28-مايو-2017

بحثًا عن فرص استثمارية حرة في ظل اقتصاد متجمد نتيجة حصار عمره 10 سنوات، لجأ شبان من قطاع غزة إلى مواقع "الربح عبر الانترنت"، التي ما لبثت أن أغلقت أبوابها بعد إيداع جُلّ ما يملكون من أموال.

الشاب عبد السلام كريزم من غزة قرر تجريب "فردوس الانترنت المزعوم" بناءً على تجارب مشجعة من أصدقائه ووثوقهم بهكذا مواقع، لاستثمار "تحويشته" المحدودة أملاً في أن يحقق من خلالها مصدر دخل في ظل تعطله عن العمل رغم حصوله على شهادة جامعية.

مواقع "الربح عبر الانترنت" تستقطب أعدادًا كبيرة من الشبان والأكاديميين في قطاع غزة والنتيجة "نصب تراكمي" وخسائر بالملايين

كريزم (27 عامًا) أودع 500$ في حسابه على موقع تشارك الأرباح "MyPayingAds" الشهير بـ"MPA"، وهو أكثر المواقع اشتراكًا بغزة، وتأسس في آذار/مارس 2015، إلا أنه توقف مؤخرًا عن احتساب الأرباح وإمكانية سحب الأموال ما شكل صدمة له ولجميع المستثمرين من القطاع.

اقرأ/ي أيضًا: في مؤسسات غزة.. ذوات الإعاقة للاستثمار فقط

ويبين سعد البرعصي مدير شركة البرعصي للصرافة والحوالات المالية، أن أعدادًا كبيرة خُدعت بهذه المواقع، وبين الضحايا أكاديميون في الجامعات وموظفون في مؤسسات دولية، كاشفًا أنه تم إيداع مبالغ "خيالية" في هذه المواقع (لم يحدد مقدارها).

ويكشف البرعصي لـ"ألترا فلسطين" أن هناك حالات سابقة لسقوط مواقع من هذا النوع، أبرزها موقع "سويس كوين" الذي قدرت فيه مساهمات المشتركين من غزة بين 5 – 6 ملايين دولار.

وإضافة للموقع المذكور، فقد توقفت سابقًا أيضًا مواقع أخرى للربح عبر الانترنت، من أبرزها "ترافيك مونسون"، وموقع "Paytup" و"TT3" و"Amazing 5".

ويوضح البرعصي، أن اتجاه البعض لهذه المواقع كان غامضًا في البداية، وذلك لشرائهم عملة إلكترونية (بتكوين-كاش مني)؛ دون معرفة الوجهة التي ستُدفع إليها، إلا أنه بعد سقوط الموقع تبين أن عددًا كبيرًا من سكان غزة أودعوا أموالهم.

والعملة الإلكترونية مثل العملات العادية (الدولار أو اليورو)، إلا أنه يجري تداولها بشكل كامل عبر الإنترنت فقط، ولا تعترف أغلب الدول بها، بل إن دولاً عديدة آخرها السلطة الفلسطينية حذرت من التعامل بها.

المختص التقني شادي سمارة يوضح أن الفكرة الأساسية لهذه المواقع هي "تقاسم الأرباح عن طريق مشاهدة إعلانات الشركات والمؤسسات العالمية"، وتُخصص لتشجيع مشاهدة الإعلانات ربحًا لكل شخص ينقر على الإعلان الذي يتضمنه الموقع.

ويبين سمارة لـ"ألترا فلسطين" أنه ليتمكن المشترك من مشاهدة هذه الإعلانات، يجب عليه أولًا شراء باقات إعلانية، بحيث يتم توزيع الأرباح على المشتركين حسب عدد الباقات التي قاموا بشرائها؛ فحصة الربح تكبر كلما كانت عدد الباقات أكبر.

ومن أجل استقطاب عدد أكبر من المشتركين، أضاف موقع "MPA" ميزة "التسويق الهرمي"، (كل مشترك يأتي بمشترك آخر يأخذ نسبة أرباح تصل إلى 10% من الإيداع الذي يضعه المشترك الجديد)، ما زاد من عدد المشتركين في فترة قياسية.

ويشير سمارة إلى أن هذه المواقع تعتمد على ما أسماه "النصب التراكمي"، أي أنه إذا قل الإيداع عن السحب يتوقف الموقع، إلا أنه عندما يصل الموقع لمرحلة "التشبع" يكون غير قادر على دفع أموال للمشتركين الجدد وسط زيادة السحوب، ما يجعله يدعي أن هناك أزمة مالية.

يقول الشاب كريزم، إن "MPA" قدّم "سياسة مالية واقعية" في بداية الأمر، حيث أوهمهم بأنه موقع صادق من خلال تقديمه ربحًا قليلًا وثابتًا؛ "إلا أنني وقعت ضحية كغيري" وفق قوله.

مواقع "الربح على الانترنت" تقدم سياسية مالية واقعية من خلال الربح القليل والثابت، لكنها إذا وصلت لمرحلة التشبع ادعت إفلاسها

ويضيف، "لا أدري الآن ماذا أفعل مع انسداد أفق أي استثمار في غزة، في ظل عدم توفر وظائف أو عمل يدر عليَّ دخلًا، فالحصار لم يترك جزئية من حياتنا إلا وقفلها في وجوهنا".

الخبير الاقتصادي ماهر الطباع يرى أن قلة مصادر الربح، وضعف الاستثمار في قطاع غزة المحاصر، هو ما قاد سكانه للتوجه إلى هذه المواقع، وذلك لتغطية الالتزامات والأعباء الملقاة عليهم.

ويوضح الطباع لـ"ألترا فلسطين"، أنه لا يمكن القول إن هناك استثمارًا وأنشطة اقتصادية بغزة، فلا وجود لفرص للاستثمار في ظل حصار مطبق وأزمات ومواجهات عسكرية متكررة".

ويلفت إلى أن هناك مؤشرات صادمة على سوء الأوضاع بقطاع غزة، أبرزها وجود 200 ألف عاطل عن العمل، وأكثر من مليون شخص يتلقون مساعدات إغاثية عبر المؤسسات الدولية.

وفي كانون الثاني/يناير 2017، قال المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان إن الحصار الذي تفرضه "إسرائيل" على قطاع غزة للعام العاشر على التوالي رفع نسبة الفقر بين سكانه إلى 65%، ونسبة البطالة إلى 47%.


اقرأ/ي أيضًا: 

الخليل: مراكز أشعة غير مرخصة وأجهزة متهالكة

أعشات سامة في "دكاكين الطب البديل" بغزة

مليونيرية يقودون عصابات الشيكات البنكية