21-أغسطس-2020

جنود أردنيون على طريق القدس - بيت لحم عام 1967 (PIERRE GUILLAUD/Getty)

يستعدّ أهالي بلدة بيتا جنوب نابلس، وبالتنسيق مع السّفارة الأردنيّة لنقل رُفات يُرجّح أنها لجنديّ أردني استشهد في حرب 1967، بعد أن جرفت سلطات الاحتلال المكان الواقع غرب البلدة، قرب الشارع الرئيس، لشقّ طريق استيطاني بديل يمتد من حاجز زعترة إلى مفترق مستوطنة "يتسهار". 

القبر ما يزال في موقعه حتى الآن، تحت شجرة تين، يُعتقد أنه لجنديّ أردني أصيب برصاص الجنود الإسرائيليين في عام 1967، لكنّ هويته مجهولة

الترا فلسطين سأل رئيس بلدية بيتا فؤاد معالي عن حقيقة القبر الذي ما يزال في موقعه حتى الآن، تحت شجرة تين، فقال إنه لجنديّ أردني أصيب برصاص الجنود الإسرائيليين، لكنّ هويته مجهولة؛ فلا يُعرف اسمه أو رقمه أو أي وثائق تثبت هويته. 

اقرأ/ي أيضًا: بيتا للمستوطنين: تحلموش

وأضاف رئيس البلدية أنّ القبر ظل موجودًا منذ عام 1967 حتى يومنا هذا، لكن عندما بدأ تنفيذ مشروع الشارع الالتفافي الاستيطاني، قام الاحتلال بقطع شجرة التين التي كانت تظلل القبر، ما أدى لاختفاء معالم القبر، فقاموا بحفر المنطقة كاملة، إلى أن وجدوا القبر. 

قبرٌ يُعتقد أنه لجندي أردني، في بيتا جنوب نابلس 

وبيّن معالي أن نقل القبر احتاج لتنسيق مع السفارة الأردنية، ثم منحت السفارة توكيلًا للبلدية لنقله، ولكن في ظل ظروف كورونا يواجهون صعوبة في نقله إلى الأردن، لذلك سيتم دفنه مؤقتًا في بيتا لحين نقله إلى الأردن.

وتواجه بلدة بيتا الاستيطان عقب مصادرة جزء من أراضيها في الجهة الغربية لصالح شق طرق استيطانية، إذ بلغت مساحة الأراضي التي تم مصادرتها من البلدة ما يقارب 300 - 400 دونم، كما تم تقطيع شجر زيتون مثمر. 

ونقل حساب الجيش الأردنيّ على فيسبوك، عن مصدر مسؤول في القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية أن القوات المسلحة وبالتنسيق مع السفارة الأردنية تتابع منذ أيام حرص واهتمام أهالي منطقة بيتا التابعة لمحافظة نابلس للكشف عن هوية الشهيد المدفون في منطقتهم.

 

 

 

وأكد المصدر أن الظروف الصحية الراهنة المتمثلة بجائحة كورونا حالت دون نقل الجثمان في الوقت الراهن، وأن إجراءات نقله من موقعه الحالي إلى مقبرة بلدية بيتا جاءت للحفاظ على رفات الشهيد لحين التمكن وفي أقرب وقت من نقله إلى أرض الوطن، بعد القيام بعمل الفحوصات اللازمة لمعرفة هوية الشهيد.

قبرٌ يعتقد أنه لجندي أردني في بيتا

وأشار البيان إلى أن القوات المسلحة الأردنية نفذت عددًا من عمليات الترميم لكافة مقابر شهداء الجيش العربي وعملت على توثيقها وتحديدها لتبقى شاهدة على تضحيات الجيش الأردني خلال المعارك التي خاضها دفاعًا عن ثرى فلسطين.

القوات المسلحة الأردنية نفذت عددًا من عمليات الترميم لكافة مقابر شهداء الجيش العربي وعملت على توثيقها وتحديدها

ووفقًا للباحث في التراث الفلسطيني حمزة العقرباوي فإنه وعند دخول الاحتلال لمناطق الضفة الغربية، عام 67، حدثت فوضى وعدم وضوح للأحداث، وتبعًا لدلك حدثت بعض المعارك الأولى وانسحب مقاتلون عرب وبعض الأهالي إلى الضفة الشرقية (الأردن).

اقرأ/ي أيضًا: جبل العرمة: خبطة النبي إبراهيم والذهب والشجاع الذي مات خوفًا

وأضاف أنّ هذا الانسحاب ترافق مع أحداث مؤلمة، كالموت أو ضياع بعض المسافرين إذ استعان بعض الجنود من الجيش العربي بأهالي القرى الواقعة على حدود المنطقة الشرقية لإرشادهم لطريق الأغوار ونهر الأردن.

وبيّن أنه كان من ضمن ذلك مجموعات كبيرة من المقاتلين الأردنيين والجيش الأردني، الذين عبروا من منطقة نابلس وطولكرم ورام الله والمناطق القريبة لعقربا الغور. 

أما بخصوص المقابر المنتشرة في مناطق واسعة بالضفة الغربية، فأوضح العقرباوي أن هناك مقبرة في نابلس، وهناك قبر على طريق حاجز حوارة وآخر قرب بيتا، وهناك قبور في بيت لحم عند جسر بيت ساحور، وعشرات القبور المنتشرة، بعضها معروف وبعضها مجهول لمقاتلين وجنود من الجيش الأردني أو لمسافرين عابرين نحو نهر الأردن.

ويشير العقرباوي إلى منطقة تسمى "أسياد ترمس" شرق عقربا، والتي تضم العديد من قبور تلك الفترة، لافتًا إلى أنّ الاهتمام بهذه القبور وإعادة توثيق تاريخها جاء متأخرًا في ظل عدم توفّر مراجع أو مصادر مكتوبة حول هذه القبور، لذلك ظلت مجهولة وضائعة النسب والهوية.

وفيما يتعلق بالقبر في بيتا، يبيّن العقرباوي أن "الرواية الشفوية تقول إنه كان بلباس مدني، لكنهم يعتقدون أنه من الجيش العربي الأردني، لأنه لم تعرف هويته من قبل أهالي المنطقة وهذه الرواية تحتاج إلى تدقيق، لأنه بلباس مدني وبالتالي يمكن أن يكون مواطن عادي مهاجر من أحد المدن أو القرى باتجاه الضفة الشرقية من الأردن، أو قد يكون تاجرً أو مسافرًا انقطعت به السبل، وقتله الاحتلال. 

الرواية الشفوية تقول إنه كان بلباس مدني، لكنهم يعتقدون أنه من الجيش العربي الأردني، لأنه لم تعرف هويته من قبل أهالي المنطقة

كما أن رواية أن يكون جنديًا أردنيًا من الممكن أن تكون صحيحة لأن الروايات الشفوية تقول إن الجيش الإسرائيلي كان يقتل أي شخص بلباس عسكري أردني، الأمر الذي جعل المقاتلين في الجيش الأردني يستبدلون لباسهم بلباس مدني من أهالي القرى والمدن التي يمرون بها، ليتمكن الجندي من اللحاق بكتيبته العسكرية وزملائه في الضفة الشرقية من نهر الأردن. 

اقرأ/ي أيضًا: معركة الواد الأحمر.. شهداء نُسيت أسماؤهم

ويؤكد العقرباوي أنه حتى اللحظة ليس هناك أي معلومة مؤكدة وثابتة حول حقيقة القبر الموجود تحت شجرة التين التي اقتلعها الاحتلال غرب بيتا، مشيرًا إلى أن الرواية الشفوية بعد 70 عامًا تؤثر بها عوامل الزمن وتتداخل الأحداث والروايات عند الراوي.

وفي السنوات الأخيرة، بدأ اهتمام أردني بتوثيق هذه القبور أو المعسكرات أو أماكن تواجد القوات الأردنية قبل عام 67، وقاموا بزيارة هذه المناطق مثل: الغور والضفة والقدس، وحاولوا جمع المعلومات وتوثيق ذلك في مراجع، ليكون لديهم سجل يوثق هذه الأماكن والقبور التي يعتقد أنها لجنود الأردن.

ويذكر حمزة أن الاهتمام الأردني نشط في الفترة الاخيرة، وقام بإرشاد العديد منهم لمناطق تخص تواجد الجيش الأردني، "لكن لا شيء يثبت أن هذه القبور للجيش الأردني، والروايات الشفوية ليست دليلاً كافياً، لأنها تُحيل للظن والاعتقاد، ولا يحملون أي وثيقة أو ورقة تثبت ذلك".

ويبيّن العقرباوي أن الكثير ممن قتلوا ودفنهم الأهالي احتفظوا بوثائقهم، وأرقامهم العسكرية، كعلام الضامن، الذي وجد مجموعة من المقاتلين الأردنيين الشهداء وقام بدفنهم واحتفظ بوثائقهم، وسلم أرقامهم لقيادة الجيش الأردني كما روى ابنه محمود علام الضامن.


اقرأ/ي أيضًا: 

"المؤشر العربي": معطيات عن فلسطين والصراع مع إسرائيل

عن أوّل نفق هجومي حفره فلسطينيون في صفد

 

فيديو | وثائقيّات حزيران.. هزيمة بلا قتال