24-ديسمبر-2018

مع انتصاف ليلة الاثنين، تحرّكت العشرات من سيارات الدفع الرباعيّ التي تُقلّ مئات المستوطنين المدجّجين بالسلاح، ومعهم الكلاب المفترسة، باتجاه منطقة "الحرايق" على أطراف بلدة بتير غرب مدينة بيت لحم، مصطحبين معهم المعدات والمواد التي استطاعوا خلالها وبحماية قوات الاحتلال بناء "كرفانٍ" على أراضي تعود ملكيتها لأهالي البلدة.

وفور انتشار الخبر، ومُشاهدة أهالي قرية الولجة المجاورة لحشود المستوطنين المتجهة غربًا نحو بتير، أصدرت مساجد البلدة نداءات استغاثةٍ تدعو المواطنين للتصدي للاقتحام فجرًا. ويقول رئيس بلدية بتير تيسير قطوش إن مئات المستوطنين اقتحموا منطقة "الحرايق" شرق القرية، وشرعوا ببناء "كرفانٍ"، مضيفًا أن معظم المواطنين لم يتمكّنوا للوصول إلى الأرض فجرًا بسبب إغلاق قوات الاحتلال للطرق المؤدية للمنطقة.

تيسير قطوش رئيس بلدية بتير يتفقّد موقع اعتداء المستوطنين. (عدسة/ مصطفى بدر)

وقال الناشط الشبابيّ خليل معمّر إنه وفور سماعه بخبر اقتحام المستوطنين بعد منتصف الليل، توجّه ومجموعةٌ من المواطنين إلى المنطقة، وعند وصولهم، تفاجأوا بوجود أكثر من 150 مستوطنًا مُسلّحًا مع كلابهم المفترسة. 

مواطنون من بتير تصدّوا منذ منتصف الليلة الماضية لاعتداء المستوطنين. (عدسة/ مصطفى بدر)

ويَصف معمر حالة التوتّر التي صاحبت محاولة تجمهر المواطنين الذين تمكنوا من الوصول ولم يزد عددهم عن العشرين، فيقول إن المستوطنين حاولوا استفزازهم والاعتداء عليهم والاستفراد بهم، وبقي الحال كما هو عليه حتى قدوم قواتٍ من شرطة و"حرس حدود" الاحتلال والإدارة المدنية للموقع، والذين لم يتدخلوا منذ البداية قبل أن يقوموا بإجبارهم على الابتعاد عن المستوطنين. 

ويضيف خليل أن العمل في بناء الكرفان استمرّ حتى الساعة 4:30 فجرًا، فيما استمرّ تواجد المستوطنين حتى 6:00 صباحًا.

وأما "مريم معمّر" وهي ناشطة ومن أصحاب الأراضي في تلك المنطقة، فتقول إن هذا الاعتداء هو الثاني للمستوطنين على المنطقة خلال أقل من أسبوع، حيث قام مستوطنون بفتح شارعٍ استيطانيّ من طريق "المخرور" الذي يربط بين بتير وبيت جالا الخميس الماضي باستخدام الجرافات والآليات الثقيلة، قبل أن تحضر شرطة الاحتلال والإدارة المدنية، وتوقف العمل الذي كان قد اكتمل.

مريم معمّر ناشطة فلسطينية وصاحبة أرض يمنعها جنود الاحتلال من الوصول لأرضها. (عدسة/ مصطفى بدر)
جنود الاحتلال منعوا المواطنين وأصحاب الأراضي من الوصول إلى أراضيهم. (عدسة/ مصطفى بدر)
جنود الاحتلال منعوا المواطنين وأصحاب الأراضي من الوصول إلى أراضيهم. (عدسة/ مصطفى بدر)

وذكرت منظمة "كرم نابوت" المتخصصة بتغطية نشاطات الاستيطان في صفحتها على "فيسبوك" أن جرافات مستوطني "غوش عتصيون" تمكنت من شقّ طريقٍ بطول 300 متر قبل أن تعثر عليهم سيارات الإدارة المدنية وتمنعهم من إكمال العمل.

خارطة نشرتها منظمة "كرم نابوت" تُظهر الأرض التي يدعي الاحتلال مصادرتها وتُبيّن الطريق التي شّقها مستوطنون

ويقول خليل معمر إن مواطنين من القرية توجهوا مساء ذلك اليوم إلى مكان فتح الشارع، وأغلقوه بالحجارة والصخور والأشجار اليابسة منعًا لاستخدامه من قبل المستوطنين.

وقد ذكرت صفحة "كرم نابوت" أن من يقف خلف هذا العمل هو من وصفته بمخالف البناء وصاحب السوابق ولصّ الأراضي "شلومو نئتمان"، وأن اختيار المستوطنين لهذا التوقيت جاء بالتزامن مع التنبؤ ببدء انهيار حكومة نتنياهو وقرب الانتخابات، زاعمةً أنّ الإدارة المدنية قد صادرت الأراضي منذ العام 1982 وأعلنتها أراضي دولة، وهو ما نفاه الأستاذ المتقاعد وأحد مالكي الأراضي في تلك المنطقة عليان عوينة، حيث يقول إن قرار مصادرة الأراضي كان بحجة عدم استغلالها، ولكن أصحاب الأراضي قد قاموا بزراعتها وصيانتها ونجحوا في إلغاء قرار المصادرة في العام التالي.

عندما حاول أحد ضباط الاحتلال منع عليان عوينة من الوصول لأرضه، ابتعد البغل الذي يركبه عن الضابط، فقال له: "حتى هذا يرفض أن يُكلمك". (عدسة/ مصطفى بدر)
حسين معمّر أحد مالكي الأراضي يحمل إخراج قيد مُلكيّة أرضه منذ الأربعينات. (عدسة/مصطفى بدر)

وانسحبت قوات الاحتلال من المكان عصر اليوم الاثنين بعد أن أُجبر المستوطنون على تفكيك "الكرفان" وإخلاء المكان بعد أقلّ من عشر ساعاتٍ من نصبه، وهو ما اعتبره سُكان بتير انتصارًا في وجه الهجمة الاستيطانية التي طالت أراضيهم.

مستوطنون يقومون بتفكيك الكرفان بعد أقل من عشر ساعات على بنائه

اقرأ/ي أيضًا:

في بيت لحم.. أسماء القرى تروي تاريخًا

بالصور: رحلة إلى بيت لحم.. عجائب فلسطينية

"أصداف" بيت لحم تتشبّث بالحياة