15-ديسمبر-2019

ما إن أعلن الرئيس محمود عباس عن نية السلطة تنظيم انتخابات تشريعية حتى أعلن الدكتور عبد الستار قاسم سعيه لإعداد قائمة للمشاركة في الانتخابات. يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح والمعلن أكثر من مرة نيته الترشح لرئاسة السلطة، إنه يعمل اليوم مع شخصيات مستقلة لإعداد قائمة ويتوقع لها حظوظًا جيدة.

عبد الستار قاسم يعمل مع "شخصيات مستقلة" لإعداد قائمة ويتوقع لها حظوظًا جيدة

عبد الستار قاسم (71 عامًا) ينحدر من عائلةٍ من قرية دير الغصون في طولكرم، درس العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في القاهرة وتحصل على لقب الماجستير في الاقتصاد والدكتوراة في الفلسفة السياسية من جامعة ميزوري في الولايات المتحدة الأميركية سنة 1977، عرف كمعارض للسلطة بكتاباته الصحفية وظهوره الإعلامي واحتجز لدى الأجهزة الأمنية لفترات قصيرة في 2009 و2011 و2016، وتعرض للتهديد بالقتل ومحاولة اغتيال من مجهولين حسب وصفه في 2014.

الترا فلسطين حاور قاسم في بيته في مدينة نابلس للوقوف على آخر مستجدات تشكيل القائمة المستقلة وبيان موقفها من القضايا التي تشغل الرأي العام الفلسطيني كلما ذكرت الانتخابات.

* مع من تنسق لإعداد القائمة، وأين وصلت خطوات إعدادها، وما هي شروط الانضمام؟

- حتى الآن من يعمل على إعداد القائمة أنا والدكتور حسن خريشة. أما أسماء أعضاء القائمة فلم يحن موعد الإعلان عنها. لدينا حوالي 70-75 اسمًا في القائمة ومستمرون في استقطاب الناس إذ أننا بحاجة إلى عدد أكبر، والأسماء الحالية تغطي الضفة وغزة، لدينا من غزة، خانيونس، رفح، الخليل، طولكرم، جنين، نابلس، بيت لحم، رام الله، طوباس والقرى مثل عصيرة، يطا، بيت فوريك، ولكن لدينا شروط يجب تحققها في من يريد الانضمام، أهمها أن يكون مستقلًا لا ينتمي إلى أي فصيل ولا يمنح ولاءه لأي دولة على الإطلاق ولم يكن يومًا رئيسًا لمنظمة غير حكومية.

* مراسل "ألترا فلسطين" مقاطعًا.. هل أنت مستقل؟ والدكتور خريشة؟ ألا يُقال إنكم حماس؟

- هذه محاولات للتشويه وتأتي خاصة من أهل السلطة وأوسلو، دائمًا ردهم على ما هو جديد التشويه والتشهير وإساءة السمعة، يعني يقولون هؤلاء ضد أوسلو ويترشحون تحت سقف أوسلو، نحن لسنا تحت سقف أوسلو، نحن نترشح لنتخلص من أوسلو، نريد أن نتخلص من هذه الورطة التي ورّطونا بها في منظمة التحرير.

عبد الستار قاسم: أهل السلطة وأوسلو، دائمًا ردهم على ما هو جديد التشويه والتشهير وإساءة السمعة

* ولكن سؤالهم يحتاج الرد، تترشحون بمخرجات أوسلو وترفضون أوسلو؟!

- نحن نشرنا ردنا من قبل، نعم أوسلو شرّعت للانتخابات، لكن أنا غير ملزم باتفاق أوسلو إن كنت أريد خوض الانتخابات، وإذا كنت سألزم فهذه انتخابات غير ديمقراطية، فالانتخابات الديمقراطية تترك للأشخاص حرية التفكير وحرية اختيار النهج، أما الاشتراط مثلا بأن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني فهذا نهج غير ديمقراطي، والانتخابات غير ديمقراطية.

* قد يقول قائل إنّ هذا الكلام خروج عن الإجماع الوطني، ما رأيك؟

- أي إجماع؟ هل منظمة التحرير الفلسطينية الآن تشكل عنوان اجماع فلسطيني؟ بالطبع لا، منظمة التحرير الفلسطينية أداة من أدوات السلطة الفلسطينية، فهل نمشي نحن بالتنسيق الأمني؟ هل نمشي بالاعتراف بالكيان الصهيوني؟

* هل تعتبر أن الاعتراف بالمنظمة يعني ضمنًا الاعتراف بما وقعّت عليه؟

- طبعًا، نحن لا نقبل أوسلو ولا نقبل الاعتراف بالكيان الصهيوني ولا نقبل التنسيق الأمني على الإطلاق ولا نقبل التنازل عن أي حق من حقوق الشعب الفلسطيني.. الاعتراف بالمنظمة وما قررته يعني الاعتراف بذيول القرارات وهذا بالنسبة لنا غير مقبول.

عبد الستار قاسم: الاعتراف بالمنظمة وما قررته يعني الاعتراف بذيول القرارات وهذا بالنسبة لنا غير مقبول

* فلنعد إلى الوراء قليلًا، من أين جاءت فكرة تشكيل قائمة مستقلة تشارك في انتخابات المجلس التشريعي؟

- الفكرة في رؤوسنا منذ زمن بعيد، لكن في الانتخابات السابقة لم تكن الأمور ناضجة تمامًا وكان أغلب الناس يميلون فصائليًا.. الآن الوضع اختلف فشعبية الفصائل تدنت بصورة كبيرة جدًا والثقة بها أيضًا متدنية، ولا يلوح بالأفق أي مخرج للشعب الفلسطيني من المآزق الاجتماعية والأمنية والوطنية والاقتصادية التي تحيق به، فهل نبقى على الرصيف أم ننزل إلى وسط الشارع لكي نخوض المعركة الانتخابية؟ لعل وعسى نكون قادرين على إحداث تغير.

نحن ندعو للتغير ولكن تركيزنا الأساسي على إعادة بناء المجتمع الفلسطيني وإعادة بناء الإنسان الفلسطيني. في سنوات أوسلو تهشمت التركيبة الاجتماعية واضمحل التماسك الاجتماعي بصورة خطيرة. كما أن المستوى الأخلاقي سواء لدى الجماعات أو الأفراد تدنى بصورة كبيرة، وإذا ضُرب أي مجتمع بنسيجيه الاجتماعي والأخلاقي لا يمكن أن يكون قادرًا على الوقوف على قدميه ولهذا تطاول الأعداء علينا بصورة كبيرة في الآونة الأخيرة. 

* هل الجو العام مناسب للانتخابات؟ وما الضامن لعدم تعرض حملتكم الانتخابية ومن ينضم إليكم للمضايقات؟

- أولًا، لم يعلن عن موعد الانتخابات وهل ستحصل انتخابات أم لا، لا نعرف، نحن نستعد في حال حدثت الانتخابات لنكون جاهزين، لكن لا نستطيع التأكيد أن الانتخابات ستحصل. الأمر الآخر أننا لا نستطيع أن نوفر الأمن لكل الأعضاء لكن المطلوب من كل الأعضاء أن يكونوا حريصين ويتخذوا الاحتياطات المناسبة في بيوتهم وسياراتهم حتى لا يتعرضوا لأذى، ونحن نعرف أن هناك من بين الشعب الفلسطيني من يريد أن يؤذي أي شيء جديد في الساحة الفلسطينية.

عبد الستار قاسم: لا نستطيع أن نوفر الأمن لكل الأعضاء لكن المطلوب من كل الأعضاء أن يكونوا حريصين ويتخذوا الاحتياطات المناسبة

* ماذا عن وضع الحريات؟

- إجمالًا، البيئة السياسية والوطنية في الضفة وغزة ليست مناسبة للانتخابات، هي بيئة غير صالحة لأن الناس اعتادوا على القمع والقهر والذل ويخشون السلطات الحاكمة سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة، وبالتالي العديد من الناس يتخوفون من الانضمام إلى القائمة ويتخوفون أصلا من التوجه إلى صناديق الانتخاب. وأنا كتبت بأنه يجب توفير أجواء ديمقراطية من أجل أن يختار الإنسان حريته.

* في حال اختارت الناس وسادت الحملات الانتخابية والاقتراع أجواء مريحة، ماذا يضمن قبول النتائج وعدم رفض التعامل معها؟

- لا يوجد ضمان.

* البعض يرى بأن المؤسسات الحكومية في الضفة وغزة أداة بأيدي السلطات الحاكمة، كيف يؤثر عليكم وعلى غيركم من ناحية تساوي الفرص؟

- طبعًا يؤثر وقد وجهت رسالة للدكتور حنا ناصر، يا دكتور أنت تنسق بين السلطة وحماس فماذا عنا؟إن عدم التعاطي مع الجميع وإطلاعهم على ما يدور يدلل أن الانتخابات ليست ديمقراطية.

الشعب الفلسطيني له تاريخ كبير وواسع مع السلطات والقيادات، القيادات دائمًا تخادع وتكذب وتضلل ودائمًا لها جماهير تصفق لها والمؤسسات الموجودة هي مؤسسات فصائلية. الآن كيف ستعمل إن فزت والدولة العميقة تتولى إدارة شؤون الناس؟ ستحتاج إلى جهود كبيرة جدًا وإلى وقت وإلى قوة من أجل أن تصحح الأوضاع في الضفة وغزة.

* ماذا عن تمويلكم أنتم؟ من أين يأتي؟

- لا يوجد لدينا تمويل، نحن نموّل أنفسنا من أموالنا الخاصة، ولا نقبل أصلًا أي دولة أن تعطينا أموالًا، لكن قد نقبل مساهمات من أفراد فلسطينيين أما جهات خارجية فلا. لن نخوض حملة انتخابية مكلفة، سنقوم بحملة انتخابية مشابهة لحملة قيس سعيّد في تونس.

عبد الستار قاسم: نحن نموّل أنفسنا من أموالنا الخاصة، ولا نقبل أصلًا أي دولة أن تعطينا أموالًا، لكن قد نقبل مساهمات من أفراد فلسطينيين

* تتأملون حظوظًا جيدة في الانتخابات؟

- على الأقل نثبّت وجود جديد في الساحة، من الممكن أن ننافس في المستقبل، ونحن لدينا في القائمة شخصيات مثقفة وأكاديمية ومفكرة، ونأمل من الشعب الفلسطيني أن ينتخب أصحاب الكفاءة وليس أصحاب النفوذ والقوة.

* ما مصير القرارات بقوانين التي أصدرها الرئيس عباس في حال وصلتم التشريعي؟

- كل هذه القرارات يجب أن تلغى، هي غير شرعية.

* هل ستلغى جميعها من ناحية المبدأ أم سيناقش كل قانون على حدة؟

- سنناقش كل قانون لكن في الغالب نحن نتجه إلى إلغائها لأنه لا يملك الحق بإصدار تشريعات، ولا حق للقضاة والمحامين أن يتعاملوا مع هذه التشريعات، هذه ليست تشريعات شرعية، إذا فزنا سنغير سياساتنا الاجتماعية والتعليمية والثقافية والاقتصادية.

* في ٢٠٠٦ روّجت حماس بين قطاعات من مناصريها أن دخولها للانتخابات هو لحماية المقاومة المسلحة وسلاحها، وبعد الانقسام طرحت فتح والسلطة في رام الله شرطًا رئيسًا يتعلق بما سمي السلاح الشرعي والوحيد للسلطة الفلسطينية، ما هو موقفكم من ملف سلاح المقاومة؟ وهل تعتقدون أن التشريعي جهة اختصاص لإقرار ما يتعلق بالمقاومة وأنواعها وسلاحها؟

- هذه الأسئلة تكشفنا منذ البداية أمام الاحتلال، هذه مشكلة، أنا أريد الإجابة لكنها تضرني، لأن العصي على رأسي ستكون كثيرة إذا فزت: العصا الصهيونية، عصا الداخل الفلسطيني، عصا الأمريكان.. الأوروبيين.. دول عربية..

* ألا يمكن للسلطة أن تبرر موقفها بطريقتك نفسها؟

- أنا لم أجب بعد، لن ننهزم ولن نتراجع، نحن ككتلة مع المقاومة، ونعتبر المقاومة في غزة ظهيرًا للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، ولسنا على استعداد للتخلي عن المقاومة إطلاقًا وهي النافذة الوحيدة أمامنا لمواجهة الاحتلال، وبالطبع سنكسب قوة في الضفة الغربية بعد ذلك وسنحاول أن نكون على قدر المسؤولية ولكن لسنا على استعداد للتفريط بالمقاومة في غزة.

* هل وصولكم للتشريعي سيساعد على إقرار قوانين تحمي المقاومة وتجرم التطبيع؟

- غالبًا نعم، وعلى الأقل سنكون بيضة قبان إذا لم نحصل على الأغلبية، سنحصل على عدد محترم من المقاعد وسنكون بيضة قبان تستطيع أن تمنع أية قوانين تلحق الأضرار بالمقاومة أو بالشعب الفلسطيني.

عبد الستار قاسم: سنحصل على عدد محترم من المقاعد وسنكون بيضة قبان تستطيع أن تمنع أية قوانين تلحق الأضرار بالمقاومة

* يقال بأنه من المحتمل تشكيل قائمة مشتركة من حماس وفتح وحصد أغلبية المقاعد، في هذه الحالة أليست مشاركتكم مجرد إضفاء شرعية على الانتخابات؟

- هذا محتمل، لكن نحن أمام أمرين، إما أن نبقى على الرصيف ننتقد أو ننزل وسط الشارع لنخوض المعركة وأنا رأيي أن نخرج إلى وسط الشارع لنخوض المعركة... نأمل في حال شكّلوا قائمة مشتركة أن يرتد المزيد من الناس عنهم لأنه سيكون واضحا أن السبب هو المصالح الفصائلية.

* أنت شخصيًا ما الفكر الذي تحمله؟

- أنا إنسان وحدوي في الساحة الفلسطينية والعربية، ولا أؤمن بأن للعرب مستقبلا بدون الوحدة، لكن على أساس الفكر الإسلامي وليس على أساس الفقه الإسلامي، الفقه الإسلامي عقّد الدين الإسلامي وأبعد العديد من الناس عن الإسلام، الفكر الإسلامي هو الذي تجاهلناه عبر القرون، وبحاجة إلى عودة قراءة القرآن الكريم وتطوير الفكر الإسلامي بشكل يتناسب مع الظروف التي تطور باستمرار.

* يعني أنك لست يساريًا؟

- أنا لا أدري ماذا يعني هذا، أنا أستاذ بالعلوم السياسية، يسار ويمين هذه تعبيرات غربية تعبّر عما جرى في البرلمان البريطاني في القرون الوسطى، ونحن نتمسك في هذه التعبيرات التي لا تناسبنا!

* في حال فزتم، من أين ستكون البداية؟

- في حال فزنا سينتهي الانقسام صباح اليوم التالي.

* تبدو واثقًا؟!

 - 100% واثق، سينتهي الانقسام تمامًا وسنعود موحدين بكافة أطيافنا.

عبد الستار قاسم: في حال فزنا سينتهي الانقسام صباح اليوم التالي.

* ما الضامن لقبول الأطراف الأخرى لنتائج الانتخابات وعدم الانقلاب عليها؟

- لا نضمن وقد انقلبوا عليها عام 2006، لكن نأمل أن يكون هناك رادع وطني حتى لا ننقلب، لكن نحن سنسابق الزمن لكسب ثقة الناس من أجل أن يكونوا ظهيرًا لنا في مواجهة أي غطرسة فصائلية.

* هل لديكم خطة للعمل؟

- بالطبع، لدينا خطة اقتصادية واجتماعية وأمنية وإدارية، لكن لم نركز على الجانب الإعلامي حاليًا بسبب عدم ثقتنا بأن الانتخابات ستحصل، وفي حال صدر المرسوم سيكون لنا تركيز أكبر، وسننشر أسماء أعضاء القائمة.

* هل تواصلت معك أطراف معينة للتشاور أو التهديد؟

- للتهديد لا، أما على صعيد التواصل فنعم يوجد، وكان هدف التواصل الاستطلاع عن القائمة وبحث سبل التعاون، وتحدثت معهم كما أتحدث الآن عن القائمة وماهيتها.

* بنقاط، بماذا تعدون من ينتخبكم؟

- إعادة بناء المجتمع الفلسطيني والقضاء على الفساد. وكل جهودنا ستنصب على إقامة العدالة بين الناس. سنتعامل مع الإنسان ككفاءة ويجب ألا يكون هناك انحياز وسنحارب الوساطات والمحسوبيات.

* هل تقصد أنكم لا تريدون "حصة من الكعكة"؟

- لو نريد هذا لحصلنا عليه منذ زمن، كناسنتنازل قليلًا ونحصل على حصة، لكن نحن مصرّون على أننا لا نريد أن نسير في طريق تلحق ضررًا بالمواطن والوطن.


اقرأ/ي أيضًا: 

خليل الحية: الاحتلال يتلكأ في تنفيذ تفاهمات التهدئة ولا يتقدم في صفقة تبادل

عوض عبد الفتاح: حزب التجمع كان خطوة ثورية وحان الوقت لتغيير برنامجه