18-سبتمبر-2018

صورة أرشيفية: الطالبة راما النجار (11 عامًا) في أحد عروض مدرسة سيرك نابلس

لن يكون بإمكان مدينة نابلس، أن تستقبل فعاليات سيرك عالمي يُرتقب أن تبدأ فعالياته نهاية شهر أيلول/سبتمبر الجاري في الضفة الغربية وقطاع غزة، وذلك بعد أن رفضت استقباله، المؤسستان المؤهلتان لذلك.

وكشف مدير مدرسة سيرك نابلس محمد الشافعي عن فشل محاولات الترتيب لإقامة السيرك في نابلس، وذلك خلال منشور له على "فيسبوك"، قال فيه: "مهرجان السيرك في فلسطين سيُنظم بالتعاون بين مدارس السيرك في الضفة الغربية وغزة وفرق عالمية. وقد أولى منظمو المهرجان أهمية لموقع نابلس الثقافي المميز وجعلوا ضمن خططهم أن يقام فيها عرض سيرك عالمي مقدم من فرقة XY الفرنسية، وهي من أشهر الفرق الأوروبية على نطاق العالم. مع العلم أن هذه الفرقة تراعي بكل المقاييس الثقافة الفلسطينية، إذ شاركت في نابلس العام الماضي في عرض بباب الساحة ضمن أيام السيرك في نابلس".

بلدية وجامعة النجاح رفضتا استقبال فعاليات سيرك عالمي في ساحات تابعة لهما

وبين الشافعي أن مدرسة السيرك في نابلس، ومدرسة سيرك فلسطين، راسلتا المؤسستين اللتين تملكان المكان والمساحة التي تليق بعرض عالمي، فكانت الردود كما يلي: "ما بنقدر نستقبلكم بلاش حد يوقع ويتكسر". "وضع البلد ما بسمح ينعمل فيها عرض سيرك". "الوضع الداخلي مخربش آسفين ما بنقدر نستقبلكم".

اقرأ/ي أيضًا: مشهد نابلس الثقافي: تاريخ من ذهب وحاضر يرثى له

وأفاد الشافعي، أنه نظرًا لعدم وجود مكان آخر في نابلس لاستقبال العرض، فقد قرر المنظمون نقل العرض إلى مدينة أخرى، مبينًا أن التواصل امتد لأربعة شهور مع المؤسستين، دون تحقيق أية نتيجة إيجابية. وأضاف أن التعقيدات ازدادت منذ حوالي سنتين.

وقال: "القرارات التي يتخذها رؤساء المؤسسات في نابلس لن تعمل إلا على زيادة التجهيل وإخراجها من المشهد الثقافي. وهذه وجهة نظر الكثير من العاملين في المجالات الثقافية. نابلس إلى الآن لا تملك مسرحًا عامًا يخص المدينة، ولا تمتلك قصرًا ثقافيًا أسوة بباقي المدن".

وبحسب الشافعي، فإن تاريخ السيرك في فلسطين ليس بعيدًا، ففي التسعينات كان يتم إحضار فرق سيرك من روسيا مع خيامها لتقيم العروض في الضفة وكانت مدفوعة، وتوقف ذلك عندما اندلعت الانتفاضة الثانية. ويتابع، "المدارس الفلسطينية للسيرك انطلقت في سنة 2007 على شكل مجموعات شبابية، وفي عام 2009 أصبحت على شكل جمعيات مرخصة من السلطة الفلسطينية".

وأشار إلى أن تقويم المدرسة مليء بالفعاليات طيلة العام، إذ تقام العروض في المدارس، والمناطق المهمشة، ومناطق ج، ومع الأطفال ذوي الإعاقة، والأشخاص الذين يعانون من اضطهاد الاحتلال. كما أكد على وجود"نشاط سيرك في فلسطين ولاعبي سيرك محترفين ومواهب تستحق أن تحترم وتتبنى" وفق تعبير.

وتقدم المدرسة عروضًا في الخارج بشكل مستمر، مثل الدنمارك وألمانيا وفرنسا والنرويج والسويد وإيطاليا. كما تستقبل مدربين من مدارس سيرك محترفة في الخارج، لتدريب أعضاء المدرسة ومدربيها. وقال الشافعي: "نرسل العديد من طلبتنا إلى الدول في الخارج ليكتسبوا المهارات ويكونوا مدربين حتى يغنوا التجربة في فلسطين. التقدم الذي تحرزه المدرسة في عروضها لافت، مقارنة ببلد لا توجد به ثقافة السيرك".

الجهتان المقصودتان في حديث الشافعي بأنهما رفضتا استقبال السيرك، هما بلدية نابلس وجامعة النجاح. وعندما توجه الترا فلسطين إلى الجهتين أكد المسؤولون هناك على تواصل السيرك معهم بالفعل.

مدير العلاقات العامة في جامعة النجاح محمد الكوبري، قال إنه تم التواصل مع إدارة الجامعة ورفضت استقبال العرض "لأن متطلبات السيرك ليست موجودة في الجامعة، فالمكان مفتوح ليس كما في السيرك. والجامعة ليست لديها القدرة على تحمل الأعداد التي من المتوقع أن تحضر للسيرك. كما أن للجامعة نشاطات ستقام في المدرجات خلال تلك الفترة".

جامعة النجاح: متطلبات السيرك ليست موجودة في الجامعة

وتابع الكوبري، "الجامعة تستضيف فعالياتٍ ثقافية ولكن لدينا الكثير من الفعاليات المرتبة سابقًا. كما أن على الجامعة توفير إجراءات الأمان والأمور الفنية إن وافقت على استقبال هذا الحدث. الجامعة لها قوانينها ويجب أن تكون مسؤولة عن كل الفعالية في حرمها".

اقرأ/ي أيضًا: مكتبات مثقفي نابلس.. سيرة ضياع وتفريط

وسبق لجامعة النجاح أن استضافت أحداثًا ضخمة تخللها مشاركة آلاف المواطنين، وأبرز هذه الأحداث حفلات التخرج السنوية، وحفلات فنية وموسيقية. عندما سألنا الكوبري عن ذلك أجاب، "تكون هذه الفعاليات تحت إشرافنا. عند تحضيرنا لفعالية نضع لها خطة ونرتب مع الموظفين بحيث يتم تجنيد كل الجامعة لتعمل على معايير الجامعة في الترتيب لهذا الحدث. لم يكن سهلاً تجنيد الجامعة من أجل هكذا فعالية. وليست لدينا إمكانية لتجنيد موظفينا لهكذا أمر، فهذا ليس مؤتمرًا موضوعًا على الأجندة مثلاً. المفروض أن تكون هناك بدائل خارج الجامعة".

بلدية نابلس قدمت لنا مبررات مُشابهة إلى حد ما لرفض استقبال السيرك، وذلك على لسان مسؤولة ملف المراكز الثقافية في البلدية سماح الخاروف، التي بيّنت أن البلدية ترحب بكل فعالية ثقافية فنية هدفها الحفاظ على التراث الفلسطيني وحفظ الهوية الثقافية، لكن الجهات الفنية المشرفة على متنزه جمال عبد الناصر ارتأت أن المكان غير مناسب لعرض "بمثل هذه الاحترافية".

بلدية نابلس: ليس لدينا مكان مناسب لعرض بمثل هذه الاحترافية

وتابعت الخاروف، "نفضل أن يكون العرض بمكان مغلق، لأن منتزه جمال عبد الناصر ليس مؤهلاً لعرضٍ بهذا المستوى. كما أنه مكان عام ويأخذ طابعًا شعبيًا وجماهيريًا، ولا يمكننا توقع الأعداد التي ستتوافد للعرض، ومن الممكن أن يعجب البعض وأن لا يعجب آخرين".

وأضافت أنه في حال أراد السيرك تقديم العرض في مكان مغلق "ولدينا الإمكانيات فلا مشكلة لدينا من احتضانه".

يذكر أن المدرسة تأسست في الدوائر الحكومية عام 2011، لكن نشاطها بدأ عام 2006. وانطلقت فكرة المدرسة بمبادرة مجموعة من طلاب جامعة النجاح للعمل من أجل "خلق ثقافة السيرك في مدينة نابلس". وتراسلت المجموعة مع مراكز ومدارس السيرك في ألمانيا للحصول على الدعم المالي ولاكتساب المهارات لبدء تعليم السيرك في المدينة، ثم تمكنت المجموعة من استقطاب مدربين أجانب إلى نابلس، لبدء تدريب المدربين على مهارات السيرك. وتستقبل المدرسة أطفالا من عمر تسع سنوات فما فوق.


اقرأ/ي أيضًا: 

"باب الساحة" شاهد على حكايات نابلس

نابلس.. هبة العيون

نابلس.. مآذن تحكي تاريخًا