12-يونيو-2018

بعد شهور من التأجيل والانتظار، عقد المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية في إسرائيل "الكابينيت"، اجتماعًا لبحث "الوضع الانساني في قطاع غزة، والطرق التي بمقدور إسرائيل عبرها التخفيف من معاناة السكان"، انطلاقًا من فرضية أن الوضع الاقتصادي والاجتماعي السيء في غزة، قد يقود إلى تدهور وتصعيد عسكري ضد إسرائيل.

النقاش استمر حوالي أربع ساعات، وخلاله استعرض الوزراء حلولاً مختلفة للتخفيف من معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة المُحاصَر منذ أكثر من 10 سنوات. الوزير يوفال شتيانتيس، اقترح إقامة ميناء في قبرص، فيما اقترح الوزير يؤاف غلانات إقامة منطقة صناعية مشتركة للإسرائيليين وعمال غزة. أما الوزير يسرائيل كاتس، فقدّم مجددًا عرضه القديم إقامة جزيرة صناعية قبالة شواطىء غزة، تُزود القطاع بالكهرباء والماء، إضافة لميناء لنقل البضائع.

إسرائيل تتحدث عن "تسهيلات" لغزة في إطار دعاية إعلامية تهدف لتجنب أي ضغوطات دولية من أجل إنهاء الحصار

بعد كل ذلك، انتهى الاجتماع دون التوصل إلى أي تفاهمات بشأن أي مقترح، بل إن بعض الوزراء رأوا بأن النقاش تبذير للوقت، "لأن الاجتماع لم يتضمن أي شيء جديد، ولانه لم يُطلب منهم اتخاذ أي قرار"، بحسب ما كشف وزير شارك في الاجتماع لصحيفة "معاريف".

ومضى الوزير قائلاً: "النقاش تمحور حول نقاش لخطوات إنسانية مرتجلة في مجال الماء والكهرباء، بدلاً من أن يستعرض خططًا استراتيجية بعيدة المدى". وأضاف، "النقاش لم يحقق هدفه، باستنثاء الحديث عن تسهيلات محددة ولم يتم عرض أي خطة موسعة".

 وذكرت صحيفة "معاريف" أن الوزراء قرروا مواصلة البحث في الموضوع، دون أن يحددوا موعدًا لعقد جلسة جديدة لنقاش الملف.

وقال يوسي ملمان، المعلق العسكري والاستخباري لـ"معاريف"، إن هناك اعتقادًا لدى غالبية الوزراء الإسرائيليين بضرورة تطبيق توصيات قادة الجيش والاستخبارات بشأن منح تسهيلات لقطاع غزة، "لكن الوزراء لم يتخذو قرارًا بسبب جُبنهم، ونتيجة الضغوط التي مارستها عليهم أسرة الجندي هدار غولدين، وخشيتهم من الرأي العام الإسرائيلي".

ووفقا لتحليل ملمان، فإن غالبية الوزراء الإسرائيليين، ورئيس حكومتهم، وقادة الجيش أيضًا، وكذلك غالبية الجمهور الإسرائيلي، يؤيدون تقديم تسهيلات لغزة لتخفيف التوتر معها، وتفادي مواجهة عسكرية، لكن وزير جيش الاحتلال ليبرمان نجح في فرض رأيه على الجميع.

لكن، هل من أسباب مخفية تجعل كافة الأفكار عن "التسهيلات" المزعومة مجرد نقاشات في الهواء؟ يُجيب الزميل أنس أبو عرقوب، الصحافي المتخصص في الشأن الإسرائيلي، بأن عدم تحديد موعد لعقد جلسة أخرى في هذا السياق، يقود إلى استنتاج بأن الاجتماع لم يكن جديًا، ويعزز فرضية أن الحديث عن "تسهيلات لغزة" له أهدف غير معلنة، وأنه يأتي في إطار حملة علاقات بدأ بها نتنياهو خلال جولته الخارجية لتفادي مطالب دولية تدعوه للتخفيف من حصاره لغزة.

ورأى أبو عرقوب، أن حكومة الاحتلال أعطت انطباعًا قبل عقد اجتماع "الكابينت"؛ بأن الظروف نضجت لتخفيف الحصار، ثم ربطت أي تخفيف للقيود، بالإفراج عن الجنود الإسرائيليين الذين أسرتهم المقاومة، وبذلك تظن أنها نجحت بمضاعفة التوتر واليأس في صفوف الفلسطينين في غزة، الذي يكتوون بنار الحصار ويتطلعون لأية بارقة أمل.

وبيّن أن حكومة الاحتلال تهدف إلى زراعة اعتقاد لدى المُحاصَرين في غزة بأن "وجود أسرى إسرائيليين هو سبب استمرار الحصار ومنع تقديم أي تسهيلات"، مضيفًا أن حكومة الاحتلال أظهرت نفسها أيضًا بالاستجابة لذوي الجنود الأسرى، وامتنعت عن تقديم أي استهيلات استجابة لهم.

ورأى أبو عرقوب بأن حكومة الاحتلال تنوي استخدام ورقة "التسهيلات" مرة أخرى لاحقًا، مستبعدًا أن يتخذ نتنياهو قرارًا بتخفيف أي قيود على قطاع غزة المحاصر، في ظل استمرار مسيرات العودة وإطلاق الطائرات الورقية الحارقة، لأنه يعتقد أن خصومه سيستغلون ذلك لإظهاره بصورة الضعيف الذي خضع لغزة، في عيون الإسرائيليين.


اقرأ/ي أيضًا:

الكابينيت: غزة لا حياة ولا موت

"الكابينت" يبحث خطة أممية لإعمار غزة

فيديو | وثائقيات حزيران.. هزيمة بلا قتال