10-أكتوبر-2017

القلق والترقب في غزة لا يلغيان المطالبة بتعجيل إتمام المصالحة - تصوير: علي جاد الله (Getty)

لا يسمع الفلسطينيون هذه الأيام أكثر من التسريبات، حول تفاصيل ما ستطرحه المخابرات المصرية على طرفي الانقسام "فتح وحماس"، خلال الاجتماعات التي ستبدأ من جديد داخل الغرف المغلقة في القاهرة، لتناقش بشكل أساسي ملف الموظفين المستنكفين بعد الانقسام، والموظفين الذي عينتهم حماس، ومستقبل الأجهزة الأمنية في قطاع غزة، ما يثير قلقًا وترقبًا بالنسبة لهذه الفئات في قطاع غزة المحاصر.

"The End" هي العبارة التي ينتظر الفلسطينيون قراءتها، في ختام فلم طويل اسمه الانقسام، استمرت أحداثه 11 عامًا. وفي قطاع غزة، حيث دفع السكان المحاصرون هناك الثمن الأكبر من ضريبة هذا الفلم، يترقبون قراءة هذه العبارة قريبًا، ويحلمون أن تحمل معها نهاية سعيدة، تتمثل في إنهاء الانشطار ولو سياسيًا وإداريًا بين جزأين من الوطن الكبير، وما يتبع ذلك من إنهاء أزمة الكهرباء المتفاقمة، وعشرات القصص الأخرى المرتبطة بالانقسام.

41 ألف موظف أو يزيد بقليل، في قطاع غزة، يترقبون بقلق شديد أن يُحدد لقاء القاهرة بين فتح وحماس مصيرهم

41 ألف موظفًا، أو يزيد بقليل، يضعون أيديهم على قلوبهم مترقبين خبرًا يقينيًا من مصادر واضحة ورسمية، تنهي تضارب التسريبات، بشأن مستقبلهم، قسمٌ منهم يخشى أن يصبح بلا عمل في أي وقت، أو تُسحب منه صلاحياته، وآخرون يستعدون لارتداء بزّاتهم العسكرية والعودة إلى مواقع عملهم.

اقرأ/ي أيضًا: في غزة.. زفوا المصالحة وكسروا وراء الانقسام الفخار

وتعمل في قطاع غزة 22 وزارة، إضافة لعدد من السلطات والهيئات الرسمية، مثل سلطة الطاقة، وسلطة البيئة، وهيئة الحكم المحلي، ويدير العمل فيها عدد من الوكلاء والوكلاء المساعدين، في حين يعمل ثلاثة وزراء تم تعيينهم من قبل حكومة التوافق التي عُيّنت بعد اجتماعات بين فتح وحماس، في حزيران/يونيو من عام 2014، وهذه الوزارات هي العمل، والإسكان، ووزارة المرأة.

أحد أكبر الأسئلة في قطاع غزة الآن: ماذا سيحل بالوكلاء وموظفي الفئات العليا؛ الذين أداروا العمل على مدار السنوات العشر الماضية؟ وهل سيبقون في مناصبهم؟ وفق تسريبات لمصادر إعلامية، فإن موظفي الفئات العليا هم الأسوأ حظاً، إذ يدير قرابة 22 وكيلاً هذه الوزارات إلى جانب عدد من الوكلاء المساعدين وعشرات المدراء العامين.

رئيس ديوان الموظفين العام المستشار محمد عابد، أكد أن الأوضاع داخل الوزارات عادية وتجري بشكل طبيعي حتى اللحظة، وأن الجميع بانتظار ما يتمخض عنه لقاء القاهرة المرتقب.

وأكد عابد لـ"ألترا فلسطين"، أن الديوان لم يجر أي تعديلات خاصة بالفئة العليا أو من هم دونها، ولم يجر أي جديد يذكر.

الأمن وديوان الموظفين في غزة لم يتلقيا أي تعليمات جديدة، والوزارات السيادية تسليمها مؤجل

وأفادت مصادر مطلعة لـ"ألترا فلسطين"، أن الزيارة الأخيرة لحكومة التوافق إلى غزة الأسبوع الماضي، أسفرت عن تسليم الوزارات الخدماتية إلى الحكومة، وعلى رأسها وزارات الأشغال، والصحة، والتربية، والزراعة. أما الوزارات السيادية، مثل وزارتي الداخلية والخارجية، فقد أجرى الوزراء المسؤولون عنها زيارات عادية، دون أي وعوداتٍ بالعمل، أو أي خطة، على اعتبارها "ملفات خاصة"، سيتم مناقشة أمرها لاحقًا بين فتح وحماس، وهو ما لم يتم الإعلان عنه رسميًا.

وفيما لو توصل المتحاورون في القاهرة هذه الأيام، إلى حل، فإن التواجد المكاني سينقسم بالتأكيد بين غزة والضفة، إذ سيعمل الوزير في الضفة ووكيله في غزة، أو العكس، على أن يكون كل وزير بزيارة مقر وزارته في غزة والضفة باستمرار.

الملف الساخن الآخر على طاولة الحوار، وأحد أكثر النقاط الخلافية طوال جولات المصالحة السابقة، هو الملف الأمني، ويتعلق بكيفية التعامل مع عناصر الأمن الذين عيّنتهم حماس، وهم تابعون لها عقائديًا، مقابل عناصر الأمن الذين استنكفوا عن العمل بعد الانقسام، ويتبعون للسلطة الفلسطينية.

ويعادل جهاز الشرطة في غزة بعناصره وإدارته 50% من هيكلية منتسبي وزارة الداخلية، ويعد الأكثر ديناميكية والأضخم بين المؤسسات الحكومية. وينتمي لهذا الجهاز 9 آلاف شرطي يعملون على مفترقات الطرق، وفي الأسواق، وفي مراكز الشرطة، وكذلك في المحاكم، ويقسّم العمل بينهم على فترات صباحية ومسائية، ويقع على عاتقهم حفظ الأمن والأمان بالشارع الغزي.

جهاز الشرطة في غزة يشكل 50% من هيكلية منتسبي وزارة الداخلية، و9 آلاف شرطي وشرطية في 25 وحدة وإدارة عامة ينتظرون مصيرهم

كما ينقسم هذا الجهاز إلى 25 وحدة وإدارة عامة، من بينها الشرطة البحرية، وشرطة الدوريات، والنجدة، وشرطة المرور، وشرطة البلديات، والشرطة القضائية، والشرطة النسائية. فما مصير هؤلاء الجنود؟ وهل ستطرد المصالحة أحدهم إلى بيته؟

تقول تسريبات منشورة سابقًا، إن السلطة طرحت إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية بشكل كامل على أسس مهنية وعقيدة أمنية مجردة من الولاءات التنظيمية، فيما تحرص مصر على أن يكون لحماس حضور في التشكيلة الأمنية، بحكم ما تمتلكه من قاعدة معلوماتية تحديدًا في ملف المجموعات السلفية.

ووفق هذه التسريبات، التي رفضت مصادر كبيرة في حماس وفتح الإجابة عن تساؤلات "ألترا فلسطين" حولها، فإنه لا توجد صيغة واضحة للصورة التي ستُبنى عليها الأجهزة الأمنية المرتقبة، لكن المتفق عليه أن تكون الحصة الأكبر لأجهزة السلطة، مقابل أن يتم إعادة هيكلة الرتب، على قاعدة أن يتلقى الجميع رواتب منتظمة، مع تقديم حماس ضمانات في أن لا يشكل موظفوها عائقًا.

ونفى المتحدث باسم الشرطة الفلسطينية في غزة أيمن البطنيجي صدور أي تعليمات جديدة بخصوص مستقبل جهاز الشرطة وعناصره وضباطه، وقال لـ"ألترا فلسطين" إن الأمور تسير كالمعتاد، وهي مستقرة، مضيفًا، "نحن على أتم الجاهزية لتطبيق كل ما ينتج عن لقاءات القاهرة، أو الحوارات التي ستليها، وعناصر الشرطة الفلسطينية هم جنود بهذا الوطن، وهم على استعداد دائم للسمع والطاعة لما يصدر عن القيادة" وفق تعبيره.

وأضاف البطنيجي، "لطالما نادينا بضرورة توحيد الصف الفلسطيني وتجنيب جهاز الشرطة المناكفات السياسية والحزبية وتغليب المصلحة العامة والابتعاد عن الحياة المدنية للمواطن الفلسطيني (..) نحن مؤسسة مدنية تحمي أمن وممتلكات وأعراض المواطنين".

وكانت حركتا فتح وحماس أعلنتا عن توجه وفدين منهما إلى القاهرة، منتصف هذا الأسبوع، من أجل اللقاء المرتقب، الذي أكدت مصادر مصرية وحمساوية إن الحوار فيه سيقتصر على ملفات الموظفين والأمن والرواتب، ولن يتضمن سلاح المقاومة، وهو ما يخالف ما قالته مصادر فتحاوية بأن هذا الملف سيكون من أهم ما سيُناقش في هذه اللقاء.


اقرأ/ي أيضًا:  

أبو مازن: سلاح واحد.. هنية: سلاحان

من أين ستبدأ الحكومة في غزة؟ مصادر رسمية تجيب

عن رجل حماس القوي وحاجة إسرائيل لأعدائها