14-أكتوبر-2017

بعد عصر كل يوم، تجمع ألماظة زعرب (11 عامًا) أطفال منطقة "بطن السمين" لتلعب معهم لعبة المعلمة والتلاميذ، فتضع لهم الأسئلة حسب مرحلتهم التعليمية، وتنصحهم بأن اللعب لا ينفعهم، وأن الدراسة أهم منه.

ألماظة لا تملك ثيابًا للمدرسة، فترتدي ثياب ابنة خالتها، تقول إنها تتمنى أن تصبح يومًا مهندسة، وأن التعليم هو الحل الوحيد للتخلص من سوء الحياة في بطن السمين، التي كانت بيئتها السيئة قد طرحتها في الفراش شهرًا كاملاً، وهو ما حدث لأختها أيضًا.

100 عائلة تسكن في بطن السمين التي تحدها مقبرة ومكب نفايات للحيوانات ومخلفات المستشفيات

وتعد ألماظة ابنة واحدة من 100 عائلة تعيش في بطن السمين، بعيدًا عن أنظار العالم بين تلالٍ مرتفعة، تحدها من جهة مكب نفايات، ومن جهة أخرى مقبرة يخاف الأطفال عند مرورهم بجوارها إلى المدرسة، هذه التي أصبحت المتنفس الوحيد لأطفال المنطقة، والتعليم فيها نافذتهم إلى حياة أفضل، ولو بعد حين.

ضحى حنيدق (10 أعوام) طفلة أخرى من الحي، تجلس كل يوم مع إخوتها لكي تدرس وتنهي واجباتها المدرسية، فهي تحب أن تقضي وقتها بالدراسة بدلاً من الاندماج مع أطفال المنطقة، محاولة التغلب على الروائح الكريهة وانتشار الذباب حولها. وتتمنى ضحى أن تصبح يومًا طبيبة لتعالج والدها والناس.

أما أختها سجى (8 أعوام) فوصفت حالتهم عند الذهاب الى المدرسة قائلة: "أذهب بخوف وأرجع الى المنزل مرعوبة، لأننا نذهب من طريق المقبرة، وترافقني صديقاتي إلى حين الدخول إلى المدرسة، ودائما يسألوني لماذا لا تذهبي معنا في الحافلة، وأقول لهن بأني أعيش بعيدة عنهن".

سوزان حنيدق سيدة تسكن في بطن السمين، تقول إنها تولي تعليم أبنائها ومتابعة الدروس معهم اهتمامًا خاصًا، وتعرب عن أملها في أن يكون أبناؤها أشخاصًا ناجحين ويحققوا الفائدة للمجتمع، والفخر لها، مضيفة أنها تتغاضى عن الظروف البيئية السيئة المحيطة بهم.

وتقول سوزان لـ"ألترا فلسطين": "أتمنى أن أي أحد ينظر لنا بعين الرحمة والرأفة من هذه المنطقة التي نعيش فيها رائحة كريهة من مخلفات المستشفيات والحيوانات الميتة التي ترمى هنا، عيشة مهينة للغاية".

وتشير سوزان إلى أن أطفالها يذهبون إلى المدرسة عند الساعة السادسة صباحًا، ويسلكون طريق المقبرة، ما يثير خوفهم ويُجبرها وزوجها على مرافقتهم، فيما يتزامن موعد انصرافهم من مدرستهم في أحيانٍ كثيرة مع موعد دفن الجنازات، فيخافون من رؤية الموتى ومراسم الدفن ولحظات بكاء الفاقدين على ذويهم.

وأصبحت بطن السمين في خانيونس مأوى لأفقر العائلات في قطاع غزة المحاصر، إذ لا تستطيع هذه العائلات دفع إيجارات المنازل بسبب ضيق حالها، ما دفعها للسكن في المنطقة التي تعد مكرهة بيئية وتسبب أمراضًا خطيرة لهذه العائلات على الدوام.


اقرأ/ي أيضًا: 

غزة: عائلات تجاوز تجمعات الصرف الصحي هربًا من الغلاء

وطي صوتك.. كل غزة سمعاك

أهل غزة للإسرائيليين: المجاري علينا وعلى أعدائنا