21-أكتوبر-2017

"من ليس له تاريخ، لا يوجد له هوية في العالم". من هذا المبدأ انطلق عبد الرحيم الزريعي(23 عامًا) متجولاً في قطاع غزة من شماله إلى جنوبه، مشيًا على الأقدام أو بالدراجة الهوائية، يمشي بين الشوارع الواسعة وفي الأزقة الضيقة، يبحث فيها محاولاً استكشاف تاريخ فلسطين من أبسط الزوايا، ومن تفاصيل حجارتها القديمة.

ويقضي الزريعي وقت فراغه باحثًا في الأماكن الأثرية عن ما لا يعرفه الناس، ولا تذكره إلا الكتب، وربما لا تذكره أحيانًا، ليتولى بعد ذلك نقل مشاهداته إلى صفحته على "فيسبوك"، مشيرًا إلى مواقع هامة يمر عنها الكثيرون دون أن يعرفوا شيئًا عنها.

تصوير الآثار وتدوينها على مواقع التواصل، محاولة يقوم بها الرحالة عبد الرحيم الزريعي لحماية الآثار من النسيان مع الزمن

"ألترا فلسطين" رافق الزريعي في إحدى جولاته، قال لنا إنه تجول في 60% من الأماكن في قطاع غزة، وزار مناطق أثرية مختلفة مثل قلعة برقوق في خانيونس، ومقام الخضر، وتل أم عامر، وتل السكن، في منطقة الوسطى بمدينة دير البلح، ومتحف قصر الباشا في غزة، وسباط كساب، وسباط العلمي، وسبيل الرفاعية.

ويضيف الزريعي، "الكثير من شبابنا لا يعرفون عن المواقع الأثرية، لذا أحببت أن أقوم بالتجول والتدوين، بالإضافة الى أن المؤرخين يتوفون والتاريخ والآثار تندثر، فأنا أحاول أن أعيد تدوينها وإزالة الغبار عن الآثار عبر مدونتي رحال غزة".

ومن بين المواقع الأثرية التي زرناها برفقة الزريعي، كان المسجد العمري الكبير، الذي أخبرنا عنه قائلاً إن عمره يزيد عن أربعة آلاف عام، وقد مر بثلاث ديانات عبر فترات مختلفة، وهي الديانة الوثنية حيث كان معبدًا، ثم الديانة المسيحية حيث تحوّل إلى كنيسة، وفي عهد الفتوحات الاسلامية أصبح مسجدًا وأُطلق عليه اسمه الحالي".

اقرأ/ي أيضًا: تجوّل في أرضك تمتلكها

ويتكون المسجد العمري من ثلاثة أروقة، إضافة لساحة كبيرة في الخارج تطل على سوق عمر المختار، والمتوضأ، والمكتبة في الجهة الغربية، وقد بلغت مساحته الإجمالية 4100 متر تقريبًا.

سبيل الرفاعية في المدينة القديمة بغزة، موقع آخر توجهنا إليه برفقة الزريعي. قال عنه: "في عهد السلطان عبد الحميد الثاني تم تجديد السبيل مرة أخرى سنة (1318هـ /1900م)، وتشهد على هذا التجديد أبيات شعرية نقشت على جدران السبيل، وتعلوها طغراء عبد الحميد الثاني".

ويضيف، "بُني السبيل من الحجر الرملي الصلب، وشكله الهندسي المعماري عبارة عن عقد مدبب على جانبيه مكسلتان، وبينهما ثلاث فتحات بارزة للمياه في وسط إطار مربع، وكانت تلك الفتحات مزودة بأقصاب لسحب الماء من حوض السبيل لإسقاء الناس".

ويوضح جمال أبو ريدة، مدير عام وزارة الآثار في غزة، أن هناك مبادرات عديدة لزيارة الأماكن الأثرية في غزة، بعضها كانت لمدارس ومؤسسات، مضيفًا، "أقمنا معارض وزوايا أثرية في المدارس للتعرف على القطع الصغيرة من الآثار، ونشر الثقافة الأثرية".

ويشير أبو ريدة إلى أن وفودًا أجنبية تهتم بالآثار، تعاونت مع الوزارة في زيارة المناطق الأثرية في قطاع غزة لتوثيقها، مشددًا على أهمية تفعيل اهتمام الشباب الآثار والتدوين عنها، لحمايتها والحفاظ عليها كجزء من الذاكرة الوطنية الفلسطينية.


اقرأ/ي أيضًا: 

"متملازمة الأدراج" تهلك آثار نابلس

الظاهرية.. غنية بالآثار فقيرة بالزوار

بالصور: رحلة إلى بيت لحم.. عجائب فلسطينية