05-أغسطس-2020

مؤخرًا بدأ "الشاباك" نشاطًا علنيًا وأحيانًا بطريقة تتسم باستعراض القوة عبر فيسبوك (Getty)

الترا فلسطين | فريق التحرير 

نشرت صحيفة هآرتس العبرية مؤخرًا، تحقيقًا أعدّه الضابط السابق في جهاز "الشاباك" هليل كوهين، حمل عنوان: "امنحو لايك للاحتلال: ماذا بالإمكان أن نتعلّم من حسابات فيسبوك التي يديرها الشاباك؟"، والتي تستهدف الفلسطينيين في القرى والمخيمات والمدن الفلسطينية.

     ضباط شاباك يستخدمون صفحات فيسبوك لتشويه سمعة نشطاء المقاومة، وللإيقاع بالفلسطينيين في العمالة    

يلفت كوهين الانتباه لضلوع "الشاباك" في السجالات المحتدمة في فضاء مواقع التواصل الاجتماعي عبر الحسابات الوهمية، قائلًا إنّ الأجهزة الأمنية الإسرائيلية استخدمت منظومة حسابات وهمية للردّ على ملصقات، أو بمنح إشارة أعجبي، لذلك من الصعب معرفة هل حسابات مواقع التواصل الاجتماعي التي تتفاعل مع حسابات الشاباك تعود لأشخاص فلسطينيين بالفعل، أم أنها مزيّفة، خصوصًا تلك التي تحتفي بضباط الشاباك".

اقرأ/ي أيضًا: عجوز "الشاباك" الذي يُقنع المطبعين "بفضائل" الصهيونية

وكتب البروفيسور هليل أنّه في صيف 2016 فتح "الشاباك" صحفة فيسبوك باللغة العربية بعنوان "بدنا نعيش"، وهو عنوان مخادع أكثر من اللازم، وفي اللغة العامية الدارجة في الضفة الغربية وقطاع غزة يستخدم هذا التعبير الشبّان الذين أرهقهم النضال ضدّ "إسرائيل" -وفق قوله- وباتوا يركّزون على جلب الطعام لأطفالهم. والرسالة الأساسية في صفحة "الشاباك" أنّ الأفضل للفلسطينيين الانشغال بتحسين مستوى حياتهم بدل الانشغال بالسياسة. وبعد عامين من ذلك، انضم لهذا النشاط عبر فيسبوك ضباط ميدانيون في "الشاباك" ليشمل العمل قطاع غزة جنوبًا وحتى جنين شمالًا، وفتح كل ضابط صفحة شخصية.

اقرأ/ي أيضًا: الابتزاز الإلكتروني: "الشاباك" وباحثون عن الجنس والمال

وخلال الأشهر الأخيرة بدأ "الشاباك" نشاطًا علنيًا وأحيانًا بطريقة تتسم باستعراض القوة عبر شبكات التواصل الاجتماعي. فحوالي 30 مُركزًّا نشروا ملصقات على "فيسبوك" حظيت بآلاف المتابعين الفلسطينيين.

وعن هدف "حسابات ضباط الشاباك على فيسبوك" يقول كوهين: "على المستوى العملياتي تهدف صفحات فيسبوك لوقف المقاومة الفلسطينية العنيفة، ولجانب هذا الهدف ثمّة هدف مهم أكثر؛ وهو إحداث تغيير في الوعي الفلسطيني بخصوص الواقع في الضفة الغربية والعلاقة مع إسرائيل وخصوصًا شرعنة الحكم العسكري الإسرائيلي، وتطبيع المستوطنات".

    أساليب العمل تقوم على إنتاج عالم مُتخيّل في الضفة الغربية عبر فيسبوك، ليس فيه احتلال ويعيش فيه الفلسطينيون والإسرائيليون بطمأنينة ومساواة    

أمّا عن الأساليب التي يلجأ لها "الشاباك" لتحقيق الهدف، يقول كوهين وهو أبرز مؤرخي الجهاز الذي عمل فيه لعقود طويلة: "إن أساليب العمل تقوم على إنتاج عالم مُتخيّل في الضفة الغربية عبر فيسبوك، ليس فيه احتلال ويعيش فيه الفلسطينيون والإسرائيليون بطمأنينة ومساواة. ويبدو الشاباك فيه كجهة تعمل من أجل اليهود والعرب على حد سواء، وتبدو مقاومة الحكم العسكري الإسرائيلي كرافض للسلام والتقدم الذي تجلبه إسرائيل، وتلحق أذى بمن يمارسه". 

اقرأ/ي أيضًا: خلايا مقاومة يديرها "الشاباك".. اللعبة كاملة

وقدّم كوهين في تحقيقه الذي نشرته "هآرتس" في (29 تموز/ يوليو) تشخيصًا مهنيًا للعمليات التي ينفذها "الشاباك" عبر فيسبوك بالقول إنّ هذه العمليات يُطلق عليها في اللغة المهنية مصطلح "عمليات وعي"، مضيفًا أنّ الجيش الإسرائيلي لديه مركز "عمليات وعي" ويشارك علماء نفس وأخصائيو تسويق ورجال استخبارات في تصميم الرسالة التي توجه للفلسطينيين.

   ضباط الشاباك الذين يديرون حسابات فيسبوك، لديهم معرفة عميقة بالميدان    

لكن ما يُميّز ضباط "الشاباك" الذين يديرون حسابات فيسبوك، بحسب كوهين، هي معرفتهم العميقة للميدان وللجهات التي تمارس النشاط فيه، فهم يعرضون أنفسهم كمقربين لسكان المناطق التي يتولون المسؤولية عنها، ويتظاهرون عبر ما يكتبون بأنهم "الأخ الأكبر" فيخاطبون الناس "بطريقة ودية" تنطلق بالأساس من شعور بالتفوّق. 

اقرأ/ي أيضًا: "الشاباك" يخترق "جروبات نسائية" على "فيسبوك" للتجنيد وأهداف أخرى

ويشير كوهين إلى أنّ ضباط "الشاباك" الذي يتحكمون بمصير سكان الضفة الغربية، يعلمون ويعرضون حقائق ويفسرونها، ويحذّرون من "ارتكاب حماقات" وأحيانًا يهددون ويتوعدون ويقدّمون وعودًا، ويقولون إن مصلحة الجميع نُصب أعينهم، ويُظهرون السخرية ممن يشارك في الكفاح المسلح.

ويبرر كوهين عمليات "تشويه السمعة" التي ينفذها ضباط الشاباك بحق نشطاء في فصائل فلسطينية بالقول إن تشويه السمعة أداة مقبولة في الحرب النفسية ضد نشطاء حماس والتنظيمات الأخرى. فمثلًا في صيف 2019، نشر الشاباك على أحد حساباته ملصقًا زعم فيه أنّ أحد محرري صفقة "وفاء الأحرار" ممن يقيمون في غزة، وأصوله من الخليل يعتدي جنسيًا على الأطفال، وهذا الرسالة تنسجم جيّدًا مع توجّه "الشاباك"، وفي تلك الحالة جرى نشر صورة الناشط مع هاشتاغ "ليس خليليًا"، ومعظم ردود الفعل على الملصق كانت ساخرة.


اقرأ/ي أيضًا: 

تعلُّم العربيّة "رأس حربة" في عمل الشاباك

"المنتصرة".. رواية عن إسرائيلية تعلّم الجنود القتل

"المسيح القاسي": رواية تضع الشاباك تحت مبضع فرويد

فيديو | عملاء "الشاباك" الهاربين إلى "إسرائيل".. مصير مظلم