11-أبريل-2021

صورة توضيحية - gettyimages

مقال رأي |

الدكتور مجاهد نزال، إنسان حقيقي، والصور لم تنقل إلا جانبًا بسيطًا من شخصه وفكره وعمقه وحبه للبلد وأهلها.

ما نشره الطبيب ليس خبرًا؛ إنه "محتوى"، وإن كان لا بد من طرح سؤال "غياب الزمن" فيجب أن يطرح على وسائل الإعلام التي نشرت الفيديو من دون أن تهتم به

الأسئلة التي تُثار حول نشر فيديو "إنقاذ الطفلة في بلدة قباطية" أعتقد أنها خارج السياق، وخلفها أمور وحساسيات كثيرة، بل إن جزءًا كبيرًا منها لا يؤسس لمنطلقات فهم ووعي مطلوبة في حياتنا.

اقرأ/ي أيضًا: والدة الطفلة المختنقة: الحادثة قديمة ولم تُطلب موافقتنا على النشر

ما نشره الطبيب ليس خبرًا؛ إنه "محتوى"، ونحن اليوم في "عصر المحتوى" الذي ينشره الناس وتتلقفه وسائل الإعلام. وبالتالي لا يجب أن نتعامل مع ما نشره الطبيب على أنه خبر صحفي وفق معاييرنا نحن أصحاب المهنة.

إن كان لا بد من طرح سؤال "غياب الزمن" فيجب أن يطرح على وسائل الإعلام التي نشرت الفيديو من دون أن تهتم به، علمًا أن الزمن في هذا الفيديو بصفته "محتوى" ليس سؤالاً مركزيًا، فالقيمة الإنسانية هي الغالبة فيه، كما أن الفيديو لا يحمل أي إشكالية تجعل من سؤال الزمن سؤالاً مركزيًا يمنحنا جانبًا من فهم القصة.

هناك قيمةٌ أكبر يفترض أن يمثلها "المحتوى"، وهو ما يجعله صالحًا للنشر حتى بعد مرور الزمن عليه

وبالتالي مسألة أن الفيديو قديم، هذا سؤال الصحفيين الذين يهتمون عند النشر بالزمن، فنحن نكتب عن الزمن بصفته سؤالاً هامًا في الكتابة الصحافية. أما عند نشر المحتوى من النشطاء أو المواطنين العاديين فلا يكون سؤال الزمن هامًا.

اقرأ/ي أيضًا: مؤسسة رسمية إسبانية ساعدت الموساد للتحقيق سرًا مع الصحافي معاذ حامد

هناك قيمةٌ أكبر يفترض أن يمثلها "المحتوى"، وهو ما يجعله صالحًا للنشر حتى بعد مرور الزمن عليه. ومن نافلة القول؛ التأكيد أن جانبًا كبيرًا من المحتوى الذي نطالعه ونتشاركه على الشبكات منشورٌ منذ زمن أو منقولٌ من كتب أو صحف أو مجلات قديمة، واليوم تجري له عملية انتقاءٍ واختيارٍ ووضعه ضمن أسلوب جديد ضمن ما يسمى "المحتوى".

عموم الناس مسها الفيديو، الذي لا يكشف إلا الحدث، لا الشخوص، تناقلته بطريقة فيروسية، وهذا طبيعي جدًا ومفهومٌ ومبرر. لكن ما لا نعرفه وما لا نراه هو كيف يستهلك الناس هذا الفيديو في ضوء مجتمع شرقي ومحافظ وعلاقات اجتماعية وعائلية معقدة في سياق مدننا وبلداتنا.

النقاش هنا يجب أن يترفع قليلاً ويدخل عميقًا صوب حياتنا المحاطة بكاميرات المراقبة، ومصدرها أطراف كثيرة

أما مسألة انتهاك الخصوصية فهي موضوع هام، والنقاش هنا ليس في مسألة نشر الطبيب الفيديو من عدمه، وهو أمر يستحق النقاش الجاد، رغم أن المحتوى هنا لا يكشف هوية أحد بشكل مطلق.

النقاش هنا يجب أن يترفع قليلاً ويدخل عميقًا صوب حياتنا المحاطة بكاميرات المراقبة، ومصدرها أطراف كثيرة: (الاحتلال، الجهات الرسمية الفلسطينية، المؤسسات الخاصة، الفلسطيني الخائف) التي هي فعليًا تنتهك خصوصياتنا: من الكاميرات حول المقرات الأمنية إلى البنوك والمحلات التجارية والمنازل الخاصة. وهذا أمر لم يحدث فيه نقاشٌ جديٌ، رغم أن العالم يعج بالحركات المطالبة بزوال حالة "الرقابة السائلة".

لكن للأسف، لا يذهب النقاش إلى هذا الباب أبدًا. الناس تريد وتحب الدخول في "طوشة"، وتعاند وتقاوم الدخول في حالة تفكير ووعي ونضال حقيقي من أجل حياتنا.

أخيرًا، يعطيك العافية د. مجاهد نزال.


اقرأ/ي أيضًا: 

الحق في المجهولية

زمنٌ إعلاميٌ رديء