29-سبتمبر-2021

صورة توضيحية: مقبرة في غزة | gettyimages

اعتاد خالد الكحلوت، بداية كل شهر، زيارة قبر طفلته منة الله التي توفيت في عمر ثلاثة شهور في مقبرة الشيخ رضوان وسط مدينة غزة، وقراءة الفاتحة عليه، إلا أنه في زيارته الأخيرة فوجئ بوجود قبر لرجل سبعيني حل محل قبر ابنته.

الفاعل اعترف بنبش القبر وبيعه بـ 700 شيكل، إلا أنه أنكر علمه بوجود رفات البنت

يقول خالد عن تلك اللحظة: "شعرت بصدمة ربما توازي صدمة فقدان طفلتي أول مرة، أخذت أبحث عن بقايا القبر فلم أجد سوى قطعة من الحجارة نُقش عليها اسم ابنتي منة الله الكحلوت".

بقايا قبرة الطفلة منة الله

ويوضح، أنه توجه مباشرة لمركز شرطة الشيخ رضوان، وقدم إفادة بذلك وعلى الفور توجهت قوة من الشرطة لمعاينة المكان. بعد يومين، أبلغته الشرطة بإلقاء القبض على الفاعل الذي اعترف بنبش القبر وبيعه بـ 700 شيكل، إلا أنه أنكر علمه بوجود رفات البنت.

ويعرب الكحلوت عن أسفه من أن رفات ابنته مايزال مفقودًا، بينما يواصل الفاعل إنكار علمه بمصير رفات الطفلة. يقول: "لا أريد أي شيء سوى معرفة مصير رفات بنتي، علشان أدفنها في قبر جديد يليق بها".

من جانبه، أكد الناطق باسم الشرطة في غزة أيمن البطنيجي، إلقاء القبض على الشخص الذي قام بنبش القبر، لكنه لم يعترف بمكان رفات الطفلة حتى اللحظة، ولم يتم العثور عليها.

حادثة نبش قبرة الطفلة منة الله ليست حالة نادرة من نوعها، فقد سبق أن حدث الأمر ذاته في ذات المقبرة العام الماضي مع هبة الدنف التي فوجئت أثناء زيارتها لقبر طفلها، باختفائه ووجود قبر ثان حل محله.

تقول هبة: "في بداية الأمر اعتقدت أني تهت عن قبر طفلي، وأخذت أبحث عنه بلهفة دون العثور على أي أثر، بعد ذلك تأكدت بأنه قد تم نبشه خاصة أن قبر أحد كبار العائلة كان بجوار قبر ابني مباشرة".

أخبرها بعض أفراد العائلة أنه جرت العادة في ظل عدم توفر قبور جديدة أن تُنبش القبور الصغيرة ويتم وضع الرفات في زاوية القبر

أبلغت الدنف عائلتها بالحدث، فأخبرها بعض أفراد العائلة أنه جرت العادة في ظل عدم توفر قبور جديدة أن تُنبش القبور الصغيرة ويتم وضع الرفات في زاوية القبر، ومن ثم دفن الميت الجديد على اعتبار أن دفن الكبار أولى.

ردة فعل العائلة الطبيعي كان سببًا لامتناع هبة عن تقديم شكوى رسمية في مركز الشرطة حول نبش قبر طفلها، ولم يخلق لديها شعور بوجود مشكلة كبيرة.

يُذكر أن المادة 148 من قانون العقوبات الفلسطيني لعام 1936 (المعمول به في قطاع غزة) تنص أن كل من اعتدى على مكان عبادة أو على مكان يستعمل لدفن الموتى أو على مكان مخصص لإقامة مراسم الجنازة للموتى أو لحفظ رفات الموتى أو انتهك حرمة ميت أو سبب إزعاجاً لأشخاص مجتمعين بقصد إقامة مراسم الجنازة، قاصدًا بذلك جرح عواطف أي شخص أو إهانة دينه أو كان يعلم بأن فعله هذا يحتمل أن يجرح عواطف أي شخص أو أن يؤدي إلى إهانة دينه، يعتبر أنه ارتكب جنحة.

وتتراوح عقوبة الجنحة بالسجن من سنة إلى ثلاث سنوات.

القانون المعمول به في قطاع غزة يعتبر الاعتداء على أي مكان يستعمل لدفن المتوى جنحة

وكانت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية قد أصدرت قرارًا بإغلاق مقبرة الشيخ رضوان منذ عدة سنوات، وحذرت الأهالي من الدفن فيها نظرًا لامتلائها بشكل كامل، إلا أن بعض المواطنين يصر على الدفن في هذه المقبرة نظرًا لوقوعها في وسط المدينة، فيما تقع المقبرة الرئيسية على الحدود الشرقية.

قضية نبش القبور وبيعها ليست بالجديدة، فقد وثق صحفيان يعملان في صحيفة الرسالة المحلية عام 2017 في تحقيق صحفي حمل عنوان: "نبيشة القبور يهتكون حرمة الأموات مقابل 700 شيكل"، قيام بعض الأشخاص بنبش القبور وإلقاء رفات الموتى في زوايا المقبرة لبيع القبر بعد تهيئته من جديد.

بدوره، وصف الناطق باسم وزارة الأوقاف عادل الهور حادثة نبش قبر الطفلة بالجريمة، مؤكدًا، أن الوزارة تقدمت بشكوى -منفصلة عن شكوى الكحلوت- للشرطة لإجراء التحقيقات اللازمة. وتابع، "الشرطة تتابع القضية للحصول على كافة التفاصيل، وفور انتهاء التحقيقات ستكون الصورة واضحة للجميع".

مقبرة الشيخ رضوان مغلقة منذ عدة سنوات بسبب امتلائها ولا يجوز الدفن بها على الإطلاق

 وبين الهور، أن مقبرة الشيخ رضوان مغلقة منذ عدة سنوات بسبب امتلائها ولا يجوز الدفن بها على الإطلاق، مشيرًا إلى أن الوزارة وضعت عدة يافطات تحذر من الدفن في المقبرة.

وأوضح، أن ما يحدث هو أن المواطنين يستقربون المقبرة كونها قريبة من بيوتهم ويحاولون الدفن مرة أخرى بمساعدة بعض الأشخاص الذين يُوجدون لهم بعض القبور القديمة بدون علم أهل الميت من أجل تقاضي مبلغ من المال.

وشدَّد، أن هذه مخالفة قانونية وأخلاقية، "وقد حذرنا مرارًا من هذا السلوك وقدمنا شكاوى للشرطة، وتم اعتقال مجموعة من الأشخاص لهذه الأسباب، لكن جهل المواطنين وإصرارهم على الدفن في هذه المقبرة يتسبب بتكرار هذه الحادثة"

وردًا على سؤالنا حول وجود حراس للمقبرة، قال الهور: "من المفترض تعيين حارس، لكن في ذات الوقت باب المقبرة مغلق وهناك يافطات تحذر المواطنين من دفن الموتى في المقبرة".


اقرأ/ي أيضًا: 

قانون لم الشمل: سقوط نظري ومخاوف من عنصرية التطبيق

قرار بقانون لتعديل قانون الجمعيات: الخنْق والمزيد منه

دلالات: