22-مارس-2017

على استحياء بدأت تظهر الرياضة النسوية في قطاع غزة داخل النوادي الرياضية المغلقة، فلا نرى منها إلا بضعَ صورٍ على تطبيق "انستغرام" أو في صفحاتٍ متخصصة على "فيسبوك"، فيما بدأت تصعد الفتيات رويدًا رويدًا في كرة السلة والطائرة ومؤخرًا ظهر التوجّه بشغفٍ كبير نحو كرة القدم.

"لعب كرة القدم كان حلم بالنسبة الي وحققته"، بهذا ابتدأت وفاء أبو جريدة (20 عامًا) حديثها لـ "ألترا فلسطين" واصفةً التجربة بـالجميلة للغاية، فمن خلالها حصّلت الكثير من المعلومات عن اللعبة، ومنحتها شعورًا بالنشاط والحيوية طوال الوقت، وقدرة عالية على الأداء.

اقرأ/ي أيضًا: "بيسبول غزة": قفاز يتيم وكرة تنس وتطلعات للعالمية

جميلة أبو طيبة (16 عامًا) أظهرت هي الأخرى شغفها بكرة القدم "كنت أنظر إلى إخواني وهم يلعبون بشغف كبير وأتمنى مشاركتهم، ولكن عندما بدأت اللعب فعليًا وجدت أن المُشاهدة تختلف عن الممارسة كثيرًا؛ فالتجربة رهيبة ولها مذاق آخر، وأيضًا كان من الجميل أننا ننافس الشباب في هذا المجال".

ظاهرة

وعلى خلفية هتافات عالية من التشجيع والتصفير أطلق خالد أبو كويك، رئيس نادي شباب رفح الرياضي على خوض الفتيات لغمار الرياضة مُسمى "ظاهرة" بقوله "إن مشاركة الفتيات في الرياضة هي ظاهرة تواجدت حديثًا في أنديتنا بقطاع غزة، ولكنها متواجدة بقوة في الضفة الغربية منذ ما يتجاوز العامين".

وأكد أبو كويك أن اللاعبات في نوادي مدينة رفح جنوب قطاع غزة شاركن في أول بطولة على مستوى القطاع بين الفتيات بتنظيم من مركز معًا، مبينًا أنها كانت على مستوى أكثر من نادي، حيث حصد نادي خدمات النصيرات المركز الأول فيما حصل نادي شباب رفح على المركز الثاني.

ويطمح أبو كويك لوجود مدرجات خاصة في نوادي قطاع غزة تجلس فيها النساء لتشجيع اللاعبين/ اللاعبات، بحيث يكون لهم مكان يتابعوا فيه ويشجعوا بأريحية تامّة، مشيرًا إلى أنّ النادي يوفّر للاعبات الزيّ الرياضي ويعقد لهم الاجتماعات الخاصة ويقيم الجلسات الترفيهية، مُنوهًا إلى أنهم أخضعوا الفتيات إلى فترة تدريب امتدت إلى نحو 6 أشهر، ووفروا مدرّبات متخصصات في التربية الرياضية ولديهن قدرة عالية على التدريب.

أداء المدرّبات لم يقتصر على التمرين فقط، وإنما امتدّ إلى الحثّ على الأداء والمنافسة، وتثقيفهم حول دور الفتاة بمماسة نشاطها الرياضي، وأهمية انتمائها إلى الأندية الرياضية وكيفية تشجيعها ومؤازرتها.

اقرأ/ي أيضًا: في الخليل.. فتاة تُحكِّم مباريات كرة القدم

"الرياضة النسوية ليست فقط رياضة كرة قدم أو طائرة أو سلة أو مجرد لون رياضي فقط، بل هي رياضة عقلية ذهنية قبل أن تكون بدنية تعزز لدى اللاعبة ثقتها بنفسها كونها شريكة الرجل"، يقول رئيس نادي خدمات رفح، درويش الحولي، ويوضّح أن فريق كرة القدم النسوي بنادي خدمات رفح خضع لتدريبات مكثفة أثمرت بباكورة اللقاءات بينه وبين فريق شباب رفح قبل أيام معدودة.

إمكانيات شحيحة

"الفتيات متشوقات لهذا اللون من النشاط الرياضي"، وعندما أتيحت لهنّ الفرصة وجدنا قدرات عالية في الأداء، ونحن واثقين بأنهن سيخرجن الماهرات في هذا العمل بطموح عالٍ في الاستمرار لتحقيق كل ما من شأنه العود بالفائدة على المرأة الفلسطينية ومكانتها المرموقة حول العالم، يضيف الحولي خلال حديثه لـ "الترا فلسطين".

ولا يخفي الحولي تذبذب الإقبال معللًا إياه بأنّ كل بداية صعبة، لكنّه يتوقع أن تمثّل نتائج النشاط الرياضي دافعًا قويًا لإقبال أكبر للفتيات.

وعزا رئيس نادي خدمات رفح قلة الدعم إلى ضعف ومحدودية إمكانيات الأندية في قطاع غزة عمومًا، مشيرًا إلى أنهم بحاجة لجهات داعمة توفر الأدوات الرياضية وأجرة اللاعبات اللواتي هُن بالأساس "متطوعات"، وذلك بتأكيدٍ منه على توافر القدرة العالية لدى إدارات الأندية على تسيير الأمور الإدارية والفنية.

وشاركته الحديث المدربة في نادي خدمات رفح، هالة أبو ركبة موضحةً أن تدريب الفتيات على الرياضات المختلفة "كرة القدم، الطائرة، السلة" جاء ضمن مشروع الرياضة من أجل التنمية بدعم من مركز معًا، وعللّت تشجيعهم لوجود دوري كرة قدم خلال المشروع لافتقاد هذا اللون نتيجة قلّة تداوله، حيث تركز مدارس البنات في حصص الرياضة على كرة السلة والطائرة، حسب قولها.

وأوضحت الكابتن أبو ركبة وهي تعمل في مجال التدريب منذ عام 2009 أن المشروع استهدف الفئة العمرية من 12 عام فأكثر، فيما تركز إقبال الفتيات الشديد من سن (17-18 عامًا) بمشاركة خمسة نوادي هم "خدمات رفح، شباب رفح، الأهلي بغزة، الهلال، خدمات النصيرات".

وتشير أبو ركبة إلى أنّها لاحظت رغبة الفتيات الكبيرة تجاه ممارسة كرة القدم من بين الرياضات الأخرى.

اقرأ/ي أيضًا: أطفال مرضى بالسرطان يجمعهم فريق كرة قدم

من جهتها أفادت يُسرى حمد مديرة دائرة المرأة والطفل في نادي خدمات رفح أن هذا النشاط جاء لإبراز دور المرأة في الجانب الرياضي: "الفتاة في قطاع غزة حقها مهضوم في ممارسة الرياضة عامةً؛ لذلك نحاول صنع فريق رياضي ماهر منهن، وكما برزت المرأة الفلسطينية في كافة الميادين منها السياسي والاجتماعي والحقوقي والتعليمي كان من الأهمية بمكان أن تنضج وتتقدم في المجال الرياضي".

وأشارت إلى أنه أصبح لدى الأهل وعي بضرورة ممارسة الفتاة الرياضات المختلفة، وذلك من خلال عقدهم جلسات تثقيفية للأهالي حول أهمية تطوير الرياضة النسوية؛ ووجدوا قبولًا وتحفيزًا كبيرًا منهم حيث حضروا المباريات وقاموا بتشجيع فتياتهم؛ ما دفعهم للاستمرار يومًا بعد يوم.

وأضافت خلال حديثها لـ الترا فلسطين أنّ للمرأة حق في خوض غمار الرياضة الذي بقي حكرًا على الرجال لسنوات طويلة، وتمثيل فلسطين، متأملة أن ترى لاعبات فلسطينيات من قطاع غزة متفوقات في كرة القدم.

اقرأ/ي أيضًا: دوري المحترفين.. من أين جاءت ألقاب الأندية؟

وينقسم المجتمع في قطاع غزة حول تنامي ظاهرة الفرق النسائية إلى ثلاثة أقسام، بحسبِ الأخصائي النفسي والاجتماعي عرفات حلس الذي أكد خلال حديثه لألترا فلسطين ذلك، بقوله: "هناك فئة متنورة داعمة وفئة مُعارضة وفئة مُشككة بقدرات المرأة على خوض المجال".

وأوضح أن القسم الأول "الفئة المتنورة" يؤيد هذا الجهد والإنتاج الرياضي على طريق تحرير المرأة من قيود العادات والتقاليد الخانقة وتقديمها بقوالب مميزة تعبر عن قدرتها على العطاء في كافة الاتجاهات.

أما القسم الثاني "المُعارض" يقول حلس: "وجود هذا النوع يأتي بحكم أننا مجتمع مركب من الدين والعرف المجتمعي الذي يمنع حرية تحرك المرأة في ميادين تُعرضها لخطر الاختلاط  وللمساءلة وتربي فيها الخشونة والعنف جراء رياضات بدنية هي في غنى عنها".

فيما يبين أن رأي القسم الثالث هو تأييد وجود فرق نسوية بتشكيك في نجاح الأمر، قائلًا: "هذا القسم يرى أننا في مرحلة شديدة الحساسية والانهيار الأخلاقي في بنى المجتمع قوي ومن الممكن أن يستغل هذا النشاط في أمور خارجة عن "الحدود"، ومرحلة تتربص فيها التنظيمات السياسة لبعضها البعض حيث أن أي تنظيم لم يأخذ حصة في هذا الإنتاج لأغراض حزبية سيقوم بتعهير الأمر".


اقرأ/ي أيضًا:

كرة القدم في فلسطين.. صراع قبل النكبة

محترفون فلسطينيون في الخارج.. تجارب ناجحة؟

واد النيص.. فريق العائلة الفلسطينية الواحدة!