22-أبريل-2018

صورة أرشيفية: بائع جرائد في شارع بمدينة غزة - تصوير محمد عابد (Getty)

تشهد الصحافة الورقية في قطاع غزة أزمة توزيع حقيقية في السنة الأخيرة، دفعت إدارة مجلة (28 الثقافية) إلى توديع عالم الصحافة الورقية والاكتفاء بنسخها الإلكترونية، على اعتبار أنها أقل تكلفة. ومقابل التوزيع المتدني للصحف الورقية، يصل التفاعل على صفحات تلك الصحف والمجلات على مواقع التواصل الاجتماعي إلى عشرات الآلاف المستخدمين، وقد يعد ذلك المستوى ضخمًا جدًا مقارنة بالتوزيعات الشهرية للصحف.

وتشير التقديرات إلى تراجع غير مسبوق في مستوى توزيع الصحف في القطاع الذي يعاني حصارًا اقتصاديًا خانقًا، فتوزيع الصحف الأربعة اليومية، والنصف أسبوعية في قطاع غزة (القدس - فلسطين - الرسالة - الاستقلال) تراجع إلى (184.500 ألف نسخة شهرياً- ناهيك عن المرجع) أي أقل من النصف تقريبًا.

توزيع الصحف اليومية والنصف أسبوعية في غزة تراجع لأكثر من النصف، رغم الإقبال القوي على صفحاتها في مواقع التواصل

وبات بالإمكان أن ترى أوراق الجرائد بين أيدي بائعي الفلافل، أو في استخدامات أخرى كتنظيف أسطح الزجاج، أكثر من أن تراه على رفوف نقاط التوزيع، أو بين أيدي القراء.

اقرأ/ي أيضًا: في هذه الظروف.. الكتاب آخر ما يُقتنى في غزة

وقبل إلقاء اللوم على الهواتف الذكية التي كانت غالبًا سببًا في الاستغناء عن متابعة الصحافة التقليدية، لابد من الإشارة إلى حقيقة تحديات التمويل التي تواجهها الصحف نتيجة تراجع مستوى الإعلانات، وكذلك مستوى التوزيع، في مجتمع تزيد فيه نسبة الفقر عن 65%، بينما نسبة البطالة قد تخطت حاجز الـ80%.

وفي محاولته لتفسير هذه الحالة، قال مدير تحرير صحيفة الرسالة محمد أبو قمر، "إن حالة الاهتمام بالقراءة التي كانت سائدة في السابق تراجعت بشكل كبير لدى جيل اليوم، بسبب توفر البدائل سواء من خلال التلفاز، أو المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي؛ التي تعد الأكثر تأثيرًا وفقًا لما أظهرته التقارير الأخيرة الخاصة بعادات المطالعة والمشاهدة".

وعلى الرغم من ذلك، فإن تقليص طباعة النسخة الورقية من صحيفة الرسالة يُرجعه أبو قمر إلى عاملين:  الأول تراجع مستوى الطلب على الصحافة المطبوعة بشكل عام؛ بسبب انتشار وسائل الاعلام الرقمي والإعلام الجديد. والثاني، متعلق بالأزمة المالية التي يمر بها قطاع غزة، وانعكاسها على كل المستويات والمجالات بما فيها الصحف.

تواجه صحف غزة أزمة في التمويل، بسبب تراجع الإعلانات، وتراجع التوزيع الذي يرتبط بالوضع الاقتصادي الصعب في القطاع

وأوضح أنه رغم تنوع الوسائل وتعددها، إلا أنه يبقى للصحف بعض المزايا التي تنفرد بها، مثل التحقيقات، أو المقالات والحوارات المطولة مع الشخصيات، إضافة إلى الانفوجرافيك والكاريكاتير. "وفيما يتعلق بصحيفة الرسالة، فهي تتخذ من باقي المنصات وسيلة لترويج المحتوى الخاص بها، إلى جانب الصحيفة المطبوعة"، كما قال.

اقرأ/ي أيضًا: صور | كتب وأدوات منزلية متجاورة في دار نشر بالخليل

وأقر أبو قمر بنسبة التراجع على مستوى التوزيع للصحيفة الورقية، ففي السابق كانت الصحيفة توزع 7 آلاف نسخة للعدد الواحد، لكن العدد انخفض إلى 2500 نسخة، ما يعني أن نسبة التوزيع انخفضت بأكثر من النصف.

من جانبه، أوضح موزع صحيفة القدس في قطاع غزة إياد الإفرنجي، أن مستوى توزيع الصحيفة بعد سماح حكومة غزة بإعادة توزيعها قبل نحو أربع سنوات تراجع بشكل كبير، حيث كانت تصل نسبة التوزيع في السابق إلى أربع آلاف نسخة، فيما اليوم بلغ مستوى التوزيع 750 نسخة يوميًا.

ولا يعلم الإفرنجي سبب هذا التراجع، غير أنه أشار إلى أنه في بداية السماح بإعادة توزيع الصحف اليومية ذات القطع الكبير، كان هناك تعطش من القراء لمطالعتها، ثم تراجع لاحقًا هذا الشغف.

وأشار إلى أن صحيفة فلسطين اليومية التي يتولى توزيعها في محافظة غزة، تعاني أيضًا من تراجع على مستوى التوزيع، لافتًا إلى أنه يوزع صحيفة فلسطين بمتوسط 1350 نسخة يوميًا، بعد أن كان مستوى التوزيع يصل إلى 3 آلاف نسخة يوميًا قبل سنوات قليلة ماضية.

أما صحيفة الاسقلال النصف أسبوعية، فتطبع 5 آلاف نسخة للعدد الواحد، بمعدل ثابت منذ ما يزيد عن عشر سنوات، وفق ما أفادنا به أحمد الشقاقي مدير تحرير الصحيفة.

ورغم ثبات مستوى التوزيع بالنسبة للاستقلال، إلا أن الشقاقي أكد أنهم يجدون صعوبة في تطوير مستويات التوزيع إلى سقف أعلى مما هو عليه الحال الآن، قائلاً: "المؤكد أن نسبة وصول الصحيفة الى الجمهور ارتفعت بأدوات مختلفة" في إشارة إلى مواقع التواصل الاجتماعي.

وأضاف، "فقدنا مساحة مهمة من نطاق توزيعنا بسبب موقف الاحتلال الذي يمنع توزيع الصحيفة في الضفة المحتلة، لكننا نحافظ على طاقم العمل من كتاب ومراسلين في محافظات الضفة".

الإعلام الرقمي أثرى الصحافة التقليدية وأسهم في الترويج لها، لكنه أيضًا يستند إليها في المصادر والأعمال

واتفق الشقاقي مع سابقيه حول حجم الأثر الذي ألقى به الإعلام الجديد على الإعلام التقليدي، إذ أكد أن الاعلام الرقمي أثرى العمل التقليدي وأضاف إليه المزيد من الخيارات التي أسهمت في الترويج له. أما مسألة تفوق الإعلام الرقمي، فاعتبر أنها تعود إلى تغير البنية الاتصالية للرسالة الإعلامية؛ "إذ أصبحت شبكات التواصل الاجتماعي نوافذ للوصول إلى المواقع الإلكترونية للصحف التي تقوم بدورها كذلك بنشر النسخ المطبوعة".

وتابع، "صحيح أن هناك رواجًا كبيرًا على المستوى الرقمي، لكن لا يمكن الحديث بشكل جازم أن قراءة الجرائد شهدت تراجعًا كبيرًا، خاصة أن من يملك ثقافة وعادة القراءة لا زال يحافظ عليها، وإن كان ذلك يشهد تراجعًا ملحوظًا".

ورأى الشقاقي أن الصحافة الإلكترونية تستند في عملها إلى الصحافة المطبوعة في كثير من أعمالها ومصادرها، "وبالتالي فإن الاختراق الذي وفرته الوسائل الإلكترونية في مسألة الدورية لم تستطع تجاوزه فيما يتعلق بمصدر المعلومة ودرجة الثقة بما تقدمه الصحافة المطبوعة" وفق رأيه.

يشار إلى أن صحيفة فلسطين توزع شهريًا  102 ألف نسخة، فيما توزع الاستقلال شهريًا 40 ألف نسخة، وتوزع صحيفة القدس 22.500، فيما توزع صحيفة الرسالة 20 ألف نسخة شهريًا.


اقرأ/ي أيضًا:

صور | الكاريكاتير يحاول فرديًا مواكبة مسيرات العودة

بائع يكتب عن بائع

صور | خالد زياد.. كومكس في غزة