22-أبريل-2019

مظاهرة في القدس في بداية الإضراب الكبير وثورة 36 - gettimages

في مثل هذا الأيام قبل 83 عامًا انطلقت في فلسطين الثورة الكبرى، أو ما تُعرف بثورة 36، وقد استهدفت في الأساس جيش الاحتلال البريطاني لإجباره على الرحيل عن البلاد، وأُطلِقَ على الثوار خلالها اسم "المجاهدون"، وكان معظمهم ينتمون لتنظيم "أخوة القسام" أو "القساميون"، وقد استمرت هذه الثورة حتى عام 1939.

الثورة الفلسطينية الكبرى كانت موجهة ضد الإنجليز بالدرجة الأولى تنفيذًا لرؤية الشهيد عز الدين القسام

كانت نقطة الصفر لهذه الثورة بعد تراكم الغضب من تعاظم الهجرات اليهودية إلى فلسطيين وتصاعد قمع الجيش البريطاني للفلسطينيين. وفي اليوم التاسع عشرة من نيسان/إبريل، نفذت مجموعةٌ من المستوطنين سلسلة اعتدءاتٍ استهدفت سكان يافا، ووقعت اشتبكاتٌ قُتِلَ على إثرها تسعة مستوطنين وأصيب 54 آخرين بجروح.

إخلاء مستوطين من القدس العتيقة في أول أيام الثورة
حاجز عسكري بريطاني في يافا

استهدف المجاهدون القوات البريطانية بالدرجة الأولى، إذ كانوا يرون في الإنجليز ما رآه الشيخ عز الدين القسام قبل استشهاده بأن الإنجليزي هم "رأس الأفعى، ورأس البلاء والداء، ويجب توجيه الإمكانات كلها لحربهم وطردهم من فلسطين قبل أن يتمكنوا من تحقيق وعدهم لليهود (وعد بلفور)"، فجعلوا الاحتلال البريطاني في فلسطين هدفهم الأول، وركزوا على ضرب البنى التحتية للاحتلال انطلاقًا من فهم القسام الذي نشره عبر خطبه: "ما يهاجر اليهود لفلسطين إلا بإذن من الإنجليز حراس الموانئ والمطارات، وما ينتقل لليهود إلا بقوة الإنكليز المسلّحة".

تثبت ماكنة في مقدمة إطار السيارة
لإبعاد مسامير نشرها ثوار

ورغم سياسة المجاهدين هذه، إلا أن الثورة التي كان أبرز قادتها رفيق درب القسام الشيخ فرحان السعدي، أوقعت قتلى من المستوطنين أكبر من القتلى بين جنود الاحتلال، حيث قُتِلَ 400 مستوطن و200 جندي بريطاني، فيما استُشهِد 5 آلاف فلسطيني، معظهم مدنيون وبعضهم قُتلوا على أيدي عملاء جيش الاحتلال البريطاني.

تأهب جنود الاحتلال على سقف مركز شرطة يافا

رأت بريطانيا في الثورة الفلسطينية خطرًا كبيرًا كونها جاءت بينما كانت الحرب العالمية الثانية تلوح في الأفق، ولذلك جنّد الجيش البريطاني لقمع الثورة ثلاثة ألوية استخدمت  وسائل في غاية القسوة في قمع الثورة والانتقام من الفلسطينيين. ويُمكن تلخيص أبرز هذه الوسائل في ستّة أساليب هي التالية:

وصول تعزيزات للجيش البريطاني عبر منياء حيفا

1. الإعدمات: أصدرت محاكم الاحتلال البريطاني قراراتٍ بإعدام 150 قائدًا في الثورة، من بينهم الشيخ فرحان السعدي رغم أن عمره تجاوز الثمانين عامًا، وهو الذي اعتبره المؤرخ صبحي ياسين بأنه "خلفية الشهيد القسام وأول من أطلق رصاصة في سنة 1936".

الشيخ فرحان السعدي

2. العقوبات الجماعية: بتاريخ 31 تشرين أول/أكتوبر من عام 1938، أُطلِقَت رصاصةٌ على دوريةٍ بريطانية قرب قرية في قضاء عكا، فأحضر جيش الاحتلال مدفعيته ودك القرية ودمر معظم بيوتها وحرَّق الحقول والأشجار، وقد كان هذه هو الأسلوب المتبع في باقي القرى، إذ نسفت القوات البريطانية أكثر من ألفي منزلٍ واعتقلت ستة آلاف شخص إبان الثورة.

منازل دمرها الاحتلال البريطاني
فلسطينون هدم جيش الاحتلال البريطاني منازلهم في اللد

3. مصادرة السلاح: فرضت سلطات الاحتلال البريطاني على كل قريةٍ تسليم ما بحوزتها من سلاح، وفي حال عثر الجيش على سلاحٍ في قريةٍ ما كان يُدمر منازلها.

4. عمليات انتقامية: في عام 1938، نجح مجاهدٌ في اغتيال ضابطٍ رفيع بالجيش البريطاني في جنين، ولكنه وقع في الأسر وتم إعدامه دون محاكمة، وإثر ذلك دمّر الجيش البريطاني عددًا كبيرًا من منازل المدينة.

5. فرض غرامات باهظة: في حال فجر الثوار أي منشأة للاحتلال أو قطعوا خط الهاتف، فإن سلطات الاحتلال كانت تُجبر أهالي القرى المحيطة على دفع مبالغ مالية كبيرة لإعادة بناء ما تم استهدافه.

6. الفلسطينيون دروعًا بشرية: بعد تصاعد عمليات زرع الألغام على سكة الحديد لاستهداف القطار، بدأ الجيش البريطاني باستخدام الفلسطينين دورعًا بشرية ليُجنّب نفسه أي خسائر في جنوده، فكان يجبر بعض الأهالي على ركوب العربات للمرور قبل القطار البريطاني حتى تنفجر فيهم الألغام، كما كان يُجبر السيارات الفلسطينية على المرور في مقدمة أي قافلة لقواته في الشوارع.

الجيش البريطاني يستخدم أسيرين فلسطينيين دروعًا بشرية

اقرأ/ي أيضًا: 

اغتيال عند باب الأسباط

موسم النبي موسى.. سيرة أمة مقاتلة

فعل "الجيش البريطاني السافل" في حلحول