29-أبريل-2017

في أحيان يكون حُلم فتاة أن تصبح معلمة يومًا ما، فتعود بذكرياتها ليومِ كانت طفلة أو طالبة تجلس على الكرسي تتلقى العلم فيما هي اليوم تعطيه، ولكن عدم تقدير المؤسسة لمجهود مُعلميها، وضنك الراتب، كُلّها تجعل من الحُلم سراب، ومن تأدية الرسالة التعليمية المُقدّسة أمرًا عابرًا فارغًا.

مُعلّمات في رياض الأطفال بغزة، يتقاضين راتبًا شهريًا يبدأ بـ220 شيقلًا ولا يتجاوز الـ350 شيقلًا في أحسن الأحوال!

درست سندس عامر (28 عامًا) تخصص الجغرافيا دون أن تُلحقه بدبلوم تربية؛ فلم تتمكن من العمل في حقل التعليم المدرسي، تقول: إنّها "تخرجت من الجامعة ومكثت في البيت بلا عمل لأكثر من عامين ثم عملت كمعلمة في رياض الأطفال براتب شحيح.

بدأت سندس براتب شهري لا يتجاوز 220 شيقلًا، ثم تمت زيادتها بناءً على سنوات الخبرة تدريجيًا حتى أصبحت تتقاضى 280 شيقلًا، وهي ترى أنّ التعليم في رياض الأطفال لا يحتاج لدراسة إنما لتدريب وخبرة مع طول نفس وحُب للمهنة.

اقرأ/ي أيضًا: الدروس الخصوصية.. هوس طلاب الثانوية العامة في غزة

أما رشا النجار الحاصلة على بكالوريوس تربية إسلامية وتعمل كمعلمة تمهيدي في إحدى رياض الأطفال منذ عامين، فلم لم تحصل على أيّة علاوات على راتبها الشهري الذي لا يتجاوز 310 شواقل فقط.

تقول لـ ألترا فلسطين: "كان حلمي منذ الصغر أن أصبح معلمة، ولكن بعدما تخرجت حالت ظروف غزة البائسة وفرص التوظيف النادرة بيني وبين حلمي فرضخت وعملت مربية في روضة لا تكفي مرتبات العمل فيها لأدنى متطلبات الحياة حتى أصبحت أبغض حلمي الذي تمنيت".

ولا يختلف حال أحلام العسكري (32 عامًا) كثيرًا عن سندس ورشا رغم خبرتها التي تجاوزت التسعة أعوام في التعليم بين أزقة رياض الأطفال من روضةٍ إلى أخرى، فهي حاصلة على شهادة الثانوية العامة فقط، فيما لم تشفع لها سنوات خبرتها بزيادة راتبها المُقدر بـ 350 شيقلًا فقط. وتقول إنّ تدني الأجور أمر لا يُطاق، وأنها كلما طالبت بالزيادة أحالوا الأمر إلى عدم حصولها على شهادة جامعية.

اقرأ/ي أيضًا: في غزة.. الحبل السُري يلُف "مجهولي النسب" بالمجهول

من جهتها قالت نبيلة الملاحي مديرة الموارد البشرية في جمعية الشابات المسلمات التي تضم مجموعة رياض أطفال موزعة على أنحاءِ قطاع غزة إنه يشترط في المعلّمة المتقدّمة للتوظيف الحصول على شهادة بكالوريوس أو دبلوم في إحدى مجالات التدريس في رياض الأطفال، ومنها تخصصات تربية طفل، تعليم أساسي، لغة عربية، لغة انجليزية أو دراسات إسلامية. بالإضافة  للحصول على دبلوم تربية أو خبرة في رياض الأطفال.

وحول نظام الأجور في الجمعية تقول نبيلة الملاحي لـ ألترا فلسطين إنّ "النظام لدينا في تحديد الأجور في جميع الرياض سواء، أن يكون 350 شيقلًا للحاصلات على دبلوم و400 شيقل لخريجات البكالوريوس، فيما توجد زيادة كل عام حسب الخبرة والشهادة ولكنها زيادات بسيطة".

ولا يتجاوز أجرة المديرة الجديدة لديهم 500 شيقل مع وجود مكافآت وزيادات للمديرات ذوي الخبرة، ولا تزيد ساعات العمل اليوميّ عن أربع ساعات ونصف.

اقرأ/ي أيضًا: في غزة.. كسر حاجز الخوف من تعلم "العبرية"

رئيس قسم التعليم الخاص في وزارة التربية والتعليم العالي بغزة، فادي الأشقر يقول إنّ تدني أجور المربيات في رياض الأطفال هو أمر عام في كافة رياض القطاع، مُرجعًا السبب إلى ضعف تحصيل أرباح الرياض الخاصة، وندرة الدعم المالي للعديد منها.

إضافةً إلى امتناع جزء كبير من أولياء الأمور عن الإيفاء بالأقساط الشهرية والالتزامات المالية الخاصة بأطفالهم بدعوى الأوضاع الاقتصادية والمادية الصعبة التي يعاني منها مُختلف سكان قطاع غزة.

الحدّ الأدنى للأجور وفقًا للقانون هو 1450 شيقلًا

ويقول الأشقر أنّ وزارته قد تتدخّل في حالات محددة وتقف في جانب المعلمات منصفةً إياهن في أوضاع كمكافئة نهاية الخدمة التي تتخاذل العديد من الرياض الخاصة بتسديدها أو تقوم بدفعها على أقساط، كما تتدخل أيضًا في حالات العلاوات أو الامتيازات نتيجةً لسنوات الخبرة.

وزير العمل مأمون أبو شهلا كان أصدر قرارًا يُلزم أصحاب العمل ببدء تطبيق الحد الأدنى للأجور في كافة المحافظات، وذلك بأن يكون الحد الأدنى للأجر الشهري 1450 شيقلًا، وأن يسري القرار اعتبارًا من الأوّل من آذار 2017. وهو ما لم يحدث حتى اللحظة.


اقرأ/ي أيضًا:

"سندريلا" لإسعاد عرسان غزة!

جامعات قطاع غزة: تعليم أم تجارة؟

ممرضو غزة في دائرة المجهول