11-مايو-2018

أسماء شهداء الجيش العراقي في معركة جنين على شاهد في المقبرة التي ضمتهم - تصوير: سيف دحلان (Getty)

الترا فلسطين | فريق التحرير 

تُحيي دولة الاحتلال الإسرائيلي في العاشر من أيار/ مايو  في مقبرة جنودها بالقدس المحتلة، ذكرى 50 جنديًا إسرائيليًا قتلوا خلال محاولتهم احتلال مدينة جنين عام 1948، إثر معركة عنيفة مع الجيش العراقي؛ بمشاركة مقاتلين فلسطينيين.

في نهاية شهر أيار/مايو من عام 1948، قرر موشيه كرمل، قائد الجبهة الشمالية في جيش الاحتلال الإسرائيلي - الذي كان قد أُعلن عن إنشائه رسميًا قبل أيام في حينه -  إزالة التهديد القادم من شمال الضفة الغربية، بالسيطرة على مدينة جنين. وفي نهاية هذا الشهر، وبداية حزيران/يونيو، احتلت قوات من كتيبتي 13 و14 التابعتين لـ لواء "غولاني"، قرى مطلة على جنين؛ في سياق عملية أُطلق عليها اسم عملية "إيرز"، الامر الذي مهّد الطريق لمحاولة احتلال جنين.

الجيش العراقي قرر الدفاع عن فلسطين بتاريخ 23 نيسان 1948، وبعد أسبوعين عبر نهر الأردن ثم هاجم مواقع صهيونية

كانت الحكومة العراقية - آنذاك - قد اتخذت قرارًا بالمشاركة في الدفاع عن فلسطين، بتاريخ 23 نيسان/إبريل 1948، إثر احتلال "الهاغاناة" لمدنية حيفا، ثم بتاريخ 5 أيار/مايو عبرت القوات العراقية نهر الأردن، وهاجمت بعد أيام مواقع عسكرية صهيونية.

اقرأ/ي أيضًا: صور | 70 عامًا على هزيمة "الهاغاناه" في شعفاط

كلّفت قيادة الاحتلال، وحدة "كرميلي" في الجيش بمهمة احتلال جنين، وهذه الوحدة قادهها مردخاي مكليف، وكانت قد أنهت حديثًا احتلال منطقة خليج حيفا، فكرَّست اثنتين من كتائبها لتنفيذ المهمة، هما الكتيبتان 21 و22، بالاضافة إلى الكتيبتين 14 و15 من لواء "غولاني"، يساندها قصف جوي استهدف أم الفحم، حيث تتواجد قوات عراقية، ويعبد، وقباطيا، ومشارف نابلس.

كانت معظم القوات العراقية التي دخلت فلسطين تُرابط في نابلس وطولكرم وقلقيلية. أما في جنين فقد تواجدت عشية المعركة أقل من كتيبة مزودة ببطارية مدفعية، كما بيَّنت المصادر الإسرائيلية.

كان الهدف من احتلال جنين هو التمهيد لاحتلال منطقة المثلث عبر مهاجمتها من كل الجهات، ولتحقيق هذه الغاية تقرر احتلال جنين، وشن هجمات على امتداد غور الأردن، وإزعاج قرى عاره وعرعره، وشن هجمات لشل الحركة في محيط طولكرم، واحتلال رأس العين.

في مطلع شهر حزيران، أغارت ثلاث طائرات إسرائيلية على جنين، وفي الليل بين الأول والثاني من حزيران، انطلقت الكتيبة 13 لاحتلال الأهداف المحددة، وهي قرى عرانة، والمقيبلة، والجلمة. وبالفعل حققت الكتيبة أهدافها، ثم في ساعات الصباح من يوم الثاني من حزيران، شنت قواة المشاة مستعينة بمدرعتين هجومًا مضادًا على الجلمة والمقيبلة، وقد استمر القتال حتى ساعات الظهر دون أن تنجز القوات العراقية مهمة طرد القوة الغازية.

خلال اليوم الثاني من حزيران؛ وليلة الثالث منه، استطاعت القوات الإسرائيلية السيطرة على معظم التلال المحيطة بمدينة جنين، واقتحمت معظم الأحياء السكانية، بحيث لم يبق بيد القوات المدافعة سوى بعض الجيوب، ومبنى القيادة في القلعة؛ الذي اتخذه الضابط نوح الحلبي - قائد الجيش العراقي في جنين -  مقرًا له.

شارفت ذخيرة القوات العراقية على النفاذ، عندها طلب الحلبي - مواليد الموصل - من كافة القوات العراقية في فلسطين النجدة، فسارعت إليه كتيبة يقودها الضابط عمر علي - مواليد كركوك - ووصلت فجرًا عبر طريق فرعي قريب من قريتي بروقين واليامون. كتيبة عراقية أخرى لبت النداء من نابلس، وكان يقودها الضابط العراقي ميخائيل شلمون - من أصوال آشورية -، وقد باءت بالفشل مساعي الطائرات الإسرائيلية لقطع طريق قوات النجدة العراقية، رغم أنها شنت غارات لقطع الطريق على امتداد الطريق من دير شرف وحتى جنين.

معركة جنين مع القوات العراقية ومقاتلين فلسطينيين عام 48 أدت إلى مصرع 50 جنديًا وضابطًا، وكانت من أصعب المعارك على جيش الاحتلال

خلال فترة وجيزة استعادت القوات العراقية يساندها مقاتلون فلسطينيون زمام المبادرة، وشرعت بقصف مواقع الكتيبة 21 التي احتلت المنطقة الغربية المشرفة على جنين، وذلك تزامنًا مع زحف من قوات عراقية راجلة. خلال الاشتباكات أُصيب قائد الكتيبة الإسرائيلية بجروح، كما أُصيبت الاتصالات اللاسلكية للقوة الصهيونية، وهرب جزء من جنود الكتيبة، قبل أن تنسحب بالكامل، وفق اعتراف المصادر التاريخية الإسرائيلية.

في عصر اليوم ذاته (3/حزيران) نفذت القوات الصهيونية هجومًا مضادًا باستخدام وحدة مدرعة ووحدتي مشاة، ولكن نيران المدفعية العراقية والمشاة من الجنود والمتطوعين الفلسطينين كانت لهم بالمرصاد، فكان حصاد الهجوم المضاد أكثر مرارة. ثم في ساعات الفجر من اليوم الرابع، طاردت القوات العربية فلول جيش الاحتلال المنسحبة نحو شمال جنين، في منتصف النهار ذلك اليوم تأكد النصر وانتهت المعارك.

يقر المؤرخون العسكريون الإسرائيليون أن معركة جنين كانت واحدة من أصعب المعاركة وأكثرها مرارة على جيش الاحتلال خلال حرب 1948، وقد أدت لمقتل 50 جنديًا وإصابة 83 آخرين، في حين ارتقى من الجيش العراقي 27 شهيدًا، وذلك وفقًا للمعطيات الإسرائيلية التي لم تُشمل الخسائر البشرية في صفوف المتطوعين الفلسطينيين.

وتبرر المراجع التاريخية العسكرية الإسرائيلية الهزيمة في معركة جنين بسوء تقدير جيش الاحتلال لقوة الجيش العراقي، ولكن خطة الهجوم على جنين لم تكن ضمن خطة هجومية أوسع.

[[{"fid":"71887","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"1":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":379,"width":580,"class":"media-element file-default","data-delta":"1"}}]]


اقرأ/ي أيضًا: 

معركة القعدة: أبناء النكبة يقولون كلمتهم

معركة الدريجات: قاتلوا حتى نفدت ذخيرتهم

معركة الصوانة: ثمار الانتصار في "الكرامة"