19-مارس-2018

كشفت محاكمة قتلة الشهيد سمير عوض تفاصيل جديدة تؤكد تواطؤ قضاء الاحتلال الإسرائيلي مع النيابة العسكرية، في تغطية جرائم القتل المتعمد التي يرتكبها جنود الاحتلال في الضفة الغربية.

وتجري هذه الأيام محاكمة جندي وضابط في جيش الاحتلال، قتلا الفتى عوض (16 عامًا) في قرية بدرس غرب رام الله قبل خمس سنوات، وقد مارس محاميا القاتلين ضغوطات على نيابة الاحتلال للامتناع عن إصدار حكم بحق القاتليْن، فكشفا عن معطيات جديدة حصلا عليها من جيش الاحتلال نفسه بموجب حق الحصول على المعلومة، تؤكد تواطؤ كافة الجهات المختصة في حماية الجنود الذين يقتلون فلسطينيين بدم بارد.

جيش الاحتلال يحاكم جنوده في حال وجود فيديوهات تفضح قتلهم فلسطينيين "لا يشكلون خطرًا على أحد"، عدا ذلك يتم تغطية الجرائم وحماية القتلة

المسألة الهامة في جريمة إعدام عوض، أن لحظة القتل جرى توثيقها عبر كاميرا مثبتة على جدار الفصل العنصري، إضافة إلى كاميرا حرارية أخرى، لكن حتى اللحظة لم تتقدم أي منظمة حقوقية فلسطينية بطلب الحصول على شريط التسجيل في الكاميرات.

اقرأ/ي أيضًا: مفاوضات لتبرئة قاتليْ الفتى عوض في بدرس

وخلال التحقيق الذي أجراه جيش الاحتلال مع الجنديين القاتلين، زعما أنهما أطلقا النار في الهواء، لكن في التحقيق الثاني بدلا روايتهما وزعما أنهما جنديين في سلاح المدرعات، ولم يتم تأهيلهما على إطلاق النار. بعد سنوات من تسريحهما من الخدمة العسكرية الإلزامية، تم استدعاء الجندي والضابط للمحاكمة، وعرضت عليهما النيابة العامة إبرام صفقة لتخفيف الحكم عليهما.

تقضي الصفقة بإدانة الجندي والضابط بالاستهتار وليس ارتكاب جريمة قتل، وبالتالي قضاء عدة شهور في الخدمة المدنية، بدلاً من السجن، لكنهما رفضا ذلك.

واستُشهد الفتى عوض في شهر كانون الثاني/يناير من عام 2013، خلال مظاهرة احتجاجية قرب السياج الفاصل في قرية بدرس غرب رام الله. وما حدث حينها أن الطفل وقع في كمين نصبه الجنديان عند السياج الفاصل، فأطلق أحدهما النار في الهواء، ليتسلق عوض السياج محاولاً العودة إلى قريته، حينها أطلق أحد الجنديين عليه رصاصتين، وأطلق قائده ثلاث رصاصات.

ومن أجل تجنب أي إدانة للقاتليْن، اختار محامياهما إثبات أن نيابة الاحتلال تطبق القانون عليهما بشكل انتقائي، وبررا هذه الأقوال بمعطيات حصلا عليها من جيش الاحتلال، أظهرت أن الجيش أخضع أربعة جنود فقط للمحاكمة، من أصل 114 حالة قتل ارتكبها جنود بحق فلسطينيين، خلال السنوات السبعة الأخيرة.

يدور الحديث هنا عن فلسطينيين قُتلوا دون أن يشكلوا خطرًا على جنود الاحتلال، وفق التوصيف الإسرائيلي، أي أنهم عند قتلهم لم ينفذوا أي عمليات، ولم يعرضوا حياة جنود الاحتلال للخطر، ولم يحملوا أي سلاح، وبالتالي فقد كان بالإمكان التعامل معهم بوسائل أخرى غير القتل.

والرابط بين الجنود الذي أخضعوا للمحاكمة من بين 114 حالة، هو وجود تسجيلات وثقت جرائم الإعدام، وقد كانت قضية الشهيد سمير عوض إحدى هذه القضايا، إضافة لجريمة إعدام الفتى نديم نوارة قرب بيتوينا خلال تظاهرة سلمية، حيث تم اتهام الجندي بن دري بالإهمال المسبب للموت.

والجريمة الثالثة كانت إعدام الشاب محمد كسبة، وارتكبها يسرائيل شومر، قائد منطقة الرام في جيش الاحتلال، الذي طارد كسبة وأطلق ثلاث رصاصات على رأسه. وقد برر الضابط جريمته بالقول إن ما حدث خطأ مهني، وقد تمت ترقيته لاحقًا.

الجريمة الرابعة التي أُحيل القاتل فيها إلى المحاكمة، كانت إعدام الشهيد عبد الفتاح الشريف في الخليل، حيث أطلق الجندي لئور عزاريا الرصاص على رأسه بعد 17 دقيقة من إصابته، وبعد أن فقد قدرته على الحركة ولم يعد يشكل أي خطر على الجنود، وقد صدر حكم قضائي مخفف بحق الجندي القاتل، قبل أن يتم تخفيض ثلث العقوبة.

ولا تزال المفاوضات جارية بين نيابة الاحتلال والمحاميين اللذين يحاولان إنهاء القضية دون أي إدانة ضد الجندي والضابط، استنادًا لما اعتادت سلطات الاحتلال أن تفعله في هذه الحالات، وهو العفو عن القتلة أو حتى تكريمهم، وقد أكدت على ذلك منظمة العفو الدولية في تقرير نشرته في شهر شباط/فبراير 2017.


اقرأ/ي أيضًا:

العفو الدولية: إسرائيل لا تعاقب جنودها القتلة

نيابة الاحتلال تمهد لتخفيض الحكم على قاتل الشريف

إعدام الشريف.. اعترافات إسرائيلية جديدة