23-يونيو-2018

صورة توضيحية - (gettyimages)

وقفت الشابة ليلى العجوري أمام مرآة غرفتها متفقدة نواحي وجهها الذي ظهرت على بشرته بقع داكنة متفرقة، على غير طبيعته، قالت لنفسها: "معقول  مغشوش"! إذ قبل 6 ساعات من اكتشاف التغيير المفاجئ الذي حدث على بشرتها، كان وجهها خاليًا من أي بقع مشابهة.

كان هذا التغير، نتيجة استخدام العجوري لـ كريم "واقي الشمس للعلامة التجارية  vichy "، الذي اشترته عن طريق صفحة تختص بالجمال - كما يسميها القائمون عليها- عبر تطبيق التواصل الاجتماعي "سناب شات".

صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي في غزة تصطاد الشباب والشابات ببضائع مغشوشة

 لما رأت العجوري هذه البقع المقلقة، ذهبت إلى إحدى الصيدليات القريبة من منزلها شمال قطاع غزة، وعرضت الـ"كريم" عليها للتأكد من صحة العلامة التجارية المطبوعة على غلاف علبة الكريم،  فعرض الصيدلاني بدوره، المنتج الأصلي الموجود في صيدليته، وأوضح لها أن الـ"كريم" الذي بين يديها يختلف عن المنتج الحقيقي، ونهاها عن استخدامه لما رأى البقع التي شخصها بأنها "حروق بسيطة".

اقرأ/ي أيضًا: عائلات تعتاش على المسابقات الترويجية في "فيسبوك"

علمت العجوري أنها تعرضت للخداع، بعد أن أغراها سعر المنتج "50 شيقل"، ويساوي - تقريبًا - نصف سعر نفس المنتج الأصلي الذي يُباع في الصيدليات.

 تقول العجوري: "هذه المرة الأولى التي اشتري فيها منتجًا عبر هذه الصفحات، رغم عدم  ثقتي فيها، لكن التعليقات التي كانت ترفق مع المنتج من بعض المتابعين جعلتني أقع في الفخ أيضًا. لـمَّـا  عرفت أنهم مخادعين، صرت أعلق على الصفحة إنه منتوجاتهم مغشوشة، حتى تم حظر حسابي".

الخداع نفسه، مورس على الشابة دنيا العيلة من خلال صفحة تختص بالبشرة، على تطبيق "الإنستغرام"،  حين عرضت الصفحة إعلانًا  لمنتج "سائل غسول للوجه" يحمل العلامة التجارية العالمية "" sebamed.

عندما يُعلق من يتعرضون للخداع على صفحات عرض المنتجات المغشوشة يتم حظر حساباتهم

سعر هذا المنتح في الصيدليات يتراوح بين "50 – 60 شيقل" فيما كانت الصفحة  تعرضه بـسعر "30 شيقل"، مما دفع دنيا فورًا لطلبه من الصفحة.

اقرأ/ي أيضًا: سوشلجيات فلسطينيات.. هل سمعت بهن؟

تقول العيلة: "راسلت الصفحة حتى أحصل على المنتج، فحددولي مكان استلامه. وفي اليوم الثاني، ذهبت لهذا المكان وحصلت على المنتج". هذه الطريقة الخفية في التسليم  - وهي تُشبه ما حدث مع العجوري - لم تُثر انتباه دنيا إلا بعد أن علمت حقيقة المنتج، بعد أن جرّبته ووجدته يشبه إلى حد كبير "صابون غسل اليدين السائل" وفق وصفها.

وقبل أن تُدرك العيلة أنها تعرضت للخديعة؛ راسلت الصفحة وأخبرت القائمين عليها أنها لا تشعر بارتياح في استخدام السائل، فكان الرد: "يبدو أن المنتج، لا يتطابق مع بشرتك".

"نفس الرائحة والشكل لصابون اليدين"، تقول العيلة التي كانت كلما استخدمت السائل، خلال يومين من التجربة، تشعر بجفاف بشرتها وملمس غير مريح - بحسب وصفها -  ما دفعها لمراجعة إحدى الصيدليات التي يتوفر فيها المنتج، وهنا علمت أن هذا المنتج مغشوش.

تقول العيلة: "الصيدلاني أراني اللون الداخلي للمنتج، وأوضح لي آثار الاستخدام، وليس منها أبدًا جفاف البشرة (..) أخبرني أيضًا أن المنتج يتطابق مع كل أنواع البشرة، خلافـًا لرد الصفحة الكاذب حين راسلتهم".

توجهت العيلة إلى الـمحل الذي تسلمت منه المنتج، لكن صاحب هذا المحل قال لها إنه فقط وسيط، لا يعرف البائع ولا المشتري.

بعيدًا قليلاً عن الصفحات المختصة بـ"الجمال"، التقى الترا فلسطين في سياق بحثه ضحية أخرى  تعرضت لخديعة مشابهة، لكن هذه المرة  من صفحة تقول إنها تختص بالنظارات الشمسية.

اشترى الشاب عمر المدهون، نظارة شمسية، من صفحة تقول إنها مختصة بالنظارات الشمسية الأمريكية، ودفع ثمنها 150 شيقل لسائق السيارة الذي أوصلها له.

يقول المدهون، إن الصفحة ادعت أن النظارة لماركة 20/20 الأمريكية الشهيرة، وتحتوي على خاصية "Polaraizd" المضادة لأشعة الشمس الضارة، وهي تعرض في المحلات مقابل 100 دولار، مضيفًا أن جهله في خصائص النظارات جعله يصدق العرض.

لم يشعر الـمدهون بارتياح أثناء ارتداء النظارة في الشمس، بل وجد أن الرؤية خلالها تبدو قريبة كثيرًا من النظارات التي تُباع على البسطات في الشوارع مقابل "15 شيقل"، ما دفعه للذهاب إلى محل مختص في النظارات للتأكد منها، ليعلم حينها أن هذه النظارة لا علاقة لها بالماركة الأمريكية التي ادعتها الصفحة.

يقول  المدهون: " فوجئت من ذلك، ولما سألت المختص عن خاصية الـ  Polaraizd التي  قالت عنها الصفحة، رد أنها مجرد طلاء واضح على العدسات، أما في العدسات الأصلية فهي تكون من ضمن تكوين العدسة".

عندما حاول الشاب المدهون التواصل مع الصفحة، وجد أن حسابه قد تم حظره، ولم تعد تظهر الصفحة لديه.

تتذرع هذه الصفحات بأن سبب أسعارها المنخفضة هو عدم وجود مراكز لها، وأنها لا تدفع ثمن إيجار، هو الأمر الذي يكون سببًا في رفع سعر المنتج لدى المحلات التي تبيع بشكل تقليدي، وهذا جعل كثيرًا من ضحايا هذه الصفحات يصدقون أنها تبيع بالفعل ماركات عالمية.

علي بخيت، المختص بمواقع التواصل الاجتماعي، قال لـ الترا فلسطين، إن هذه الصفحات تنتشر بشكل كبير، وتختص كثيرًا بالكماليات الشخصية والجمال، لسهولتها في البيع، وأن تكاسل الشخص عن البحث حول الصفحة يكون سببًا في خداعه.

أغلب المنتجات المغشوشة المعروضة في صفحات غزية على مواقع التواصل تتعلق بالجمال والكماليات الشخصية

الترا فلسطين توجه بالشهادات التي حصل عليها إلى عدة جهات رسمية، لمعرفة إن كانت هناك آلية عملية لمتابعة أعمال الغش هذه. إحدى هذه الجهات كانت دائرة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد، حيث أجابنا رئيس الدائرة فارس شحادة مبينًا أن عمل دائرته يقتصر على الأرض فقط، "ولا يمكننا أبدًا، متابعة هذه الصفحات، لأنها ليست من اختصاصنا" وفق قوله.

تواصلنا مع الشرطة في غزة، فأكد لنا الناطق باسمها، المقدم أيمن البطنيجي، وصول شكاوي حول  حالات خداع مشابهة قائلاً إنه يتم التعامل معها فورًا، لكنه بيّن أنه ليس هناك جهاز يختص بمراقبة هذه الصفحات، إذ قال: "إنه ليس هناك متابعة مباشرة لهذه الصفحات، ونعتمد في تعاملنا مع  هذه الحوادث، على الشكاوى التي يقدمها المواطنين، و دونها لن نستطيع فعل شيء".

ويمتنع كثيرون عن تقديم شكاوى رسمية لدى الشرطة، ويكتفون بتجنب الوقوع في أفخاخ هذه الصفحات مرة أخرى، وهذا لا يزال غير كافٍ لوقف عمل هذه الصفحات، بل وتزايدها أيضًا، في ظل غياب الرقابة، وعدم تحرك الشرطة دون شكاوى رسمية مكتملة الأركان.


اقرأ/ي أيضًا:

شركات خاصة لاستغلال الفتيات في الضفة

مليونية يقودون عصابات الشيكات البنكية

السلطة الفلسطينية والفصائل سقطت في معركة الدبلوماسية الرقمية