10-أغسطس-2018

شُبان يقفون قرب أنقاض مبنى المسحال حاملين لافتة باسم المركز - تصوير عطية درويش

لم تتم "المقابلة" رغم أن ترتيباتها وصلت إلى المراحل النهائية، ولن يحظى الجمهور في قطاع غزة بـ"إبرة بنج" التي كانوا ينتظرونها أواخر شهر آب/أغسطس الجاري، بعد أن سوّت صواريخ الاحتلال المبنى الذي كان مقررًا أن يحتضن كل ذلك بالأرض، خلال جولة تصعيد تُعتبر الأعنف منذ أربع سنوات بين المقاومة في قطاع غزة والاحتلال الإسرائيلي.

بعد أن أكمل 11 عامًا من عمره، تحوّل مبنى مؤسسة  "سعيد المسحال للعلوم والثقافة" غرب مدينة غزة إلى رماد، في رمشة عين، نتيجة قصفه بصاروخين حربيين وسبعة صواريخ استطلاع، يوم الخميس، في الوقت الذي كان فيه المخرج علي أبو ياسين قد أنهى وضع الديكورات في قاعة العرض المسرحي من أجل عرض مسرحية "المقابلة"، قبل أن يُقرر تأجيلها بسبب التصعيد في غزة، ثم يُقرر الاحتلال إلغاءها بالكامل بعد قصف المبنى وتدمير كل شيء.

 

 

"إبرة بنج" مسرحية شبابية بامتياز للمخرج إدريس طالب (27 عامًا)، تتناول بشكل ساخر في سبعين دقيقة مشاكل البطالة وانقطاع المياه والكهرباء وإغلاق المعابر، كان الجمهور في قطاع غزة ينتظر عرضها ثالث ورابع أيام عيد الأضحى في المبنى المدمر. والآن ذهبت التدريبات التي قضى الشبان وقتًا طويلاً فيها هباءً، كما ذهبت أيضًا ديكورات ومعدات المخرج علي أبو ياسين.

"المقابلة" و"إبرة بنج" مسرحيتان كان يُنتظر عرضهما في مؤسسة سعيد المسحال هذا الشهر قبل أن ينسف الاحتلال المبنى

ورغم أن مبنى المسحال افتُتح عام 2006، إلا أن عُمر مؤسسة "سعيد المسحال" الثقافية يعود فعليًا إلى سنة 1996، وهي وفق رأي الوسط الثقافي في قطاع غزة الراعي الوحيد للنشاطات الفنية والثقافية في القطاع المُحاصر، وقصفها يعني إغلاق واحدة من نوافذ قليلة وصغيرة يتنفس من خلالها المُحاصرون في القطاع، ما أنتج حالة من الحزن الشديد والأسف، والصدمة أيضًا من استهداف موقع لا يعرفه الناس إلا بعيدًا عن شؤون الصراع والحرب.

 

 

 

 

 

 

 

 

خلّف القصف 18 إصابة بين من كانوا في المبنى الذي يضم أربعة طوابق، إضافة لطابق تحت الأرض يحتوي قاعة للدبكة الشعبية، وأخرى للعروض المسرحية والثقافية، ومقرًا للجالية المصرية في غزة؛ التي تُقدم الخدمات لآلاف الأمهات المصريات في قطاع غزة، وفق قول رئيسه عادل عبد الرحمن.

 

 

وأعلن جيش الاحتلال أن قصف المبنى تم بسبب وجود مكاتب لاستخبارات حماس والأمن الداخلي في غزة، وهو ما نفاه بشدة محمد المسحال مدير مركز "سعيد المسحال"، مؤكدًا أن المركز يضم مكاتب للمؤسسة وقاعات تابعة لها، إضافة لمقر الجالية المصرية، ولا وجود لأي مكاتب أو نشاطات حزبية أو أمنية فيه.

وقالت مؤسسة "المسحال" في بيان لها بعد الغارة، إن كونها مركزًا هامًا من مراكز التنوير والتثوير الحضاري، أثار إفرازات الغدد العدائية عند المحتل الذي يدعي بأنه الوحيد في المنطقة الذي يمتلك مقومات الفعل الحضاري الانساني، وهو ما دفعه إلى قصف مبنى المؤسسة".

 

 

وتنفي مصادر محلية أيضًا رواية الاحتلال، مؤكدة أن منطقة المركز تخلو بشكل كامل وعلى الدوام من أي وجود أو نشاط أمني غير اعتيادي، حتى في أيام الأعياد والمناسبات.

وأعلنت وزارة الثقافة أنها ستتوجه إلى "اليونسكو" من أجل "متابعة الأفعال الهمجية للاحتلال بقصف مؤسسة سعيد المسحال الثقافي بغزة ومحاكمته دوليًا". فيما أدانت حركة الجهاد الإسلامي العدوان الذي قالت إنه "يفضح تمامًا نوايا الاحتلال وإرهابه، ويكشف محاولاته النيل من الهوية الثقافية الوطنية والقومية".

فيما رأت حركة حماس أن استهداف المركز "هو محاولة إسرائيلية لتخريب الجهود المصرية في قطاع غزة، وهو سلوك همجي، ينتمي لعصور التخلف التي تحارب الثقافة بالنار والبارود".