08-أكتوبر-2016

أحمد يكتب بصعوبة منذ إصابته في رأسه

"زمان كنت أكتب بسرعة وأحكي بسهولة، اليوم ممنوع أدرس وأسبح"، هكذا يتحدث أحمد أبو الحمص (13 عاما) عن تبدل حاله بفعل رصاصة إسرائيلية، إذ لم يرجع الطفل الرياضي المتفوق في دراسته منذ ذلك الحين لمدرسته، بل إنه فقد قدرته السابقة على النطق والكتابة.

أحمد ابن بلدة العيساوية في القدس، توجه في السادس من كانون الثاني/2016 لحصة تدريبية على كرة القدم، ثم خلال طريق العودة لمنزله تلقى رصاصة في رأسه وسقط مغشيا عليه. كانت صرخته "آآخ" عند إصابته؛ آخر ما نطق به في المرحلة الأولى من حياته، إذ سببت هذه الرصاصة نقطة فاصلة بالنسبة لأحمد، تُصنف بعدها حياته بما قبل الإصابة وما بعدها.

جنود الاحتلال أطلقوا رصاصة على رأس أحمد سببت أضرارا دائما له في جسده ونفسيته

يقول أحمد لـ"ألترا فلسطين"، إنه كان قد عاد من التدريب لمنزله بهدف تناول الغداء، ومر خلال ذلك بمنطقة مواجهات فاختار السير بجوار جدار في المنطقة لتجنب الخطر، قبل أن يُفاجأ بحضور قوة عسكرية من الطريق المقابل له. يضيف، "صرت محاصرا من أمامي وخلفي لكني واصلت السير، ثم شعرت بصدمة شديدة في رأسي فسقطت ولم أصحُ بعدها على شيء".

أحمد أبو الحمص

اقرأ/ي أيضا: الخدمة المدنية: سلاح إسرائيل الناعم

أكد الأطباء الذين أشرفوا على علاج أحمد أنه أصيب برصاصة من النوع المعدني المغلف بالمطاط في رأسه من الخلف، أحدثت كسورا في جمجمته، وأخرجت عينه من رأسه.

يفيد وديع أبو الحمص، أن شقيقه ظل في غيبوبة لـ50 يوما، لا يستطيع التعرف على أحد من أهله أو المتحدثين إليه، تبعها وضعه لـ20 يوما تحت المراقبة حتى الاطمئنان على وضعه الصحي والسماح له بمغادرة المستشفى.

ويتلقى أحمد منذ خروجه من المستشفى العلاج في مستشفى للرعاية الخاصة والتأهيل بالقدس، ويحتاج لثلاث جلسات أسبوعيا تستمر كل منها لنصف ساعة.

"زمان كنت أكتب سريع وألحق مع المعلمة، لكن الآن بتصعب أكتب الأحرف على البلفون (الهاتف)، حُرمت من السباحة والدبكة، وممنوع ألعب كرة القدم رياضتي المفضلة، حتى ركوب البسكليت (الدراجة الهوائية) ممنوع، حاولت ألعب مرة في مركز العلاج لكن وقعت على رأسي ووضعولي 4 قُطب (غُرز) ومنعوني ألعب عليه مرة ثانية"، هكذا لخص أحمد انقلاب حياته بعد الإصابة.

فيما تتحدث أمل أبو الحمص، والدة أحمد، عن تبعات أخرى أكثر سوءًا على طفلها، موضحة، أنه لم يعد لمقاعد الدراسة منذ الإصابة، إذ كان حينها طالبا في الصف السابع، وهو ينتظر الآن قرار اللجنة الطبية فيما إذا كان قادرا على متابعة الدراسة.

وتضيف لـ"ألترا فلسطين"، أن عودته لمدرسته إن حدثت لن تكون طبيعية، فلن يكون بإمكانه التعلم مع أصدقائه الذين ترفعوا للصف الثامن؛ بينما بقي هو مكانه، كما أنه سيحتاج لمعلمة خاصة به ومتخصصه بمثل حالته، وسيوضع في صف خاص لمتابعة وضعه وتطوره.

وتبين أمل، بأن ابنها أصبح منذ إصابته "عصبيا جدا"، وفي حال رفض أي طلب له فإنه يندفع نحو التكسير والتخريب بشكل يناقض شخصيته المسالمة سابقا. وتضيف، "مرة قلت له بكرا إن شاء الله بتكبر وبتتزوج وبتفرحنا فيك، فأجاب: مين رح تطلع في (تنظر إلي)".

أكد الأطباء أن إصابة أحمد كانت برصاصة مطاطية لكن قضاء الاحتلال قال إنها نتيجة حجر

وسعت عائلة أبو الحمص لمقاضاة الاحتلال كونه تسبب بضرر دائم لطفلها القاصر دون أي ذنب، وأكدت أن طفلها لم يشكل أي خطر على جنود الاحتلال لحظة إصابته، مستندة بذلك لإصابته من الخلف لا الأمام. إلا أن الملف أُغلق بدعوى أن أحمد أصيب بحجر أو نتيجة سقوط قوي على الأرض، وليس نتيجة رصاصة، خلافا لما أكده الأطباء.

يجلس أحمد اليوم في منزله مقيدا بقائمة من الممنوعات التي تحرمه من ممارسة رياضات وألعاب كانت قد أصبحت محورية في حياته، يقول: "نفسي أرجع للمدرسة، كنت أنا وصاحبي نلعب كرة قدم مع بعض، هو أصيب واعتقلوه، وأنا أصبت وبطلت (لم أعد) أقدر ألعب".

تجدر الإشارة إلى أن جهات حقوقية إسرائيلية وثقت تصعيد قوات الاحتلال من استخدام الرصاص الحي والمطاطي والاسفنجي في القدس، منذ تشرين الأول من العام الماضي وحتى الربع الأول من العام الجاري، مؤكدة أن ذلك أدى لإصابات تركت آثارها للأبد على المصابين، أغلبها كانت في العيون، وبعضها كانت شبيهة بما حدث مع أحمد.

اقرأ/ي أيضا:

زيتون الضفة: المستوطنات تُسبب خسائر مبكرة

"فيسبوك" يقمع محتجين على اتفاق الغاز مع الاحتلال