08-مارس-2018

 

البحر من أمامكم والشرطة البحرية من خلفكم، هكذا صار حال هواة صيد الأسماك عبر الصنّارات في قطاع غزة، بعد أن فرضت عليهم الجهات الرسمية، الحصول على تصريح بالصيد في أماكن محددة على الشاطئ.

   الشرطة البحرية بغزة، تفرض على هواة صيد السمك بالصنّارة الحصول على ترخيص سنويّ، والهواة مستاؤون..   

فاعتبارًا من 20 شباط/ فبراير، صار يتحتّم على هواة صيد السمك، الحصول على تصريح يسمح لهم بممارسة هوايتهم على الشاطئ من الجهات الرسمية، بتكلفة 20 شيقلًا، أي ما يعادل 6 دولارات.

اقرأ/ي أيضًا: السلطعونات "فياغرا" الكوانين للغزيين

يفضّل كثيرون في غزة، قضاء ساعات في اصطياد السمك، مع عدد من الأصدقاء والأقارب، بعد اختيار مكان مناسب على الشاطئ، أو الجلوس على أحد الألسنة البحرية، على أمل أن يحظوا بوجبة سمك مشويّ، من أنواع سمك السردينة أو السلطان إبراهيم أو بوري واللوكس أو جلمبات.

   ليس أمام الغزيين إلّا الهروب نحو البحر، للتخفيف من وطأة ظروف الحياة القاسية  

الرافضون للقرار يستنكرون دفع هذا المبلغ في ظلّ عدم تلقيهم أي خدمات، أو تخصيص مناطق ملائمة لهم، خاصّة وأنهم يمضون ساعات في البحث عن منطقة مناسبة بعيدة عن مكبّات النفايات. وقد ظنّوا في بداية الأمر أنّ المبالغ ستعود على نقابة الصيادين داخل ميناء غزة، لكن سرعان ما صرّح نقيب الصيادين في قطاع غزة نزار عياش، بالقول إنّ نقابته لا دخل لها في تنظيم سجلات هواة الصيد عبر الصنارة، ويقتصر عملها على تنظيم عملية الصيد للصيادين عبر المراكب الكبيرة والصغيرة فقط، وأن الشرطة البحرية هي من تفرض الضريبة.

اقرأ/ي أيضًا: الصيادون في غزة.. عُزلة وحربٌ في الظلمات

جمعة الأبيض (52 عامًا)، اعتاد منذ عقد ونصف، التوجّه في أيام الأحد والأربعاء للاصطياد قرب ميناء غزة برفقة صديقه، كونها الأيام الأقل ازدحامًا على الشاطئ البحر، باعتبار أنّ الصيد أفضل وسيلة تفريغ نفسيّ، لكنّه فوجئ الأربعاء الفائت بمنعه من الاصطياد، إلّا بعد الحصول على بطاقة تخوّله ذلك. فرفض هذه التعلميات الجديدة، وعاد إلى منزله في مخيّم الشاطئ.

يقول الأبيض لـ "الترا فلسطين" إنّ الضريبة تُفرض عادة مقابل خدمة ما، وهو ما دفعه للتساؤل عن ما توفّره الشرطة البحرية مقابل ما يُطلب منه دفعه.

     10 آلاف صيّاد بغزة كانوا قبل نحو عقد من الزمن، بينما لا يتجاوز عددهم اليوم 3 آلاف    

أمّا عامر الدباغ (28 عامًا)، فيقول إنّ عناصر البحرية طلبوا منه مغادرة المكان، وإلّا فإنهم يصادرون صنارته ومعدّات الصيد، رغم أنّه أخبرهم بعدم توفر المبلغ المطلوب معه.

وتوجّه عامر للحكومة وأجهزتها الأمنيّة متسائلًا: كم من شباب في غزة، لا يملكون الـ20 شيقلًا؟ ألا تعلمون أن يوميّة العامل صارت أقل من هذا المبلغ.

دكتور الصحة النفسية فضل عاشور، رأى أن فرض هذا المبلغ سيمنع هواة الصيد من التوجه للبحر. مشيرًا إلى إنّ الجهات الرسمية في غزة، تخترع وسائل لا تخطر على البال، من أجل جمع المال.

أمين الطيب (49 عامًا)، صادرت الشرطة البحرية صنّارته بعد أن تجادل معهم لعدم أحقيّتهم في الحصول على ضريبة منه، واضطر في اليوم التالي لدفع المبلغ، واسترداد صنارته.

يقول لـ "الترا فلسطين" إنّ دول العالم لا تفرض ضريبة على هواة الصيد، باعتباره حقًا عامًا، لكنّهم هُنا يلاحقوننا حتى في البحر الذي نتوجّه له لنزيح الهموم عنّا.

جميل الديري علّق على الموضوع في إحدى مجموعات هواة الصيد عبر الصنارة، عبر موقع فيسبوك، بالقول: هم لا يعرفون أننا لا نصطاد أسماكًا بقيمة 20 شيقل أصلًا؟ وأضاف ساخرًا: "خايف أبحث عن هواية ثانية ألاقي (أجد) الضريبة ملاحقاني".

   الشرطة تقول إنها تهدف من وراء ذلك، لتنظيم عملية الصيد، وتعزيز الأمن البحري   

وتقول شرطة غزة البحرية إنّها تهدف لتنظيم عملية الصيد في ظل توجّه البعض للصيد بطريقة عشوائية على شاطئ البحر، ومحاولة تخصيص مناطق للصيادين الهواة، بعيدًا عن صيادي المراكب، والأهم "تعزيز الأمن البحري".

وبحسب نائب مدير عام جهاز الشرطة البحرية العميد محمد النخالة، فإنّهم يقومون ومنذ عام، بتنظيم حالة الصيد على شاطئ بحر غزة، وقد انتهوا من عملية تنظيم القوارب والمراكب، وطلبوا من هواة الصيد عبر الصنارة التوجّه لمكاتب الشرطة البحرية لإصدار تصريح سماح الصيد.

ويشير لـ "الترا فلسطين" أنّ مبلغ 20 شيقل هو رسوم بطاقة تسري صلاحيتها لمدة عام، وتجدد بشكل سنويّ، مبيّنًا أنّ الشرطة البحرية تمنح الحق لكل من يحصل على ترخيص، بالصيد بداخل المحافظة التي يتواجد فيها.

وعلم الترا فلسطين من مصدر في الشرطة البحرية أنّ نحو 320 من هواة الصيد عبر الصنارة، حصلوا على تراخيص للصيد منذ بداية شباط/فبراير الماضي.

 


اقرأ/ي أيضًا:

تدريبات البحر

الصيد لدى الجزائريين.. هواية وولع وهوس

سردين غزة غذاء لفقرائها.. ماذا عن الصيد الجائر؟