11-أبريل-2018

صورة تعبيرية - عدسة مؤمن فايز (Getty)

ستة أعداد أُصدرت من داخل أسوار سجنٍ يقف سجانه بالمرصاد. صاحب الإصدار ليس عاديًا أيضًا، إنهن فتيات قاصرات، صغيرات في العمر، كبيرات في تجربة مقاومة المحتل، والنتيجة "مجلة الزهرات" المكتوبة بخط اليد، وقد رأت النور بعد تهريبها متجاوزة كل قيود الاحتلال.

الترا فلسطين اطّلع على أعداد المجلة التي تم تهريبها، وتحدث إلى رئيسة التحرير الأولى خلال وجودها خلف القضبان، وهي الأسيرة القاصر تسنيم خليل الحلبي، التي قالت إن هذه المجلة رأت النور رغم مخاوف الاحتلال من كل ما يخص الأسرى، وإجراءاته المشددة حتى على زيارات أهالي الأسيرات، وكذلك التفتيش المتكرر من حين لآخر، والقمع والنقل التعسفي.

"زهرات" مجلة تُنتجها الأسيرات القاصرات في سجون الاحتلال يدويًا، يوثّقن بها تجاربهن وينجحن بتهريبها

إنتاج المجلة، كان في أحد جوانبه محاولة للخروج من "الحياة المملة"، وإجراءات القمع المذكورة وغيرها، مثل البوسطة، والتفتيش، وكذلك بهدف تعبئة أوقات فراغ الأسيرات، وكشف معاناتهن لمن يقبعون خارج السجون، وتوثيق ما يتعرضن له خلال السجن، وكيف يقضين أيامهن فيه.

اقرأ/ي أيضًا: الشتاء يقرع أبواب السجون: برد في كل مكان

تبيّن الحلبي أن الفكرة بدأت بنقاش مع الأسيرة لينا الجربوني، أقدم الأسيرات الفلسطينيات وممثلتهن، موضحة أن الجربوني كانت تفكر في وسيلة مُجدية تستثمر الأسيرات بها أوقاتهن، وتطوّر أفكارهن وتنمّيها، وتعزز شخصية كل منهن ليصبحن أكثر ثقة في أنفسهن.

أُصدر العدد الأول من المجلة في شهر أيلول/سبتمبر 2016، وقد صمّمتها حينها الأسيرة أمل كبها، التي نالت حريتها لاحقًا، وشاركت في كتاباتها واختيار مواضيعها وأبوابها جميع الأسيرات القاصرات (تحت 18 سنة). بدأت المجلة بـ12 صفحة، كل صفحة منها تطرح موضوعًا، ثم تطوّرت تدريجيًا لتصل إلى 23 صفحة.

[[{"fid":"71403","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"1":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":380,"width":570,"class":"media-element file-default","data-delta":"1"}}]]

بقيت هذه المجلة حبيسة أسوار السجن، لكن إصدارها لم يتوقف، ولم يتم تحديد فترة زمنية محددة للإصدار، فكانت الأسيرات يُكملن ما بدأت به أي أسيرة يتم تحريرها خلال إنجاز المجلة، ليتم إصدار ستة إعداد، وينجحن قبل أشهر بتحرير المجلة من داخل السجون، بنقلها مع الأسيرات اللواتي يتم الإفراج عنهن.

تؤكد الحلبي أن الأسيرات القاصرات ينوين إكمال هذه المسيرة مع تطويرها بشكل أكبر، وتحديد المواضيع والزوايا. وأضافت، "هناك نية لطباعتها حاليًا بعد عرضها على رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع، حيث تم حاليًا التدقيق فيها وتحريرها، حتى تخرج للمجتمع وهي بأحسن حلة ".

وقالت: "الكتابة والنشاط الثقافي روح الأسيرات، وهذا ما يركزن عليه الأسيرات القدامى عند دخول أسيرة جديدة للسجن، فهنّ يعتبرن الكتابة استمرارًا للنضال، وبذلك يتحول السجن إلى مركز ثقافي".

[[{"fid":"71404","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"2":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":380,"width":570,"class":"media-element file-default","data-delta":"2"}}]]

الأسيرة السابقة أمل كبها (17 عامًا) ابنة جنين، كانت مصصمة أول عدد في المجلة، وذلك خلال اعتقالها سنة ونصف. تقول إن إدارة سجون الاحتلال تنظر للكتابة كعدو يجب محاربته والقضاء عليه، "يحاولون كسر شوكتنا وإخراجنا بحالات نفسية سيئة، ولكن داخل السجن هناك من فهم توجه المحتل، وحاربه بتقديم النصائح للأسرى بالكتابة بأي طريقة وأي شيء".

واجهت الأسيرات صعوبات في توفير المراجع والورق والألوان والأقلام لمجلة "زهرات"

تبيّن كبها أن الأسيرات واجهن صعوبات في توفير الأوراق بسبب قلتها، وكونها جميعًا من نوع واحد، وكذلك بسبب ندرة الأقلام والألوان. "تصميم المجلة كان على طريقة المجلات القديمة في بدايات إصدار المجلات". ابتسمت وتابعت، "كنت أقول لهم كأننا نعد مجلة في المدرسة، وهذا واقع، فجميع من كتبن فيها من القاصرات اللواتي حُرِمن التوجه للمدارس. كنا نشعر بالشوق للدراسة وللأنشطة فيها".

وتشير إلى أن بعض الأسيرات القاصرات لم يتملكن موهبة الكتابة، أو إيجاد مواضيع يتحدثن عنها، فكانت لديهن رغبة في تلخيص كتب، أو تجميع معلومات مفيدة، لكنهن واجهن مشاكل في الحصول على كتب ومراجع يُمكن الاستفادة منها في هذا السياق.

[[{"fid":"71405","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"3":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":380,"width":571,"class":"media-element file-default","data-delta":"3"}}]]

وتتضمن المجلة مسابقات ثقافية، ومعلومات عن الأسيرات، ومعلومات عامة وعلمية.

كانت كبها تنام وهي تُفكر بما ستُصممه في الصفحة التالية لتكون مختلفة عن باقي الصفحات، وكيف ستتعامل مع محدودية الألوان، ما جعلها – كما تقول – تُبدع في الرسم والتصميم، رغم أنها لم تكن على دراية بهما من قبل.

تُدقق اللجنة الثقافية للأسيرات كل عدد من المجلة بعد إنتاجه، وهي متنوعة من حيث الزوايا والمواضيع التي تتناولها، وفق الأسيرة السابقة منى قعدان، التي أوضحت لإذاعة صوت الأسرى أن المجلة تتضمن مواضيع عن الأسرى القدامى، والتحقيق، والمحاكم، والبوسطة، وتحمل توثيقًا لتجارب الأسيرات.

ويدعو أسرى محررون، ومختصون في قضايا الأسرى، إلى مركز لتوثيق أدب الأسرى وتجاربهم. يقول نشأت الوحيدي، الناطق باسم مفوضية الأسرى والشهداء في حركة فتح، إن أدب الأسرى وإنجازاتهم من أعمدة التراث المقاوم للاحتلال، وهو ما ينطبق على مجلة الزهرات.

[[{"fid":"71408","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"6":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":380,"width":571,"class":"media-element file-default","data-delta":"6"}}]]

[[{"fid":"71407","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"5":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"7":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":380,"width":571,"class":"media-element file-default","data-delta":"7"}}]]


اقرأ/ي أيضًا: 

المحررة عطاف عليان والفدائي الذي قتلها عشقًا

إسراء جعابيص.. عذابات الأسر والإصابة

رسائل صغيرة كبيرة