23-ديسمبر-2020

صورة توضيحية: 74% من الملتحقين بالموساد نساء | gettyimages

"كانت قصصٌ وأساطير لم يحرص الموساد على إنكارها، بل عمل على تطويرها. لقد مارسنا الخداع، كنا مجموعة كبيرة من العاملين بالإعلام، وفي مجال الكتابة، وحرصنا على المبالغة برواية قصص عن الموساد، وأنا ألفت كتبًا عن الموساد ساهمت بإثرائي". هذه الاعترافات للصحفي المخضرم في "يديعوت أحرنوت" إيتان هابر، ومدير مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحق رابين.

في إسرائيل، الرقابة العسكرية على النشر تكون مضاعفة عندما يكون المؤلف مسؤول سابق

من هذه التصريحات، نستنتج أن من المهم أن تحضر في الذهن -قبل قراءة ما يصدر في "إسرائيل" من كتبٍ حول عمليات جهاز المخابرات الإسرائيلية "الموساد"- حقيقة أن الرقابة العسكرية على النشر تكون مضاعفة عندما يكون المؤلف مسؤولاً سابقًا، حيث يتم مراجعة تلك النصوص كلمة بكلمة وسطرًا بسطر، وشرط النشر هو التأكد أن المعلومات لا تكشف بالتصريح أو التلميح أو يُمكن الاستتناج منها أسرارًا عملياتية أو هوية أشخاص أو أساليب عمل.

اقرا/ي أيضًا: عاهرات الصهيونية من أجل احتلال القدس

كتاب "مقاتلات الموساد: نساء في قلب العمليات الكبرى" الذي صدر قبل شهور، تشارك في تأليفه الصحفي المخضرم وعضو الكنيست السابق مخيال بار زوهر، مع الصحفي المخضرم نسيم مشعل، وهما من أبرز من ألف كتبًا في "إسرائيل" عن "الموساد"، وكتبهم على الدوام تكشف تفاصيل جديدة استقوها من "الموساد"، وتعتبر من الأكثر مبيعًا وترجمة للعربية.

الكتاب الصادر عن دار "يديعوت أحرنوت" للنشر مكونٌ من 304 صفحة، يجتر قصص عمليات نفذها "الموساد" منذ نشأته مع إبراز دور العامل النسائي بالتدريج، منذ كانت في البداية تقتصر على لعب دور الزوجة في قصص التمويه للجواسيس بالدول العربية، وحتى وصلت تلك المقاتلات إلى مواقع قيادية، حيث شغلت إحداهن منصب نائب رئيس الجهاز بار زوهر.

وفي هذا السياق، تم الكشف -في حفل إشهار الكتاب- أن نسبة النساء بلغت 74% من إجمالي الملتحقين بجهاز "الموساد".

نسبة النساء بلغت 74% من إجمالي الملتحقين بجهاز "الموساد"

الكتاب تضمن تفاصيل جديدة تكشف للمرة الأولى، وتختلف -قليلاً- عن تفاصيل سبق أن نشرتها القناة العاشرة في تحقيق لها حول اكتشاف "الموساد" أمر المفاعل النووي السوري وتدمير لاحقًا. فالكتاب يروي قصة استيلاء "ثلاث مقاتلات شجاعات" على معلومات و35 صورة من هاتف رئيس لجنة الطاقة النووية السورية إبراهيم عثمان.

اقرأ/ي أيضًا: يهوديات في سرير "الشاباك"

وكان تحقيقٌ للقناة العاشرة الإسرائيلية في عام 2014 أشار إلى أن مقاتلين (لم يُحدد أنهن إناث) اقتحموا غرفة رمضان ونسخوا المعلومات ثم نقلوها مباشرة إلى مقر "الموساد" في "إسرائيل". لكن الكتاب الذي نتحدث عنه هنا قدّم رواية مختلفة قليلاً تؤكد مشاركة العنصر النسائي في لعب دوري محوري بالعملية، وقد وصف زوهر -في حفل إشهار الكتاب- الحدث قائلاً: "ثلاث مقاتلات شابات شجاعات أنقذن إسرائيل من مفاعل نووي سوري".

وقصة اكتشاف المفاعل النووي السوري في سنة 2007، كما أوردها الكتاب، بدأت بالإيقاع بعثمان الذي عاد متأخرًا لغرفته في أحد فنادق العاصمة النمساوية فيينا، حيث يشارك في اجتماعات الوكالة العالمية للطاقة الذرية. وبقرب باب غرفته كانت إحدى مقاتلات "الموساد" جالسة تبكي على الأرض، ليعرض عثمان عليها المساعدة، فتدعي أنها وضعت مفتاح غرفتها في حقيبةٍ وأضاعت مفتاح الحقيبة.

اقترح عثمان على المقاتلة النزول إلى لوبي الفندق وطلب العون من موظفي الخدمات، فردّت عليه قائلة إن "الوقت متأخرٌ جدًا وهؤلاء أغبياء". وخلال النقاش طلبت منه مفتاح غرفته لمحاولة استخدامه في فتح الحقيبة، فاستجاب لطلبها، وهنا طبعت المفتاح على عجينة بلاستيكية، ثم تظاهرت أنها فتحت الحقيبة، وشكرته ودخلت إلى غرفتها.

قصة اكتشاف المفاعل النووي السوري في سنة 2007، كما أوردها الكتاب، بدأت بالإيقاع بمسؤول لجنة الطاقة الذرية السورية إبراهيم عثمان

في قاعة الإفطار، صباح اليوم التالي لهذه الحادثة، نشر "الموساد" طواقمه على كل الطولات، وترك مكانًا فارغًا على طاولة تجلس عليها مقاتلة الموساد ذاتها. اختار عثمان طعامه وجلس بجوار المقاتلة، وخلال تناول الطعام أجرت المقاتلة محادثة هاتفية صاخبة تخللها صراخ، ثم قالت لعثمان إنها كانت تتحدث مع عشيقها، وغضبها يرجع إلى أنه رفض مشاركتها وجبة العشاء رغم أنها حجزت في أفخم مطاعم فيينا.

اقرأ/ي أيضًا: كيف تجسس الإسرائيليون علينا في المقاهي؟

استمرَّ الحديث إلى أن اقترحت المقاتلة على عثمان أن ينضم إليها بدلاً عن عشيقها، فوافق. وفي المساء وصل عثمان إلى المطعم، حيث معظم الحضور من "الموساد"، وتزامنًا مع ذلك كان مقاتلون آخرون من "الموساد" قد تسللوا إلى غرفته في الفندق، بينهم امرأة متخصصة في الاختراق الإلكتروني، حيث عثروا على هاتفه كما هو متوقع، "فالمسؤولين العرب يتركون هواتفهم في غرفة الفندق عندما يخرجون لقضاء أمسيات رومانسية لا يريدون أن يعرف بها أحد" على حد قول زوهر.

استخرج الطاقم من هاتف عثمان معلوماتٍ و35 صورة لعلماء من شرق آسيا، تبين لاحقًا أنهم من كوريا الشمالية ويعملون في إنشاء مفاعل نووي في دير الزور. في حين أن تحقيق القناة العاشرة كان قد أورد أن المعلومات تم استخراجها من جهاز الحاسوب الخاص بعثمان وليس من هاتفه.

قال زوهر، خلال حديثه في حفل إشهار الكتاب، إن الأمسية الرومانسية بين عثمان ومقاتلة "الموساد" لم يتخللها ممارسة الجنس، "فلا يُطلب من مقاتلات الموساد ممارسة الجنس من أجل الحصول على معلومات" وفق ادعائه.

يكشف الكتاب كيف تمكنت جاسوسة من الحصول على مخططات جيش الإنقاذ من مسؤول عربي

وصلت الصور إلى رئيس "الموساد" مئير دغان، وبعد التحليل تم نقلها إلى اجتماع طارئ لرئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت، وبذلك تكون المرة الأولى التي تكتشف فيها "إسرائيل" وجود مفاعل نووي لدى سوريا، ليتصل أولمرت بالرئيس الأمريكي جورج بوش طالبًا منهم قصف المفاعل السوري، لكن الأخير رفض، فقرر أولمرت تدميره بغارات لسلاح الجو الإسرائيلي.

وبذلك تكون نهاية المفاعل بعد العشاء الرومانسي بعشرات الساعات.

كتاب "مقاتلات الموساد: نساء في قلب العمليات الكبرى"، الذي وردت فيه هذه القصة، يبرز أيضًا -في فصولٍ أخرى منه- الدور الكبير الذي لعبته النساء في المجال الاستخباراتي حتى قبل إقامة "إسرائيل"، وقبل إنشاء "الموساد"، حيث عملن لصالح جهاز مخابرات "الهاغاناة". إحداهن يولندا هرمور التي تقمصت دور صحفية وتعرفت على الملك فاروق في إحدى الأمسيات، وإقامة شبكة تجسس مكونة من 42 رجلاً، ونسجت علاقات مع مسؤولين في الجامعة العربية التي كانت قد نشأت حديثًا آنذاك، وحصلت من أحدهم على مخططات جيش الإنقاد بقيادة فوزي القاوقجي، وعلى الفور نقلتها إلى بن غورين شخصيًا.

يشير الكتاب إلى أن السلطات المصرية أوقعت بهرمور وكشفت أمرها، لكن تم الإفراج عنها بسبب علاقاتها المتشعبة مع المسوؤلين، شأنها شأن شولا كوهين جاسوسة "الهاغاناة" في لبنان. ومن الطرائف التي أوردها الكتاب، أن يولندا بعد أن هاجرت إلى "إسرائيل"؛ شاركت ضمن وفد إسرائيلي في أحد المؤتمرات بالعاصمة الفرنسية باريس، والتقت بأعضاء الوفد المصري، ثم بعد سنواتٍ عادت إلى القاهرة للإقامة فيها وممارسة دورها التجسسي.


اقرأ/ي أيضًا: 

فيديو | مجندات عاهرات في "الجيش الذي لا يقهر"

الحاسيديم اليهود: الجنس إجباري والإنترنت ممنوع!