05-أكتوبر-2018

وردها اتصالٌ هاتفي من حديقة الحيوان في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة فجأة، عبر الهاتف قال أحدهم بنبرةٍ قلقة: "دكتورة نوال، لدينا حالة صعبة، هل يمكنك الحضور للمعاينة؟". لم تتأخر الطبيبة البيطرية في الرد كثيرًا، ودون أن تسأل عن هوية مريضها جهّزت حقيبتها بكل مستلزمات الإسعاف الأولي والعلاجات الطارئة وانطلقت.

كان أكبر ما يمكن أن تتخيله الطبيبة سودانية الجنسية نوال صوالي حينذاك أن وعل الجبل قد كُسِرَت ساقه، أو أن نعامةً أصيبت بتقرّحاتٍ جلدية نتيجة مهاجمة نعامةٍ أخرى لها، لكن الحقيقة كانت "مرعبة جدًا" حين وجدت نفسها فجأة أمام قفص أسدٍ يعاني اكتئابًا.

في قطاع غزة تعمل أربع طبيبات بيطريات فقط بين عشرات الأطباء الرجال من زملاء التخصص ذاته

تعبّر عن مشاعرها في تلك اللحظة بالقول: "نشف الدم في عروقي، توجّهت برأسي نحو صاحب الحديقة وسألتُه: أسد؟! أجابني ضاحكًا: أجل أسد.. أنتِ لها دكتورة، لا تقلقي سنمسك به وعليكِ فقط حقنه بالإبرة من خارج السياج". ماذا حدث بعد ذلك؟ التفاصيل تتبع.

هل فكرتَ يومًا عزيزي القارئ بأن قطةً يمكن أن تلد "قيصريًا"؟ أو أن نعجةً يمكن أن تمر بتجربة "قلب الرحم"؟ أو أن بقرةً قد تحتاج ساقها إلى جبيرة؟

وهل يمكن أن تقودك شجاعتك يومًا كي تقف في مواجهة بغلٍ عنيف أو جملٍ حقود أو كلبٍ شرس فقط كي تحقنه إبرة؟ حسنًا: هل تعرف أن في قطاع غزة.. نساء يمكن أن يفعلن كل ما سبق؟!

إذا مررتَ يا صديقي يومًا بامرأةٍ دفعتها مشاعرها لتقف في وجه "صاحب حمار" وسط سوقٍ مكتظ، لتصرخ في وجهه بـ"كُف عن ذلك.. الآن" كي تمنعه عن ضرب دابته بسوطٍ ثخين، فاعلم حينها أنك تقف في حضرة "طبيبة بيطرية".

[[{"fid":"74804","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"1":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":360,"width":640,"class":"media-element file-default","data-delta":"1"}}]]

في قطاع غزة تعمل أربع طبيبات بيطريات فقط بين عشرات الأطباء الرجال من زملاء التخصص ذاته. طبيبتان منهن سيكُنَّ اليوم ضيفتين هنا. "نوال" المذكورة أعلاه، والطبيبة نانيس الفرا، ستحدّثاننا عن طبيعة المهنة، ومغامراتهما فيها، وتقبّل المجتمع ودرجة الثقة التي يمنحها للمرأة "حتى حين يسلمها قطّة".

"السمرة" ودرسٌ في الإنسانية

نعود إلى قصة "نوال والأسد"، إذ إن الإبرة حينما اخترقت جلد الحيوان الخارجي زأرَ بصوتٍ هزَّ أركان الحديقة، ونفضَ جسده وقوفًا بعد أن لوّح بمخالبه يريد رأس أحد الحارسين "لولا لطفُ الله"، فلما هدأ المشهد واستقر على ابتعاد الأسد نحو الجهة الثانية من القفص، نظر صاحب الحديقة حوله فلم يجد الدكتورة!

تضحك وهي تسرد المشهد بلكنتها السودانية اللطيفة: "ركضتُ إلى حيث لا أدري، وصرتُ أصرخ من دون صوت، صار وجهي أصفر اللون، وانقطع نَفَسي لولا أن الرجال لحقوا بي يطمئنوني بأن كل شيء بخير، وقفتُ وقلتُ لهم ممازحةً: حرام عليكم، هو يكتئب ولا أنا أودّع؟". ضحك الحراس وعادوا بها إلى حيث الأسد يربض، وضَعَت له الدواء في طعامه كحلٍ آمنٍ "رغم انخفاض نسبة النجاعة مقارنةً بالإبرة"، وعادت مطمئنةً إلى أنها "لم تُقصِّر طيلة خمسة وعشرين عامًا هي فترة عملها في الطب البيطري.. حتى في حق أسد".

للطبيبة صوالي (55 عامًا) عيادة خاصة قرب سوق خان يونس الأسبوعي، تستقبل فيها كل ما يمكن أن يخطر بالبال من فصائل الطيور والقطط والكلاب، والخراف والنعاج والبغال والجمال أيضًا، وهي مشهورةٌ في أوساط زبائنها باسم "السمرة" كنايةً عن لون بشرتها الأسمر.

تخرج كلما سمعت صوت سوطٍ يلسعُ ظهر حمارٍ مارٍ من ناحية عيادتها في خان يونس كي تتشاجر مع صاحبه

طبيبتنا تخرج كلما سمعت صوت سوطٍ يلسعُ ظهر حمارٍ مارٍ من ناحية عيادتها (حيث تمر الكثير من عربات الكارو) كي تتشاجر مع صاحبه الذي يمكن أن يواجهها بقوله: "وما دخلُكِ يا امرأة؟"، لتباغته هي بردها الجاهز: "حرام عليك، هذا جسد وروح يتألم ويتوجّع متلنا، هذا سبب من أسباب رزقك، كيف تفرّط فيه وتهينه؟".

تضيف صوالي، "بعض من تشاجرت معهم يأتون ببغالهم إلى عيادتي لأعالجها من تقرحات سبّبها الضرب، أو ضعفٍ عام أصاب أجسادها بسبب زيادة الحمل اليومي وقلة الطعام والشراب". وهؤلاء تتعمد الطبيبة تعذيبهم قليلاً، وتحاول أن تعاقبهم بطريقتها من خلال إثارة مخاوفهم من مغبة الفقد، ثم طلب سعرٍ عالٍ جدًا أجرةً للتطبيب والدواء، حتى إذا شعر صاحب الدابة بالعجز والندم، أخبرته بالسعر الحقيقي، وطمأنَتْهُ على صحة حيوانه "ولكن.. بعد التأكد من أن الرسالة وصلت".

درست صوالي تخصص الطب البيطري في بلادها السودان، قبل أن تتزوج فلسطينيًا وتأتي للعيش معه في غزة قبل أكثر من عقدين، "وهناك، من العادي جدًا أن ترى نساء يطببن الحيوانات، أو يُقبلن على دراسة التخصص، على عكس غزة، إذ تعتري علامات الدهشة والاستغراب ملامح كل من طرق باب العيادة بخروفه أو حماره واكتشف أن من ستعالجه امرأة".

بابٌ إلى الجنة

وقد تصيبك الدهشة صديقنا القارئ إذا عرفتَ أن "الأخطاء الطبية" قد تكون واردةً حتى في عالم طب الحيوان! هذا ما أكدته الطبيبة صوالي حين أخبرتنا بأنها مرةً تسببت في وفاة "عنزة" بالخطأ عندما حقنتها بمقدار 20 سم من المضاد الحيوي في وريدها بدلاً من العضل، إذ خانها التركيز أثناء علاجها أكثر من حيوانٍ في آنٍ معًا.

تعلّق على الحادثة بالقول: "لما رأيتُ العنزة ترتجف وكأنما تسلّم الروح، لا أدري ماذا جرى لي.. كانت أول مرة أخطئ فيها هذا الخطأ الكبير، بكيتُ وصارت دموعي تنهمر لا إراديًا، فيما توسلتُ لصاحبها أن يقبل مني ثمنًا لها كتعويض، لكنه كان أصيلاً فلم يقبل، وعدَّ الحادثة قضاءً وقدرًا".

أصيلٌ آخر لا تعرف عنه الطبيبة حتى اسمه، يأتي لها بصورة مستمرة بالقطط التي يجدها في شوارع المنطقة مريضةً أو تعاني من مشاكل في فروتها، أو تعرضت ربما لقطع الذيل من قبل أطفالٍ أشقياء، أو تحتاج إلى جبيرة بسبب رشقها بالحجارة أو دهسها بعجلات عربة، يطلب منها تطبيبها وصرف العلاج لها، وأحيانًا "قطب جروحها" بمبالغ ليست زهيدة، ليطلقها بعد ذلك وهو يردد: "لعلها تكون بابًا للجنة".

وترى صوالي - التي تعتز جدًا بطبيعة عملها - أن تخصص الطب البيطري أصعب بكثيرٍ من تطبيب البشر، "فالإنسان إذا مرض عبّر عن آلامه بالكلام، طبيعتها ومكانها بالضبط، وبعد فحص المنطقة يُصرف له ما يناسبه من علاج، بينما الحيوان إذا مرض فمن يعبر عنه؟ لا شيء".

الطبيبة نوال صوالي: تخصص الطب البيطري أصعب بكثير من تطبيب البشر، وأجرة يد الطبيب زهيدة جدًا بغزة

عندما افتُتحت عيادتها جنوب القطاع، بدا الأمر مريبًا بالنسبة لأصحاب الحيوانات الكبيرة، كيف لامرأة أن تتحكم في هيجان جملٍ أو بقرةٍ على سبيل المثال؟ لكن بعد أن كسبت الثقة، صارت (السمرة) ملاذ الفقراء والبسطاء لعلاج حيواناتهم، فهي كثيرًا ما تُسامحهم في ثمن العلاج أو أجرة يدها بسبب صعوبة أحوالهم "رغم أن العلاج وأجرة يد الطبيب البيطري زهيدان جدًا جدًا داخل قطاع غزة".

"البطالة" ليست شاي وقهوة

بالاتفاق مع آخر عبارةٍ قالتها صوالي، تخبرنا الطبيبة نانيس الفرا أن عملية قيصرية لنعجةٍ يمكن أن تُجرى على ظهر سيارة في وسط الشارع العام "بسبب ضيق العيادة وضعف الإمكانات"، ويمكن أن تأخذ من الطبيب البيطري مدة ساعة كاملة وقوفًا بين جمهور المتفرّجين المتجمهرين، بأجرة يد لا تتعدى 70 شيكل.

بدأت رحلة الطبيبة الفرا (45 عامًا) مع عالم البيطرة في العراق، عندما أمسكت لأول مرةٍ بقرةً من فتحتي أنفها "إذ أخبرها الأستاذ يومها أن البقرة تستسلم وترضخ تمامًا لمن يقودها إذا أمسكها من هذه المنطقة". وما زالت تذكر "تيسًا" في حديقة كلية بغداد – قسم الطب البيطري، كان في بداية الدراسة عام 1990 يترك كل طلبة القسم ليلاحقها هي.

[[{"fid":"74805","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"2":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":480,"width":484,"class":"media-element file-default","data-delta":"2"}}]]

ويوم أن عادت إلى غزة برفقة بناتها الثلاثة، قُبلت بفرصة عمل مؤقتة "بطالة" ضمن طاقم وزارة الزراعة، لكنها رفضت تمامًا العرف الذي سنّه "بعض الفاسدين" بحق أصحاب هذه الفرص، والذي ينص على أن يبقى موظف البطالة "على مكتبه" يشرب القهوة والشاي وينتظر انتهاء نصف الدوام حتى يغادر إلى بيته.

وقفت في وجه المدير عام 2007، وقالت: "أنا هنا لأعمل"، وبدأت ترافق الطواقم في رحلاتهم إلى حيث مزارع الدجاج والأغنام والمواشي لفحصها والتأكد من خلوها من الأمراض - رغمًا عنه - وتسجيل حالات الإصابات، حتى أنها شاركت في عمليات إعدام لمئات الطيور المصابة بالإنفلونزا على مدار عدة أشهر لاحقة.

كان أصحاب المواشي (وغالبيتهم أميين) ينظرون إليها بازدراء، رغم أنها كانت الطبيبة الوحيدة ضمن الطاقم بدرجة علمية

كان أصحاب المواشي (وغالبيتهم أميين) ينظرون إليها بازدراء، رغم أنها كانت الطبيبة الوحيدة ضمن الطاقم بدرجة علمية، ويرفضون أن تفحص أغنامهم لأنها امرأة "وهل تفهم المرأة في هذا؟"، حتى أن بعضهم خرج برفقة وجهاء منطقته ليشكوها إلى والدها "بحجة أن المجتمع لا يتقبل". كانت الفرا وحيدةً بين 11 رجلاً آنذاك، ترتدي النقاب وثيابًا بنظام باكستاني لتساعدها على المشي في المناطق الزراعية دون أن تعرقلها الأسلاك والحجارة الضخمة. حتى صارت بعد وقتٍ قصير عَلَمًا بين سكان جنوب القطاع من أصحاب المواشي، لا يطمئن صاحب الحلال إلا إذا أشرفت هي على الفحص.

تناقضات بشرية

للطبيبة القرا عيادة خاصة، تستقبل فيها الحالات المرضية على مدار الساعة، وكان من أغرب ما جرى معها يومًا أن أحدهم اتصل بها تمام السادسة صباحًا فلما ردّت وجدتها امرأة تبكي بهستيريا، وتخبرها بأن قطتها تعاني من إسهالٍ مزمن ولم تأكل منذ أيام، فلما زارت العيادة كانت طوال فترة الفحص تنظر إليها وتمسح دموعها كأنها تبكي على ابنٍ فقدته غريقًا!

لما اطمأنت المرأة إلى أنه تسمم معوي عارض خرجت والدنيا تضيق على حجم فرحتها وسط استغراب الطبيبة "ليس من منسوب الإنسانية لدى هذه المرأة لأن الرفق فطرة، بل من تناقض البشر حين يتعاطفون بالشكل المفرط هذا مع الحيوان، بينما قد يتهجمون على طفلٍ يمد لهم يد الحاجة وسط الشارع ويهينوه ضاربين بمشاعره وأوجاعه عرض الحائط".

كانت أغرب عمليةٍ جراحية أجرتها الطبيبة الفرا لقرد، هربَ من حديقة الحيوان مرة، فأطلق عليه صائدوا السمّان النار بالخطأ

كانت أغرب عمليةٍ جراحية أجرتها الطبيبة الفرا لقرد، هربَ من حديقة الحيوان مرة، فأطلق عليه صائدو السمّان النار بالخطأ. فيما تُعد العمليات القيصرية للنعاج (التي تتواجد الأجنة في أرحامها بشكل معكوس داخل الرحم) أكثر ما قد يمر عليها خلال اليوم، تعلق: "لا يختلف الأمر كثيرًا من ناحية المشاعر عندما تخرج روحٌ من روح، عنه لما تكون الحالة امرأة - ولا تشبيه - هي ذاتها عظمة الخالق، هي ذاتها تتجلى في كل جزء من أجزاء الجنين الكامل".

قبل ثلاثة أشهرٍ تقريبًا تسبب بغلٌ ضخمٌ بكسر يدها عندما جلبه صاحبه دون عربة الكارو، فاضطرت إلى المغامرة بغرز الإبرة في فخذه ليركلها بحافر الساق الأخرى، متسببًا برفعها عن الأرض وإلقائها في مكانٍ آخر على بعد أكثر من متر. تقول: "حقن البغال والحمير والخيول إذا تم وحديد العربة يحتضن جوانب الحيوان لا يؤذي مهما تحرك، أما إذا كان الحيوان طليقًا يمكن أن يتسبب بأذى كبير للطبيب إذا ما شعر بألم الوخز". هذا ناهيك عن عضات القطط ونطحات البقر "غير المقصودة غالبًا" التي ترافق سحب العينات الخاصة بفحصها.

وتحدثت عن قلة وعي أصحاب الحيوانات في كثير من الأحيان، فعلى سبيل المثال، إذا جاءها أحدهم يشكو من أن حصانه يتمرّغ في الأرض طوال الوقت ويرفض المشي أو الوقوف معه، يبدأ بضربه بخرطومٍ أسودٍ طويلٍ "دون أن يدرك أن حصانه يعاني من حصر البول - وهذا كثيرًا ما يحدث - يضربونه بهمجية فيزيدون على أوجاعه أوجاع الضرب والقسوة".

اليوم - حسب الفرا - بعض أبناء القطاع صاروا يتجهون إلى تربية الحيوانات الغريبة: فئران الهامستر، والأفاعي غير السامة، والحرباء الملونة، والسلاحف، والصقور الصغيرة، "بينما يأتي أصحاب كلاب قد يصل سعر الواحد منها في بعض الأحيان إلى ثلاثة آلاف دولار أمريكي بشكل دوري لتحصين كلابهم بالتطعيمات الخماسية والسداسية، واستصدار شهادة خلو من الأمراض المعدية، وبطاقة خاصة تنفي إصابته بداء الكلَب".

ما الذي يُمكن للطبيبة الفرا تأكيده في سياق فهمها لعالم الحيوان؟ تقول ضاحكةً: "حذار من الجمل، فهو حقودٌ غدار، يحفظ الأذى ويذكر وجه من يؤذيه ويقتص ولو بعد دهر. أما الكلب فوفيٌّ ليس فقط في قصص الأطفال بل على الأرض، لا يؤذي صاحبه ويسمع كلامه ولو فيه أذىً له، وهذا ما ألحظه عندما يأمره بالجلوس لأخذ الإبرة، فيهدأ يطمئن رغم الألم، بينما القطة تخون وأنيابها قد تصيب أقرب الناس إليها في إنكار لكل معروفهم معها".

ويواجه قطاع الخدمات البيطرية في قطاع غزة تحديًا كبيرًا لعزوف الطلبة عن دراسة "الطب البيطري"، ما يهدد مستقبل هذا القطاع الهام خلال السنوات القليلة القادمة، سيما وأن التخصص غير متوفر البتة في جامعات القطاع.


اقرأ/ي أيضًا:

غزة تواجه عجزًا في الأطباء البيطريين.. ما هي المشكلة؟

نساء جبل الطويل في مرمى الاستيطان والرصاص والتهجير

الفلاحات مطينات البيوت

دلالات: