09-يوليو-2018

شهدت الأيام الأولى من شهر تموز الجاري عدة هزات أرضية في فلسطين، أغلبها تركزت في شمالها المحتل منذ سنة 1948، ما فتح الباب أمام أخبارٍ عن زلزال مدمر قد يضرب البلاد قريبًا، وتساؤلات من قبيل كيف يُمكن التعامل مع ذلك؟ وهل نحن مؤهلون للتعامل مع مثل هذه الكارثة؟

في هذا المقال جمعت أبرز الأسئلة التي تُطرح الآن تزامنًا مع هذه الأخبار، وإليكم إجاباتها.

هل يمكن حدوث زلزال شديد؟

نعم بالتأكيد. فالهزات الأرضية المتعاقبة قد تسبق زلزالاً قويًا، ذلك أن الزلزال يحدث نتيجةً لانزلاق أو تصادم الصفائح التكتونية دائمة الحركة أسفل غلاف الكرة الأرضية على أعماق مختلفة. وعند تصادم الصفائح أو انزلاقها، تحدث هزات أرضية تختلف شدتها تبعًا لمجموعة من العوامل والاحتمالات، ولذلك قد تبدأ الهزة الأرضية بزلازل خفيفة متعاقبة، وقد تلحق بالزلزال أيضًا هزات متعاقبة ارتدادية. لكن لا يمكن القول أنه إذا حدث زلزال بشدة 4.5 درجات على مقياس ريختر، فإنه سيتبعه زلزال أعنف بالتأكيد، ولكن تعتبر الهزة الخفيفة مؤشر لذلك.

الهزات الأرضية المتعاقبة قد تسبق زلزالاً قويًا، لكن لا يمكن القول أنه إذا حدث زلزال بشدة 4.5 درجات، فإنه سيتبعه زلزال أعنف بالتأكيد

هل تعتبر منطقتنا نشيطة زلزاليًا؟

نعم. فمنطقتنا تقع قريبًا من حفرة الانهدام الآسيوية الإفريقية، وهي تمتد من شمال سوريا إلى جنوب سيناء؛ مرورًا ببحيرة طبريا والبحر الميت ووادي عربة، وصولاً إلى البحر الأحمر، وجنوب شبه جزيرة سيناء، و تمتد جنوبًا إلى كينيا بطول 6 آلاف كم تقريبًا.

اقرأ/ي أيضًا: تغيرات مناخية في فلسطين.. حقيقتها وتداعياتها

و تتحرك الصفيحتان الآسيوية والإفريقية معًا باتجاه الشمال؛ لكن إحداهما بسرعة أكبر من الأخرى، مما يؤدي في بعض الحالات إلى حدوث زلازل تتفاوت قوتها حسب قوة التصادم بين الصفيحتين.

وتجدر الإشارة إلى وقوع عدد من الزلازل المدمرة في المنطقة كل 100 إلى 200 سنة، كان آخرها زلزال نابلس عام 1927؛ الذي أودى بحياة آلاف البشر، وخلّف دمارًا واسعًا في المباني طال أكثر من 300 بناية في حينه. كما أن منطقة البحر الميت تسجل سنويًا آلاف الهزات الأرضية، وتُعتبر المنطقة الأضعف من ناحية الزلازل، بسبب اقترابها من مركز الزلازل؛ لانخفاضها وهشاشة الطبقات الأرضية السطحية والجوفية .

لذلك نقول أن وقوع زلزال مدمر في منطقتنا هي مسألة وقت فقط، ولا يعلم وقتها يقينًا إلا الله.

كيف يُصنف الزلزال المدمر؟

 تُصنف الزلازل على مقياس ريختر، وهو يتبع لاسم العالم المخترع لجهاز رصد الزلازل. كما توجد عدة مقاييس للزلازل، تقوم على أساس ربط القوة الافتراضية المسجلة للزلزال بكمية الطاقة المطلَقة نتيجة له. ومن المعلوم أن قوة 6.0 فما أعلى تُصنف على أنها زلزال قوي من الممكن أن تكون آثاره كارثية؛ وذلك بالاعتماد على مجموعة من العوامل أهمها عمقه، ومدته، ونوعه.

كيف يحدث الزلزال؟

 تبدأ المباني بالاهتزاز بحركة أفقية أو عمودية، أو بالحركتين معًا، مما يُعرّض المباني لجهد عالٍ ناتج عن قوى القص العمودي، أو العرضي، أو القطري، إذ تتعرض المباني لجهد كبير يؤدي في بعض الأحيان إلى انهيارها جزئيًا أو كليًا أثناء الزلزال أو بعده، وذلك وفق نوع الزلزال وقدرة المنبى على احتمال قوى القص، وعمق الموجة الزلزالية، ومدة تأثير الزلزال.

وتمتد العوامل إلى عدد كبير من مصفوفات الاحتمالات، وهي شكل المبنى، ونسبه، وتناسق شكله، ونوع الأساسات والتربة، وارتفاع البناء، وطريقة التسليح، وعوامل أخرى كثيرة. عند الاهتزاز تبدأ عناصر المبنى بالتضرر، مثل النوافذ وقطع الأثاث خفيفة الوزن وغير المثبتة. كما تؤدي الاهتزازات إلى تقطع بعض التمديدات، كالكهرباء والغاز، وهذا يؤدي عادة إلى حدوث حريق في المبنى.

وجود بئر ماء أسفل المبنى يزيد من احتمالية الضرر عليه عند وقوع زلزال، عكس ما يظن البعض

تجدر الإشارة إلى أن وجود بئر ماء أسفل المبنى يزيد من احتمالية الضرر عليه، وذلك بسبب تضخُّم الموجة الزلزالية عند مرورها بالماء، فيصبح الماء عاملاً مساعدًا للزلزال، عكس ما قد يظن البعض.

كيف نتصرف وقت حدوث الزلزال؟

 من الضروري عدم الفزع عند وقوع الزلزال، فالمباني في فلسطين - رغم كل ما يقال عنها - مبنية من أنظمة إنشائية من الباطون والحديد، وكلاهما يصمد أمام الزلازل المتوسطة. ومن الممكن أن تكون الانهيارات جزئية في حال وقوع زلازل متوسطة.

اقرأ/ي أيضًا: من المستوطنات إلى قلقيلية.. بريد نفايات

يجب أن نتخيل أن المبنى سيكون بخير، لكن علينا أن نكون في المكان الأكثر أمانًا في المبنى. وهنا يجب أن نعرف أين يقع هذا المكان، فإذا كنا فرضًا في مبنى متعدد الطوابق، يجب التوجه إلى الطوابق السفلية باستخدام الدرج؛ والبقاء قريبين قدر المستطاع من جدران الدرج التي تكون عادة من الباطون وليس الطوب. كما أن شواحط الأدراج تشكل غطاءً جيدًا بسبب عدم وجود مواد متساقطة، ولانها تعمل معًا كعنصر إنشائي صلب يمنع انهيارها سريعًا، حتى لو كان المبنى معرضًا للانهيار. أي أن إمكانية النجاة تكون دائمًا أعلى إذا كنا داخل الدرج قريبين من الجدران الحاملة.

إمكانية النجاة من الزلزال تكون دائمًا أعلى إذا كنا داخل الدرج قريبين من الجدران الحاملة

و هنا يظهر سؤال هام: أيهما أفضل؛ البقاء داخل المبنى؟ أم مغادرته؟ وعند الإجابة عن هذا السؤال الآن، لدينا الوقت الكافي الآن للتأمل في نوعية المنبى الذي نتواجد فيه عادة، فالوجود في الخارج هو الأفضل طبعًا، لكن إذا كان الخارج شارعًا به أعمدة إنارة ومباني محيطة ومظلات من الممكن أن تسقط، فالبقاء بالداخل أفضل وقت حدوث الزلزال. ولكن يجب المغادرة فور انتهائه.

أما إذا افترضنا أن البيت الذي نسكن فيه له حديقة وأشجار، فإنه من الممكن التواجد خارجًا والاحتماء عن جميع المنشآت والمظلات، و البقاء أسفل الأشجار، أو في مكان بعيد عن المباني.

ما هي اسوأ الأماكن للاحتماء من الزلزال؟

 قد تكون بعض الأماكن آمنة للوهلة الأولى، لكن في الواقع تكون الأشد خطرًا في حال وقوع الزلزال. وهذه الأماكن هي سطح المبنى، والمصعد، والأقبية، وأدراج الهروب المعدنية، والبرندات. فالطابق المبنيُّ على أعمدة فقط، قد يكون الأخطر في حال وقوع الزلزال، وربما يكون بمثابة المصيدة التي يقع الإنسان فيها ولا يستطيع الخروج منها، تحديدًا في الطوابق السفلية التي تكون بمدخل واحد، مع العلم أن الطوابق تحت الأرض قد تكون جيدة للاحتماء في حال توفرت فيها شروط التهوية الطبيعية وتعدد المخارج.

ماذا لو حدث الزلزال بينما نحن في الخارج؟

 من الممكن أن يقع الزلزال في أي وقت، وخلال وجودنا في أي مكان، وقد يكون الزلزال أكثر خطورة في حال وجودنا في مكان محاط بالمباني والمظلات الخاصة بالمحلات التجارية، وأعمدة الإنارة. هنا تعتمد النجاة على الحدس والسرعة، فالاقتراب من المباني يشكل ملجأ من الزجاج والأسلاك المتطايرة، لكن المبانى هذه ربما تنهار، لذا فاختيار المكان الأفضل يعتمد على سرعة البديهة في تقدير الأخطار.

اقرأ/ي أيضًا: كيف اجتمعت إسرائيل ومصر ضد بطيخ جنين؟

لو افترضنا أن الزلزال وقع بينما نحن في المدرسة، فإن أفضل مكان للاحتماء هو ساحة المدرسة، مع إبقاء الحقائب على رؤوسنا والاستلقاء على أرضية الملعب، مع توجيه وجوهنا للأسفل. ولو كنت في شارع عريض بجزيرة وسطية لاحتميت في وسط الطريق على الجزيرة بنفس الوضعية، وفي أبعد موقع عن أعمدة الكهرباء. أما لو كنت قريبًا من البحر، فيجب الابتعاد عنه قدر الإمكان، بسبب إمكانية حدوث "تسونامي" سريعًا، ثم بعد الزلزال، يمكن الصعود إلى أحد المباني غير المتضررة للاحتماء من أمواج البحر.

كيف نُقدّر الأخطار ما بعد الزلزال؟

 يجب العلم أن الزلزال قد لا ينتهي سريعًا، فعادة ما تقع أكثر من هزة ارتدادية بنفس قوة الزلزال، أحيانًا بعد دقائق، أو بعد أيام من الزلزال، ولذلك يجب فحص إمكانية البقاء في البيت بعد الزلزال، من خلال معاينة المنبى من الخارج قبل أخذ القرار بالعودة له.

بعد الزلزال، علينا أن نبحث عن آثار احتمالية الانهيار الوشيك للمبنى، أو أجزاء منه، وذلك بفحص هيكل المبنى ومعاينة وجود انحراف فيه. وفي حال تبيّن لنا أن بعض الواجهات غير عمودية ومائلة، أو ظهرت تشققات كبيرة وواضحة من الخارج، فإنه في هذه الحالة يكون المبنى في وضع خطير، ولا ينصح بالعودة داخله مباشرة بعد الزلزال. أما إذا كانت الأضرار طفيفة وتقتصر على تحطم زجاج المبنى أو أبوابه، أو تطاير بعض الأحجار، أو ظهرت انهيارات بسيطة، فإنه يمكن توقع أن المبنى لا زال في وضع يمكّنُنا من الدخول إليه. لكن يجب العلم أن هذه الإجراءات آنية ومبدئية، ولا تؤكد بالضرورة سلامة المبنى.


اقرأ/ي أيضًا:

انثروا البذور تحصدوا خضارًا في كل مكان

كنز مدفون في إحدى دفيئات وزارة الزراعة بغزة

الفييجوا في غزة.. العين على الاكتفاء ثم التصدير