26-مارس-2019

Ali Jadallah/Getty Images)

"إذا الملتزم قصفوه ونسفوه كيف اللي مش ملتزم"، بهذه الكلمات الساخرة اختارت الصحفية كاري ثابت التعليق على تدمير طائرات الاحتلال الإسرائيلي لمبنى شركة الملتزم للتأمين غرب مدينة غزّة.

   بعبارات ساخرة وهزلية، قابل صحافيون وناشطون جولة التصعيد الأخيرة بين غزة و"إسرائيل"   

ثابت التي اعتادت تغطية الأحداث بنمطٍ خبريٍ عادي، قابلت بعباراتٍ ساخرة هزلية، جولة التصعيد الميدانية التي بدأت إثر إطلاق صاروخ من قطاع غزّة فجر الاثنين (25 آذار/ مارس) باتجاه "إسرائيل".

اقرأ/ي أيضًا: نوبة ضحك وطنية

تقول ثابت في حديثٍ لـ الترا فلسطين: "أعرف معنى أن تعيش الخوف بين أصوات الانفجارات، وأنت تنتظر دورك في طابور الموت، حاولت هذه المرة أن أهوّن على نفسي وعلى المحيطين ودخلتُ في جوٍ مغاير، ليس منفصلًا عن الواقع بقدر ما هو بعيد التشاؤم والسلبية"، متابعةَ "في كافّة التغطيات أحاول إرفاق الأخبار التي أنشرها بتعليق شخصي ساخر، لكن هذه المرة كان الأمر واضحًا أكثر.. ليس لأن الوضع مضحك، بل لأنه ليس أمامنا سوى أن نحيا، فلنحيا إذًا بنفسية أقرب للرضى". 

قبل بدء التصعيد

وفتحت حالة الترقب والحذر الشديدين التي عاشها أهالي القطاع طوال نهار أمس، وهم في انتظار ردّة الفعل الإسرائيلية على الصاروخ الذي أصاب بيتًا شمال شرق "تل أبيب"، المجال واسعًا أمام تعليقات ساخرة؛ إذ كتب الصحفي نضال الوحيدي على صفحته في فيسبوك: "غزّة أشبه بالطالب اللي واقف عند اللوح وبيستنى ينضرب لأنه شاغب".

بينما علّق الصحفي محمد الأطرش على طول المدة التي سبقت القصف بقوله: "انتظار القصف أصعب من القصف نفسه"، فيما قال سليمان حميد: "بشرفكو ما حد يجيب سيرة التخبّط لأنه التخبط حاليًا هو في قلبي وفي ركبي".

وبالعودة إلى الصحفية ثابت، فبينما كانت تتابع أخبار الحشود على حدود قطاع غزة، نشرت "إذا الموضوع دخل بالجد، وهما استدعوا وحدات الاحتياط، احنا كمان بنستدعي وحدة البلالين ولواء الكاوشوك، وعليّ وعلى أعدائي"، فيما تحدّثت عن ما خلّفه سقوط الصاروخ في المنزل الإسرائيلي بالقول: "لجنة إعمار تل أبيب: خلال 24 ساعة سيتم نشر أسماء المستفيدين من المنحة، عبر موقع وزارة الأشغال"، متسائلةً : راح يسجلوه دمار كلي ولا جزئي؟

وتعليقًا على انطلاق الصاروخ من مدينة رفح جنوب قطاع غزّة كتب الصحفي محمود أبو جزر "إحنا كرفحاوية ملناش دعوة والصاروخ طلع من خانيونس وبدهم يحطوها فينا"، وحول هذه النقطة نشر فلسطينيون فيديو لطفل أراد أن يشرح لأحدهم كيف أصيب صديقه، فانهمك بشرح غير مفهوم وهو يحاول أن يخرج نفسه من الموضوع حتى قال أخيرًا: (احنا مالناش دخل).

صحفي آخر قال عبر منشوره قبل بدء الرد المنتظر، ردًا على منشور الصحفي أبو جزر: "الاحتلال بيقول إنو الصورايخ أطلقت من رفح، لا هيك رسمي رفح بدها مستشفى"، حيث رفح جنوب قطاع غزة هي المدينة الوحيدة التي لا يوجد فيها مستشفى، وقد انطلقت عدة حملات إعلامية تطالب بمستشفى خاص بها.

أثناء القصف..

وفي أثناء القصف الإسرائيليّ كتب مجموعة نشطاء عن دخول طائرات الأباتشي أجواء قطاع غزة، معربين عن عدم رضاهم بمستوى الضربة واصفين المشهد بـ "المهزلة" مقابل حجم الترقب الحاصل.

الصحفي نضال عسقول كتب يقول: "مروحي! ماتحترم الإجرام اللي احنا فيه يا نتنياهو" وهي عبارة مقتبسة من فيلم للفنان محمد هنيدي بينما كان يحاور رئيس عصابة يدعى أبو موتة.

وبمجرد الإعلان عن هدنة بوساطة مصرية كان يفترض أن تبدأ في العاشرة من مساء الاثنين، بدأ نشطاء يتهكمون على قصر المدة، فكتب عسقول: "ياجولة ما تمت خدها الغراب وطار، حتى التصعيد عنا 40% والباقي ع المستحقات" تعليقًا على قضية الرواتب التي يتقاضاها المواطنون في حكومة غزة منذ سنوات.

بينما كتبت آلاء الحسنات تقول: "خلص يا جماعة، انت يلا هناك شيل المنصة، وانتي لمي كل الأدعية تبعت يوم القيامة والختام، وانت عزيزي المغترب أكلنا بزر وتفرجنا شوية، وهينا رايحين ننام.. كلو ينزل عن اللوج (المنصة) الحفلة خلصت".

أما محمود شاهين فكتب: "ايش القصة اتنكدووش علينا بدناش هدنة"، وقالت هبة الله: "احكو لمصر ما تتدخل بدناش هدنة بدنا نعلمهم الأدب"، وأضاف آخر يا مصر بالله ما تظلك تحشري حالك بينا وبينهم، ضيعتوا الإجازة". وعلّق حذيفة لافي بقوله "مدينة رفح تستنكر القصف الإسرائيلي على محافظات القطاع وتعلن عن تعاطفها مع باقي المحافظات، وتدعو الجميع لضبط النفس"، فيما رد عليه نائل شعت "اليهود (الإسرائيليون) مش حمل رفح... رفح إن قامت شووو يسكتها"، واختلفت معهما دعاء أبو حطب حين قالت "والله ما يدمر رفح إلا بوستاتك (منشوراتك)".

وكتب محمد أبو حمام: "الحفلة خلصت بدري، يلا نزلوا السماقية"، وقالت الصحفية سالي السكني: "حفلة القصف خلصت، وحفلات الأعراس شغالة شعب الجبارين إيه والله"، في تنويهٍ منها لحفلات الأفراح التي أصرّ أصحابها على إقامتها رغم التصعيد العسكري والأجواء المشحونة.

الصحفية نور أبو عيشة علّقت قائلة: "في هذا الوقت بالتحديد، بين اللاهدنة واللاحرب، لازم نشكر الجميع على التغطية "الفكاهية"، للتصعيد الأخير، فعلًا تغطية فرقت جدًا معنا، هرمون "السعادة" ارتفع لأعلى مستوياته".

السخرية طبيعية

بدوره قال خبير علم النفس درداح الشاعر لـ "الترا فلسطين"، إنّ الأسباب التي تقف وراء موجة السخرية التي رافقت التصعيد الإسرائيلي الأخير متعددة، لكنّ أهمها حالة الوعي التي تشكلت لدى الشعب الفلسطيني والمتعلقة بطبيعة الاعتداءات الإسرائيلية التي أعقبت عدوان 2014.  

وأوضح أنّ تلك الحالة طبيعية جدًا، خاصّة مع توقعات المحللين التي تنبأت بروتينية الردّ الإسرائيلي، مشيرًا إلى أنّ حجم الدمار الذي لحق بالمنزل الذي أصابه الصاروخ الفلسطيني وانتشرت صوره في وسائل الإعلام كان له علاقة أيضًا برفع درجة صمود الجبهة الداخلية الفلسطينية الأمر الذي انعكس آلية التعامل مع الأحداث والتي اتسمت بالسخرية والهزلية.

وبيّن خلال حديثه أنّ اعتماد الجيش والإعلام الإسرائيلي على مبدأ تهويل فكرة الردّ وطبيعتها جاء في إطار الحرب النفسية، وهذا الشيء معلوم مسبقًا لدى الغزيين ولهم فيه تجارب سابقة كثيرة، مستدركًا "السخرية هي رسالة واضحة من الفلسطينيين أنّ الضربات أصبحت لا تترك أثرًا عليهم، لأنّ همومهم وآلامهم فاقت تلك الضربات".


اقرأ/ي أيضًا: 

الموت كما لو كان نكتة

حوار| فيصل دراج: المثقف قائم في النقد

هضبة الجولان تدفع ثمن 20 سنة من المفاوضات السرية بين "الأسدين" وتل أبيب