بعد أيام قليلة، في الثالث من أيار/ مايو تحديدًا؛ ينطلق معرض فلسطين الدولي للكتاب، في دورته الحادية عشرة، على أرض المكتبة الوطنية، في بلدة سردا، شمال رام الله. ومع اقتراب هذا الحدث يبدأ مهتمّون بالشأن الثقافي كتابة قوائم بالكتب التي ينوون اقتناءها.
توجّهنا في "الترا فلسطين" لمجموعة من المثقفين والكتّاب، وسألناهم عن الكتب التي ينصحون بها القُرّاء، فكانت هذه الترشيحات:
"قبلات نيتشه"
المؤلف: لانس أولسن | الناشر: دار التنوير ( ط1، 2017).
اقتراح: حمزة حسن
"كل جملة قبلة بحدّ ذاتها، وكل مقطع مشروع احتضان"، بهذه العبارة يبدأ "لانس أولسن" عبقريّته في الحديث من داخل أعضاء جسد نيتشه. صفعات متتالية على مؤخرة ذهنك؛ ليظل واعيًا، طوال السرد. شاشة عرض كبيرة، وسط حياتك. إنّه الفيلسوف الألماني العظيم، فريدريك نيتشه، هكذا كان يتصرّف، هكذا يمرض، هكذا أحب، وعلى هذا النحو كان يرتبك.
تمكّن لانس أولسن بلغة قوية ومعمّقة، من بناء مشهدية سردية غريبة، وعظيمة، لا يمكن لأحد الخروج منها عاقلًا. على القارئ ألّا يفوّت هذه الفرصة بالرجوع إلى العام 1859 ونيتشه، محاولًا أن يتأمّل سكّر قالب حلوى الكريما، وبراعة صنعه.
"تبغ وزيتون، حكايات وصور من زمن مقاوم"
المؤلف: معين الطاهر | الناشر: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ( ط1، 2017).
اقتراح: بلال شلش
تبغ وزيتون، حكايات وصور من زمن مقاوم" (416 صفحة) صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ضمن سلسلته "ذاكرة فلسطين" لمؤلفه معين الطاهر. كتاب من كتب السير الذاتية الفلسطينية المميزة، إذ يجمع في ثناياه بلغة سلسة وجميلة، صفحات من تاريخ الثورة الفلسطينية المعاصرة، تبدأ بلحظة رفض الفلسطينيين لهزيمة حزيران 1967 وتصعيدهم لمقاومتهم للمشروع الصهيوني على كل أرضهم.
يحكي الطاهر في النص أيضًا حكاية السرية الطلابية في كتيبة الجرمق، أحد الصفحات المميزة في تاريخ الثورة الفلسطينية المعاصرة عمومًا، وفي تاريخ حركة فتح خصوصًا. مضيئًا على سير ونشاط العشرات من الكوادر والقادة. كما يقدم الطاهر صفحات استثنائية من تاريخ المقاومة الفلسطينية للاجتياح الصهيوني للبنان عام 1982 نقلاً عن أحد وثائق الشهيد القائد علي أبو طوق.
الساعة الخامسة والعشرون
المؤلف: قسطنطين فيرجيل جورجيو | الناشر: المركز الثقافي العربي (2016)
اقتراح: عامر علي الشقيري
غالبًا، الأعمال الأدبية الناجحة هي الأعمال التي يكون شخوصها واقعيون أو يقتربون إلى أقرب نقطة من الواقع، فهم ليسوا أبطالًا خارقين للعادة. إنهم يأكلون ويشربون وينامون مثلنا. في "الساعة الخامسة والعشرون" ما يقلق حقًا أنّ الشخوص واقعيون، وأنّ المآسي حصلت بتسلسل منطقيّ يقبله العقل ومن الممكن أن تحدث.
واتخذ السرد وتسلسل الأحداث شكلًا أوحى بأن شخوص الرواية تحرّكت ضمن مساحة جيّدة من حرية حيّدت تدخل المؤلف المباشر فبدا ناقلًا للحدث فقط. لم يكن ثمة حشو رغم أنها رواية طويلة نسبيًا إذ أن كل شخصية أدت الدور الموكل إليها دون زيادة أو نقصان.
الرواية من الأعمال القليلة التي لا تبعث على الملل، حتى يخال القارئ في افتتاحيتها أنه أمام قصة حب سرعان ما تتلاحق الأحداث وتكشف عن مأساة تبدأ بأزمة هوية تهدد وجود البطل. إنها اختبار لطاقة الإنسان وقدرته على التحمل والمقاومة، ستأخذك الرواية من أول كلمة فيها حتى آخر كلمة، لأن شغفًا بمعرفة المصائر سيسيطر عليك، لا سيما وأن العمل يخلو من الحشو والزوائد. تتوالى الأحداث فيها على نحو فجائعي يقبله العقل وستظل تقلّب في رأسك طوال القراءة نهايات محتملة للشخوص سينسفها المؤلف جميعها ويباغتك بنهاية غير متوقعة .
عشنا وهرمنا وشفنا أخيرًا
المؤلف: فؤاد عبد النور | الناشر: دار الفارابي
اقتراح: أسامة العيسة
هو سيرة حياة، صدر في بيروت عن دار الفارابي، وكتبه في مقرّ إقامته الحالية ألمانيا. في كتابه يكشف عبد النور عن جزء مهم من تاريخ فلسطين قبل النكبة، من زاوية جديدة ومختلفة، وأيضًا يقدّم صورة لم تُقدّم من قبل خصوصًا لمدينة نابلس بعد دخول الجيوش العربية إليها، وتصرّفات هذه الجيوش التي لم تقتصر على خيانة الأهداف التي قالت بأنها من أجلها دخلت إلى فلسطين، ولكنه يتحدث أيضًا، وبصورة صادمة عن انتهاكات اجتماعية لأفراد هذه الجيوش.
جزء مهم من الكتاب، هو عن حال مدينة نابلس، بعد النكبة، تحت الحكم الأردني، ونشاط الأحزاب المختلفة من بينها الحزب الشيوعي، الذي انتمى إليه المؤلف، وأدى ذلك إلى اعتقاله في سجن الجفر الصحراوي.
سيرة فؤاد عبد النور، سيرة حياة جزء من شعبنا في فترة فوارة من تاريخه.
روايتا: "سمراويت" و"مرسى فاطمة"
المؤلف: حجي جابر | الناشر: المركز الثقافي العربي
اقتراح: خالد سليم
منحاز إلى تجربة الروائي الأرتيري حجي جابر. لقد أصدر خلال أربع سنوات ثلاث روايات، كلها عن "المركز الثقافي العربي". وقد قرأت اثنتين: "سمراويت"، و"مرسى فاطمة"، وسأخفّ إلى معرض الكتاب القريب، لعلي أجد الثالثة "لعبة المغزل".
وجابر يحسم فكرته أولًا، ويهندس مبنى الرواية، ويأتي بالشخصيات فيؤثثها بطباع لا تنحرف عن مسار الفكرة، ثم يقودك، بلغة متخففة من البلاغة، كقارئ، صفحة صفحة، حتى تسكن البيت مع شخوصه، وتحتاج مع نهاية الرواية إلى وقت لتشفى من آلام "ضحاياه".
في الروايتين الأوليين، يبدو جابر مشغولًا بالهوية، هوية العربي التي تتشظّى على الحدود بين البلدان، فتتوه بين الجينات والنشأة، ويضعها على مشرحة الواقع الذي يكتفي بالهوية العليا، ويمارس، بقبح، التفرقة الفجّة. حجي جابر صوت عربي من ارتيريا لم يتأتَ لنا أن نقرأ نتاجه. لكن أعماله تكشف عن جمال أنصح بالاستمتاع به.
الإعلام بمناقب الإسلام
المؤلف: أبو الحسن محمد بن يوسف العامري | الناشر: دار الكاتب العربي للطّباعة والنشر.
اقتراح: سمر الفوالجة
المؤلف من فلاسفة الإسلام في القرن الرّابع الهجري، وكتابه يقع في عشرة فصول أراد منها العامري بيان مناقب الإسلام العليّة، وجعل آلة المفاضلة بين مناقب الإسلام وغيره من الأديان العقل.
يقرّر العامري في البداية أنّ المعرفة قسمان؛ معرفة نظريّة، ومعرفة عمليّة، ولا ينبغي طلب العلم لذاته، بل العلم مبدأ للعمل، ولا خير في علم لا يتبعه عمل، ويعرّف العلم على أنّه: الإحاطة بالشيء على ما هو عليه من خير خطأ ولا زلل، ثمّ يقسّم العلوم إلى: علومٍ فلسفية مصدرها العقل مثل؛ العلوم الطّبيعية، والرّياضية والمنطق الذي يعدّه أداة لهذه العلوم، وعلوم دينيّة مصدرها الوحي مثل؛ علم الكلام، وعلم الفقه، وعلم الحديث. ويرى العامري أنّ دراسة العلوم الفلسفيّة تسهم في استكمال الإنسان فضيلته الإنسانيّة، وذلك بالاستيلاء على حقائق الموجودات، والتّمكن من التّصرف فيها.
ويناقش العامري مجموعة من المقولات حول الدين؛ ومنها عدم قيام الأديان على العقل ولا أسس عقلية فيها، ولو كانت تقوم على العقل لما تعددت، ثم يدحض هذه المقولة، كما يناقش مقولات أخرى حول الإسلام؛ كانتشاره بالسّيف، واختلاف المسلمين وتباغضهم، والبيان القرآني، والبشارة بالرسول في التوراة والإسلام.
وينصف العامري في ذكر أهمية العلوم الملّية، من علم الحديث، والفقه، والكلام، وعلى بالرّغم من كون المشتغلين بهذه العلوم -إلا ما ندر- ذمّوا الفلسفة وأصحابها، إلا أنّه تسامى عن الخلافات، وأنصف كلّ علم وبيّن أهدافه وفضائله. كما قدم نظرية في إصلاح العلوم الدّينيّة ومنتحليها، وجعل من مبدأ المسؤولية الأخلاقيّة للعلماء أمام العامّة قياسًا؛ فذمّ الكثير من الفقهاء الذين أساءوا إلى صناعتهم، واستخدموها في أغراضهم الشخصيّة لينالوا حظوة عند السلطان. ويذكر فضل الإسلام على القوميّات، ويبين أن الإسلام لا يلغي القوميّات بل يدعو لتتعايش جميعًا في دولته.
أنا والكتب
المؤلف: طريف الخالدي | الناشر: منشورات الجمل (2018)
اقتراح: أنس غنايم
لكل قارئٍ كاتبه الذي لا شفاء منه! خيالاته دائمًا حاضرة، وروحه لا تبرح خلد القارئ. إذا غاب تعتّق. وإذا حضر تعبّق! بالنسبة إلي؛ طريف الخالدي أحد هؤلاء الكُتاب.
طريف الخالدي؛ كاتب ومؤرخ فلسطيني، من مواليد 1938، يحث السير إلى الثمانين بخُطىً وئيدة، يحكي الخالدي في كتابه سيرته كقارئ، تقوّس ظهره جراء مفاتشاته الطويلة للمجلدات والأوراق؛ بحثًا عن معنى يُسكن طنين الفكر، وصخب الأفكار في عقله.
يحكي لنا طريف الخالدي عن بدايات قراءته في فلسطين ومن ثم سفره إلى انجلترا وأمريكا، ثم رجوعه إلى بيروت. فيذكر أهم الكتب التي أثّرت في مسيرته الفكرية والأكاديمية، ويذكر تأثره ببعض المؤلفين والكتاب من مختلف العصور، ويبرز أهم ما يتميزون به. سيرة تستحق القراءة.
الصوفي والقصر
المؤلف: أحمد رفيق عوض | الناشر: دار الشروق/ عمان (2017)
اقتراح: أمير داوود
ببساطة شديدة الكتاب متقدّم بشكل جيّد عمّا بات يصدر مؤخرًا لصالح رف الرواية الصوفية، أو الرواية التي تنبش في تاريخ الصوفي، أجمل ما في الكتاب أنّه لم يحصر نفسه في تفكيك الصوفية كمنهج أو طريقة بل تجاوز ذلك، أو على وجه الدقة، متخذا طريقًا تذهب في إنشاء سيرة متخيلة لشخصية من التاريخ الصوفي، استعرض فيها بسلاسة فائقة أسئلة الوجود والإنسان وقلقه وتحدياته.
الرواية لم تلتزم الواقعية المشهدية كتكنيك روائي يصلح لأدب السيرّ المتخيلة، إنها رواية تتكئ أيضًا على المخيال الشعبي الذي أحبّ ولا يزال أن يجعل من القاطنين في الجبال والكهوف ذوي قدرات مدهشة. الصوفي والقصر، تطوّع خارطة الجغرافيا المترامية من الجزيرة العربية وحتى مصر، مرورًا بفلسطين، حتى تحفر عميقًا في سيرة شخص لم يعطه التاريخ حقّه من الكلام والثرثرة. أحمد رفيق عوض متمرّس في كتابة الرواية، وخصوصًا الرواية التاريخية، صدر له فيها: "القرمطي" و"عكا والملوك" و"بلاد البحر" وأخريات.
رحلتي الفكرية في البذور والجذور والثمر
المؤلف: عبد الوهاب المسيري | الناشر: دار الشروق/ مصر
اقتراح: تسنيم سدر
عندما أختار رواية فأول ما أبحث عنه هو الشخصيات التي تتحدّث عن نفسها دون وساطة الكاتب، هذه الشخصيات ممتعة أكثر وتسمح لك بتتبعها بأريحية مطلقة، من الكتب التي قرأتها مؤخرًا رحلتي الفكرية للمسيري.
يدخل الكتاب تحت تصنيف السيرة الذاتية، يروي الكاتب موقفًا حصل معه أثناء قيادة مركبته في مصر، يقول أنه كان في وقت شديد الازدحام، تتحرك السيارة كل عشر دقائق خطوة واحدة للأمام فقط، وحين جاء دور سيارته للتحرك ظلّ واقفًا، وسرعان ما اشتعل زامور السيارة التي خلفه فخرج من سيارته يشرح لصاحب الزامور أنّ هذه الخطوة التي أطلقت زامورك لأجلها أصغر بكثير من أن تخرجنا من هذه الأزمة، رد عليه السائق أنه يعلم ذلك، وأضاف باللهجة المصرية: "بس يا عمي اديني شوية أمل".
بالفعل "إن الأمل شيء خطير"، وبالنسبة لي فأنا لم أعد الشخص نفسه بعد قراءة هذا المقطع.
أمريكا
المؤلف: ربيع جابر | الناشر: المركز الثقافي العربي، ودار الآداب
اقتراح: مجد حمد
ربيع جابر الروائي المعروف غير المعروف، يكتب بطريقة مختلفة عندما تصبح روايته تاريخًا نقرؤه. يحكي في "أمريكا" عن تفاصيل الهجرات التي انطلقت من المشرق للولايات المتحدة في بدايات القرن الماضي، ولم أفهم يومًا التفاصيل التي عاشها هؤلاء فعلاً إلا من هذه الرواية، بالرغم من مئات الأقارب والمعارف الذين تعبوا وهم يقصّونها.
عندما تقرأ هذه القصة ترى بابًا فُتحَ على تفاصيل التاريخ، تفاصيل التاريخ الذي لا ترويه إلا قصص القدماء الذين عاشوه فقط. وتفتح بابً لإدراك جزء من التاريخ الذي غاب عن أعيننا، نحن الذين نسمع فقط بأن أقاربنا سافروا لأمريكا (في الزمانات) وأصبحوا أغنياء، لا نعرف أنهم حملوا شنطًا على رؤوسهم تحوي كل شيء ليستطيعوا بعدها بدء الحياة.
الجدير بالذكر أنّ معرض الكتاب 2018، يقام تحت شعار "فلسطين الوطن.. القدس العاصمة"، على أرض المكتبة الوطنية بمساحة 5 آلاف متر مربع، وبمشاركة نحو 500 دار نشر عربية ووفود دولية وعربية رسمية.
اقرأ/ي أيضًا:
كتب، أغلفة وترجمات مسروقة للبيع!
صور | كُتب وأدوات منزلية متجاورة في دار نشر بالخليل