14-سبتمبر-2017

"من الجميل أن يرى أحدنا اليوم كيف كانت تبدو يده أو قدمه عندما كان طفلًا يحبو". هذا ما تبرع فيه ريم قطامي، التي لم تكن تتوقع أنّ زيارةً سياحيّة لتايلاند قبل ثلاث سنوات، ستفتح لها آفاق عمل جديدة، وتُشعِلُ في رأسها فكرة تحدّت فيها غرابة المُنتج، وصعوبات كثيرة وقلّة المشجعين.

 فتاة توثّق اللحظات الجميلة، بتماثيل وتحف ثلاثيّة الأبعاد، على شكل هدية تذكارية

ففي مشغلها الصغير وسط رام الله الصاخبة، تبدو قطامي منهمكة في عملها كعامل جبس أو نحّات أو مصمم ديكور، فيما يقف عددٌ من الزبائن أمام واجهة محلها، منبهرين بحرفية ودرجة إتقان ونقل أدق تفاصيل مجسم ثلاثيّ الأبعاد، لقدم طفل رضيع تتوسط إطارًا خشبيًا.

وعن طبيعة عملها ومنتجها تقول: "الفكرة ببساطة هي أنني أقوم بعمل "نسخة طبق الأصل" على شكل تمثال صغير ثلاثيّ الأبعاد، بكل الجزئيّات والتفاصيل الدقيقة، لجزء من جسم إنسان، وهو ما يُعرف بـ "لايف كاستن".

تشير قطامي إلى أنها شاهدت هذا الفن خلال رحلة سياحية برفقة عائلتها في العاصمة التايلاندية بانكوك، وبعدها قررت نقلها إلى فلسطين. فتواصلت عبر الانترنت، مع أكاديمية في لندن مختصة بتعليم هذا الفن، الذي يحتاج مهارة يدوية بالأساس وطول نفس وصبر، ومنها أخذت أساسيات العمل ومفاتحيه، ومن ثم انتقلت إلى التدريب الذاتي والتعلم من التجربة والخطأ كأي حرفة. وبعد أن أتقنته، قررت فتح مشغلٍ ومحلٍ صغير في رام الله.

اقرأ/ي أيضًا: لماذا تنكّر الفلسطينيون لـ"سفينة نوح"؟

طامي (32 عامًا) درست بكالوريوس المحاسبة في جامعة بيرزيت، وحصلت على شهادة الماجستير في إدارة الأعمال من نفس الجامعة، تقول إنّها كانت تعشق حصة الفن في المدرسة وتنتظرها بفارغ الصبر، "أحب الرسم وعمل الأشكال بالمعجونة وأقف منبهرة أمام المجسمات المختلفة".

أمّا عن المراحل التي يمر بها المنتج، فتقول قطامي: "الخطوة الأولى تبدأ بأخذ قياس العضو المراد عمل المقطع له، سواء كان كف طفل أو قدم أو حتى إصبع، ويتم هذا بعد وضعه داخل "العجينة"، بعدها ننتظر بعض الوقت حتى تأخذ شكلها الأوليّ، ومن ثم  تبدأ مرحلة "البرد" الحت وإزالة الزوائد بشكل يدوي، ثم يترك القالب لفترة أخرى حتى يجف بشكل كامل".

وتتابع: "بعدها تبدأ خطوة التلوين، وهنا لدينا خيارات واسعة من الألوان، كالذهبي والفضي والبرونزي وغيره، والذي يحدد ذلك ذوق الزبون أولًا، ولون الإطار ومكان وضع القطعة في البيت، بعدها يتم "تعليق" المجسم داخل إطار أو برواز خشبيّ، يعده نجّار مختص، وبعد أسبوعين من العمل تصبح السلعة لدى الزبون".

 تقول قطامي إنّ "العجينة" الأساسية مستخرجة من إحدى النباتات، وهي آمنة ولا يوجد لها أي أضرار ويمكن استخدمها مع الأطفال الرُضّع 

وعن الصعوبات التي واجهتها ولا تزال، أوضحت قطامي:" الفكرة بالأساس جديدة، وهذا بحد ذاته شكّل تحديًا ومغامرة قد تنجح أو تفشل، فالناس في عمومهم تقليديون، ويستغربون من كل جديد، إضافة إلى صعوبات مادية، فهذه الفكرة في النهاية مثلها مثل أي مشروع بحاجة إلى رأس مال".

وتلفت قطامي إلى معيقات أخرى واجهتها في البداية، كعدم توفر المواد الأوليّة التي تدخل في التصنيع في السوق المحلي أو في المناطق المحتلة عام 48 أو الأردن، وهو الأمر الذي كلّفها كثيرًا لإحضارها.

اقرأ/ي أيضًا: زواج فلسطينيّات وإنجابُهن.. الماء وسيطًا!

أمّا عن أسعار منتجها ومدى موائمته  للدخل الفلسطيني المحدود عمومًا، فتشير قطامي إلى أن الأسعار متفاوتة، والزبون هو الذي يحدد السعر الذي يناسبه بناء على حجم وشكل "المقطع" المطلوب، مع إقرارها بأنّ "العمل اليدوي مكلف" باعتبار أنه يحتاج لجهدٍ ووقتٍ كبيرين.

"التذكار، قد لا يظهر أثره بصورة آنية أو لحظية، وإنما بعد مرور سنوات، ومن هنا تكمن أهميّته.. هو يجمّد الزمان عند لحظة جميلة، هو كالآثار والنحوت الصخرية تدوم آلاف السنوات دون أن تتغير"، تقول ريم.


اقرأ/ ي أيضًا:

المتحف الفلسطيني.. يُحضر القدس إلى رام الله!

صور | حجة وسنيريا.. حضارات يُهلكها النسيان

طوابع وعملات قديمة بغزة.. أكثر من مجرّد هواية!