26-مايو-2018

ولد ربعي المدهون، الكاتب والروائي والصحافي الفلسطيني، في المجدل جنوب فلسطين، عام 1945، كتب بحياته وأعماله تاريخ القضية الفلسطينية. حصل في عام 2016 على جائزة البوكر العربية عن روايته "مصائر: كونشرتو الهولوكوست والنكبة". ووصلت روايته "السيدة من تل أبيب" إلى القائمة القصيرة في الجائزة ذاتها عام 2010. وللمدهون أعمال أخرى، منها "أبله خان يونس" وهي مجموعة قصصية نُشرت عام 1977، و"طعم الفراق"، وهي رواية سيرة ذاتية نُشرت عام 2001.

الروائي والصحافي ربعي المدهون كتب بحياته وأعماله تاريخ القضية الفلسطينية، وقد حاز على جائزة "البوكر" العربية عام 2016

على هامش الدورة الحادية عشر من معرض فلسطين الدولي للكتاب في رام الله، خلال شهر أيار/مايو، أجرى الترا فلسطين مع المدهون هذا الحوار.

س: اليوم أجري معك المقابلة في فندق "الكرمل" ألا يذكرك هذا: عندما يكون وليد وصديقه جميل في مطعم كلامارس في بطن جبل "الكرمل" المطل على البحر والميناء، فيصرخ: ولك آخ ع هالبلاد كيف ضيعناها.  كيف ضاعت هالبلاد؟  

- في هذه الجلسة تختلف الصرخة. في حيفا كان يمكن سماع هذه الصرخة بقوتها وعمقها وهزها للكيان الإنساني كاملاً. لكن وأنا مطل على رام الله بجمالها فهناك صرخة أخرى، ربما تكون: "آخ متى راح تتحرر هالبلاد".

هناك صرختان وكلاهما يؤدي للمصير نفسه، هو التحرر في نهاية الأمر.

س: تقول أنك كنت شيوعيًا، وتغيرت، هل تؤمن الآن بأيديولوجية معينة؟

- غادرت الأحزاب عام 1980 ولم أعد إلى العمل السياسي من خلال أي حزب، ولكن الإنسان لا يتخلى عن ماضيه، قد يتخلى عن أفكار، أو يغيرها، ومن الضروري أن يغيرها، وهذا جزء من أهم ما تعلمته من تلك الفترة الماركسية، وهي الجدل الديالكتيكي.

الابتعاد عن المنظمات الحزبية وممارساتها، قد يجعلك تنظر للصورة بطريقة مختلفة، أو من زاوية بانورامية أوسع، فترى تفاصيل لم تكن لتراها وأنت منغمس في العمل المباشر. بالتالي أنا لست نادمًا على ما كان، ولكن لست فخورًا بما كان، كل تجربة لها عيوبها وحسناتها.

ولكن أهم ما تعلمته من تلك الفترة هو التركيز على نمط التفكير وأسلوب التحليل، ومن ناحية أخرى الجوهر الإنساني. في النهاية لم تكن الشيوعية بالنسبة لنا أكثر من الجوهر الإنساني، والانتماء إلى فقراء الناس وقضاياهم، وما زلت متمسكًا بهذا الجوهر في جميع مراحل عمري.

ربعي المدهون: لم تكن الشيوعية بالنسبة لنا أكثر من الجوهر الإنساني، وما زلت متمسكًا بهذا الجوهر

س: إن سيرتك الذاتية، تشبه قول درويش: "ليس لي منفى.. لأقول لي وطن". إن الفلسطيني لا يحصل على منفى "لائق" حتى. ما هو تعليقك على ضوء تجربتك الطويلة مع المنافي؟

- عندما خرجت من الوطن عام 67، كنت أعلم أن العودة ليست قريبة. منذ إبعادي من الإسكندرية وخسارتي حياتي الأكاديمية في سنتي الجامعية الأخيرة، وتورطي مباشرة في حرب أيلول، هذا التسارع جعلني أحسم كثيًرا من القضايا العاطفية، والتفكير بعقلانية أكثر.

جميع التنقلات السريعة من الأردن إلى لبنان إلى سوريا إلى العراق وغيرها، جعلتني أتعامل مع المنفى كوطن مؤقت، وعشت هذه المنافي كما هي بوصفها حياتي الوجودية، وبالتالي تزوجت وأنجبت الأطفال، وتطورت حياتي كما أي حياة. عشت في قبرص كالقبرصي، وفي العراق مثل العراقيّ بلهجته الكاملة وحياته.

دائما كنت أروض المنفى لكي أتغلب عليه، ويتحول لمكان صالح للحياة. ولا أؤمن بالكلام الذي لا معنى له، والذي يحمل شيئًا من المزايدة عن معاناة المنافي، هذا غير صحيح.

س: عشتَ في العراق ما بين أواسط عام 1971 وحتى أواسط عام 1973، بماذا أثرت فيك الثقافة العراقية؟ هل التقيت بجبرا إبراهيم جبرا هناك؟

- جبرا كان موجودًا هناك ولكن لم ألتقِ به. التقيت بسعدي يوسف، وفوزي كريم، وأحمد خلف، وغازي العبادي، وجمعة اللامي. التقيت بعدد كبير من الأدباء، لكن جبرا كان حالة مختلفة، فلم يكن يذكر كمشارك في سهرات ونوادي الأدباء. جبرا في تلك الفترة كان "عراقيا"، بمعنى أنه كان خارج المنظومة الحزبية الفلسطينية، وكانت حسابات تلك الأوساط تقوم على الانضمام المباشر للثورة وأحزابها، وبالتالي كان جبرا مهمشًا من قبل الفلسطينيين.

الثقافة العراقية أفادتني كثيرًا في القصة القصيرة، وهناك نشرت قصصي الأولى، عن طريق القاص غازي العبادي. تأثرت بشكل القصة العراقية، لا أستطيع الدخول في التفاصيل، ولكن كان شكل القصة، وأسلوب تقطيعها وأسلوبها السردي مهما لي من الناحية الكتابية.

ربعي المدهون: الثقافة العراقية أفادتني كثيرًا في القصة القصيرة

س: هل ما زال طعم الفراق في فمك، أم تلاشى مع الزمن؟

- تعودت أن أعود نفسي على الفراق، أي ألا أعاني منه. كتابي "طعم الفراق" كان مرتبطًا بفراق الأجيال لوطنهم وليس فراقي الشخصي فقط. كان طعم فراق المجدل عسقلان، فراق القرى من حولها، والوطن كله.

بعده تجدد طعم الفراق، في كل منفى كنت أرحل منه، تعددت الفراقات ولكن تبقى أمرُّها، النكبة. طعم الفراق عاد مرة أخرى بعد خمسين سنة وكتبت "طعم الفراق".

س: تقول أن التزامات النضال منعتك من رؤية أمك رحمها الله لأكثر من 24 ساعة فقط في سوريا، كيف منعك النضال من ذلك؟

- كانت حياتنا الحزبية قاسية وصارمة، كان نحاسب على تأخر 5 دقائق عن اجتماع كان يمتد لعدة ساعات، ولا يستحق حتى القرارات التي يخرج بها، أو السجائر التي نحرقها فيه. ولكن كنا نؤمن بضرورة الالتزام والحضور. لذلك عندما طلبت أن أزور أمي في دمشق وأنا في بيروت قيل لي: "رفيق أرجو أن لا تغيب أكثر من 24 ساعة". عندما أنظر لها الآن، أنظر بشيء من السخرية، هل النضال كان يتوقف على غيابي؟

ربعي المدهون: بعض اجتماعاتنا الحزبية لم تكن تستحق السجائر التي نحرقها خلالها

س: في الثانوية حصلت على 63% صحيح؟ لماذا لم تكن متفوقَا؟

- ميولي منذ الصغر كانت فنية/ موسيقية، أنا "مش تبع دراسة"، صحيح أنني لم أكن كسولاً، ولكن كنت طالبًا متوسطًا، ولكن في الوقت ذاته لم تكن طموحاتي عالية، كنت أهتم بمظهري وثيابي كمراهق، وما زلت حتى اللحظة أهتم بكل دقائق ثيابي وشكلي رغم أنني تجاوزت السبعين. دخلت القسم العلمي في الثانوية العامة، ولكن كنت "هامل" لا أدرس، وكنت دائم التسكع والخروج.

س: لديك علاقة متوترة مع النقاد والصحفيين منذ "سيدة في تل أبيب"، وخاصة مع رواية "مصائر"، حدثنا عن هذه العلاقة.

- هناك توتر لدى بعض النقاد ناشئ عن توتر عام في المفاهيم، ناتج عن تباين الرؤى في الحياة، والنظر للمجتمع والفلسفة والمستقبل. أنا رجل أفنيت عمري وأنا أعمل في السياسة، بالتالي لديّ وجهة نظر أخرى، أزعم أنني أريد أن أغير مع آخرين كثيرًا من المفاهيم القائمة، لا أرى أنه يوجد فصيل راجع تجربته الذاتية ليتطور إلى الأمام. في ضمن هذا السياق تقع أعمالي، وللأسف أقدم أفكارًا تحطم ما هو قائم، وفيها شي من التحدي.

س: ما هو رأيك بالجبهة الديمقراطية اليوم، كأحد أفرادها القدامى؟

- حقيقة لم أفكر بالموضوع بالمعنى التفصيلي، ولكن بالمعنى العام: العالم تغير كله، خاصة بعد انهيار المنظومة الاشتراكية، وبالتالي تراجع جميع الأحزاب التي كانت تدور في هذا الفلك. على مستوى اليسار الفلسطيني، فقد أصبح أفرادًا، ولم تعد المنظمات تحمل الاسم الذي كانت تحمله في الماضي، بمعنى أنها لم تعد جماهيرية.

بالإضافة إلى وجود مأزق فلسفي، ما الذي تعنيه مصطلحات اليسار والماركسية اليوم؟ من الذي سيعيد قراءة وإنتاج المنظومة الفكرية للحزب؟ على كل حال هذه الحياة لست على صلة بها إلا من زاوية النظر لهم كمنظمة يسارية، في إطار فصائل يسارية أخرى، دورها ضعيف جدًا. ثم جاء الصعود الإسلامي من جانب آخر ليطغى على كل شيء.

س: في عام 2004 قلت إن المشروع الفلسطيني وصل لطريق مسدود وانتهى. هل ما زلت عند رأيك في عام 2018؟

- ما زلنا في المأزق نفسه. صحيح أن الشعب الفلسطيني مثل كل شعوب العالم يخلق معجزاته في الوقوف ضد الاحتلال، ولكن لا أدري متى وكيف سيخرج من هذه الحلقة. أما الحلقة في صورتها الراهنة فهي مظلمة، والطريق أمامها مغلق. القضية الفلسطينية وصلت إلى نهاياتها، ونحن مقبلون على اصطدام حاد جدًا.

آخر مقال كتبته في الشرق الأوسط عام 2004، إذا قرأته اليوم سأجد الوضع كما هو لم يتغير، بتفاصيله.

ربعي المدهون: القضية الفلسطينية وصلت إلى نهاياتها، ونحن مقبلون على اصطدام حاد جدًا

س: لماذا اخترت أن تبدأ مشروعك الكتابي بكتاب في السيرة الذاتية؟ يبدو أنك تتعامل مع تجربتك الشخصية كتجربة شعب كامل ترويها للتاريخ.

- هذا صحيح، "طعم الفراق" هي سيرة شعب، هي سيرة ثلاثة أجيال، وما زلت ألتقي بقرّاء يقولون أن طعم الفراق ما زالت الأهم بالنسبة لنا. يقدم الكتاب وثيقة عما خاضه الشعب الفلسطيني. لذلك فكل فلسطيني يقرأه يرى نفسه فيه، السجن والتشريد والنكبة والاحتلال والمنافي.

س: لو لم تكن فلسطين محتلة عن ماذا كنت ستكتب؟

- سأكتب عما هو ليس محتلا، لأنها ستقدم لي معطيات أخرى وواقع آخر.

س: كم تكلفك الرواية من الجهد البحثي والمتابعة قبل كتابتها؟

- ربما بسبب أنني ما زلت أعمل حتى الآن، تأخذ الكتابة مني وقتًا أطول. البحث لا يكون قبل الكتابة، ولكن تبدأ ملاحقة البحث مع ملاحقة الحكايات والتعايش معها، وهذا يحدث أثناء الكتابة أو التفكير فيها، وغالبًا يكون البحث ميدانيًا. اليوم على سبيل المثال أخطط لزيارة عكا، هناك قصة يجب أن أذهب لأحضرها.

في مصائر على سبيل المثال، كنت آتي إلى عكا وأسجل الواقع، ثم أعود إلى لندن وأسجله، وأبدأ بإعمال الخيال في النص، ثم أعود إلى عكا لأسجل الحكايات، هكذا تستمر عملية الكتابة، بين الواقع والمتخيّل و"جوجل" ولقاء الأشخاص.

س: كيف يتداخل العمل الصحفي مع العمل الروائي؟

- أستثمر عملي الصحافي أسلوبًا وتقنية، بمعنى إذا احتجت من عملي الصحافي معلومة، سأستخدمها بما يخدم النص، وهذا أحد أسباب تصادمي مع بعض النقاد "الجهلة" وأعني ذلك. فمثلاً: في الفصل الذي يتحدث عن المعبر في رواية "السيدة من تل أبيب" احتجت لاستخدام تقنية الروبورتاج الصحافي، لأن وليد دهمان صحافي، وعندما عاد إلى غزة عاد بوصفه صحافيًا وكاتبًا، لذلك يجب أن يتلاءم ما يكتب في لحظة من اللحظات مع ما يمثله في الرواية، فهو ينظر إلى الواقع من منظار الصحافي، وينقله إلى العالم بمنظار الصحافي. لذلك أنا ألجأ إلى الصحافة عندما يصبح بالإمكان تحويلها إلى تقنية سرد روائية.

من ناحية أخرى، أنا أعمل في الصحافة كمحرر، وأشرف على الصفحة الفلسطينية، ولكن لا أكتب صحافة.

س: ما رأيك في المقولة دائمة التردد حول الحداثة التي كانت قائمة في فلسطين قبل النكبة، والأخيرة قامت بإجهاضها؟

- نعم كانت فلسطين أكثر البلاد العربية تطورًا في تلك الحقبة (منذ عام 1920)، وكانت إلى حد ما بلدًا صناعية.

على مستوى الفن أُعطي لقب "كوكب الشرق" لـ أم كلثوم في إحدى زياراتها إلى فلسطين. فريد الأطرش انطلق من فلسطين، هذا بجانب السينمات، كان هناك في فلسطين مصفف شعر للنساء في ثلاثينات القرن الماضي، نعم كانت فلسطين مزدهرة، ومركز إشعاع حضاري.

ربعي المدهون: قبل النكبة كانت فلسطين أكثر البلاد العربية تطورًا

س: في كتابك الأخير "سوبر نميمة" هناك نقد لاذع للنقاد الذين كتبوا حول رواية "مصائر"، ما هو تقييمك للوسط الثقافي العربي؟

- هناك قسم من النقاد ممتاز، فمن 67 مقالة كتبت عن الرواية، هناك 60 ناقدًا كتبوا عنها بشكل جيد، بما تشمله هذه المقالات من النقد والتلقي السلبي للرواية، ولكنها تبقى موضوعية. في المقابل كان هناك 7 كتّاب خرجوا من هذا الإطار، وقاموا بتسييس القراءات النقدية.

في سوبر نميمة تكتشف أنني أتناقش أنا وشخص من الساعة الثامنة وحتى الواحدة بعد منتصف الليل، ثم أكتشف أنه لم يقرأ الرواية، واكتفى بأخذ موقف من الرواية بناء على عنوانها. الرواية لا تُقرأ من عنوانها، وإنما من نصها.

هناك جزء من النقاد احتج لأن عنوان الرواية يجمع بين كلمتي النكبة والهولوكوست. هذا مضحك، أنا أقول لو أن العالم ينظر لنا بـ 30% من نظرته لمأساة اليهود، لكنا أخذنا حقوقنا منذ زمن طويل، نحن نرفض أشياء لا نستطيع الحصول عليها.

س: قبل رواية "السيدة من تل أبيب" كيف كانت علاقتك مع عالم الرواية، هل كنت متابعًا جيدًا له؟

- أعتقد أنني أتابع عالم الرواية بشكل جيد، ولكنني لست قارئًا نهمًا.

س: في أعمالك هناك مشروع من الحيوات الشخصية المبنية على قدر كبير من الحرية والحقوق المدنية في موازاة مشروع آخر يؤرخ القضية الفلسطينية وألمها. يرى بعض الناس تناقضًا في هذا، ما ردك؟

- عندما كتبت "مصائر"، أحد من سمّى نفسه بالناقد كتب هذا الكلام على صحيفة "القدس العربي"، كيف لربعي المدهون أن يتكلم عن نسائنا التي تقتل على خلفية الشرف؟ ولسوء حظه في ذلك اليوم الذي صدرت فيه الصحيفة قُتلت فتاتان في فلسطين من أجل هذا السبب، وما زالت هذه الجرائم مستمرة.

عندما أتطرق للمثليّة أو أي ظاهرة أخرى، فأتطرق لها كونها واقعًا موجودًا. أستخدم هذه الظواهر من أجل أغراض سردية بحتة، لذلك أنا لا أناقش الموقف من المثلية الجنسيّة، وإنما أذكر ظاهرة مجتمعية في سياق محدد.

ربعي المدهون: أتطرق للمثلية أو أي ظاهرة كونها واقعًا موجودًا ولا أناقش الموقف منها

س: من الانتقادات على أعمالك أنها تريد أن تقدم رواية فلسطينية شاملة كما وصفها فيصل دراج، ولكن هذا الشمول أدى إلى معالجتها بطريقة سريعة ومخلة؟

- الواقع عكس ذلك. إذا كانت المعالجة سريعة: كيف نجحت الرواية؟ كيف قدمت هذا السرد والتقنيات؟ كيف قدمت هذا الشكل وهذه الشخصيات والمدن؟ كيف أن عشرات ومئات القرّاء كانوا يتصلون بي ويقولون جعلتنا نعيش فلسطين؟ العمل شيء آخر، ولكن الناقد السلبي لديه فكرة مسبقة ويريد أن يقول ذلك.

 س: هل أثرت النكبة على تعاطف الفلسطينيّ مع ضحايا الهولوكوست؟

- الفلسطيني تحمّل جزءًا من نتائج الهولوكوست، هذه المذبحة تُلقى على ظهره، بالرغم من أنه لم يكن مسؤولاً عنها. على الأوروبيين أن يتحملوا نتائج ما قاموا به. أوروبا رفضت اليهود، وأمريكا رفضتهم أيضًا، "إحنا مالنا؟". ولكن أنا لا أطرح المسألة من هذه الزاوية، ولكن أحاول أن أواجه مأساة اليهود بالنكبة، أريد أن أقول، أنتم من تسببتم في المأساة، "حلوا عن سمانا".

س: كيف تحملت هذه الحياة؟

- تحملتها منذ البداية، لأنني نظرت إليها وتعاطيت معها عقلانيًا. كنت أعرف أن وضعي ليس مؤقتًا. أريد أن أقول لقارئ موقعكم جملة تلخص المسألة: عندما كنت في "أيلول" وكانت معي بندقية، في لحظة من اللحظات كنت أفكر في أمي "ماذا لو مت؟" في تلك اللحظة ربما حمدت الغياب والمنفى. كان من الجيد انقطاعي عن أمي، لأنني لو مت في هذه الحرب، لكنت ذهبت مع من ذهبوا.

أنا تحملت كل هذا لكي أتجنب آلامه. إطرح هذا السؤال على والدتي: كيف هي تحملت كل هذه المسافات؟


اقرأ/ي أيضًا:

أنور حامد: ما زلت مراهقًا.. ولا أعترف بالخطوط الحمراء

أسامة العيسة: نكتب على حوف السياسة والجنس والدين

الناصري: لا أحد يدعم "منشورات المتوسط".. "الأدب أقوى" مستمر