30-يونيو-2018

صورة أرشيفية: تأهيل سينما جنين قبل إعادة هدمها نهائيًا - (gettyimages)

في عام 1926، أدخل الشقيقان إبراهيم وبدر لاما من بيت لحم، السينما إلى فلسطين، أي بعد 31 عامًا من أول عرض سينمائي في العالم "1895"، وكان في باريس، وهو العرض الذي شاهده الناس في مصر عام 1897. أحضر "الأخوين لاما" إلى حيفا أجهزة ومعدات سينمائية - جلبوها من تشيلي التي هاجروا إليها -  لبداية مشروعهما السينمائي في الوطن، لكن بسبب ظروف فلسطين حينها، توقف "الأخوين لاما" في الإسكندرية، وكان ذلك في صالح السينما المصرية.

[[{"fid":"72480","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"2":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":293,"width":448,"class":"media-element file-default","data-delta":"2"}}]]

الأخوين لاما

صنع "الأخوين لاما" أول فيلم - "قبلة في الصحراء" - في تاريخ السينما العربية عام 1927، لتتوالى بعدها أعمالهما حتى عام 1951.

ولادة السينما الفلسطينية كانت على يد "الأخوين لاما" في عشرينات القرن العشرين، وتزامنت مع انتشار دور السينما في أغلب فلسطين

في ذلك الوقت، انتشرت دور السينما في أغلب المدن الفلسطينية - تحديدًا في عشرينيات القرن العشرين - وأشهرها "روكسي" في القدس، والكرمل في حيفا، والحمراء في يافا، والأهلي في عكا، والسامر في غزة، والسلام في رفح، والعاصي في نابلس، وسينما جنين في جنين، والوليد في رام الله، والأندلس في طولكرم، إلا أن معظمها إما هُدمت أو دُمرت أو تحولت إلى صالات حفلات ومطاعم، لاحقًا.

ودخلت فلسطين عمليًا إلى الإنتاج السينمائي بعد تصوير وإخراج إبراهيم سرحان لفيلم يوثق زيارة الملك سعود - الملك الثاني للمملكة العربية السعودية - إلى القدس عام 1935. ثم توالت خطوات سرحان في هذا الطريق، إلى أن أسس "استوديو فلسطين"، وأنتج أفلامًا روائية وإعلانية أخرى حتى نزح للأردن عام 1948.

اقرأ/ي أيضًا: دور السينما الفلسطينية.. لم يبق إلا الأسماء

هذه الإنجازات اكتملت بمحاولات كل من أحمد الكيلاني مع جمال الأصفر وعبد اللطيف هاشم بتأسيس "الشركة العربية لإنتاج الأفلام السينمائية" عام 1945، لكن النكبة حالت دون النجاح، وكان آخر من مارس العمل السينمائي في فلسطين فترة الأربعينات هو محمد الكيالي، إذ تمكن من إنتاج فيلم روائي طويل عام 1969 يدعى "ثلاث عمليات في فلسطين".

يقول المخرج يوسف نتيل لـ الترا فلسطين، إن هناك شخصيات هامة حاولت النهوض في صناعة السينما بشكل شخصي، كالحاج رشاد الشوا الذي أنشأ "سينما السامر" - أول سينما في غزة خلال أربعينيات القرن الماضي - فضلًا عن إنتاجه لأشهر الأفلام المصرية حينها مثل "لعبة الست" عام 1946، وفيلم "غني حرب" عام 1947.

بعد النكبة، انتشر المخرجون الفلسطينيون في بقاع الأرض وضَعُفَ إنتاجهم، وابتعدت الأجواء السينمائية عن الأراضي الفلسطينية المحتلة، وحاولوا أن يجدوا مكانًا لهم في السينما العربية، لكن لم يفلحوا في ذلك، على خلاف بعض الممثلين الفلسطينيين.

عام 1983 أصبح تاريخ بداية حقبة جديدة في السينما الفلسطينية جل مواضيعها عن الاحتلال والثورة

ويُمكن القول، إن عام 1983 أصبح تاريخ بداية حقبة جديدة في السينما الفلسطينية، لا تزال مستمرة حتى الآن، جل مواضيعها تتناول معاناة الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات مع الاحتلال، وتتحدث عن الثورة، بعد أن استطاعت المخرجة الفلسطينية مي المصري إنجاز فيلمها الأول "تحت الأنقاض" بعد عودتها من الولايات المتحدة، وتحدثت فيه عن الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982.

اقرأ/ي أيضًا: 7 أفلام فلسطينية وصلت العالمية

وخلال تسعينيات القرن العشرين، ثم الألفية الجديدة، ظهرت أسماء جديدة في السينما الفلسطينية الجديدة؛ منهم المخرج عمر قطان، وحنّا مصلح، وصبحي زبيدي، ورشيد مشهراوي، وإيليا سليمان، خليل المزين، والأخوين عرب وطرزان أبو ناصر.

 وقد حازت عدد من هذه الأفلام على جوائز دولية أو ترشحت للفوز، ومن أشهرها، "الجنة الآن" 2005، "لما شفتك" 2012، "عُمر" 2013، "سارة" 2014، "ديجراديه" 2016.

أصبح الآن لفلسطين رصيدها السينمائي الذي يخضع للتقييم والتعقيب. يقول المخرج نتيل بهذا الخصوص، إن السينما الفلسطينية نجحت في تسليط الضوء على القضايا الاجتماعية بعيدًا عن السياسية، كفيلم "سارة" للمخرج خليل المزين، و"قارب ورق" للمخرج محمود أبو غلوة، و"ديجراديه" من إخراج الأخوين عرب وطرزان أبو ناصر.

ويضيف أن هناك عددًا لا بأس به من المخرجين الفلسطينيين الجدد، "لكن تنقصهم تجربة العمل في مواقع حقيقية للسينما التي تجلب الخبرة المطلوبة للمخرج، فضلًا عن عدم وجود تخصصات جامعية لهذا المجال".

بينما يرى المخرج محمد أبو ناصر "عرب" - المقيم في فرنسا - أن السينما الفلسطينية "لازالت تحتفظ بالخصوصية المبنية علي واقع مرير يعيشه كل الفلسطينيين سواء كان من الاحتلال أو حتى الوضع الداخلي الفلسطيني، لذلك لازالت تحبو بخطوات بطيئة، أو لنقل أنها لازالت في طور النمو والنضوج والتقدم".

وأضاف في حديث لـ الترا فلسطين، أن السينما الفلسطينية أوجدت لنفسها موطئ قدم في الكثير من المحافل السينمائية الدولية، آخرها وجود فلسطين بشكل رسمي في مهرجان "كان" كخيمة إنتاج هذا العام، كما أن هناك العديد من المخرجين والممثلين الذين استطاعوا أن يصلوا إلى العالم بإمكانياتهم.

أما المخرج محمد الجبالي - المقيم في النرويج - وصاحب فيلم "إسعاف" الذي تم عرضه في العديد من دول العالم، فيعتقد أن السينما الفلسطينية في الفترة الحالية في حالة جيدة؛ "إذ أن هناك حضور وتمثيل فلسطيني في المهرجانات العالمية، ولكن يلزمنا المزيد من العمل على تطوير صناعة السينما والتمثيل بأعمال أكثر" وفق قوله لـ الترا فلسطين.

مخرجون: السينما الفلسطينية الآن في حالة جيدة، وأوجدت لها موطئ قدم عالميًا

ويواجه قطاع الإنتاج السينمائي في فلسطين - مثل غيره - العديد من الصعوبات والتحديات التي يُسببها الاحتلال الإسرائيلي، لكن هل هناك معوقات أخرى بعيدة عن الاحتلال؟

يجيبنا المخرج محمد الجبالي بأن هناك تحديات تواجه السينما الفلسطينية، من ناحية الإنتاج، وليس من ناحية المعدات والإمكانيات، "فهناك العديد من الشركات والأشخاص الذين لديهم الإمكانيات السينمائية العالية لإظهار العمل بالشكل السينمائي العالمي المطلوب، ولكن يعانون من قلة الإنتاج، وذلك بسبب عدم تبادل الخبرات مع الدول الأخرى".  

اقرأ/ي أيضًا: "عشر سنين" يعيد السينما إلى غزة

أما المخرج أبو ناصر، فيعتقد أن المعوقات التي تحاصر السينما تكمن في قلة الإمكانيات المتاحة وعدم الاهتمام بها من الجهات المختصة كوزارة الثقافة التي لا توفر الدعم والتمويل لصناعة الأفلام، مبينًا أن أغلب المخرجين في فلسطين يعتمدون فقط على المنح الأجنبية.

يوافق على ذلك المخرج محمد عبد العزيز في غزة، الذي يعتمد في عمله كمخرج فقط على تمويل المشاريع من الخارج، وهذه - كما يقول - تحدد نطاق إبداعه، مبينًا أن المعيقات أمامه كثيرة، كعدم إمكانية السفر أو الدراسة المتخصصة في مجال صناعة الأفلام، "فضلًا عن القيود التي تضعها الحكومة أمام أي عمل".

ويرى أبو ناصر أن على الجهات المختصة أن تضع طاقمًا مهنيًا يعي ويفهم علم السينما، وتضعه على سلم الأولويات. فيما يعتقد الجبالي أن المطلوب من الجهات الحكومية توفير صندوق مالي لدعم صناعة الأفلام، وإنشاء وتطوير دور عرض سينمائية لتعزيز ثقافة السينما في البلاد.

مخرجون: نعاني مشكلة في توفير التمويل لإنتاج أفلام سينمائية

يتفق أغلب النقاد والمشاهدين على أن السينما الفلسطينية لا تخلو من الطابع الوطني، لكن هل يمكن لها أن تخرج من هذا الرداء وتتجه لتصوير جوانب اجتماعية وحياتية أخرى بعيدًا عن السياسية؟ "أعتقد أننا اليوم بأمس الحاجة للحديث عنا كفلسطينيين بشر، لنا حياتنا وأحلامنا، لنا إيجابياتنا وسلبياتنا كسائر البشر، هذا ما يجب أن يصل العالم عنا الآن"، قال المخرج أبو ناصر.

ويضيف، "يجب أن لا نخشى من النقد الذاتي والاجتماعي، خصوصًا أننا كلما تقدمنا في الوقت أصبحت مشاكلنا الداخلية أكثر تعقيدًا".

وعلى العكس من ذلك، يرى المخرج نتيل أن طبيعة الظروف التي يعيشها سكان أي منطقة؛ تؤثر بالدرجة الأولى على الصورة التي تخرج منها،" ومن الطبيعي أن تبرز في السينما الفلسطينية صورة الاحتلال والجيش والمقاومة (..) السينما أسلوب من أساليب فضح الاحتلال، وإرسال الرسائل إلى العالم".

يُشار إلى أن أغلب دور العرض السينمائي في فلسطين قد أصبحت أنقاضًا الآن، وآخرها سينما العاصي في نابلس، وسينما جنين، كما تم إغلاق سينما القصبة بسبب مشكلات مالية، في حين بدأت سينما فلسطين تحاول شق طريقها في رام الله قبل سنوات.


اقرأ/ي أيضًا:  

بالصور: سينما جنين.. هكذا كانت ثم أصبحت أنقاضًا

سينما فلسطين.. حضرت "إسرائيل" وغاب الهندي الأحمر

في غزة.. صناعة الممثلات زراعة في أرض بور