22-أغسطس-2018

عام 2008، وفي مركز توقيف سجن "سالم" العسكري الإسرائيلي، كانت أول معرفة لي بالروائي حنا مينه. في اعتقالي ذاك، قرأت له "الأرقش والغجرية"، ثم "الذئب الأسود"، وختمت برواية إلياس خوري "كأنها نائمة".

ترف الاختيار في القراءة لم يكن متاحًا، وهذه الروايات هي الوحيدة التي كانت موجودة في غرف سجن سالم العسكري، وأعتقد ان الصليب الأحمر أدخلها للمعتقلين.

وأنا أقرأ عن وفاة حنا مينه، أتذكّر تلك الأيام، وأتذكر أنه كان صديقًا لطيفًا ممتعًا في السجن، يأخذك عنوة إلى عالمه، ويخرجك من خلف القضبان وينقلك إلى الغابة والبحر والمدن خارج تلك الجدران.

أيامها، كنتُ ممتنًا له على هذه الرفقة الجميلة التي وفّرها لنا من خلال رواياته التي أعانتنا على قضاء الوقت الطويل وتجنب مرض الترقّب والانتظار لساعة الفرج.

أما عن كيف وجدت تلك الروايات، فهي قصى لطيفة لا تُنسى.

ذات يوم شكا لي حسن "الشاويش" وهو المسؤول عن ساحة القسم، وقد كان من مخيم العين بنابلس، بوجود روايات يتم تناقلها وقراءتها بشكل سري في غرفة رقم (4)، وكان نزلاؤها من الشباب في سنّ المراهقة، فقلت له نسألهم عنها، فأنكروا وجودها.

وفي أثناء "الفورة/ الخروج للساحة"، زرت نزلاء تلك الغرفة، ووجدت الروايات تحت أحد "الأبراش/ الأسرّة"، فأخذتها منهم لمّا علمت أنهم لا يقرأون إلّا ثلاث صفحات عند حنا مينه، وأقل منها في رواية "كأنها نائمة"، ويبدو أن أحدهم قرأها مسبقًا وطوى لهم الصفحات.

يومها قررت أن اقرأ هذه الروايات من باب الفضول، فكانت البداية مع أدبهما.

وصار "الشاويش" حسن كُلّما مرّ من غرفة رقم 4، يسألهم من باب الفكاهة عن أخبار "زنزانة حنا والنائمة"، ذلك أنّه لم يقرأ إلّا ذات الصفحات التي قرأها الشباب.


اقرأ/ي أيضًا: 

8 أعمال روائية من أدب السجون العربي

تعرف على 5 من كلاسيكيات الرواية العربية

تعرّف على 5 من أبرز الروايات السورية

7 كتب شعرية عربية قيد الترجمة إلى الإنجليزية