29-يوليو-2021

محمد اشتية، لحظة أدائه اليمين الدستورية أمام الرئيس عباس (أرشيف/وفا)

ضجّة كبيرة أحدثها قرار مجلس الوزراء الفلسطيني بإلغاء المادة 22 من مدوّنة السلوك وأخلاقيّات الوظيفة العامة، بعد أن تم نشره الثلاثاء الماضي في جريدة "الوقائع" الرسمية، الأمر الذي أجمع خبراء في القانون على أنّه سيؤدي لمزيد من تقييد الحريّات. 

 اتّهامات للحكومة بتكميمم أفواه موظفيها بإلغاء مادة من قرار سابق ضمن "مدونة السلوك وأخلاقيات الوظيفة العمومية"، غير أنها ترد: "ملتزمون بحرية الرأي والتعبير" 

ونشر في العدد الأخير من جريدة الوقائع، القرار رقم (3) لسنة 2021، والذي تنص المادة (1) منه على "إلغاء المادة (22) من مدونة السلوك وأخلاقيات الوظيفة العامة". وكانت المادة (22) من قرار مجلس الوزراء رقم (4) لسنة 2020، تنصّ على أن للموظف الحقّ في التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غير ذلك من وسائل التعبير أو الفن مع مراعاة أحكام التشريعات النافذة، وأنه يجب على الموظف عند إبداء رأي أو تعليق أو مشاركة في مواقع التواصل الاجتماعي أن يوضح أنّه يمثل رأيه الشخصي فقط، ولا يعكس رأي الجهة الحكومية التي يعمل فيها.

القرار الجديد لمجلس الوزراء الفلسطيني وفق ما ورد في جريدة "الوقائع"، وباللون الأحمر المادة 22 التي تم إلغاؤها

وقال الكاتب المختص في الشأن الحقوقي المحامي ماجد العاروري، إن "قرار الحكومة إلغاء المادة المتعلقة بحق الموظف العمومي في إبداء رأيه من قواعد مدونة السلوك دليل قاطع قدّمته الحكومة بنفسها ونشرته في مجلة الوقائع، ويعني أن "انتهاكات حرية التعبير التي رصدت في الأراضي الفلسطينية هو عمل ممنهج تقوم به الحكومة".

 

 

وأضاف العاروري في منشور على "فيسبوك" أن هذا الإلغاء يدل على أنّ "هذه الانتهاكات ليست مجرد أخطاء فردية تقع من موظفين". لافتًا إلى أنّ قرار الإلغاء يؤكد الادّعاءات التي نشرتها مؤسسات حقوقية بأن الإدارات الحكومية مارست ضغوطًا على الموظفين العموميين لإجبارهم على سحب منشورات عن مواقع التواصل الاجتماعي، بعد حادثة مقتل الناشط نزار بنات.

 العاروري: القرار الجديد يعني أنّ "انتهاكات حرية التعبير التي رصدت في الأراضي الفلسطينية هو عمل ممنهج تقوم به الحكومة" 

ورأى العاروري أن قرار حرمان الموظفين العموميين من حقّهم الدستوري في التعبير عن رأيهم سيكون من أهم القرارات التي سينجم عنها ردود فعل دولية ومحلية، كونه صادر عن مجلس الوزراء، ومنشور بصورة رسمية وعلنية، وطغى عليه طابع قانوني بنشره في "الوقائع"، ولا تشوبه شبهة الشائعة.

أمّا أستاذة القانون الدستوري في جامعة النجاح سناء السرغلي، فقالت إن المادة (19) من القانون الأساسي نصّت بشكل واضح على حرية الرأي والتعبير لكل مواطن، ضمن ضوابط، وأنّ قرار مجلس الوزراء بإلغاء المادة رقم (22) من مدونة السلوك وأخلاقيات الوظيفة العمومية يمكن أن يفهم من ناحيتين.

الناحية الأولى وفقًا للسرغلي أنه تم رد الموضوع إلى المادة رقم (19) من القانون الأساسي، والتي تعطي الحق في التعبير عن الرأي ضمن ضوابط، وهذه الضوابط نفسها بحاجة لتوضيح.

 السرغلي: إلغاء المادة 22 من مدونة السلوك وأخلاقيات الوظيفة العمومية "نوع من تقييد الحريات"

والناحية الثانية تفهم كنوع من أنواع التقييد لحرية الرأي والتعبير، لأنه قبل إلغاء المادة كان الموظف يعبّر عن رأيه مع شرط أن يضع أن هذا رأيه الشخصي، ولكن بعد إزالة هذه المادة، بات هذا الأمر يخيف أي موظف، لأنه لا يعرف ما هي الضوابط التي على أساسها يمكنه أن يعبِّر أو لا يعبّر عن رأيه، وهو ما قالت إن فيه "نوع من تقييد الحريات".

وتساءلت السرغلي في حديثها لـ الترا فلسطين: "لماذا تم إلغاء المادة في هذا التوقيت؟ وما هي الدواعي من وراء ذلك؟ وطالما أنّ من حق الفرد أن يعبّر عن رأيه بصورة شخصية مع ذكر أن هذا رأيه الشخصي، وليس مستمدًا من حكم وظيفته، فما هو الداعي للإلغاء؟".

وكانت رئاسة الوزراء أصدرت اليوم بيانًا قالت فيها إنّ  الهدف من إلغاء المادة (22) من مدونة السلوك، هو "إزالة أي تعارض أو تقييد للحريات العامة".

واعتبرت أنّ "كل ما يشاع حول تقييد حرية التعبير مجاف للحقيقة"، وأشارت إلى أنّ الحكومة ملتزمة بضمان حرية الرأي والتعبير المكفولة بموجب القانون الأساسي والمواثيق والمعاهدات الدولية التي انضمت إليها فلسطين والقوانين والتشريعات الوطنية السارية.

 

 


اقرأ/ي أيضًا: 

وَهم التعديل القانوني في "الجرائم الإلكترونية"

قانون الجرائم الإلكترونية.. الحكومة تُمسك الكمّاشة

قانون الجرائم الإلكترونية: السلطة تشرعن قمع الحريات