت عن مراجعيها لأسابيع أمام موجة من المراجعين. المدارس الحكومية والخاصة والجامعات والكليات والمعاهد بحاجة إلى أيام مكتبية حتمًا في نهاية الفصل الدراسي أو للتحضير للدورات الصيفية.

المواصلات العامّة، الحافلات وسيارات النقل الكبيرة، شاحنات نقل البضائع والأغذية، من سيضبط عدد الركاب فيها أو نوع التحميل أو سياسات النظافة التي بالإمكان فرضها ومراقبتها والمخالفة عليها.

حرب الشيكات الكبرى، والتأجيل المختلف عليه، لحظة انكشاف المودع الصغير، وتهرّب رؤوس أموال كبيرة استغلت قرار الشيكات الحكومي وتنم عليه في الجلسات: كان متسرّعًا.

عودة الموظفين للعمل، وبقاء الأطفال من المنازل، هذه عاصفة فيسبوك مجرّبة، ستسقط الحكومة افتراضيًا، إذا تم اتخاذ قرار عودة الآباء دون التفكير بمصير الأطفال في الحضانات أو البيوت.

  الأسئلة كثيرة، والمطلوب مرحلة تخطيط سريعة والعودة للناس بخطة، خطة لحجر صار مفتوحًا وجديدًا على البشرية كلّها  

لا أعدد المشكلات هنا لإثقال الهمّ والحمل على الحكومة أو على أي جهة تتحمّل المسؤولية عن "الحياة العامة". بل أحاول أن أضع الأسئلة الفرعية للبحث عن سياسة عامة جديرة لإدارة الحجر الذي صار عكس نفسه "مفتوحًا".

هل ستكتفي "حواجز المحبة" بالتلويح للمارين أم ستدقق في الهويات والاختصاصات ضمن جدول خروج مقروء ومتناقش حوله ومفحوص النتائج؟

سياسات الاستيراد والتصدير، إدارة المعابر، تثبيت أقسام طبية جديدة في الجهاز الصحي خاصة بالوباء، تحديد موازنة الوباء، سياسات التعليم والتخريج عن بعد، ضبط خط الفقر، حماية العمال والمشغلين من تبعات الصدمة الاقتصادية التي حدثت، كلها بحاجة إلى سياسات عامّة مُقرّة ومدروسة ومكتوبة.

العودة للعمل، ظروف التباعد داخل أماكن العمل، السلامة المهنية وأدواتها وملابسها هل ستُترك للمشغّلين أم سيتم النصّ عليها حكوميًا؟ الإصابة بالوباء في مكان العمل من سيتحمّل كلفتها؟ وأي تأمينات عمل جديدة ستراعي الإصابات خلال الفترة المقبلة؟ هذا مطلوب أيضًا.

كيف سيعود المؤمنون بالمئات إلى المساجد والكنائس، هل وزارة الأوقاف قادرة على وضع سياسة صحيّة للتديّن، وكيف سيقبلها أو سيرفضها الجمهور المتعطّش للعودة إلى الأماكن الدينية والسياحية.

الأسئلة كثيرة، والمطلوب مرحلة تخطيط سريعة والعودة للناس بخطة، خطة لحجر صار مفتوحًا وجديدًا على البشرية كلّها، ويجب التعامل معه بحسابات سياساتية جديدة. 


اقرأ/ي أيضًا:

فيروس يمحو الواقع

أوبئة غيّرت وجه الحياة في فلسطين

عن أصص الورد وعجينة الفلافل و"البروفيسور" والإيجاز