15-يناير-2020

نشرت صحيفة "يسرائيل هيوم" مقالًا تحليلاً للصحفي الإسرائيلي، نداف شرغاي، الخبير في قضايا الدين والدولة في "إسرائيل"، حمل عنوان "ثمن نجاح الصهيونية الدينية"، لفت فيه الانتباه إلى نجاح "تيار الصهيونية الدينية" خلال العقد الماضي بتحقيق أهدافه في اختراق مفاصل الدولة والمجتمع ووسائل الإعلام، لكنّ تمثيله السياسيّ تراجع.

    تحثّ أحزاب الصهيونية الدينية أتباعها على الانضمام للجيش، بخلاف الأحزاب الحريدية التي ترفض الخدمة العسكرية، وترى أن قيام "إسرائيل" يتحقق فقط  بإرادة إلهيّة

ومصطلح "الصهيونية الدينية" يطلق على التيارات الدينية الإسرائيلية التي تزاوج بين التطرّف القومي والديني، وتعتمد على التوراة بصفتها تعطي الحقّ لليهود باحتلال كافة الأراضي الفلسطينية. 

اقرأ/ي أيضًا: الدين والسياسة والمجتمع في إسرائيل.. يوم دراسيّ في بيرزيت

ويؤمن أتباع هذا التيار بـ"ضروة الفعل البشري النشط من أجل تحقيق سيادة يهودية على كامل أرض إسرائيل التوارتية / فلسطين التاريخية"، بخلاف تيارات دينية يهودية متشددة تسمى حريدية، ترى أن قيام دولة "إسرائيل" يتحقق فقط من خلال إرادة إلهيّة بنزول المسيح، وأنصار هذه التيارات يرفضون تأدية الخدمة العسكرية.

ويحثّ التيّار الأوّل اتباعه على الانضمام للجيش، ويملك شبكة مدارس تعدّ طلابها روحيًا وجسديًا للالتحاق بجيش الاحتلال، وقد حقق خلال العقد الماضي نجاحًا كبيرًا، فبعد أن كانت نسبة خريجي دورات الضباط من مرتدي القبعات المطرزة 2%، باتت نسبتههم خلال السنوات الأخيرة 40%.

اقرأ/ي أيضًا: سر قوة الحاخام الذي استعبد عشرات النساء في القدس

ويمثّل تيار "الصهيونية الدينية" في المعركة الانتخابية الحالية، حزب "اليمين الجديد" بقيادة نفتالي بينيت وايليت شاكيد وزيرة القضاء السابقة، وحزب الاتحاد الوطني، بقيادة بتسلئيل سموطريتش، الذين اتفقوا على خوض الانتخابات معًا، فيما اختار حزب "البيت اليهودي" بقيادة الحاخام رافي بيرتس، التحالف مع حزب "العظمة اليهودية" وهو الواجهة السياسية لحركة كاخ الإرهابية التي أسسها الحاخام مائير كاهانا، ونفذت عمليات إرهابية أدت لمقتل فلسطينيين، من بينها مجزرة جامعة الخليل في ثمانينات القرن الماضي.

ويرى "نداف شرغاي" أنّ تزايد نجاح "الصهيونية الدينية" في الاندماج بالمجتمع الإسرائيلي واختراق مفاصل مركزية في الدولة، يتيح لها تطبيق رؤيتها الأيدولوجية على الأرض، لكنّ تعمّق التربية المناهضة للتيارات الأخرى في صفوف أفراد "الصهيونية الدينية" يُقلّص من قوتها السياسية.

ويضيف شرغاي الذي يُعتبر أفضل الخبراء الذين يواكبون ظاهرة اختراق "الصهيونية الدينية" لمفاصل الدولة والمجتمع في "إسرائيل" أنه ليس بالإمكان على مدار سنوات، احتلال العمود الفقري في قيادة الجيش وتنشئة قادة جهاز "الشاباك" وجنرالات الجيش ونائب رئيس الأركان وقائد عام الشرطة ورؤساء جامعات وباحثين، واستعراض كل هؤلاء بفخر وهم يعتمرون على رؤسهم "القبعات المُطرزة" في إشارة للقبعات الدينية التي يرتديها أنصار هذا التيار، والتي تحوّلت إلى جزء غير قابل للانفصال من النخبة القيادية العسكرية والأكاديمية والاقتصادية والقضائية والإعلامية، بالتوزاي مع المنافسة في الانتخابات العامة عبر أحزاب قطاعية (أحزاب تمثل قطاع الصهيونية الدينية)، فكلا الأمرين لا يتسقان مع بعضهما، حدّ قوله.

اقرأ/ي أيضًا: كيف تدفع الصهيونية الدينية الإسرائيليين للمستوطنات؟

ويشير شرغاي إلى أنه ليس بالإمكان أن يكون قادة "الصهيونية الدينية" غير قطاعيين في كل مناحي الحياة، وفقط في الحياة السياسية يمكنهم البقاء ضمن أحزاب قطاعية.

وبحسب التقديرات فإن القوة السياسية لقطاع "الصهيونية الدينية" قد تصل إلى 20 مقعدًا في الكنيست، ولكن في الواقع فإن التمثيل السياسي المباشر لهم بواسطة الأحزاب القطاعية التي تمثّلهم أقل من ذلك بكثير.

      مستوى التسامح والاستعداد لاحتواء المختلف آخذ بالانخفاض، فأعداد الذين يرفضون تأدية الصلاة مع أشخاص مختلفين عنهم تتزايد 

ويتوقع شرغاي تفاقم تراجع التمثيل السياسي لتيار "الصهيونية الدينية" في المستقبل، باعتبار أنّ جزءًا كبيرًا من الشبان الذي يعتمرون القبعات المطرزة بخلاف الحريديم، يرون أنفسهم أولًا كيهود إسرائيليين، ثم متدينين. 

وفي الجزء المتبقي من القطاع السياسي من الصهيونية تحدث ظاهرة ستلحق المزيد من الأذى في تمثيله السياسي، وهي أنّ مستوى التسامح والاستعداد لاحتواء المختلف آخذ بالانخفاض، والأمر يتجلى في تزايد أعداد الذين يرفضون تأدية الصلاة مع أشخاص مختلفين عنهم قليلًا، وهؤلاء غير مستعدين لأن يدرس أطفالهم في مدارس لا تنسجم بنسبة 100% مع توجههم الفكري، بل إنهم يواجهون صعوبة في الجلوس داخل حزب واحد مع أشخاص لا يشبهونهم. 


اقرأ/ي أيضًا: 

حاخام يهاجم المهاجرين لـ "إسرائيل": ليسوا يهودًا ويصوّتون ضدّ الدين

عن المعاقبة الجنسية: إسرائيل ومنع تعدد الزوجات

التعداد الإسرائيلي الأول: أنت تُحصى إذن أنت موجود!

عن الخلاص الصهيوني: القدس شرطاً لعودة المسيح