21-مارس-2020

إلى الخامسة فجرًا، يناوبون في شفتات صعبة، وما إن يفرغون من مريض حتى تكون غرفة أخرى في طابق المستشفى تطلب ممرضًا أو طبيبًا. بين الأجهزة وموازين الحرارة والمستلزمات الطبية ونداءات الموجوعين وطلبات الأطباء التي لا تنتهي يعيش جيشنا المجهول الذي يقف خلف عافيتنا وصحتنا.

بين الأجهزة وموازين الحرارة والمستلزمات الطبية ونداءات الموجوعين وطلبات الأطباء التي لا تنتهي يعيش جيشنا المجهول الذي يقف خلف عافيتنا وصحتنا

في هذه الأيام يجب أن نعترف أن الكتيبة الأولى التي تدافع عنا هي جهازنا الصحي: أطباء وممرضون ومخبريون وعاملون في المهن الصحية، في القطاعين الحكومي والخاص، هم على خط التماس الأول مع الفايروس، على حافة العدوى بالضبط يقفون، وتحت نبضات الخوف والشجاعة يدافعون عن المصابين بكل جرأة.

اقرأ/ي أيضًا: ما هو سر قوة الفلسطينيين في مكافحة فايروس كورونا؟

كيف يمكن أن نقول لكم: شكرًا؟ صعب. وكل كلمات الصحافيين والكتاب لا تكفي الممرضة الأم التي تقضى ليلتها بين عشرين مريضًا وهاتفها لا ينقطع مع أولادها وطلباتهم ودروسهم الإلكترونية ودفئهم ونومهم وساندويشاتهم.

كيف نشكر الشجعان الذين يقفون الآن في غرف الملابس يشدون ملابس العزل والكمامات والنظارات والحجابات الواقية وهم يتأهبون لفحص أو علاج أحد مرضى الكورونا؟ يقتربون ويلمسون ويشجعون المريض ولا يستسلمون.

كيف نقول شكرًا لكل المسعفين الذي يذهبون لإحضار حالة مصابة، نحن في المنازل أوقفنا عناق أطفالنا بينما هم يحملون مريضًا كاملاً، يقتربون منه ويساعدونه ويخففون عنه، صابرين وصامدين دون شكوى أو تهرب.

نحن في المنازل أوقفنا عناق أطفالنا بينما هم يحملون مريضًا كاملاً، يقتربون منه ويساعدونه ويخففون عنه

هم مثلنا تمامًا، ثمة شكوى من تأخر الراتب ومن نسبة القرض في البنك واحتياجات المنزل وقروض الأصدقاء، لكن كل ذلك الآن خلفهم، فثمة طوارئ أكبر من الأسئلة الشخصية، والعين على مخزن المستلزمات أكثر من المطابخ والحديث عن نومة قصيرة على الكرسي صار نوعًا من الإهمال.

اقرأ/ي أيضًا: القادم كوفيد

يعرفون أن العين عليهم الآن، التعليم توقف والسوق توقف والمواصلات توقفت، بينما هناك في الأقسام والعنابر والممرات الصحية لا يتوقفون عن رعاية الحياة. هكذا في جدول دوام لا ينتهي، حتمًا أن تكرار العمل يجعلهم يتواضعون وينسون كم هم مهمون لحماية الحياة.

واقفون على عدد نبضاتنا، حذرون من ارتفاع حرارتنا، يعدون أنفاسنا واحدًا واحدًا، ورغم ذلك نلومهم ونحملهم مسؤولية الألم، فكيف نقول لهؤلاء شيئًا مهمًا في هذه اللحظات العصيبة؟

نحن في المنازل الآن، ننتظر نهاية الحرب، وأنتم هناك في غرف العمليات وسيارات الإسعاف ومستشفيات الحجر الصحي، تمثلون جنود الحياة التي لن تستسلم وتحارب الوباء إلى آخر نفس.

البقاء في المنزل يخفف عن الأسرة الإنفاق على المواصلات ووجبات العمل والزيارات والواجبات، نحن نوفر وأنتم الوحيدون تواصلون العطاء، فعلاً أنكم تستحقون كل الحوافز والإضافات بكل عدالة.

نتحجج نحن موظفي القطاع العام والخاص بالأمراض المزمنة واحتياجات الأولاد ونغيب عن الدوام ونضع خطط طوارئ كي نخفف قدومنا إلى العمل، بينما أنتم تنظفون الحياة كي نعود إليها سالمين معافين.

الرفاق الأطباء والممرضون، المنضبطون الصامدون، اعذروا قصورنا عن قول كلمات الثناء، فنحن أقل منكم أدوات وطاقات ومهمات. تلقوا نظرات احترامنا وابتساماتنا ولمعات عيوننا فرحًا بكم، أظهروا شاراتكم الطبية والتمريضية في الشارع وفي كل مكان فنحن سنحبكم ونحترمكم ونقول لكم شكرًا.


اقرأ/ي أيضًا: 

يوميات في الحجر الصحي.. عائلة فلسطينية في بكين

كورونوفوبيا مثل إسلاموفوبيا