16-يوليو-2020

استعانت العربية بشخصيات اتفقت على رأي واحد، وذهبت إلى اتهام قطاع واسع من الفلسطينيين بالعمالة

أفردت قناة العربية السعودية، ومقرها في الإمارات، مساحة واسعة من بثها في الأيام الأخيرة لنشر معلومات وتحليلاتٍ زعمت فيها أن كتائب القسام، الذراع العسكري لحركة حماس، اعتقل 16 فردًا من أعضائه بتهمة العمالة لـ"إسرائيل"، إضافة لهروب قائد القوة البحرية فيه عبر البحر إلى داخل الخط الأخضر، حاملًا معه وثائق سرية.

استعانت قناة العربية في تغطيتها بشخصيات سياسية اتفقت على رأي واحد، واتهمت قطاعًا واسعًا من الفلسطينيين بالعمالة

نسبت القناة معلوماتها إلى "مصادر خاصة" لم تكشفها، لكنها في ذات الوقت أشارت إلى أن مصدر هذه المعلومات هو "تقارير إعلامية" في غزة، والتقارير هذه نشرها موقع أمد. واستعانت العربية في نشرات أخبارها وبرامجها بمجموعة من الشخصيات السياسية التي اتفقت على رأي واحد، وذهبت إلى اتهام قطاع واسع من المجتمع الفلسطيني بالعمالة لـ"إسرائيل".

اقرأ/ي أيضًا: حملة مقاطعة إسرائيل: mbc تروج لأكاذيب صهيونية

في إحدى المقابلات، سألت مقدمة البرنامج أحد ضيوفها من مصر حول ما إذا كانت لديه تفاصيل خاصة بالعملية لم تصل إلى القناة حتى اللحظة. وفي برنامج آخر، خاطبت المقدمة أحد الضيوف من مصر قائلة: "حسب ما نعرف لديك معلومات إضافية حول هذا الاختراق. على ما يبدو هناك خلية كبيرة؟".

أحد الضيوف في هذه البرامج، كان النائب في البرلمان المصري ومستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية عماد جاد، وقد حاول تعزيز زعم القناة بانتشار العمالة بين الفلسطينيين قائلًا: "الموضوع ليس بجديد، فلحظة توقيع اتفاقية أوسلو، قدم رابين لياسر عرفات أسماء 25 ألف عميل لإسرائيل من غزة وأريحا يحصلون على راتب شهري من الموساد، وقد طلب رابين تعهدًا بعدم المساس بهم، إذن نحن نتحدث عن عدد ضخم من العملاء".

تتبع مقاطع الفيديو والأخبار التي نشرتها قناة العربية عبر موقعها الرسمي وصفحتها في موقع "فيسبوك"، يتبين حجم التضارب الكبير في المعلومات

وبتتبع مقاطع الفيديو والأخبار التي نشرتها قناة العربية عبر موقعها الرسمي وصفحتها في موقع "فيسبوك"، يتبين حجم التضارب الكبير في المعلومات. فقد ذكر موقع العربية في أول خبر استنادًا لمراسله من القدس، اسم عائلة شخص قال إنه هرب إلى "إسرائيل" بعد أن كان قائدًا في وحدة الضفادع البشرية. لكن في خبر آخر نشره الموقع، أفاد بأن هوية الشخص الهارب لم تتأكد بعد، وأن مصادرًا تتحدث عن أنه كان رئيسًا لوحدة الضفادع البشرية.

اقرأ/ي أيضًا: اتحاد المنتجين العرب لمجموعة mbc: توقفوا عن الإساءة لفلسطين

في أحد مقاطع الفيديو التي نشرتها القناة عبر صفحتها في "فيسبوك" أيضًا، ذكرت اسم أحد الأشخاص على أنه قائد في الكوماندوز البحري، وقد تمكن من الفرار برفقة شقيقه عبر البحر بمساعدةٍ إسرائيليةٍ حاملًا معه أسرارًا خطيرة. ثم عادت القناة في خبر ثالث عبر موقعها الإلكتروني لتقول إن هذا الشخص معتقلٌ لدى أمن حماس، وإنه مسؤول في منظومة الاتصالات.

ونقلت إذاعة جيش الاحتلال وموقع القناة 13 العبرية وموقع "يسرائيل هيوم" هذه الأنباء، دون أن تضيف إليها أي تفاصيل نقلًا عن مصادر أمنية في جيش الاحتلال أو جهاز "الشاباك"، بل اكتفت بالإشارة إلى أنها استقت النبأ من مصادر إعلامية في قطاع غزة.

وأكد الخبير الإسرائيلي في شؤون قطاع غزة شاحر كلايمان، أن الحملة الإعلامية التي تديرها قناة العربية "لا تستند إلى مصادر موثوقة"، بل استندت إلى موقع أمد، موضحًا، أن موقع أمد لا يعمل من قطاع غزة، بل يدير حسابه على فيسبوك، خمسة أشخاص يتواجدون في مصر، إضافة لشخص سادس يعمل من مكان سري في فلسطين، "كما تبين المعلومات التي يعرضها فيسبوك".

وبين كلايمان في مقال نشرته صحيفة "يسرائيل هيوم"، أن هذا الموقع أسسه شخص يُدعى حسن عصفور عام 2007. وأضاف عنوانًا بالخط العريض: "عصفور خانيونس"، في إشارة إلى حسن عصفور الذي يُدير الموقع، موضحًا، أن هذا الشخص كان يتجول منذ سنوات بين الأردن والعراق ولبنان وتونس، وكان عضوًا في الحزب الشيوعي، وقد لعب دورًا هامًا في مفاوضات أوسلو، ثم في مؤتمر مدريد، وكان قريبًا من الرئيس محمود عباس في السابق.

مواقع إسرائيلية: مصادر العربية غير موثوقة ومن بينها موقع يتبع لدحلان ويديره أشخاص من مصر

وأشار إلى أن عصفور كان ممثل خانيونس في المجلس التشريعي، لكنه يُعتبر الآن من أبرز منتقدي السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس، وهو أيضًا من كارهي حماس ويعتبر فوزها في الانتخابات التشريعية عام 200 "مؤامرة".

اقرأ/ي أيضًا: الداخلية في غزة تمنع عمل قناتي العربية والحدث

من جانبها، أشارت إذاعة جيش الاحتلال، في إحدى نشراتها التي تابعها الترا فلسطين، إلى أن النبأ نشره في الأساس موقع يموله محمد دحلان وتديره شخصيات هاربة من قطاع غزة، متخصصة في نشر معلومات تهدف لإحراج حماس في غزة والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية على حد سواء، في إشارة إلى موقع أمد أيضًا، وهو ما تقاطع مع ما ضمّنته قناة العربية في أحد تقاريرها.

هذه المعلومات نفتها وزارة الداخلية والأمن الوطني في قطاع غزة، وحركة حماس أيضًا، في بيانين منفصلين. وأكدت وزارة الداخلية أن ما نشرته العربية هو "أخبار مفبركة"، واتهمتها بالتضليل وترويج الشائعات والأكاذيب، كما حذرت وسائل الإعلام من نشر الشائعات التي تبثها القناة.

لاحقًا، أعلنت وزارة الداخلية أنها أبلغت قناتي العربية والحدث قرارها بمنع أي مكتب خدمات إعلامية من التعامل معها، إضافة لمنع ظهور مراسليها أو أي ضيوف في بثهما من داخل قطاع غزة. أما حركة حماس، فاتهمت القناة بأنها تقود "حملة تضليل وتشويه ضد المقاومة الفلسطينية"، مستندة إلى "أكاذيب وافتراءات من صناعة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية".

وأدانت الحركة ما قالت إنها "حملة التضليل والتشوية التي تقودها قناة العربية مع أطراف إعلامية أخرى (..) تهدف إلى المس بمقاومة الشعب الفلسطيني وثقته بمشروع المقاومة والتحرير". واعتبرت، أن ما تقوم به قناة العربية "ينسجم تمامًا مع سياسات الاحتلال ومخططاته المستمرة للعدوان على شعبنا، وشطب حقوقه التاريخية".

حماس اتهمت قناة العربية بأنها تقود حملة تهدف إلى المس بمقاومة الشعب الفلسطيني 

وقال عضو المكتب السياسي للحركة موسى أبو مرزوق، إن العملاء الذين تم القبض عليهم داخل قطاع غزة لا تجمعهم روابط، وليس بينهم قيادات في حركة حماس ولا كتائب القسام، مضيفًا أن أحدهم هرب إلى الاحتلال الإسرائيلي، والآخرين قيد التحقيق. كما شّدد أبو مرزوق في حديث لتلفزيون الميادين، أن الاحتلال لا يمتلك خارطة للكوماندوز البحري التابع لحماس، "وهذا عبارة عن كذب وتدليس وتشويه للحقائق".

وفي إشارة إلى قناة العربية، دعا أبو مرزوق "بعض وسائل الإعلام العربية ألا تتحول لوسائل إعلام عبرية، وأن تحافظ على ما تبقى لها من مصداقية في الشارع العربي".

من جانبه، أكد الخبير في التوعية المجتمعية والإعلام محمد أبو هربيد، في حديث لـ الترا فلسطين، أن ما نشرته قناة العربية معلومات غير منطقية وغير مركبة، مشيرًا إلى أن جزءًا كبيرًا منها منشورٌ في مواقع التواصل، وتم التعامل معها دون معالجتها بشكل مهني. وتساءل أبو هربيد: "من أين خرج هذا الكم الكبير من المعلومات الحساسة فجأة وفي لحظة واحدة؟ ومن الذي سربها؟"، مرجحًا وقوف أجهزة مخابرات وراءها.

واعتبر، أن قناة العربية تُعدُّ جزءًا من خطة تهدف إلى الاغتيال المعنوي للمقاومة الفلسطينية، مشيرًا أن قناة العربية لها "تجربة سيئة جدًا" في تعاملها مع قضايا قطاع غزة، "فهي تتعامل مع الأخبار بعيدًا عن العمل الصحفي المهني، ولها موقف سلبي من القضية الفلسطينية، وتعمد إلى استضافة شخصيات حاقدة على القضية الفلسطينية وتروج للصهيونية".

فلسطينيون بينهم قيادات تنظيمية هاجموا قناة العربية واتهموها بالتواطؤ مع الاحتلال

بدورهم، استنكر عديد من القيادات الفلسطينية الخطوة التي تقوم بها القناة السعودية، حيث وصف الناطق باسم حركة الجهاد الإسلامي داوود شهاب قناة العربية بأنها "من المنابر الإعلامية المتورطة في التطبيع مع الاحتلال"، مضيفًا أن هذه المنابر "لا تكف عن فبركة الأخبار وتلفيقها ضمن دورها المسموم خدمة للاحتلال" حسب تعبيره.


من جانبه قال القيادي السابق في الجبهة الشعبية ذو الفقار سويرجو، إن قناة العربية تحتفل بالإنجازات الإسرائيلية واختراقها للمقاومة، واصفًا ذلك بأنه "فعل حقارة".

في ردود الفعل على هذه الحملة، أشار الشاب محمد النجار إلى أن قناة العربية حاولت إخراج "رسالة بأن الشعب الفلسطيني عبارة عن عملاء"، مؤكدًا أن هذه الرسالة ظهرت منذ بداية موجة التطبيع التي يروج لها "الذباب الإلكتروني" السعودي والإماراتي.

الناشط أدهم أبو سلمية هاجم القناة في سلسلة تغريدات، وأكد في إحداها أن سياسة القناة في تشويه الشعب الفلسطيني وفصائله بدأت منذ سنوات.



اقرأ/ي أيضًا: 

طائرة خاصة بنتنياهو تسافر من تل أبيب لدبي

الإمارات تمد جسورها للتطبيع العربي مع إسرائيل