07-يونيو-2017

مع حلول فصل الصيف، يُمكن لمستخدمي طريقي الرشيد وصلاح الدين السريعين الممتدين على طول الحدّين الشرقي والغربي لقطاع غزة، الانجذاب للوحاتٍ متلاحقةٍ لإعلانات شاليهات سياحية تختفي خلف جدرانٍ ملونة بمسطحات خضراء وأخرى زرقاء.

فإذا ما افتقدت أصدقاءك مساء يومٍ ولم يُجيبوا على اتصالاتك المتكررة، فاعلم أنهم غافلوك أو أسقطوك من قائمة ترفيههم وقرروا الاستجمام في أحد "الشاليهات" بعيدًا عن صخب المدينة ومخيماتها التي تعج بباعتها، وأطفالها الذين لا يعرفون السكينة.

كل كيلومترين من مساحة قطاع غزة البالغة 360 كيلومترًا مربعًا، سيكون فيهما شاليهًا واحدًا تقريبًا، بحلول موسم الصيف

يشهد قطاع غزة تهافتًا من بعض الميسورين لاستئجار أو شراء شاليهات، أو حتى إدراجها ضمن الأملاك الخاصة غير الخاضعة لأهداف تجارية، ويمكن ملاحظة ذلك السباق من العارفين في قطاعات الإنشاء وحفر الآبار وتوريد الألعاب الجماعية كالتنس والسنوكر والطائرة، ونوع الحجر المستخدم في البناء وهندسة نوافير المياه وسماكة العشب، وحجم أكواخ الزوايا الخشبية في المكان.

اقرأ/ي أيضًا: بالصور: رحلة إلى بيت لحم.. عجائب فلسطينية

فلا يكاد يخلو أي "شاليه" من الـ 195 شاليهًا في غزة من أعمال تطوير دائمة في مرافق المنتجع، كبلاط المسابح والعناية بنضارة العشب الأخضر وتوفير أدوات وألعاب رياضية في فيلا مجهزة بالكامل بدءًا من المقاعد وحتى غرفة نومٍ فاخرة.

وخلال جولة لـ الترا فلسطين في منطقة الشيخ عجلين الساحلية المُلغمة بعشرات من تلك المنتجعات، التقينا سيدة الأعمال أمل غزال (43 عامًا)، مالكة شاليه "غزال" المقام على مساحة 1800 متر مربع منذ خمسة أعوام. تقول السيدة غزال إن تكلفة منتجعها مع الأرض المقام عليها بلغ نحو 1.4 مليون دولار بطاقة استيعابية تصل لاستقبال 100 شخص، يتوزعون على مسبح بمساحة 40 مترًا مربعًا وفيلا واسعة بطابق واحد مجهزة بطاولتي تنس وبلياردو وشاشة تلفزيون وغرفتي نوم.

"خلال موسم الصيف الحالي، أنهى 12 مستثمرًا تجهيز 12 شاليهًا جديدًا لتلبية الطلب المتزايد على هذه المنتجعات التي توفر خصوصية للعائلات والأفراد الباحثين عن الأجواء الهادئة". تقول السيدة غزال. وتضيف: على الأقل هنا لا روائح كريهة منبعثة من البحر بسبب مضخات الصرف الصحي.

وكانت سلطة جودة البيئة نشرت خريطة لساحل القطاع أظهر أن نصف الشاطئ الممتد على 40 كيلومترًا غير صالح للاستجمام، فيما النصف الآخر أُدرج ضمن نطاق "مُلوث" بسبب تصريف المياه العادمة. ويُمكن للمصطافين المعتادين ملاحظة تغيّر لون المياه إلى الرمادي أو الأخضر القاتم مصحوبًا بالرائحة النتنة.

تلك الألوان والروائح دفعت بالكثير من رُوّاد الشواطئ إلى الاتجاه شرقًا نحو الشاليهات التي تتراوح كلفة أجرتها ما بين 300 – 900 شيكل لكل 12 ساعة، وفقًا لدرجة الرفاهية وحجم التجهيزات المرفقة بالشاليه المراد استئجاره.

وعودة إلى شاليه السيدة غزال، تقول إن أهم ما يُميز التنافس في هذه الصناعة السياحية هو المسبح وتأثيث الفيلا وحجم انتشار العشب الأخضر. حيث يبلغ تكلفة المسبح بحجم 40 مترًا نحو 100 ألف شيكل، عدا عن صيانة موسمية بإجمالي ثُلُث ذلك المبلغ.

اقرأ/ي أيضًا: "هيبرون سات".. قناة المذيع الواحد

وعلى بعد أمتارٍ شمالًا، ارتفعت لوحة إعلانية مجاورة لشاليه "دلّول" الذي يُديره رزق دلّول (32 عامًا) منذ ستة أعوام. يرى رزق أن في هذه المشاريع سياحة آمنة لقطاع محاصر منذ سنوات، فلا يوجد سياحة في هذا القطاع المحاصر سوى وُجهتين: المطاعم والشاليهات".

"يعمل مُسوقو هذه المنتجعات على اجتذاب أي زبون وبسعر زهيد نوعًا ما في حال اقتسامه على المشتركين، وذلك لتزاحم العاملين في هذه الصناعة الحديثة على غزة". يقول دلّول.

صلاح أبو حصيرة، رئيس الهيئة الفلسطينية للمطاعم والخدمات السياحية اعتبر أن الاستثمار في الشاليهات أكثر أمناً"، لعدم ارتباطه بالمعابر التي تتحكّم بها إسرائيل، مشيرًا إلى أن "إغلاق المعابر ومنع حركة الأفراد عن السفر، يصبان لصالح أصحاب هذه المنتجعات، ما يُسهم في تعزيز السياحة الداخلية".

وعلى الناحية المقابلة لمصفوفة الشاليهات في تلك المنطقة الزراعية، التقينا عائلة زينة الحمامي على بعد مترين فقط من مياه الشاطئ، حيث كانوا يتجهزون لتناول إفطارهم الرمضاني على قطعة قماشية بحجم 3×3 متر توسطها طبق عائلي الحجم من المفتول المشغول يدويًا وقطع دجاج وكُرات الحمّص.

"بالنسبة لي ولعائلتي -مكونة من 8 أفراد- فهذا شاليهنا، فلا أفضل من مداعبة أقدامك بالرمل الأبيض المرطب بماء البحر، ولم ندفع المال للسباحة؟ عن نفسي سأسبح بعباءتي ولتلحق بي بناتي"، تقول الحمامي (50 عامًا).

سألت السيدة التي همّت بسكب المرق على مفتولها قبيل دقائق من موعد الإفطار إذا ما كانت الرائحة ولون البحر قد يؤثران على رحلة استجمامها فقالت: "ما بفرق يا ولدي عن الوضع في المعسكر (المخيّم)، هنا أرضية رمل وهناك أرضية إسمنتية، والباقي مثل بعضه".


اقرأ/ي أيضًا:

نكهات عربية فواحة داخل "حصون" غزة

"أصداف" بيت لحم تتشبّث بالحياة

الصيادون في غزة.. عُزلة وحربٌ في الظلمات