28-ديسمبر-2016

"أجد في تجارة المنشطات الجنسية ربحًا وفيرًا، وأكسب في عملية تهريبٍ واحدةٍ حوالي 2300 دولار أمريكي بعد بيع كامل الكمية التي لا يتجاوز وزنها خمسة كيلو غرامات.. وكل إنسان ذنبه على جنبه، أنا لا أرغم الناس على شرائها بل هم يبحثون عن تلبية رغباتهم وشهواتهم". 

يهرب تجارٌ من الخليل المنشطات الجنسية من الأردن ويحققون أرباحًا طائلةً دون اكتراثٍ لنتائجها الخطيرة صحيًا

هكذا بدأ التاجر (م.ط) من الخليل في بداية عقده الرابع من العمر حديثه لـ"ألترا فلسطين" عن تهريبه للمنشطات الجنسية من الأردن إلى فلسطين، مضيفًا، "يغريني الربح الكبير والسريع في تجارتها، وهناك إقبالٌ شديدٌ على شرائها من مختلف الفئات العمرية".

آثار قاتلة

يوضح (م.ط) أن أبرز الأنواع التي يتم تهريبها مرهمٌ لتأخير القذف عند الرجال، وآخر لتكبير الثدي لدى النساء، وصابونٌ يوضع في مناطق حساسةٍ لإثارتها، إضافةً لحبوب الفياغرا التي يقول إنها الأكثر طلبًا، وأنواع أخرى تختلف مسمياتها مثل الحبة السوداء ونسكفي وغيرها، وتؤدي جميعها نفس الغرض.

اقرأ/ي أيضًا: شركات "خاصة" لاستغلال الفتيات في الضفة

ويبين، أن أسعار هذه المواد تتراوح بين نصف دولار وسبعة دولارات تقريبًا مقابل الحبة الواحدة فقط.

وتوصلت أبحاثٌ علميةٌ إلى أن المنشطات الجنسية تستخدم أساسًا لتوسعة الأوردة الدموية، التي بدورها تؤدي لاحتقان في أجهزة الجسم بما فيها العضو الذكري، وحذرت من أن تناولها دون استشارة طبيبٍ قد يؤدي إلى مشاكل صحيةٍ مثل الهبوط الحاد في ضغط الدم، كونها تتفاعل مع بعض الأدوية.

وبين الطبيب زهير جرادات، أن الأشخاص الذين يعانون مشاكل في شرايين الدماغ، معرضون للإصابة بنزيفٍ حادٍ، خاصةً إذا كانوا طاعنين في السن، محذرًا من أنها أيضًا تتسبب بالتواء في القضيب مما يؤدي لكسره.

وأضاف لـ"ألترا فلسطين"، أنه تم تسجيل حالات وفاةٍ عديدةٍ بسبب تعاطي المنشطات الجنسية بعيدًا عن رعاية الأطباء، لكن المصطلح السائد لسبب الوفاة جلطة أو سكتة دماغية.

تسببت منشطاتٌ جنسيةٌ بحالات وفاة عديدةٍ تم تبريرها بالجلطة أو السكتة الدماغية، ومشاكل أخرى منها التواء القضيب وكسره

وبين الشاب محمود من الخليل، أن شقيقه (38 عامًا) كان يتعاطى "الفياغرا" على الرغم من معاناته من مرض السكري، وبعد تناوله حبة "فياغرا" العام الماضي أُدخل للعناية المكثفة في أحد مستشفيات المدينة، ثم فارق الحياة بعد ثلاثة أيامٍ من تناولها، وترك خلفه خمسة أطفال لا تتجاوز أعمارهم العشرة أعوام.

تصاعدٌ متزايدٌ في الطلب

وكشف أيمن سرحان رئيس شعبة التفتيش الصيدلاني في مديرية صحة الخليل عن إتلاف حوالي 700 ألف حبة "فياغرا" مهربة في الخليل العام الماضي، موضوعةً في حاوياتٍ مهربةٍ من الصين عبر ميناء أسدود الإسرائيلي، فيما تم إخلاء سبيل التاجر.

وأشار سرحان في حديثه لـ"ألترا فلسطين"، إلى أن بعض الصيادلة يتجاوزون ضوابط المهنة، ويشترون المنشطات الجنسية من تجار السوق السوداء، كما وصفهم، ويخفونها بعيدًا عن متناول الرقابة والتفتيش، وتتعرض المنشطات خلال ذلك لدرجة حرارةٍ تفوق 25 درجة، بسبب ظروف النقل بين المدن، مما يزيد آثارها السلبية على المتعاطين لها.

وكشف سرحان عن تعرض ثلاث سيداتٍ من الخليل عام 2012 لتلفٍ في عضلات القلب، وسيدةٍ لتساقط الشعر، وأخرى لحروقٍ في الوجه، وبعد التحقيق، تبين تناولهن بعض الخلطات الخاصة بشد وتنحيف الجسم لزيادة إثارة الرجل.

كما توصلت التحقيقات لوجود حوالي 2 طن من المواد العشبية الجنسية المهربة الفاسدة في أحد مستودعات العطارة في مدينة الخليل.

ويقدر سرحان كمية المنشطات الجنسية المباعة في الصيدليات بشكل قانونيٍ بنصف مليون دولار شهريًا، بسبب زيادة متابعة المواطنين للعديد من المواقع الإلكترونية والفضائيات التي تسوق لبيع هكذا منتجات. واتهم بعض محلات العطارة ببيع منشطاتٍ جنسيةٍ على أنها خلطات أعشابٍ طبيعيةٍ خاليةٍ من المواد الكيميائية.

وحسب بيانات مديرية وزارة الاقتصاد الوطني في محافظة الخليل، فانه تم إتلاف حوالي 30 كغم عام 2013، وفي عام 2014 أُتلف حوالي 70 كغم، وفي عام 2015 حوالي 360 كغم، وفي عام 2016 تم إتلاف حوالي 900 كغم، من المنشطات الجنسية المهربة الضارة والمنتهية الصلاحية.

وعن سبب التصاعد الواضح في الكميات التي يتم ضبطها سنويًا، بين أمين عمرو مدير وحدة حماية المستهلك في مديرية الاقتصاد الوطني في الخليل، أن منع الاحتلال للجهات الفلسطينية المختصة من الدخول إلى المناطق الخاضعة لسيطرته والتي ينشط فيها التجار بترويج بضاعتهم، يفاقم الأمور ويزيد من نسبة انتشارها، مؤكدًا، أن العديد منها مهربٌ بواسطة تجارٍ إسرائيليين للمدينة.

تسببت منشطاتٌ جنسيةٌ مهربةٌ بإدمان متعاطيها على المخدرات، وتبين أن تركيبتها تحتوي على مواد مخدرة

وأوضح عمرو لـ"ألترا فلسطين"، أن الإقبال المرتفع على شراء المنشطات المهربة، جاء نتيجة ارتفاع أسعار المنشطات الجنسية المباعة في الصيدليات المحلية بشكلٍ قانوني، حيث تعتبر المنشطات المهربة قليلة الثمن مقارنةً بالمنشطات القانونية المباعة محليًا، مؤكدًا، وجود حوالي 100 تاجر وتاجرة منشطات جنسية مهربة بطريقة غير قانونية.

اقرأ/ي أيضًا: "النايس جاي" تغزو القدس "ببلاش" وبغطاء إسرائيلي

فيما أوضح سرحان أن انعدام توفر المختبرات الخاصة بفحص تركيبة المنشطات، وتزوير التجار لأسمائها، أدى لظهور أعراض الإدمان على عدد ممن تناولوها، ليتبين لاحقًا بعد الكشف الطبي أن أنواعاً مخدرة تدخل في صناعة بعض الأنواع، مثل المراهم التي تعمل على تخدير العضو الذكري نتيجة اعترافات بعض المتعاطين لها.

وتوصلت دراسةٌ أُجريت نهاية عام 2011 إلى أن 10% فقط ممن لديهم ضعفٌ جنسيٌ في المجتمع يتوجهون للأطباء، بينما 40% يتوجهون لاستشارة الطبيب المختص، وبقية العينة التي أجريت عليها الدراسة أجابت بتفضيلها تناول المنشطات الجنسية سواءً الحبوب أو الخلطات العشبية دون الرجوع لطبيب.

عند صالونات الحلاقة والعطارين

وكشفت مصادر خاصة لـ"ألترا فلسطين"، أن السيدة (ف.ز) من شمال الخليل نشطت في بيع المنشطات الجنسية للسيدات، وقد تم ضبطها ومصادرة أكثر من 214 حبةٍ لأنواع مختلفةٍ من المنشطات كانت بحوزتها، وعند تقديمها للمحاكمة تم إطلاق سراحها بكفالةٍ لا تتجاوز 20 دينارًا أردنيًا، وقد حاولنا التحدث إليها لكنها رفضت التجاوب.

وأنكر أحد أصحاب محلات العطارة ضياء السعيد بيع محله للمنشطات أو الخلطات الجنسية، وقال: "يأتي إلينا يوميًا عشرات المواطنين لشراء العديد من الأنواع والخلطات، ولا يمكن اعتبار بعض أنواع الحلويات أو الأعشاب مواد كيميائيةٍ لها علاقةٌ بصناعة المنشطات الجنسية".

تؤكد مصادر خاصة ضبط منشطاتٍ جنسيةٍ مع طالباتٍ مدرسياتٍ، وتداولها بكثرةٍ في صالونات الحلاقة

فيما اعترف تاجرٌ آخر يعمل في مهنة العطارة مند ستينيات القرن الماضي، أنه ببيع خلطاتٍ تساعد على تقوية الانتصاب لدى الرجال أو تأخير القذف لديهم وزيادة المتعة الجنسية، وخلطاتٍ خاصةٍ بالنساء لإثارة الرغبة والنشوة الجنسية لديهن، وبين أنه يدخل في تركيبتها مواد كيميائيةٍ بنسبٍ قليلة جدًا.

وأشار المصدر إلى أن العديد من صالونات الحلاقة تواظب على بيع المنشطات الجنسية للعرسان والمراهقين، وتخفيها حال وصول دوريات وحدة حماية المستهلك لتفتيش محلاتهم، بالإضافة لتعاطي بعض الصيدليات في شراء المنشطات المهربة من التجار لكثرة الأرباح التي تجنيها منها، حسب شهادة مراقب مفتش الصيادلة عليهم.

اقرأ/ي أيضًا:

بالوثائق.. "مقام يوسف": عندما يعبث السياسي بالديني

"حسبة" رام الله.. هل هي مكبّ لخضار وفواكه إسرائيل؟

نفايات "ديمونا".. قاتل صامت في الخليل