28-نوفمبر-2017

صورة أرشيفية

مؤخرًا، أطفئ القطار "سيء الحظ" والذي لم ينلْ الكثير من الشهرة، شمعته الـ45، بعدما دارت عجلاته آخر مرة عائدةً من غزة إلى تل أبيب بعد أقلّ من عام على اندلاع حرب أكتوبر عام 1973 التي استمرت 22 يومًا.

  محطة القطار الإسرائيليّ التي كانت في حيّ الشجاعية لم تكن عُنصر جذب للركاب الفلسطينيين، وكانت دائمًا تعجُّ بالجنود

مشاهدٌ لا يُمكن للمرء تخيّلها اليوم، بعدما كان بمقدور سكان غزة القفز إلى عربات القطار الذي أنشئ زمن الانتداب البريطاني على أيدي عمالٍ مصريين، مقارنةً بالحصار المشدد على غزة وشبه الحظر التام اليوم على انتقال أولئك السكان إلى المدن الإسرائيلية.

وبعيد سنوات الانتداب، استخدمت إسرائيل تلك السكة الواصلة من ميناء السويس المصري وحتى حيفا، للأغراض العسكرية فقط، حتى تم تحويله للاستخدام المدني مطلع تشرين ثاني / نوفمبر 1972.

لكنّ ذلك القطار لم يكن ليُبكى على أطلاله أصلًا بعدما حقق فشلًا اقتصاديًا -على الأقل- وفق توصيات الحكومة العسكرية الإسرائيلية آنذاك، بضرورة وقف ذلك القطار عن للحركة بين غزة وتل أبيب.

ففي صباح اليوم الأول لتدشين ذلك القطار وبحلول الـ4:30 فجرًا لم يحمل على عرباته التي تتسع لألف راكب سوى 25 فقط، وفق تقرير بعد يومٍ من تحرك العربات لصحيفة "دافار" العبرية القديمة.

تذكرة قطار غزة/ تل ابيب

اقرأ/ ي أيضًا: صور | قطار "القدس – يافا".. إسرائيل تسرق إنجازًا أكبر من عمرها

محمد رباح الشرفا، كان يومًا شاهدًا على ذلك القطار. ويقول إن المحطة بحيّ الشجاعية لم تكن عُنصر جذب للركاب الفلسطينيين فقد كانت دائمًا تعجُّ بالجنود، وإسرائيليون يأتون سريعًا إلى غزة لابتياع البهارات وبعض قطع الأثاث الخيزراني ويعودون بحلول الـ3:30 عصرًا.

محطة الشجاعية شرق غزة

ويُضيف الشرفا (83 عامًا) لـ"الترا فلسطين"، أنّ "وُجهة القطار لم تكن معروفة لأغلبية سكان القطاع، ولم يستخدمه آنذاك سوى عشرات من العمّال الغزيين الذين كانوا يعملون في المدن والبلدات الإسرائيلية الذين كان أغلبيتهم يستقلون الحافلات عوضًا عن القطار".

ذلك الفشل الذريع الذي صاحب إطلاق هذا القطار شكّل مصدر قلق للمستوى العسكري في إسرائيل، فقد طالب "رحبعام زئيفي"، قائد المنطقة المركزية للجيش آنذاك بضرورة مغادرة أفراد الجيش للمحطة لـ"إكسابها مظهرًا مدنيًا". وفقًا لذات الصحيفة الإسرائيلية.

كما أن الحكومة العسكرية في غزة وشمال سيناء أبلغت وزير المواصلات في تلك الفترة "شمعون بيريز" انتهاء دعمها لتلك السكة الواصلة بين غزة وتل أبيب بسبب الخسائر الكبيرة في تشغيل ذلك الخط، إضافةً إلى ندرة الركاب خلال الشهرين الأولين لعملها، فلم يكن يُقلّ القطار سوى 200 راكب يوميًا، وفقًا لـ"دافار".

لكن ما يُثير السخرية أن يدعو "زئيفي" الفلسطينيين إلى استخدام هذا القطار، بغض النظر عن اغتياله على أيدي فدائيين من الجبهة الشعبية قبل 16 سنة، فإنه أيضًا صاحب فكرة "الترانسفير" أي ترحيل كل ما هو عربي في فلسطين إلى البلدان العربية الأخرى، عدا عن اعتقاده أن العرب كالنمل.

اقرأ/ي أيضًا: زئيفي.. صياد الفلسطينيين بالمروحية ومغتصب المجنّدات

مهدي أبو عودة (71 عامًا)، يقول إن إسرائيل كانت تسمح بانتقال الفلسطينيين إلى هناك بشرط عدم المبيت، وذلك بعد فترة وجيزة من احتلال قطاع غزة والضفة الغربية والجولان وسيناء في حرب العام 1967.

ومع بدايات الانتفاضة الأولى عام 1989، بدأت سلطات الاحتلال فرض قيودٍ مشددة على تنقل الفلسطينيين. فاليوم يكاد يكون من المستحيل على غالبية سكان غزة الوصول إلى إسرائيل.

فقد سجلت جمعية "جيشاه- مسلك" الإسرائيلية فرقًا هائلًا بين عدد من تمكنوا من المغادرة إلى الأردن أو إسرائيل عبر معبر "إيرز" الرابط بين غزة وإسرائيل خلال عام 2013 بنحو 40 ألفًا، فيما سجل العام 2016 هبوطًا خياليًا بخروج 294 شخصًا فقط، رغم أن هذا المعبر مصمم لاستيعاب 20 ألف مسافرٍ يوميًا.

ويعاني المسافرون عبر معبر "إيرز" -إن تمكنوا من السفر- من إجراءات متعددة تعيق من تنقلهم بشكل سهل، وينتظر بعضهم لساعات في قاعة الانتظار داخل المعبر، وبعد ذلك إما أن يتحركوا تجاه البوابة الشمالية حيث موقف السيارات والانطلاق إلى مبتغاهم أو يطلبون لمقابلة المخابرات، حيث من الممكن أن يتعرضوا للابتزاز، أو يرفض مرورهم ويعودون أدراجهم لغزة.

المحطة تحولت اليوم إلى سوق شعبي
جزء من القطارات القديمة التي أحيلت لمتحف في حيفا

اقرأ/ي أيضًا:

قطار غزة... هل يعود لنفث دُخانه؟

الدنيا ربيع والجو بديع.. مصرية في جنين

بعد السبعين.. عجائز في غزة يطلبون الزواج