27-أغسطس-2017

شهد سكان قطاع غزة حدثًا فُقدت ملامحه من ذاكرتهم منذ سنوات، فقد دبّت الحياة من جديد في أقدم دار عرض سينمائيّ بغزة، بعد إغلاقها لأكثر من ثلاثة عقود، بافتتاح أوّل فيلم يُعتبر من أطول الأفلام الروائية الفلسطينية بمدة تتجاوز 120 دقيقة.

فيلم "عشر سنين" عُرض في أوّل سينما فُتحت بغزة منتصف القرن الماضي، كمحاولة لإحياء السينما الغائبة

وقال منظمو الفيلم، إن العرض يأتي كمحاولة لإعادة إحياء السينما بغزة، وقد تم اختيار سينما السامر بالذات كونها أول سينما افتتحت في القطاع عام 1944. فلأول مرّة منذ الانتفاضة الأولى عام 1987، جلس حوالي 120 حوالي 120 فلسطينيًا من الجنسين، أمام شاشة العرض، لمشاهدة الفيلم الروائي "عشر سنين"، والذي يتناول معاناة الأسرى في سجون الاحتلال.

اقرأ/ي أيضًا: دُور السينما الفلسطينية.. لم يبق إلا الأسماء

مخرج الفيلم، علاء العالول قال لـ "الترا فلسطين" إنّ فيلمه أعاد الحياة للسينما بغزة بعد أن كانت معدومة. مشيرًا إلى أنّ غزة التي توفّرت فيها السينما منتصف القرن الماضي، تستحق أن تراها بعد طول غياب، في 2017. وأضاف أنّ اختيار مكان عرض الفيلم، رسالة للعالم بأنّ غزة تستحق أن يكون لديها دور سينما. متمنيًا أن يشارك فيلمه في مهرجانات عربية ودولية.

عدم توفّر الكادر النسائي بين الممثلين، والاستديوهات، وآلات التصوير، وبالطبع انقطاع الكهرباء، من أهم عراقيل الإنتاج

عدم توافر كادر نسائيّ بين الممثلين، يعد واحدًا من أهمّ العوائق التي واجهت إنتاج الفيلم، فيقول العالول إنّ اختيار الكادر النسائيّ للفيلم مرّ بعدة مراحل، فالجولات الاختبارية السبع، استمرت مدة شهر ونصف.

الممثلة آية أبو سلطان التي درست الصحافة والإعلام في جامعة فلسطين، جسّدت دور محامية في الفيلم، تدافع عن شقيقها الذي اعتقله الاحتلال الإسرائيليّ، تقول لـ "الترا فلسطين" إنّ قرار التمثيل ذاتيّ، وتمّ بتشجيع من عائلتها.

اقرأ/ي أيضًا: بينما نلهو.. "إسرائيل" تصنع مجدًا!

وأشارت إلى أنها ستواصل تجربتها التي وصفتها بـ "المرنة الصعبة"، وإلى أهميّة "تعدد العنصر النسائي بالفيلم الذي أضفى نوعًا من التميّز على "عشر سنين"، وفق قولها.

آية، لم يسبق لها أن درست السينما أو المسرح، لكنّها تقول إنّها أدّت "بكل احتراف" الدور المطلوب منها في الفيلم، فكانت امرأة قوية الشخصية، هدفها إظهار براءة شقيقها، الذي سجنه الاحتلال الإسرائيلي.

الفيلم من إنتاج "كونتينيو برودكشن فيلمز"، وصوّرت أحداثه في القطاع، بمشاركة 17 ممثلًا وممثلة

وتدور قصة الفيلم حول معاناة الشاب أشرف داخل سجون الاحتلال، بعد اعتقاله أثناء عمله في الداخل الفلسطينيّ المُحتل، فيقول المُخرج العالول إنّ أحداث الفيلم تدافعت لتصل إلى أنّ إسرائيل تدّعي أنّها دولة قانون، لكن في الواقع هي لا تفهم سوى لغة القوة، ولا تجيد سوى الظلم وانتهاك حقوق الإنسان في قطاع غزة بشكل خاص.

المُحاضر في الجامعة الإسلامية، محسن الإفرنجي، رأي في الفيلم عملًا رائعًا، رغم الانتقادات أو الضعف في نصفه الأول، فهو أظهر حقيقة المجتمع الإسرائيلي غير المتجانس وأوجه الصراع داخله، وعرض الفلسطينيّ المُحب للحياة، وأنّ ظلُم الاحتلال هو ما يدفعه للموت.

وأبدى إعجابه بوجود "بطلة الفيلم" وليس "بطل الفيلم" كما يحدث عادة، في معظم الأفلام الفلسطينية.

اقرأ/ي أيضًا: بشار إبراهيم.. الأمل معلّق بالسينما المستقلة

وبحسب تقرير أورده موقع "المونيتور"، فقد عرف قطاع غزة دور السينما في النصف الثاني من أربعينيّات القرن الماضي، ابتداءً بسينما الخضراء في حيّ الشجاعيّة، وفي بداية الخمسينيّات غيّرت مكانها واسمها ليصبح "سينما السامر"، ثم تبعها افتتاح سينما الجلاء والنصر وعامر الصيفيّة.

ومع الاحتلال الإسرائيلي للقطاع، توقفت دور السينما عن العمل، وعادت بداية السبعينات. ومنها سينما صابرين والسلام والحريّة في رفح، والحريّة في خانيونس، وسينما الشاطئ قرب معسكر الشاطئ للّاجئين، ثم عادت للتوقف مع بداية الانتفاضة الأولى.

سينما السامر، وهي أوّل سينما تأسست في قطاع غزة، افتتحت عام 1944 على يد رئيس بلدية غزة رشاد الشوا، الذي قام بتجهيزها، وكانت الأفلام المعروضة مصرية في البداية.

وبالقرب من "السامر" لا تزال سينما "النصر" متروكة كما هي بلافتة تشير إلى حروف بالإنجليزية، فهذه السينما لم يتبق منها سوى لافتة تشير إلى اسمها، وجدران سوداء مهجورة منذ عقود من الزمن، حيث كانت من أكبر دور السينما في قطاع غزة.

اقرأ/ي أيضًا: فيديو | سينما العاصي.. من ياسمين إلى الأنقاض

ويقول أستاذ التاريخ سليم المبيض، إنّه ومع بداية سبعينيّات القرن الماضي، وصل عدد دور العرض السينمائية في قطاع غزة إلى 10 دور سينما، حيث شهدت تلك الفترة صعودًا قويًا للأفلام المصرية، رافقها ازدهار كبير للجمهور المتزايد. فكانت السينما وجهة الباحثين عن الترفيه، بالرغم من كل دعاوى التحريض، تلك الفترة تميّزت بالفصل في أماكن جلوس الرجاء والنساء، وبتخصيص أماكن للعائلات.

ومع بداية الانتفاضة الأولى عام 1987، وما تبعها من أوضاع أمنية غير مستقرة في قطاع غزة، توقفت دور السينما عن فتح أبوابها"، واستمرّ هذا الوضع إلى عام 1994، حيث قررت السلطة الفلسطينية إعادة افتتاح بعض دور السينما في غزة، ومن بينها سينما "السامر" و"النصر"، غير أنّها تعرّضت للحرق، وظلّ الإغلاق سيّد الموقف.


اقرأ/ي أيضًا:

بالصور: سينما جنين.. هكذا كانت ثم أصبحت أنقاضًا

الدراما الفلسطينية.. إخفاقاتها وآمالها

بعد غياب رُبع قرن.. المُعلّم الفلسطيني يعود للكويت